خاص : ترجمة – محمد بناية :
أخيرًا أعلن “دونالد ترامب”، رسميًا، عن المتداول في وسائل الإعلام باسم “صفقة القرن”، وأسماه “آفاق السلام”.
وقد إزدادت التكهنات بشأن الصفقة، خلال العامين الماضيين، وأين سيكون محل العاصمة الفلسطينية ووضع “القدس” وطرق الربط بين “غزة” و”الضفة الغربية” ومستقبل المستوطنات في الضفة.
والواقع فقد صدق الجزء الأكبر من هذه التكهنات والإدعاءات، في حين لم يكن الجزء الآخر مجرد تكهنات؛ وإنما وثائق سياسية إعترفت بها “الولايات المتحدة”. فلقد نفذت الإدارة الأميركية، لإنجاز “صفقة القرن”، عددًا من الإجراءات المختلفة، خلال العامين الماضيين، أهمها نقل “السفارة الأميركية” إلى “القدس”، وضم مرتفعات “الجولان” إلى الأراضي المحتلة، وحذف اسم “فلسطين” عن موقع “وزارة الخارجية الأميركية”، ووقف المساعدات المالية لمنظمة “الأونروا”، (اللاجئين الفلسطينيين). بحسب “محمد محسن فايضي”؛ الخبير الإيراني في الشأن الفلسطيني، في مقالته التحليلية بصحيفة (خراسان) الإيرانية التابعة لـ”الحرس الثوري”.
سلسلة صفقات الخداع..
وتذكروا وعود “ترامب”، للفلسطينيين، في ليلة الإعلان عن “صفقة القرن”؛ وفيها: “تحسين الاقتصاد الفلسطيني بمقدار ثلاثة أضعاف، وإنشاء طرق ربط آمنة بين غزة والضفة الغربية، وتوفير أكثر من مليون فرصة عمل، واستثمارات أجنبية بقيمة 50 مليار دولار، وفرصة ذهبية للفلسطينيين لإنشاء دولة باسمهم”.
حيث جاءت تلكم الوعود على هامش الكشف عن خريطة عجيبة لـ”الدولة الفلسطينية”. وهذه الوعود مشروطة بنزع سلاح جميع فصائل المقاومة، وقبول الفلسطينيين التام للصفقة.
وأعلن “جاريد كوشنر”، صهر “ترامب”، في حوار إلى (سكاي نيوز): “إذا يوافق الفلسطينيون على التفاوض فسوف يستفيدون من فرص الاستثمار والعمل” !.. لكن التاريخ أثبت أن مشاريع السلام تلك لم تكن سوى تمهيد للخطوة التالية؛ وهي الاحتلال الكامل.
على سبيل المثال؛ شهد العام 1993، التوقيع على “اتفاق أوسلو” المعروف، بين “ياسر عرفات”، كمندوب عن “منظمة التحرير الفلسطينية”، (ساف)، و”إسحاق رابين”، كمندوب عن “الكيان الصهيوني”، وكان من المقرر إعتراف “منظمة التحرير الفلسطينية”، نيابة عن عموم الفلسطينيين، بـ”الكيان الصهيوني” لقاء الإعتراف بالحكومة الفلسطينية وانسحاب الصهاينة من “الضفة الغربية” و”قطاع غزة” والعودة إلى حدود 1967.
كذا نصت الاتفاقية على التفاوض لإيجاد حلول نهائية لكل الموضوعات الرئيسة بظرف خمس سنوات، على أن يُعلن الطرفين، بنهاية المدة المقررة، إنهاء النزاع. وهذه الموضوعات عبارة عن: “تحديد وضع مدينة القدس”، و”عودة اللاجئين الفلسطينيين”، و”هدم المستوطنات في الأراضي المحتلة”، و”وضع حدود مشتركة”.
سقوط قناع “أوسلو”..
اليوم؛ وبعد مرور 25 عامًا على “اتفاق أوسلو”؛ لم ينسحب “الكيان الصهيوني” من المناطق المحتلة ولم يعترف مطلقًا بـ”السلطة الفلسطينية” كحكومة.
لقد كانت “أوسلو” بالحقيقة المفتاح الرئيس لطبيعة ومشروعية استمرار الاحتلال الصهيوني. فقد أعلن “بنيامين نتانياهو”، رسميًا وبكل وقاحة: “أن (ترامب) إعترف رسميًا بسيادة إسرائيل على غور الأردن”.
لقد فشلت كل المشاريع والاتفاقيات السابقة لأنها خلت من المصالح الأساسية، (الإسرائيلية)، ولم تعبأ بمطالب الفلسطينيين. إن تصريحات “نتانياهو” حول الاتفاقيات السابقة تعكس بوضوح أن هذه الأطروحات لم تكن تستهدف نهاية وحل القضية.
و”صفقة القرن” ومشاركة عدد من السفراء العرب في جلسة الإعلان عن هذه الصفقة، لن تقف فقط حجر عثرة في حل “القضية الفلسطينية”، وإنما سوف تكون نقطة البداية لخطوات الاحتلال التالية.
وليس ببعيد ذلكم اليوم الذي أبدت فيه بعض الدول العربية الخجل لأن “ياسر عرفات” أعرب عن رغبته في التوقيع على معاهدة مع الصهاينة، لكن ليت هذا اليوم لم يتأخر، بحيث ينتهي الخجل والعمل على تعويض الخسارة باغتيال “عرفات”.
وفيما هددت “السلطة الفلسطينية” و”محمود عباس”، “الكيان الصهيوني”، بإلغاء “أوسلو”؛ وصلت هذه الاتفاقية إلى النهاية عمليًا بالإعلان عن “صفقة القرن”، والآن يتعين على طيف التطبيع “العربي-الفلسطيني” السعي والدعاء لتحقيق مطالب وأمنيات دون حدود 67 و”القدس الشريف” وعودة اللاجئين ووعود “أوسلو”.
والواقع إن المسار التاريخي واضح، فلا سبيل لـ”فلسطين” سوى المقاومة المسلحة، فهكذا تحررت “غزة” و”لبنان”.