خاص : ترجمة – آية حسين علي :
وضعت إدارة الرئيس الأميركي، “دونالد ترامب”، أُسس مختلفة لحكمه أعتمدت على مكونين أساسيين هما؛ السياسة والاقتصاد.. وبعدما أعلنت “واشنطن”، في “مؤتمر البحرين”، الذي استضافته “المنامة” أواخر، حزيران/يونيو من العام الماضي، الشق الاقتصادي مما عٌرف، بـ”صفقة القرن”، التي تستهدف إنهاء الأزمة “الإسرائيلية-الفلسطينية”، ها هو يقدم الورقة الأكثر أهمية من أجل التحايل على الخلافات التي منعت حلول السلام منذ عدة عقود، باتفاق سلام ملييء بالتناقضات، بحسب صحيفة (الموندو) الإسبانية.
زواج بالإكراه وصفقة مربحة لإسرائيل !
أشارت الصحيفة؛ إلى أنه على عكس الرئيس السابق، “باراك أوباما”، الذي كان مهتمًا بإجراء مفاوضات بين الجانبين، أكتفى “ترامب” بالتشاور مع جانب واحد، هو الجانب الإسرائيلي، نظرًا لإمتناع الرئيس الفلسطيني عن التفاوض معه اعتراضًا على قراراته التي تصب في مصلحة “إسرائيل”، بداية من إعلان نقل “السفارة الأميركية” إلى “القدس”، وبينما كان يسعى “أوباما”، دون جدوى، لإنفصال الدولتين بشروط تحظى بقبول الجانبين، يكتب “ترامب” عقد زواج بالإكراه بحضور طرف واحد ورفض الطرف الآخر.
وتنص “صفقة القرن”، التي أعلن “ترامب” عنها، الثلاثاء الماضي، على خطة تعد الفلسطينيين بدولة في المستقبل بشروط كثيرة، بينما تتضمن بنودًا هي الأكثر سخاءً مع “إسرائيل” مقابل إعترافها بالدولة الفلسطينية والتعهد بعدم التوسع في إنشاء المستوطنات.
“سيادة فلسطينية محدودة”..
أضافت الصحيفة الإسبانية أن “ترامب” يدافع عن حل واقعي للدولتين، ومنح “السلطة الفلسطينية” مرحلة انتقالية، مدتها 4 سنوات، لتغيير موقفها والموافقة على عرضه، لكن “صفقة القرن” نصت على دولة فلسطينية ضعيفة وهشة دون تسليح أو أي سيطرة على الحدود، لذا فإن الخطة لا تزال بعيدة للغاية عن أقل ما يمكن أن يقبل به “أبومازن”، وليس فقط لأنها تتطلب نزع السلاح من حركة “حماس” فقط، إنما تتضمن بنودًا تعجيزية أخرى؛ من بينها أنها لا تعترف بحق اللاجئين في العودة، وبينما يتحدث “ترامب” عن “دولة ذات سيادة”؛ يشير “نتانياهو” إلى: “سيادة فلسطينية محدودة”، ويطالب “أبومازن” بدولة فلسطينية على حدود ما قبل حرب 1967، التي مكنت الكيان من احتلال “قطاع غزة” و”القدس الشرقية”.
ووصف محللون إسرائيليون، الخطة، بأنها: “مبادرة لن تؤدي إلى السلام، لكنها تحقق أحلام اليمين الإسرائيلي”، وتأتي الخطة في وقت يواجه فيه كل من “ترامب”، ورئيس الوزراء الإسرائيلي، “بنيامين نتانياهو”، أوضاعًا معقدة في الداخل؛ إذ أن الأول مهدد بسحب الثقة ويواجه الثاني اتهامات في قضايا عدة.
ويرى الفلسطينيون، الذين يدعون الله أن يفشل “ترامب” في الانتخابات، أن “خطة ترامب”؛ حتى وإن فشلت، فهي تُعتبر بمثابة الضوء الأخضر لـ”نتانياهو” لإتخاذ إجراءات بشأن الأراضي المحتلة قبل الانتخابات، المقرر إجراءها في آذار/مارس المقبل، في “إسرائيل”.
ورغم أن “إسرائيل” خرجت مستفيدة من “صفقة القرن”، إلا أن موافقة “نتانياهو” على خطة تضمن الإعتراف بـ”دولة فلسطينية”؛ قد يجلب له الكثير من المشكلات بين القطاعات الأكثر تشددًا للإتجاه اليميني داخل حزبه، (الليكود)، وداخل حكومته الحالية المنتهية ولايتها.
ووفقًا لـ”خطة ترامب”؛ لن يحتاج “نتانياهو” إلى القيام بعملية إخلاء للمستعمرات، وإنما سيكون عليه تجميد أعمال الإنشاءات، كما تسمح له بتطبيق القانون الإسرائيلي على المستوطنات الموجودة في “قطاع غزة” ويقيم بها ما يقارب 500 ألف يهودي.
نظرة مختلفة للمستوطنات..
ذكرت (الموندو)؛ أن “صفقة القرن” تُعد التأكيد الرسمي على الموقف الجديد الذي تتبناه “الولايات المتحدة”؛ بعدما صرح وزير خارجيتها، “مايك بومبيو”، منذ نحو شهرين، أنه بعد الآن لن يُنظر إلى المستوطنات على أنها غير مشروعة، وهو التصريح الذي أطاح بالموقف الأميركي والدولي التقليدي تجاه المستوطنات الإسرائيلية، التي أُنشأت على أراضي محتلة، وهو الموضوع الذي كان مطروحًا دائمًا على طاولة المفاوضات.
وأضافت الصحيفة الإسبانية أنه إذا أقدم “نتانياهو” على تنفيذ وعده بضم “غور الأردن”، فإن ملك الأردن، “عبدالله الثاني”، قد يرد بتجميد أو إلغاء اتفاق السلام الموقع، منذ عام 1994، وهو سيناريو مقلق للغاية بالنسبة إلى الجانبين.
وذكرت مصادر صحافية إسرائيلية؛ أن الخطة “لا تنص على ضم أراضي، كما حدث فيما يخص هضبة الجولان التي كانت قبل الحرب تحت سيطرة دولة أخرى، وإنما تتضمن تطبيق القانون على الجاليات اليهودية المقيمة بها مع إلغاء السيطرة العسكرية”.
ويبدو أن “نتانياهو” لن يُقدم على هذه الخطوة في ظل الظروف التي يشهدها، وقررت الحكومة تأجيل جلسة البرلمان، التي كان من المقرر أن تتم مناقشة فرض السيادة على “غور الأردن” لأسباب تقنية دون أن تُعلن عن الموعد الجديد لإنعقاد الجلسة، فيما أشارت صحيفة (معاريف) الإسرائيلية إلى أنه هناك أسباب أخرى أدت إلى تأجيل هذه الخطوة.