على غرار “الحرس الثوري” الإيراني .. “حراس الليل” سلاح إردوغاني يثير خوف تركيا !

على غرار “الحرس الثوري” الإيراني .. “حراس الليل” سلاح إردوغاني يثير خوف تركيا !

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

في خطوة أردوغانية على غرار ميليشيا “الحرس الثوري” الإيراني.. أثارت ذعر داخلي وجدلًا واسعًا تخوفًا من أن تتحول لميليشيا بيد السلطة لبطش المعارضة وتقييد الحرية، بسبب مشروع قانون لـ”حزب العدالة والتنمية” الحاكم في “تركيا” بتوسيع صلاحيات “حراس الليل”.

و”حراس الليل”؛ فكرة أمنية لنظام الرئيس التركي، “رجب طيب إردوغان”، بدأ تطبيقها بعد نحو عام من محاولة الانقلاب الفاشلة، في 2016، عبر تعيين المئات من أفراد “حزب العدالة والتنمية” لحماية الأحياء.

ويبدأون عملهم اليومي من غروب الشمس حتى شروقها في اليوم التالي، ويُخصص لكل حي حارسان إثنان.

وحاليًا، تناقش لجنة الشؤون الداخلية في “البرلمان التركي” مقترح توسيع صلاحيات حراس الأسواق والأحياء، الذي يتضمن استخدام السلاح والقوة وتفتيش المواطنين.

وتضمن مشروع القانون أيضًا تسليم حراس السوق والأحياء قائمة بأسماء الأشخاص الصادر بحقهم قرارات ضبط واعتقال، لتسليمهم إلى قوات إنفاذ القانون.

يستهدف ضرب أي محاولة للتغيير السلمي..

ويرى المراقبون، والتقارير الإعلامية؛ إن مشروع “حراس الليل” شرعنة وضع قائم، حيث إن أغلبية المنتسبين لـ”حزب العدالة والتنمية” مسلحون.

واعتبروا أن الهدف منه ضرب أي محاولة للتغيير السلمي عبر تداول السلطة، مؤكدين أنه يُعبر عن الوجه الحقيقي لإيديولوجية “إردوغان” المتطرفة والقبيحة، في بناء دولة دينية قائمة على إيديولوجية استعادة “الخلافة العثمانية”.

وأكدوا على أن “حراس الليل” هم جنود الخلافة في الداخل؛ وشركة “سادات” الخاصة هم جنود الخلافة في الخارج، مثل “الباسيج” و”الحرس الثوري” و”فيلق القدس” في “إيران”.

و”سادات”؛ شركة عسكرية يمتلكها الجنرال المتقاعد، “عدنان تانريفردي”، ويعتقد كثيرون أنها قوة شبه عسكرية فعلية موالية لـ”إردوغان”، وهي التي تعمل على إرسال مرتزقة إلى “ليبيا” حاليًا.

أشبه بـ”حراس هتلر” !

وانتقد نائب رئيس تكتل حزب “الخير” المعارض في البرلمان التركي، “لطفي توركان”، مشروع القانون الذي أعدته الحكومة بشأن “حراس الليل” بالأحياء والأسواق، معتبرًا إياهم أشبه بـ”حراس أدولف هتلر”، قائد “الحزب النازي” الألماني.

وشبه “توركان”، في مؤتمر صحافي بالمجلس، “حراس الليل” في تركيا، بـ”أصحاب القمصان البُنّيّة” في زمن “هتلر”.

وأوضح أن تطبيق هذا النوع من الحراسة، التي يحاول “إردوغان” إضفاء الشرعية القانونية عليها؛ لهو النسخة المطورة لعام 2020 لعناصر “الفرق الوقائية”، التي كانت مهمتها الأولى حراسة “أدولف هتلر” وقادة الحزب الآخرين.

وأشار إلى أن النظام الأمني الجديد ليس إلا النسخة المطورة لقوات “الفرق الوقائية” الألمانية النازيّة، إذ إن أعضاء “المنظمة الاشتراكية الوطنية” الألمانية، الذين أشتهروا بسوء السمعة بسبب التنمر والتعصّب والنزاعات التي أشعلوها في شوارع “ألمانيا هتلر” كانوا يرتدون زيًّا “بنّي” اللون.

وأضاف: “ما نشاهده اليوم في تركيا؛ هو تكرار للأمر، لكن في ثوب جديد وجميل فقط. إن الحزب الحاكم يرتكب خطأ واضحًا”.

