خاص : ترجمة – محمد بناية :
مع استمرار الاحتجاجات في “العراق”، يطرح السؤال التالي نفسه: هل الاحتجاجات الأخيرة تُشبه الاحتجاجات السابقة بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية، والبطالة، وإنعدام الخدمات الاجتماعية والبنيوية والمياه والكهرباء، والتمييز والفساد الاقتصادي ؟..
للإجابة: يبدو أن الاحتجاجات الحالية تكتسب نكهة سياسية أكثر من مثيلاتها السابقة. خاصة بسبب دور المحفز الأجنبي في استمرار وأتساع نطاق هذه الاحتجاجات، وتدخل الأحزاب السياسي على الخط. بحسب صحيفة (خراسان) الإيرانية الأصولية.
مشروع تقسيم العراق..
فالأوضاع المعيشية، والأزمات الاقتصادية والبطالة من جهة، وعدم الاتفاق على رئيس الوزراء الجديد من جهة أخرى، يصيب “العراق” بأزمة من منظور الثبات السياسي.
لأن مطالب عدد من المتظاهرين تركزت بالأساس على اختيار رئيس وزراء جديد بأسرع وقت. وهذا الأمر يعكس رغبة الشعب العراقي في تحقيق الاستقرار السياسي قبل أي شيء آخر. فالاختلافات السياسية والمحاصصة داخل دائرة السلطة؛ إنما يعتبر العامل الرئيس في عدم تقديم رئيس وزراء عراقي خلال المدة القانونية المحددة، لكن بإندلاع المظاهرات من جديد يبدو أن موقف رئيس الوزراء سوف يتضح سريعًا.
أضف إلى ذلك أن “الولايات المتحدة” و”الكيان الصهيوني”، وحلفائهم الإقليميين والدوليين، بصدد البدء في مشروع “تقسيم العراق” بعد تصاعد وتيرة الاحتجاجات.
لأنهم من جهة يعتقدون أن الجنوب العراقي؛ الذي يحظى بأكبر المصادر النفطية، لا يجب أن يقع بين يدي حلفاء “العراق”، أي “إيران”، كذلك فإن تورط “تركيا” بشمال “العراق” سوف يزيد من استقرار آلية تصدير “النفط” في الشمال أكثر من ذي قبل.
وعليه هم عازمون بقوة على تقسيم “العراق”. في غضون ذلك، تريد المرجعية العراقية إجراء استفتاء على الدستور والانتخابات الدورية البرلمانية، مع التأكيد على حتمية الإصلاح.
لكن أي إصلاح في هذا المجال يجب أن يُصدر عن قرار الشعب العراقي وجميع الأطياف والفئات في عموم هذا البلد، وليس شخص أو مجموعة محسوبة على طرف محدد أو أطراف إقليمية ودولية تريد مصادرة إرادة العراقيين في هذا المجال وفرض رؤية هذه الأطراف على العراقيين.
الخروج من طوق المحاصصة والطائفية..
السيناريو الآخر: التقسيم العادل والديمقراطي للسلطة، يضم طيف من مختلف السيناريوهات. إذ يتعين على سبيل المثال، اتفاق الأحزاب السياسية على اختيار شخص يحظى بدعم الأطياف المختلفة ويتمتع بالقدرة على استعادة استقرار “العراق”، لكن طالما يقترن الهيكل الفعلي للسلطة بالمحاصصة السياسية على أساس المذهب والقومية، (شيعة، سُنة، كُرد، عرب وغيرهم)، فسوف تظل المطالب الشعبية بلا إجابة.
من ثم؛ فالحل الوحيد للخروج من الأزمة الراهنة يستدعي تغيير هيكل السلطة العراقي الحالي بعد تعديل الدستور. ولابد بالتوازي مع التغييرات الداخلية من إقرار تفاهمات دولية تحد من تدخل الأطراف الأجنبية في “العراق”، بحيث لا تكون البلاد بعد ذلك محلاً لمنافسات القوى الدولية.
على كل حال، قد لا يبدو سيناريو تقسم “العراق” محتملاً؛ فقد فشلت المساعي القديمة الرامية إلى تفعيل هكذا سيناريو. لأن تقسيم “العراق”، إلى مناطق كُردية وسُنية أو شيعية، لن يحظى بقبول أي طرف تقريبًا.
والسؤال: أي هذه السيناريوهات قد يكون الأقرب للتنفيذ على أرض الواقع ؟.. الأمر سوف يرتبط بتدخل الأطراف الداخلية والخارجية المختلفة. والأوضاع الراهنة تؤشر إلى صعوبة التفاؤل بشأن مستقبل عراقي آمن، وإحتدام الأزمة في هذا البلد قد يتبعه عواقب وخيمة على عموم المنطقة.