في بلد يزدحم بالمفسدين والسراق والانتهازيين يصبح الوطنيون المخلصون حالة إسثنائية وينظر لهم بإستغراب لأنهم يغردون خارج سرب المافيات التي تنهش بخيرات هذا البلد، وفي بلد يكافأ فيه المسيء ويحارب ابناؤه الشرفاء الذين جعلوا من النزاهة والاخلاص رداءاً لن يستبدلوهُ بكل مغريات السلطة والمنصب، وفي مثل هذا الواقع المؤلم لانستغرب من ارتفاع اصوات البعض ضد الشخصيات الوطنية في الوقت الذي لم نسمع لهم صوتاً اطلق بوجه السراق والمفسدين، مع اننا وفي هذه المرحلة بالذات نحتاج إلى المنصفين الذين يضعون الامور في نصابها ويتحدثون بلغة الضمير، لأن من يملك ضميراً حياً يرى مايجري على مسرح الاحداث بوضوح وان كان المسرح يكتنفه الظلام الدامس، ومن تلوث ضميره بالادران فانه لايبصر حتى ضوء الشمس في وقت الظهيرة، هكذا هي طبيعة النفوس البشرية منها ماينجرف مع الموجة ومنها ما كان كالنخلة المثمرة لاتحركها الرياح العاتية. الذي دفعني لكتابة هذا الموضوع هو مايتعرض له خادم بغداد علي التميمي من هجمة اعلامية مغرضة مدفوعة الثمن تبنتها اقلام ومواقع ألكترونية وقنوات فضائية خلال اليومين الماضيين في محاولة لطمس الحقائق او تشويهها في الوقت الذي لم يمض على تسنم هذا الرجل المنصب اكثر من شهر واحد!! مما يعني ان هذه الهجمة لها ابعاد ودلالات كثيرة اغلبها ذات جنبة سياسية تنتمي لمشروع تسقيطي لايستهدف السيد التميمي فقط بل تمتد لتشمل الجهة السياسية التي ينتمي إليها. والمتابع للمشهد السياسي في العراق يرى بوضوح إن مسلسل إستهداف التيار الصدري ليس بجديد ولن يكون الاخير كما هو معلوم وهو تحصيل حاصل لمواقف هذا التيار الوطني الذي يفاجئ الجميع في كل يوم بحراكه السياسي ورؤيته الوطنية وقراءته الواقعية لما يجري في المشهد العراقي، ولكن الغريب ان هذه الاصوات تربط قضية اغلاق الاماكن التي تعتبر مرتعاً للفساد الاخلاقي كالملاهي وبيوت الدعارة تربطها بالجانب الثقافي وتعتبر غلق هذه الاماكن استهداف للثقافة العراقية، وهذه جريمة كبرى في بلد يعتبر موطن الحضارة والثقافة الرصينة ولا يجوز ربط ثقافة شعبه بمثل هذه الاماكن التي تتميز بالاباحية والمجون وتسير بالمجتمع العراقي المحافظ في طريق الانحلال، وإذا كانت هذه الاقلام تتعكز على نغمة الديمقراطية فإن مفهوم الديمقراطية هو حكم الاغلبية والمعروف إن غالبية سكان العاصمة من المسلمين وينتمون الى الفئة الأجتماعية المحافظة والتي ترفض كل مظاهر الانحراف الفكري والاخلاقي، وان كانوا يدعون حقاً إلى دولة القانون والمؤسسات فإن المادة (2) الفقرة ثانياً من الدستور تنص على ( الحفاظ على الهوية الاسلامية لغالبية الشعب العراقي) هؤلاء الذين نصبوا انفسهم مدافعين عن الثقافة العراقية لم يتحدثوا عن زيارة السيد المحافظ لشارع المتنبي قبل اسبوعين وماترشح عن تلك الزيارة من توصيات تصب جميعها في دعم الثقافة والمثقفين ولم يشيروا إلى ان زيارته لنبض الثقافة في بغداد لها رمزية كبيرة وتعطي رسالة واضحة بإدراك الرجل لأهمية المثقف ودوره في بناء الوطن، نعم نحنُ جميعاً ندعوا لدولة مدنية تحترم خصوصيات المجتمع وتنوعه الفكري ولكن بما يتناسب والثوابت الدينية والاجتماعية لأغلبية الشعب العراقي. الهجمة على الاستاذ علي التميمي متوقعة لأن الشخصيات المتميزة والناجحة دائماً ماتتعرض إلى سهام النقد والتشكيك والتجريح والتهم الجاهزة والاباطيل التي غايتها تشويش المشهد على المتلقي تحت حجج واعذار واهية. خادم بغداد من الشخصيات الوطنية المتميزة في الدائرة السياسية للتيار الصدري وتشهد له قبة البرلمان عندما كان نائباً وممثلاً للجماهير التي انتخبته فقد كان من النواب الذين يشار لهم بالاحترام امتاز بخطابه الوطني المتزن واضعاً مصلحة العراق نصب عينيه، اما اذا كان تطبيقه للقانون يثير حفيظة البعض فعليهم ان يحتجوا على الدستور ومن سنه وليس التهجم على شخص مؤتمن على حفظ مصالح المجتمع البغدادي من خلال تطبيق القانون.