تتواصل التحشّدات الأمريكية في العراق، بناء قواعد عسكرية جديدة ،وإرساليات عسكرية من الفرق الخاصة لصيد الخنازيروغيرها ،ونقل مقر القيادة المركزية العسكرية الرئيسية الى أربيل ،بالاضافة الىنقل طاقم السفارة ،والسيطرة على سماء بغداد بطائرات الاباتشي والدرون، وسيطرتها المطلقة على أي حركة معادية للسفارة ، بالرغم من قرار البرلمان العراقي، التصويت(فقط الاحزاب الموالية لايران)، على ترحيل جميع القوات الاجنبية ( ويقصدون الامريكية)،من العراق،ودعم طهران لقرار الترحيل، بقوة وإصرار عجيبين،وبالمقابل، فالحكومة المستقيلة،تتمسك بصلاحياتها الغير دستورية، علما أن الرئيس برهم ورئيس الوزراء عادل قدموا إستقالتيهما في وقت سابق، إذن العراق في فراغ دستوري واضح، لايسمح للرئيس ،ولا لرئيس الوزراء والبرلمان إتخاذ أي قرار،لأن الرئاسات الثلاث فقدت شرعيتها الدستورية ،بطريقتين الاولى نزعتها منهم التظاهرات الشعبية ،لأن الشعب هو مصدر السلطات، والثانية الرئيس ورئيس الوزراء، قدما إستقالاتيهما، فماذا بقيت من العملية السياسية الفاسدة والفاشلة سوى الرحيل،لولا إصرار ونفوذ إيران وتهديد الميليشيات للرئيس وغيره والاغتيالات والخطف وقمع التظاهرات،لكانت رموزها وأحزابها خلف القضبان،وهي الآن في ورطة مايسمى إختيار رئيس وزراء،بديل عبد المهدي، والصراع على أشدّه بين أمريكا وإيران، كلٌّ منهما يريد رئيس وزراء تابع ذليل لها، ينفّذ أجندتها ويخضع لقراراتها، ويأتمر بأوامرها،وهكذا إستعصّى على الأحزاب حسم الموضوع ،والإنصياع لصوت التظاهرات الغاضب، الذي يصرّ شباب العراق الابطال، إلاّ أن يكون مرشح الوزارة من بينهم ،ولاينتمي للأحزاب التي جاء بها المحتل ،والتابعة ولاءاً لإيران،لذا ما الذي نتوقّعه بعد كل هذه عراق الفوضى، والعربدة الامريكية والايرانية ،وإصرارهما على تصفية حساباتهما على أرض العراق، ونظرة بسيطة على مايجري في الإعلام من تصريحات وتهديدات ،من قبل الطرفين لبعضهما البعض، وقيام الفصائل الايرانية بقصف القواعد الامريكية ،واقتحام السفارة، وإهانة هيبّة أمريكا وسمعتها، وطمسها في الوحل ، وقيام أمريكا بإغتيال رموز ايران، الذين يقودودون العمليات العسكرية كلها ،في العراق وسوريا ولبنان واليمن ، ونقصد بهما قاسم سليماني وابو مهدي المهندس،وكانت العملية الدقيقة ،قد كسرت ظهر ايران عسكرياً، وشلّت قدرتها وقدرة أذرعها على المواجهة، والتي يقال أن جميع قادة الميليشيات هربت بعدها الى إيران، خوفا من تكرار عملية المطار، بل الأدهى من ذلك ، حينما قصفت سفارة ترمب ، أعلن قادة الميليشيات براءتهم من القصف وإدانتهم لها، وهكذا يبقى الصراع الامريكي- الايراني في أشدّه ،ولكن لم يتوقف الردّ الأمريكي الى هنا، والمراوغة الايرانية الخجولة ، التي فضحتها عملية إسقاط الطائرة الاوكرانية، وخسرت حلفائها الاوروبيين كلهم، فأعلن البنتاغون نيتُه ، نَصْب صواريخ باتريوت الذكية في العراق لأول مرّة في تأريخه، والمعلومات تشير الى نصْبها في أربيل، التي يعارض ساستها بشدة رحيل القوات الامريكية من العراق، وهو محّط خلاف جديد بين الكتل الكردستانية، والأحزاب المتنفّذة الموالية لإيران ، حيث صرح أحد قادة الحزب الديمقراطي الكردستاني( أن الاحزاب الشيعية هي مَن دمّرالعراق)، وهذا أول إعتراف كردي على تحميل أحزاب إيران تدمير العراق ،بدعم واسناد وتخطيط إيراني واضح، إذن نصْب صواريخ الباتريوت، هو إشارة أكيدة على بقاء أمريكي أبدي في العراق، بل إشارة واضحة على مواجهة إيران عسكرياً عند الضرورة ،وفي الوقت المناسب كما قال بومبيو، ولكن ماهو السيناريو المقبل بعد نصب الباتريوت، هل نشهد تقسيم العراق، وفصل المحافظات( الشيعية )،التي تسيّطر عليها ميليشيات إيران، واعلانها دولة خاضعة لإيران، وإعلان إقليم ( السُّنة )، بإشراف ودعم أمريكي وبريطاني، وإعطاء الكورد حق تقرير المصير، وهذا السيناريو يتحدّث به الجميع همساً، لا علانية ، خوفاً من إيران وبطش ميليشياتها، ولكنْ، لنكنْ واقعييّن ،هل من مصلحة إيران فصل الجنوب عن الشمال، الجواب لا، وهل مصلحة المحافظات الغربية ،الإنفصال وإعلان إقليم السُّنة، الجواب لا، وهل إعلان الكورد حق تقرير مصيرهم بدولة جميع حدودها ( أعداء لها)،الجواب ايضا لا، إذن ما العمل أزاء سيناريوهات أحلاها هو المُرُّ الحنظل بعينّه، أجزمْ مهما خرجتْ سيناريوهات على شكل اقاليم ، فما هي إلاَّ تخوّيف الآخرين بخطورة الوضع، وحصرهم في زاوية الأمر الواقع، والرضوخ له،وحتى إيران ، لاترى من مصلحتها تقسيم العراق الى أقاليم، وطوائف على أسس قومية وعرقية وطائفية ومذهبية واثنية، لأن الدور سيأتي إليهاعاجلاً أم آجلاً، هي وكل من يعمل ويدعم التقسيم، من دول الجوار الأقليمي، إذن النتيجة لاتقسيم للعراق، مهما بلغتْ خطورة الأوضاع وتفجيرها، ولكن ممكن أن يستخدموا ورقة الاقاليم والتقسيم ، ورقة ضغط وتخويف، وربما تكتيك عسكري، لتحقيق أهداف غير التقسيم، فتجمع أمريكا العسكري في المحافظات الغربية، ونقل القيادة المركزية الى أربيل ، هو لجعل المناطق الشمالية والغربية نقطة إنطلاق لمواجهة مع ايران، إذا إقتضت الضرورة، بمعنى حاضنة للجيوش والصواريخ والطائرات الامريكية، وهذا ما تعمل عليه إدارة الرئيس ترمب الآن ،والدليل هو نَصبْ صواريخ باتريوت في المحافظات الغربية واربيل وغيرها، الاكثر أمنّا للقوات الامريكية،وهذا ايضا يقودنا الى سؤال ،هل المواجهة حتمية مع إيران، نقول الإصرار الايراني والعناد والعنجهية الايرانية وحماقتها وتوهمها بوهم القوة وإعتمادها على أذرعها الوهمي، قد تضطر الادارة الامريكية لحسم صراعها مع إيران قبل الانتخابات الرئاسية بقصقصة أجنحة أذرعها في العراق ، وسواء فاز الرئيس ترمب، أم لم يفز، فالمواجهة الاقتصادية والعسكرية والسياسية ستستمر مع ايران، وهذا مؤكد جداً، المعلومات التي وردتنا عبر الأخبار والصحف الامريكية تقول، أن الشهر الخامس الجاري سيحسم ترمب الأمر مع إيران وأذرعها في المنطقة، ويرفض هو شخصيا تقسيم العراق الى أقاليم، لأنها تُضعف وتقلّل من مساحة المصالح الامريكية وتهدّد إستراتيجيتها في المنطقة كلّها، فأمريكا لاتريد تقسيم العراق، لأنه قلب العالم، وهو الأهم لها، وهي تنشد قيادة العالم كله، فلا تفرّط بموقع العراق الاهم لها ،الذي يؤمّن لها تحقيق إستراتيجيتها بعد ألف عام، والتقسيم يضرُّ بإستراتيجيتها، لصالح إيران وإمبراطوريتها المنشوّدة ،ومشروعها الكوني الديني، في إقامة الإمبراطورية الفارسية، نعم الباتريوت مؤشر أكيد لإصرار الإدارة الأمريكية، على حسم الصراع مع إيران بأية وسيلة حتى لو كانت عسكرية، بإستخدام الباتريوت والدرون وحاملات الطائرات في عموم الخليج وقواعدها في العالم، وإستخدام الحرب السيبرانية بدل المواجهة العسكرية، والإعتماد قبل ذلك ،على تشديّد الحصار العسكري والاقتصادي الخانق لإيران ،كأقسى عقوبات في التاريخ، وما فرض عقوبات على ميليشيات ايران ورموزهم وساسة العراق الموالين لإيران وأحزابها، إلّا دليل واضح على مواصلة الضغط، بكل أنواعه وبقوة لامثيل لها ، وبدعم دولي لإجراءات الإدارة الامريكية ،والموافقة على أي عمل عسكري مقبل، بقيام تحالف دولي جديد تقوده أمريكا واوروبا ضد ايران وأذرعها، فعملية نصب صواريخ الباتريوت ، هو تمهيد لتواجد عسكري أمريكي وأوروبي طويل في العراق والمنطقة، وتقاسم النفوذ،مع إنهاء نفوذ وهيمنة ايران في عموم المنطقة بدءا من العراق، لهذا جاء قرار البيت الابيض نصب الصواريخ كرسالة واضحة على إصرار الادارة الامريكية ، بعد التشاورمع الدول الاوربية على ذلك وفقدان ايران جميع حلفائها ،ولهذا نقول ان مابعد نصب صواريخ الباتريوت هو القيام بإغتيالات لرموز الحشد والميليشيات ،وإحالة ساسة الفساد من حيتان الأحزاب والعملية السياسية الى القضاء،وما إعلان وزارة الخزانة الامريكية اسماء قادة سياسيين كبار على لائحة العقوبات الدولية، إلاّ تاكيدٌ لسيناريو أمريكي مابعد الباتريوت …