في بدايات تأسيس نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية، سعى بکل مابوسعه من أجل إظهار نفسه نظاما مبدئيا له منطلقاته وأهدافه التي لايحيد عنها وحرص في نفس الوقت على إحاطة نفسه أيضا بمجوعة من الشعارات السياسية البراقة التي لها وقعها الخاص في الشارعين العربي والاسلامي، وهذا ماجعل قطاعا عريضا من هذين الشارعين ينبهران بهذه الشعارات وتلك المنطلقات والاهداف التي صورته في نهاية المطاف على إنه نظام نموذجي جاء في مرحلة حساسة وإنتصر للقضايا العربي والاسلامية، وقد رأينا کيف إنساق الکثيرون وراء مزاعمه البراقة هذه لفترة من الزمن ولکن وبعد أن تبين بأنها جوفاء وفارغة فنهم طفقوا ليس يبتعدون عنه عنه فقط وإما يعلنون عن رفضهم الکامل له ولدوره المشبوه في المنطقة.
اليوم وبعد أکثر من 40 عاما على تأسيس هذا النظام، لو قمنا بعملية مقارنة ومطابقة بين أهداف ومنطلقات وشعارات هذا النظام في بدايات تأسيسه وبين الاعوام الاخيرة عموما والوقت الراهن خصوصا، نجد إن هناك فرقا شاسعا بينهما، وإن من يدعي ويزعم بأن النظام قد بقي على أهدافه ومنطلقاته وشعاراته الرنانة الطنانة، فإن کلامه ليس سوى تخرصا وضحکا مکشوفا على الذقون، ذلك إن هذا النظام الذي کان آخر إنتصاراته للمستضعفين والاسلام والمسلمين عملية قتل 1500 مواطن إيراني منتفض وإسقاط الطائرة الاوکرانية، والايعاز لأذرعه في العراق بالسعي للقضاء على الانتفاضة من خلال إستخدام کل الطرق والاساليب القمعية ضد الشعب العراقي الثائر المطالب بحقوقه المشروعة وفي مقدمتها إنهاء عمالة وتبعية الحکومة العراقية وخضوعها للنظام الايراني، کان کافيا لکشفه وفضحه على حقيقته.
مراجعة مواقف نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية خلال الاعوام الاخيرة”ولاسيما بعد إنتهاء مرحلة أو عهد الرئيس الامريکي السابق أوباما” حيث تحفل بمزيج غريب من التناقضات والتضارب خصوصا بعد أن صارت أوضاعه صعبة ومحفوفة بالمخاطر، تبين بوضوح إنه على إستعداد لکي يقوم بأي شئ من أجل بقائه وإستمراره، وإن أهدافه ومنطلقاته وشعاراته صارت تتبخر وتغدو مجرد سراب إذا ماوجد إن هناك خطرا يتهدده، والذي يجب أن نأخذه هنا بنظر الاعتبار هو إن هذا النظام قد قام بتقديم التنازلات تلو التنازلات والتراجع تلو التراجع لا لشئ إلا في سبيل أن يبقى مستمرا في مواجهة شعبه وقوى المعارضة الايرانية الفعالة المتواجدة في الساحة والمتمثلة في المجلس الوطني للمقاومة الايرانية.
هذا النظام الذي يفضل أن يلقي بنفسه ذليلا أمام الدول الاجنبية على أن يقدم أي تنازل أو تراجع أمام شعبه وينصاع لإرادته وطموحاته ومطالبه المشروعة التي مافتأت المقاومة الايرانية تطرحها ليل نهار، والجانب الذي يهمنا کشعوب دول المنطقة عموما والشعب العراقي خصوصا، هو إن هذا النظام الذي يظهر ضعفه وحتى رعبه واضحا أمام الدول الکبرى ويلف ويدور من أجل عدم المواجهة معها، فإنه يظهر نفسه کعملاق أمام شعوب المنطقة ويسعى من أجل سد ضعفه وعجزه أمام الدول الکبرى بتنمره على دول المنطقة وإن من الضروري جدا على شعوب ودول المنطقة أن ترد الصاع صاعين لهذا النظام خصوصا بعدما صار واضحا إن الشعب الايراني يرفضه بقوة وعازم أشد العزم على إسقاطه وإن دائرة الرفض والمواجهة کلما إتسعت ضد هذا النظام کلما قرب أجله أکثر!