من المميزات التي يتحلى بها الاسلام هو فتح باب الاجتهاد لمواكبة تطورات العلم لتوظيفها في خدمة المسلمين وفق معايير فقهية لا تتعارض مع العلم والقرآن والسنة ، ومن هنا دأب علمائهم الى اصدار الفتاوى لتسهيل امر المسلمين في تمشية معاملاتهم الدنيوية . وهذا الامام جعفر بن محمد الصادق (ع) يقول (اعرضوا رواياتنا واحاديثنا على القرآن والسنة فان اختلفت معهما فاضربوها عرض الجدار) . اما الامام الشافعي (رض) يؤكد (ان رأينا صواب يحتمل الخطأ ورأي غيرنا خطأ يحتمل الصواب ، ومن جاء بأفضل من قولنا قبلناه ).هذا هو المنهج العلمي القويم الذي سار عليه علماء المسلمين في استنباط الاحكام الشرعية ، اما اصدار ما يسمى بالفتاوى التي لا تستند على ادنى منهج علمي وشرعي ينبغي الوقوف عندها واجبار من افتى ان يتراجع عنها لانها تسيء لجوهرالدين ونظرة المجتمع الانساني لمثل تلك الفتاوى . اخر الفتاوى التي اصدرها امام وخطيب مسجد قباء في المدينة المنورة الشيخ والداعية صالح بن عواد المغامسي الذي اجاز شرب بول المجاهدين في سوريا من الجيش الحر وجبهة النُصرة وذلك من اجل غسل الذنوب . و المستغرب ان مكتب الشيخ قد اصدر تاكيداً على الفتوى للعمل بها بغية ترسيخها في اذهان المؤمنين بقدسية الحرب في سوريا ومشروعية المجاهدين من التنظيمات السلفية المتشددة التي لا تؤمن الا بشرب الدماء القانية من المسلمين وغير المسلمين . مما ينبغي توجيه عدد من الاسئلة للشيخ او مكتبه للاجابة عليها ، ما هي الضرورة الشرعية التي اوجبت اصدار مثل هذه الفتوى ؟ وهل ان ( المجاهدين ) قد وصلوا الى مراتب المسلمين الاوائل في نشر الدين كي تجيز ذلك ، وهل انهم يقاتلون في الربع الخالي وقلة المياه اباحة مثل ذلك استنداً للحكم الشرعي (الضرورات تبيح المحضورات )، فضلاً عن ان الدين الاسلامي دين علم وحضارة وتطور كيف نبيح شرب البول لنكون مثل باقي الاديان الوضعية التي تتبرك بفضلات الابقار ، و من الناحيتين الشرعية والصحية فضلات الابقار اطهر من بول الانسان لانها لا تحتوي على اليوريا والمواد الضارة الموجودة ببول الانسان . اعتقد ان الشيخ حر في اصدار فتواه ولكن ينبغي عليه ان لا يرسخ ويعمق في نشرها بين المسلمين ليدافع عن رايه في فتواه الشيطانية التي لا تقل خطراً عن ( آيات شيطانية ) التي كتبها سليمان رشدي في ثمانينيات القرن الماضي وحكم عليه المسلمون بالارتداد لانها اساءت للدين الاسلامي كعقيدة وفكر كما لا نجعل من فتاوى علماؤنا ودعاتنا طرهات واحجيات يسخر منها المسلمون قبل غيرهم .