كما انتقد “توركان” الصلاحيات الواسعة التي يقترحها قانون الحراس الليليين في الأحياء والأسواق.

ولفت إلى أن الرئيس، “رجب إردوغان”، يبحث عن حارس للنموذج التركي الذي يسعى إلى خلق من خلاله أعجوبة نظام الحكومة الرئاسي ونظام الرجل الأوحد.

وتابع: “باختصار قانون الحراس ليس لحماية النظام العام في البلاد؛ وإنما لحماية النظام الذي يؤسسونه والدفاع عنه. إن الحكومة تحاول إضفاء غطاء وإطار قانوني على الميليشيات الخاصة به عن طريق هذا القانون”.

إنتهاكات حقوقية..

من جهته؛ قال النائب السابق بـ”حزب العدالة والتنمية”، “مصطفى ينار أوغلو”، إن: “السلطات الممنوحة للحراس خاطئة جدًا”.

وأضاف عبر (تويتر): “مجالات التنفس في المجتمع تزداد ضيقًا يومًا بعد يوم، فإعطاء سلطات الشرطة، مثل استخدام الأسلحة، والتوقيف، والبحث والتفتيش عن الهوية، في يد أشخاص لم يحظوا بتعليم أو تدريب كافٍ؛ سيؤدي إلى إنتهاكات صارمة لحقوق الإنسان”.

وقال نائب “حزب الشعب الجمهوري”، “سزجين تانري كولو”، إن “حزب العدالة والتنمية”: “أنشأ قوة ميليشيا محلية، تتألف من أعضائه تحت اسم الحراس”.

وأضاف: “الآن يعطي سلطة التدخل في الحريات في أي وقت باسم الأمن. ويتم تنفيذ شؤون أمن الدولة من خلال الموظفين المدنيين”.

إفلات من العقاب..

وقالت “ميلينا بويوم”، مسؤولة الحملات المعنية بـ”تركيا”، في “منظمة العفو الدولية”، لـ (العربية. نت)؛ إن: “انتشار مسلّحين على شكل حرّاس ليليين، سيزيد من احتمال الاستخدام المفرط للقوة، وسيساهم في إفلات قوات الأمن التركية من العقاب على الجرائم التي ترتكبها”.

إلى ذلك؛ رأت أن: “المشروع الحالي يمنح الحرّاس الليليين صلاحيات شبيهة بصلاحيات الشرطة ومنها سلطة التوقيف والتفتيش واستخدام القوة والأسلحة النارية للإشتباه في إرتكاب جريمة أو لأجل منع وقوعها، وبالتالي، هذه الصلاحيات الواسعة الممنوحة لهؤلاء تجعل السلطات مفتوحة على مصراعيها للإساءة للناس بما في ذلك القدرة على التدخل من أجل، (حماية الأخلاق)، مما يزيد من إمكانية تقييد حقوق وحريات وخصوصية المواطنين”.

كما شددت على أن: “هذا المقترح لا يوفر ضمانات لأجل حماية كافة المواطنين ويترك الكثير من علامات الاستفهام، خاصة وأن قوات الأمن والشرطة في تركيا، غالبًا ما تستهدف المشاركين السلميين في الاحتجاجات، وهذا موضع قلق بالنسبة إلينا، لا سيما وأنها تستخدم القوة بشكلٍ تعسفي”.

وتابعت المسؤولة في “العفو الدولية” قائلة؛ إن: “استخدام المقترح الحالي كوسيلة لحماية أمن المواطنين في الليل عند تنفيذه، سيؤدي لفرض قيود خطيرة على ممارسة حقوق الأفراد مثل حرية التنقل في شوارع المدن والحق في الحصول على حياةٍ خاصة، لا سيما بالنسبة للفئات المهمّشة بالفعل كالمثليين”.

18 مادة قانونية..

وقدم “حزب العدالة والتنمية” مشروع القانون إلى لجنة المحليات في “البرلمان التركي”.

ويهدف إلى تسليح أنصار الحزب الحاكم في المدن والبلديات لمعاونة أفراد الجيش والشرطة في “تركيا” من أجل مكافحة الجريمة وحفظ الأمن، وفقًا لرؤية الحزب الحاكم.

ويتكون من 18 مادة قانونية ويناقش، منذ كانون ثان/يناير الماضي، ووافقت اللجنة على 9 مواد ورفضت مثلها، ويحاول به “إردوغان” سد العجز في الشرطة بعد الزج بأغلبية كبيرة في السجن منذ محاولة الانقلاب الفاشل.

وتقول المعارضة التركية؛ إن أحداث ليلة 15 يوليو/تموز، كانت “انقلابًا مدبرًا” لتصفية المعارضين من الجنود وأفراد منظمات المجتمع المدني.

وتشن السلطات التركية بشكل منتظم حملات اعتقال طالت الآلاف منذ المحاولة الانقلابية، تحت ذريعة الاتصال بـ”جماعة غولن”.

اعتقال أكثر من 77 ألف شخص وفصل 150 ألف..

وذكر تقرير نشرته وكالة (رويترز)، في وقت سابق، أنه منذ المحاولة الانقلابية حتى الآن؛ تم اعتقال أكثر من 77 ألف شخص، وفصل 150 ألف موظف عمومي وعسكري من وظائفهم بزعم صلتهم بـ”غولن”.

يُذكر أن المنظمات الدولية، وعلى رأسها “الأمم المتحدة”، إلى جانب المنظمات المحلية المعنية بحقوق الإنسان في “تركيا” كشفت عبر تقارير موثقة عن إنتهاكات حكومة “إردوغان” في مجال حقوق الإنسان، خاصةً في إطار تحقيقات مسرحية الانقلاب.

وفي وقت سابق؛ أكد فريق الإحتجاز التعسفي التابع لمنظمة “الأمم المتحدة”، عدم قانونية الاعتقالات التي يقوم بها نظام “إردوغان”، لآلاف الأشخاص لمجرد استخدامهم تطبيق “بايلوك”.

النتائج الداخلية للقانون..

حول النتائج المحتملة لإصدار مثل هذا القانون، “قانون حراس الليل”، ذكر موقع جريدة (الزمان) التركية المعارض أنه داخليًا :

1 – إذا صُدر مثل هذا القانون؛ سيكون بمثابة شهادة وفاة للديمقراطية في “تركيا”، وخاصة عملية الانتقال السلس للسلطة بين الأحزاب السياسية، لأن هذا القانون يٌعزز سلطة الجماعة السياسية لا الحزب السياسي، وهنا يصعب خلع “العدالة والتنمية” من السلطة لأنهم لن يتقبلوا الهزيمة.

2 – يبدو أن منافسة الحزب الحاكم ضرب من المستحيل، حيث في أي انتخابات قادمة، (برلمانية أو محلية أو رئاسية)، قد يواجهها التزوير والتشكيك قبل أن تبدأ، فبعد هزيمة المحليات القاسية والتي هزت ثقة الحزب الحاكم في نفسه وعززت من فرص المعارضة من إقتناص مقعد الرئاسة مستقبلًا؛ لذا وجدوا ضالتهم في مثل هذا القانون الذي يفرض سطوة أعضاء الحزب الحاكم “حراس الليل” على مفاصل البلاد.

3 – محاصرة وتحجيم ما تبقى من القيم الأتاتوركية، (التي أهدرها “إردوغان”، في السنوات الأخيرة، مثل أسلمة مؤسسات الدولة والجيش والشرطة والقضاء، من خلال تعزيز قبضة الإسلام السياسي على مقاليد الحكم هناك)، أيضًا ضرب “التيار الكمالي” وتطويعه لصالحه بعد مهادنته لفترة ضئيلة، خاصة أن “إردوغان” يريد أن تضاهي شعبيته شعبية “أتاتورك”؛ وهذا واضح للجميع من خلال سياساته الداخلية والخارجية.

4 – تسير “تركيا” على درب الدولة الدينية، ولكن في الحالة التركية ستتحول إلى الدولة ذات الإيديولوجية المتطرفة التى تُجبر شعبها على أفعال محددة؛ وهنا ستتقلص كافة الحريات العامة والشخصية مما يؤثر سلبًا على المجتمع، لأن جماعة “حراس الليل” سيكونون من الإيديولوجيين الموتورين المعبئين فكريًا بأفكار مغلوطة.

بسبب تعدد المصالح واختلافها بين إدارة “ترامب” و”الاتحاد الأوروبي” و”روسيا”؛ تمكن “حزب العدالة والتنمية” من اللعب على وتر المتغيرات الدولية لكي يُنفذ أجندته الداخلية.

النتائج الخارجية للقانون..

وعن النتائج الخارجية؛ وضعتها (الزمان) التركية في عدة نقاط، هي :

1 – خلال السنوات الخمس الأخيرة؛ عانت “أوروبا” من حكم “إردوغان” المتهور بأشكال عدة؛ وترى أنه حكم ديكتاتوري مفيد لها، ولكن مثل هذا القانون قد يتحول لديكتاتور مؤذي للأمن القومي الأوروبي، بسبب سطوة الإسلام السياسي على البلاد، والذي يأخذ البلاد إلى التطرف لا للإعتدال وقد يؤثر سلبًا على “تركيا” عبر فرض مزيد من القيود والعقوبات عليها، خاصة الاقتصادية و”أنقرة” تعاني من ركود اقتصادي قد يتفاقم بين الحين والآخر.

2 – العلاقات مع “الولايات المتحدة” ليست بخير بشكل عام، ولكن “إردوغان” راهن بثقله على إدارة “دونالد ترامب” في دعم سياساته الخارجية، خاصة في التدخل في “قطر وسوريا وليبيا”؛ ويرى أن إدارة الرئيس السابق، “أوباما”، دعمت الانقلاب الفاشل المسرحي، لذا يُعول “إردوغان” على إدارة “ترامب”، خلال 4 سنوات القادمة، في تعزيز فرص بقائه في الحكم أكثر وأكثر وأن تتجاهل إهداره قيم حقوق الإنسان وتحول “تركيا” لسجن كبير من خلال قوانين قمعية؛ ومنها قانون “حراس الليل” المتوقع صدوره، ويعتمد عليها أيضًا من خلال الدعم الاقتصادي، ولكن أتوقع أن بعد “ترامب” قد يزول حكم “العدالة والتنمية” بلا رجعة.

سيناريوهات مستقبل المشروع..

ووضعت (الزمان) التركية ثلاث سيناريوهات لمستقبل مشروع قانون “حراس الليل”، فتقول أن القانون في طور الإعداد، ولم يُصبح قانونًا أو يُقر من قِبل البرلمان أو الرئيس أو نُشر في الجريدة الرسمية، وقد يكون بالون اختبار من الحزب الحاكم لجس نبض الأحزاب الأخرى وكبح جماح الأحزاب السياسية الوليدة وردع طموحاتها من خلال هذا القانون.

وترى (الزمان) أن السيناريو الأول هو أن يتم إقرار القانون بأغلبية بسيطة للغاية من قِبل تحالف الشعب بين “العدالة والتنمية” و”الحركة القومية”، بقيادة “دولت بهشلي”، والذي يتماهى معه في ملفات عدة منذ إنطلاق التحالف في انتخابات 2017، في ملفات التعديلات الدستورية والتحول للنظام الرئاسي ثم الانتخابات البرلمانية والرئاسية في 2018، وأخيرًا انتخابات المحليات، ربيع العام المنصرم، حيث وعد “بهشلي”، بمنصب نائب رئيس الدولة، ولم ينل شيئًا، ولكن بقي حليفًا لـ”إردوغان”، لأنه يعلم أنه بإنهيار التحالف سينتهي دور “حزب الحركة القومية” من الحياة السياسة لظهور تيارات قومية ذات خطاب أقوى وأكثر حداثية من الثمانيني العجوز “دولت بهشلي”.

والسيناريو الثاني؛ أن يتم إقرار القانون، ولكن بتعديلات جوهرية يُصبح هناك ضمانات أكبر لمن سيحمل السلاح من منتسبي “حزب العدالة والتنمية”، حيث يكفل القانون آلية واضحة في حالة إساءة استخدام ذلك السلاح، من خلال اختبارات عقلية وذهنية لهؤلاء الحراس، بالإضافة أن يتم تعميم عمل قانون “حراس الليل” على جميع الأحزاب السياسية، لا يقتصر على منتسبي “حزب العدالة والتنمية”، ويتم الاختيار والتوزيع حسب نتائج الانتخابات الماضية لتحقيق التوازن ولضمان صيانة الأمن القومي للمجتمع من منطلق مسؤولية جماعية ولعدم استغلال الأمر سياسيًا.

والسيناريو الثالث؛ هو أن تقرر الحكومة التركية سحب القانون بسبب ضغوط شعبية وحزبية ونخبوية عبر مظاهرات منددة بالقانون، خاصة أن القانون، كما ذكرنا، سيقضي على أي فرصة للتغيير السلمي عبر الآليات الديمقراطية؛ ويبدو هذا مستبعدًا.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة