تفاصيل صفقة الصدر مع طهران .. تصعيد “علاوي” لرئاسة الوزراء وتصفية “الانتفاضة العراقية” !

تفاصيل صفقة الصدر مع طهران .. تصعيد “علاوي” لرئاسة الوزراء وتصفية “الانتفاضة العراقية” !

خاص : ترجمة – لميس السيد :

يحاول رجل الدين الشيعي، “مقتدى الصدر”، إنهاء أربعة أشهر من المظاهرات المناهضة للحكومة لدعم اتفاق أوسع يضمن، “محمد توفيق علاوي”، كرئيس وزراء جديد لـ”العراق”، حسبما قال ثلاثة قادة شيعيين من الكتل السياسية المشاركة في الصفقة؛ في تصريح خاص لصحيفة (ميدل إيست أي) البريطانية.

من بين تفاصيل الصفقة، التي عُقدت في مدينة “قُم” الإيرانية، الشهر الماضي، هي تحديد مهام “علاوي”، أبرز الشخصيات العراقية السياسية التي ظهرت على الساحة مؤخرًا، واعدًا بتنفيذ الكثير من مطالب المحتجين؛ بما في ذلك محاربة الفساد وتقديم قتلة المتظاهرين إلى العدالة.

وتشمل مهام رئيس الوزراء الجديد؛ استعادة مكانة الدولة وفرض الأمن، وتهيئة الظروف اللازمة لإجراء الانتخابات البرلمانية في غضون عام، والإلتزام بقرار البرلمان بإخراج القوات الأجنبية من “العراق”، والمضي قدمًا في دمج ميليشيات (الحشد الشعبي)، التابعة لـ”إيران” مع الجيش العراقي برئاسة رئيس الوزراء السابق، “عادل عبدالمهدي”، حسب الزعماء الشيعة.

إلا أن الصفقة لم تشتمل أنه ملتزم بأي من الوعود التي قطعها على نفسه أمام المحتجين، وقد تم اختياره ليحل محل، “عبدالمهدي”، لأنه: “سهل الإدارة”، على حد قولهم.

“إنه أضعف من عبدالمهدي، واختاروه على وجه التحديد لأنه ضعيف”، هذا ما قاله أحد قادة الشيعة للصحيفة البريطانية.

وأضاف المصدر: “لا يُسمح له بفتح أي ملفات فساد حقيقية؛ ولا يحق لحكومته إتخاذ أي قرارات إستراتيجية، بما في ذلك إخراج القوات الأجنبية من العراق”.

وأكد القائد الشيعي: “ستكون حكومته انتقالية، وقال النجف، (حيث مقر آية الله العظمى، السيد علي السيستاني)، لا يُسمح للحكومة الانتقالية بإتخاذ أي قرارات إستراتيجية قد تلحق الضرر بالبلاد لاحقًا”.

الاحتجاجات والاغتيالات والصفقات..

خلال الأشهر الأربعة الماضية، كان العراقيون يحتجون في “بغداد” وتسع محافظات شيعية في جنوب “العراق”، مطالبين بتوفير الخدمات الأساسية والمزيد من الوظائف، والتحقيق في ملفات الفساد الحكومي وسن القوانين الانتخابية الجديدة، ووضع حد للتدخل الأجنبي.

وأثناء المظاهرات، قُتل أكثر من 550 متظاهر وجُرح حوالي 25 ألفًا؛ بينما قادت الحكومة العراقية، وحلفاؤها من الفصائل المسلحة المدعومة من “إيران”، حملة قمع دموية.

في نهاية تشرين ثان/نوفمبر الماضي، قدم “عبدالمهدي” استقالته بعد أن دعا، “السيستاني”، الذي يُمثل السلطة الدينية العليا في “النجف”، “مجلس النواب”، إلى سحب ثقته من حكومته.

وجاءت دعوة “السيستاني”؛ بعد أن قتلت قوات الأمن 32 متظاهرًا بالرصاص خلال ساعات، في “الناصرية”، دون مبرر واضح.

ثمانية أسابيع من المحادثات..

جرت المفاوضات، التي استمرت حوالي ثمانية أسابيع، بين “الصدر” و”هادي العامري”، زعيم كتلة (فتح)، المدعومة من “إيران”، وزعيم منظمة (بدر)، أحد أكبر الفصائل المسلحة العراقية.

وعلمت الصحيفة البريطانية أن معظم الاجتماعات عُقدت في منزل “الصدر”، في “قُم”، حصريًا بين “الصدر” و”الأميري”، مع حضور لكبار مساعدي “الصدر”. ولم يًكن المسؤولون الإيرانيون ضالعين أو حاضرين بشكل مباشر، حسب قول المشاركين بالاجتماعات.

في النهاية، اتفق الرجلان على أن المرشح لرئاسة الوزراء سيُقرر بالإجماع السياسي، بدلاً من أن يكون زعيم الكتلة البرلمانية الأكبر، كما يقتضي الدستور العراقي، وبشكل أكثر تحديدًا، أفضى الاجتماع إلى أن  المشاركين بالاجتماع سوف يدعمون مرشح “الصدر”.

