بأربع خطوات .. بريطانيا لا تزال قادرة على التحكم في سياسات أوروبا بعد “البريكسيت” !

بأربع خطوات .. بريطانيا لا تزال قادرة على التحكم في سياسات أوروبا بعد “البريكسيت” !

خاص : ترجمة – لميس السيد :

يشهد، هذا الأسبوع، أكبر تحول في السياسة الخارجية البريطانية، منذ حوالي 50 عامًا، حيث تُغادر “المملكة المتحدة”، “الاتحاد الأوروبي”.

طوال فترة عضويتها في “الاتحاد الأوروبي”، صاغت “المملكة المتحدة” السياسة الخارجية لـ”أوروبا”، بداية من عقوبات الاتحاد الأوروبي على “روسيا” إلى “الصفقة النووية الإيرانية”. وبرغم الخروج من الاتحاد، إلا أن “المملكة المتحدة” لا تزال ترغب أن تظل قوة سياسية أوروبية مؤثرة.

ولكن كيف يمكن ذلك خارج “الاتحاد الأوروبي” ؟

مازالت لها كلمة في السياسة الخارجية لأوروبا..

كشفت مجلة (ذا هيل) الأميركية، الصادرة عن “الكونغرس” الأميركي، أنه عندما ناقش وزراء الخارجية الأوروبيون ملف “إيران”، هذا الشهر، كان البريطانيون هناك؛ ولكنهم قالوا أنهم في المستقبل لن يكونوا كذلك بناءًا على الإنفصال. لكن المجلة أكدت أنه لا يزال بإمكان “المملكة المتحدة” لعب دور قيادي في تشكيل السياسة الخارجية لـ”أوروبا”، بعد خروج “بريطانيا” من “الاتحاد الأوروبي”، بشروط مختلفة للتعامل مع “أوروبا”.

حتى عام 2016، كانت السياسة الخارجية البريطانية مبنية على ثلاث ركائز. أولًا؛ وساطة “الأطلسي”، حيث إنضمت “لندن” بشكل روتيني إلى “واشنطن” بشأن القضايا الدولية؛ وكانت بمثابة جسر عبر “الأطلسي”، موضحة وجهات النظر الأوروبية لـ”الولايات المتحدة” والعكس. ثانيًا؛ تملك “بريطانيا” قوة قيادية في “الاتحاد الأوروبي”، وتحديدًا السياسة الخارجية والأمنية المشتركة لـ”الاتحاد الأوروبي”. ثالثًا؛ تعددية الأطراف، كقوة متوسطة الحجم ذات مصالح عالمية، كان وجود نظام دولي فعال قائم على القواعد أمرًا أساسيًا في تعزيز المصالح البريطانية.

ولكن يجري الآن تحدي كل من هذه الركائز.. أولاً؛ خروج “بريطانيا” من “الأتحاد الأوروبي” ينزع عنها أي إستراتيجيات أمنية مشتركة مع “أوروبا”. ثانيًا؛ إن النظام الدولي القائم على القواعد؛ يقوضه كل من “روسيا” و”الصين”، وإلى حد ما “الولايات المتحدة”. ثالثًا؛ أصبحت نظرة “واشنطن” عبر “الأطلسي”، في ظل إدارة “ترامب”، أكثر قومية وذات طابع تجاري، مع نزعة من التشكيك وفي بعض الأحيان العداوة، تجاه “الاتحاد الأوروبي” وحلف (الناتو).

بعد “البريكسيت”..

ومع اتساع الفجوة بين “بريطانيا” و”أميركا” ودول ما وراء “المحيط الأطلسي”، منذ عام 2016، لم تُعد تنطبق الطريقة الدبلوماسية التقليدية التي تتبعها “المملكة المتحدة” لأزمات السياسة الخارجية مع وجهات نظر “واشنطن”؛ ولم تُعد تُشكل موقف “الاتحاد الأوروبي”.

تعتقد المجلة الأميركية؛ أن “بريطانيا” لا يزال لديها الفرصة لقيادة السياسة الخارجية الأوروبية، بعد (البريكست)، من خلال أربع خطوات جديدة..

أولاً؛ تكثيف الظهور إلى جانب “فرنسا وألمانيا”؛ من خلال القيام بمزيد من الجهود الثنائية مع الدول الأوروبية، بمزيد من مؤتمرات قمة جديدة وحوارات واتفاقات جديدة.

ثانيًا؛ الإنضمام للاجتماعات الدولية والإسهام في تنسيق مواقف السياسة الخارجية الأوروبية والإجراءات، حيث أن المجموعة المسماة بـ (إي 3) أو (E3)؛ وهم كل من “ألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة”، يُشكلون قوة عمل جيدة في الملف الإيراني، حيث كان قد أصدر كل من: “أنغيلا ميركل” و”إيمانويل ماكرون” و”بوريس غونسون”؛ بيانًا مشتركًا بشأن “سليماني”. وكذلك يمكن لـ”مجموعة السبع” أن تلعب دورًا أكبر في السياسة الخارجية أيضًا.

ثالثًا؛ كجزء من مفاوضات هذا العام حول العلاقة التجارية والأمنية المستقبلية لـ”المملكة المتحدة” مع “الاتحاد الأوروبي”، يمكن أن تُصدّق “لندن” و”بروكسل” على اتفاقيات للتعاون الوثيق في السياسة الخارجية مع المزيد من آليات جديدة مختلفة ممكنة، منها ما اقترحه الرئيس الفرنسي، “ماكرون”، إنشاء “مجلس أمن أوروبي” يضم “المملكة المتحدة”. بدلاً من ذلك، يمكن دعوة “المملكة المتحدة”، من حين لآخر، لحضور اجتماعات وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي، كما كان تجري العادة مع “جون كيري”، وزير الخارجية الأميركية سابقًا. يمكن حتى توحيد البيانات الصادرة عن كل من “المملكة المتحدة” و”الاتحاد الأوروبي” إذا أرادت “المملكة المتحدة” و”الاتحاد الأوروبي” إظهار موقف موحد، ضد “موسكو” و”بكين” وبشأن استخدام الأسلحة الكيميائية.

رابعًا؛ بالعمل عن كثب مع “الاتحاد الأوروبي” في المنظمات الدولية الأخرى، وخاصة “الأمم المتحدة”. وهذا من شأنه أن يساعد أيضًا في تعزيز تعددية الأطراف، ويظهر أن “المملكة المتحدة” لا تزال ذات توجه عالمي.

الخروج عن وجهات النظر الترامبية..

أكدت (ذا هيل) أن “أوروبا” ينبغي عليها دعم هذه الخطوات؛ لأن داخل أو خارج “الاتحاد الأوروبي”، تُعد “المملكة المتحدة” قوة سياسية وعسكرية أوروبية كبرى، وواحدة من دولتين نوويتين أوروبيين وعضوين دائمين في “مجلس الأمن الدولي”.

وبما أن تشهد وجهات النظر الأوروبية مزيدًا من الثقل على مستوى العالم إذا كان البريطانيون لا يزالون على متنها، فهذا يعني أنه يجب على “بروكسل وباريس وبرلين” إبقاء “لندن” داخل مدار السياسة الخارجية الأوروبية بدلاً من رؤيتها تتبنى وجهات النظر الترامبية، نسبة للرئيس الأميركي، “دونالد ترامب”.

وفي ظل الخلفية الجغرافية السياسية للانقسامات عبر “الأطلسي”، فإن قدرة “بريطانيا” على قيادة السياسة الخارجية الأوروبية، بعد خروج “بريطانيا” من “الاتحاد الأوروبي”، ستعتمد في النهاية على الموقف الإستراتيجي الذي تختاره لتبنيه بين “أوروبا” و”الولايات المتحدة”.

باختصار، هل ستنحاز “المملكة المتحدة” أكثر مع “واشنطن” في السياسة الخارجية بعد خروج “بريطانيا” من “الاتحاد الأوروبي” ؟.. هل ترى “المملكة المتحدة” أن مصالحها وقيمها تبقى أوروبية ؟.. أم أنها ستتبع سياسة التكافؤ الإستراتيجي ؟

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة