خاص – بغداد / كتابات
سقطة للنظام القضائي الخاص بإدارة وتنظيم صلاحيات الحكم في “العراق”؛ تلك التي سلط عليها الضوء الكاتب العراقي الشهير، “فلاح المشعل”، تصل بتداعياتها إلى بطلان أهم القرارات القضائية.
“المشعل”؛ قال في مقال له تحت عنوان: “مجلس القضاء الأعلى والمحكمة الاتحادية بين الشخصي والقانوني”، إن إحدى أهم مشكلات القضاء العراقي التي ظهرت عبر الإعلام هي: “دستورية المحكمة الإتحادية، وتقاطعها مع مجلس القضاء الأعلى، لكنها اختفت سريعًا في خضم إنشغال العراقيين بالتظاهرات والأزمة السياسية ومشروع تغيير رئيس الوزراء، الأمر الذي جعل موضوع التماحك والتقاطع الناشب بين مجلس القضاء الأعلى والمحكمة الإتحادية يحتل مرتبة ثانوية رغم أهميته الوطنية الكبرى، لكنه إنغمر وسط الأحداث بسبب ضعف الثقافة القانونية بين الجمهور العراقي بشكل عام، والطبقة السياسية والبرلمان بنحو خاص”.
الكاتب العراقي أوضح أن “مجلس القضاء الأعلى” اعترض على تعيين أحد القضاة المتقاعدين من “محكمة تمييز العراق” عن عمر 68 سنة، وهو القاضي، “محمد رجب الكبيسي”، كعضو احتياطي من قِبل “المحكمة الإتحادية”، في حين اعتبره المجلس مخالفًا للقانون، وما يصدر عن الإتحادية يكون والعدم سواء !
يتحدث الكاتب عن “المسكوت عنه”، وهو دستورية “المحكمة الإتحادية”؛ والتي ببطلانها تبطل فترات حكم بأكملها، إذ إنها تمثل المرجعية القانونية الدستورية للنظام السياسي الديمقراطي ومداراته المتعددة، إذ نتفاجيء بأن هذه المحكمة الموقرة لم تستند لتشريع قانوني جديد من “مجلس النواب”، في دوراته الأربعة؛ وإنما تُسير أعمالها وفق الأمر رقم (30) لسنة 2005، الأمر الذي يعني عدم إكتراث الطبقة السياسية بأحزابها المتنوعة الانتماءات لهذا الموضوع الجوهري من جهة، وبفعل الأزمات السياسية وإنعدام الثقة فيما بين الفرقاء السياسيين أنفسهم، من جهة أخرى، وهنا يتقدم الغرض السياسي ويتجاوز الحق القضائي وشرعيته، ما يعني بأن السكونية الإرضائية التي طبعت أداء “المحكمة الإتحادية” أكثر أهمية من علوية قراراتها في تقويم الحياة الدستورية الديمقراطية.
يرى “المشعل” أن: “اعتراض مجلس القضاء الأعلى يذهب إلى مراعاة أن تكون المحكمة متشكلة بموجب القانون ويؤاخذ المحكمة الإتحادية ورئيسها السيد، مدحت المحمود، على إزدواجية ومزاجية القرارات التي تعمل بموجبها خارج غطاء مجلس القضاء، ويحيل الموضوع إلى تناقض صريح وقع فيه رئيس المحكمة السيد، المحمود، في قرار المحكمة المرقم ٨٣ في ٢١ آذار/مارس ٢٠١٩؛ حين ألغى صلاحية مجلس القضاء الأعلى في ترشيح رئيس وأعضاء المحكمة الإتحادية ولا يدخل ضمن صلاحيات مجلس القضاء، حسب نص المادة (٩١) من الدستور، فإن هذا التبرير بحسب ما يعلن مجلس القضاء الأعلى يجعل رئيس المحكمة يناقض نفسه بنفسه؛ إذ إن مشروع قانون مجلس القضاء الأعلى المرفوع من قبله عندما كان رئيسًا للمحكمة الإتحادية هو نفسه رئيس مجلس القضاء الأعلى نص في المادة (٣/ثالثًا) اختصاص مجلس القضاء الأعلى في ترشيح رئيس المحكمة الإتحادية العليا ونائبه وأعضاء المحكمة، فإذا كان هذا النص غير دستوري كيف يتبناه رئيس المحكمة الإتحادية العليا.. ؟”.
يتابع الكاتب بقوله: “إن الاستدعاء الآخر للدهشة؛ يأتي من الأمر (٣٠)، وفي الفقرة الثالثة منه تحديدًا، والذي يُنص على بقاء القاضي في منصبه طيلة حياته، ما جعل معدل أعمار السادة القضاة يتراوح في الثمانينيات والتسعينيات، ويعاني بعضهم من عجز جسدي وإنعدام الجهوزية الذهنية بمعدلاتها الطبيعية في هكذا أعمال مهمة جدًا في دولة تعيش أطوار التحول والتغيير، ولا تستدعي الكفاءة الفقهية الدستورية وحسب؛ وإنما الإندماج بالحياة وتنوعاتها والتي تشكل المنهل الأوسع لصاحب القرار أو التشريع”.
يختتم “فلاح المشعل” مقاله بالتأكيد على أن ارتفاع منسوب الأحداث السياسية وحمى التظاهر والأحداث المؤسفة بسقوط شهداء وجرحى؛ ربما أجل العديد من الأسئلة والأفكار التي تشغل المثقفين العاملين في قطاع القضاء ومن خارجه أيضًا، تتعلق بهذا الموضوع الجوهري ومرجعية المحكمة الإتحادية؛ وكيف تنتخب أعضائها وآليات علاقتها بـ”مجلس القضاء الأعلى”.
ويتابع بقوله: “لعل السؤال الأهم في كل ذلك هو؛ متى يتم تشريع قانون المحكمة الإتحادية وبمعزل عن الإرادات والضغوط السياسية ؟”، داعيًا رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب ورئيس الحكومة المقبل؛ أن “يولوا هذا الأمر قيمته الحقيقية التي تُشكل إحدى أهم مرتكزات ونجاح مشروع الديمقراطية والحياة الدستورية والقضائية بصورة عامة”.