في مقابل هذه العناصر، ستضع الحكومة حدًا للمظاهرات، وتستعيد السيطرة على أمن البلاد، وتضمن إعادة فتح مؤسسات الدولة، بما في ذلك المدارس والجامعات، على حد تعبير ثلاثة من زعماء الشيعة البارزين المطلعين على المحادثات.

وقال أحد قادة حركة (فتح) البارزين؛ وقائد فصيل مسلح مشارك في المحادثات: “التقارب، (مع الصدر)، جاء تحت مظلة وحدة الموقف ضد الأميركيين، ثم تطور إلى إجماع سياسي”.

وأضاف القائد؛ إن المظاهرات بدأت بمطالب من الناس، لكنها تحولت بشكل متزايد إلى أعمال تخريبية وتم إغلاق الطرق وإحراق المباني الخاصة والحكومية وتهديد من يرفضون المشاركة في اعتصامات، مضيفًا إن ثُلثي هذه الأعمال كانت من أعمال أتباع “الصدر”.

“لذا، فإن أي علاج للوضع لا يتضمن مقتدى الصدر، لن ينجح. وبالرغم من أننا لم نطلب منه إنهاء المظاهرات، لكنه عرض المبادرة. إنه يريد أن يكون قائدًا للجميع، ونحن إستجبنا”.

مرشح “الصدر”..

“محمد توفيق علاوي”، 65 سنة، هو سياسي عراقي مخضرم بدأ مسيرته السياسية مع حزب (الدعوة الإسلامي) العراقي؛ قبل مغادرته الحزب. وُلد في “بغداد”، لكنه أُرغم على تركها في عام 1977، بعد ملاحقته من قِبل “نظام البعث”.

استقر في “بيروت”؛ وأنضم إلى “الجامعة الأميركية” لإستكمال دراسته في الهندسة المعمارية، في عام 1980. يحمل الجنسية العراقية والبريطانية ويحمل مزيجًا من الأخلاق الإسلامية والعلمانية، ويحافظ على علاقات وثيقة مع العلمانيين.

تم انتخاب “علاوي” كعضو في البرلمان لفترتين متتاليتين، في عامي 2006 و2010، وعُين وزيرًا للاتصالات في حكومات رئيس الوزراء العراقي السابق، “نوري المالكي”، لكنه استقال في كلتا المرتين؛ “بسبب نزاعات مع رئيس الوزراء حول الفساد في بعض القضايا”، وفقًا لشخص عَمِل مع “علاوي” خلال كلتا الإدارتين.

“علاوي”؛ هو ابن عم رئيس الوزراء العراقي السابق والسياسي العلماني، “إياد علاوي”، لكنه قريب من “الصدر”.

على الرغم من أن اتفاق “قُم” يُظهر “علاوي” كمرشح لـ”الصدر” و”الأميري”، إلا أن التفاصيل المسربة للجلسات الخاصة للزعماء الشيعة، المدعومين من “إيران”، تُشير إلى أن “الصدر” كان يُخطط لترشيح “علاوي” لهذا المنصب، منذ نهاية كانون أول/ديسمبر الماضي.

قال أحد القادة الشيعة: “لقد لاحظ أميري وحلفاؤه هذه الرغبة وعملوا على تطويرها وفقًا لرغبة الصدر”.

وأكد زعيم شيعي بارز لـ (ميدل إيست أي)؛ إن ترشيح علاوي “هو خطة متعمدة بدأت منذ أكثر من 40 يومًا، عندما لاحظت القوى السياسية، (المدعومة من إيران)، أن الصدر مقتنع بترشيح علاوي، لذا سعوا إلى إدامة هذا القناعة وتطويرها”.

وبعد اغتيال الجنرالات العسكريين الإيرانيين في “العراق”، “سليماني” و”المهندس”، تغيرت السياسة الإيرانية في “العراق” تمامًا، حيث كان “سليماني” يعمل على استبعاد “مقتدى الصدر” وإبعاده طوال الوقت، لكن الوضع تغير الآن وأصبح هناك ميل إيراني لإحتواء “الصدر”؛ ومنحه الدور الذي يريده. وأضاف القائد الشيعي البارز: “تعهدت الفصائل، (المسلحة)، بالولاء للصدر في قُم كقائد للمقاومة، وكان ذلك جزءًا من تنفيذ هذه السياسة”.

توقعات بالعنف المضاد..

مع صعود “علاوي”، قال المحللون إن المظاهرات المستمرة منذ أربعة أشهر، وهي الأكثر دموية في “العراق”، منذ عام 2003، تواجه مفترق طرق حاد.

قد يهدأون ويختفون نتيجة لقمع الصدريين وحلفائهم، أو قد يزداد الوضع سوءًا وقد تتخذ المظاهرات طريقًا أكثر عنفًا.

“لقد وجد علاوي نفسه معارضًا للانتفاضة بعد ترشيحه من قِبل نفس القوى التي أوصلت، عبدالمهدي، إلى هذا المنصب”، هذا ما قاله “منقذ محمد داغر”، مدير قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في مؤسسة (غالوب) الدولية للأبحاث، في حديثه للصحيفة البريطانية.

وأضاف “داغر”: “ما يفعله الصدريون الآن … هو رفع مستوى التحدي للمتظاهرين الذين أصبحوا يحبون هذه التحديات”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة