الاجواء السائدة حاليا في إيران، تختلف إختلافا کبيرا جدا عن نظيراتها خلال الاعوام السابقة إذ لم يعد بوسع النظام الايراني أن يقدم على إرتکاب الجرائم والمجازر والانتهاکات الفظيعة بحق الشعب الايراني من دون متابعة أو مسائلة دولية بخصوص ذلك، ولاسيما إذا ماتذکرنا بأن هذا النظام قد تمکن الى فترة طويلة من خداع المجتمع الدولي والتمويه عليه من جانب، أو إستغلال إمکانياته الاقتصادية لضمان سکوت وتجاهل أطرافا دولية عما يرتکبه بحق الشعب الايراني من جانب ثاني، إذ إن النظام الايراني وفي ظل أوضاعه الوخيمة وتراجع دوره والافول الواضح لنجمه، صار أشبه بالثور الذي فقد القدرة على الوقوف وتجمع حول الجزارون وکأنهم ينتظرون نحره!
محاولة التغطية على عجز هذا النظام عن طريق التظاهر بالقوة والتحدث عن صواريخه وعن يده الطويلة، لعبة لم تعد تنفع کالسابق ولاحتى تنطلي على أحد، وإن الذي يلفت النظر ليس مهاترات وأکاذيب هذا النظام التصريحات العنترية الصادرة من قادته وإنما الذي صار أهم من ذلك بکثير هو الحبل الدولي الذي صار يشتد خناقه حول عنق هذا النظام، ولعل التقرير الاخير الصادر عن منظمة العفو الدولية والذي طالب النظام الايراني بإطلاق سراح المحتجين المحتجزين في السجون على أثر إنتفاضتي 15 تشرين الثاني 2019 و11 کانون الثاني2020، لم يکن مريحا بالمرة للنظام خصوصا وإنه قد تزامن مع مصادقة الکونغرس الامريکي على قرار بدعم إنتفاضة الشعب الايراني بأغلبية أصوات نواب الكونغرس.
قرار الکونغرس هذا تتجلى أهميته وتأثيره السلبي على النظام الايراني دوليا من إنه يطالب “بعقد اجتماع طارئ لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة وإدانة انتهاكات حقوق الإنسان المستمرة في إيران ووضع آلية تمكن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة من مراقبة نظام الملالي في انتهاك حقوق الإنسان”، وفي إشارة الى العدد الكبير من القتلى خلال انتفاضة نوفمبر، يؤكد القرار أن “مجلس النواب الأمريكي يقف إلى جانب الشعب الإيراني خلال مظاهراته المشروعة ضد النظام القمعي الفاسد الذي يحكم إيران، ويدعو جميع الحكومات والهيئات الديمقراطية في العالم إلى أن تدعم علانية حق الشعب الإيراني في العيش في مجتمع حر”، وهذه المطالب التي يطالب بها الکونغرس الامريکي، تشکل خطورة وتهديدا نوعيا على النظام ولاسيما في المستقبل المنظور خصوصا إذا ماأخذنا بنظر الاعتبار إن زعيمة المعارضة الايرانية مريم رجوي، قد طالبت مرارا وتکرارا بإحالة ملف حقوق الانسان الى مجلس الامن الدولي ووضع آلية تمكن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة من مراقبة نظام الملالي في انتهاك حقوق الإنسان، الى جانب إنها قد طالبت أيضا وبإستمرار جميع الحكومات والهيئات الديمقراطية في العالم إلى أن تدعم وتٶيد نضال الشعب الايراني من أجل الحرية وإسقاط النظام، ومن دون شك فإن الذي يبدو واضحا هو إن ماتطالب به المعارضة الايرانية بقيادة مريم رجوي، صارت تجد لها آذانا صاغية في المحافل والاوساط الدولية صانعة القرار، وهذا بحد ذاته يعني الکثير ويضع النظام الايراني في موقف ووضع سبق وإن شبهناه آنفا.