كيف يتسنّى لصفقة القرن بتسميتها صفقة بينما يرفضها الجانب الفلسطيني الرسمي والمعارض ” حماس ” رفضاً كلياً , وهل لأيِّ صفقةٍ أن تنعقد وتُسمى هكذا من طرفٍ واحد .؟
وقد اطلقوا عليها ” صفقة القرن ” وكأنه ادراك سيكولوجي – سياسي مسبق بأنها لن تتمّ حتى بأنتهاء هذا القرن الجديد وقدوم القرن 2022 .!
الرئيس ترامب وطاقمه الذي هندسوا هذه الصفقة المفترضة واعلنوا وبشّروا عنها كعنوانٍ او موضوعٍ منذ سنتين وقاموا بتأجيل الإعلان عن تفاصيلها لأكثر من مرة دونما اعلان التأجيل في الإعلام ! , ثمّ قاموا بتسريبِ بعضٍ من موادها وفقراتها في محاولةٍ عابثة لإختبار ردّ الفعل الفلسطيني وبعض الدول العربية المعنيّة ” تحت اغراءاتٍ ماليّة ” , بينما كانت ادارة ترامب على يقينٍ بأنّ صفقتهم سوف لن تحظى بقبول القيادة الفلسطينية ولا على الصعيد القومي العربي ” جماهيرياً ” واحزاباً وحركاتٍ وطنية , لكنّ مهندسي الصفقة قد صمّموا فحواها وابعادها ليوكلوها الى بعض الى بعض الملوك والأمراء والرؤساء العرب لممارسة نفوذهم المالي والنفطي والسياسي على الجانب الفلسطيني وبعض الأقطار العربية ذات العلاقة , وقد فضح الأمريكان هؤلاء الزعماء العرب المكلفين بآلية التنفيذ إمّا لسذاجةٍ سياسية مما قد يعرضهم لحرجٍ أمام شعوبهم واحزابهم او لأجل ادامة الفتنة العربية – العربية .
وهذه الصفقة التي غدت تسمى في الإعلام بأنها مثيرة للجدل , بينما لا تتطلب ايّ جدل .! فانها صفقة تتجاهل التأريخ والعمق التأريخي للصراع العربي – الصهيوني منذ نحو ثلاثة ارباع قرنٍ من الزمن , بينما تتلاعب بعناصر الجغرافيا وثوابتها بطريقةٍ غير قابلةٍ للهضم ولا للمضغ , وهي صفقةٌ تنمّ عن قُصر النظر السياسي , واولى افرازات ذلك انها ادخلت قوى الأسلام السياسي العربية وغير العربية وبما فيها حركات ارهابية ” المرفوضة في المجتمعات والأنظمة الوطنية العربية ” في خانةٍ واحدة مع القيادة الفلسطينية والأقطار العربية الأخرى الرافضة للصفقة ومعها القوى القومية العربية .
إذ لم تمضِ 24 ساعة عن خطاب الرئيس الأمريكي واعلانه عن تفاصيل ” خطة السلام في الشرق الأوسط ” كتسمية مرادفة لصفقة القرن , حتى بات كشوفاً وعلى نطاقٍ واسعٍ أنّ توقيت الإعلان يرتبط ومن اكثر من زاوية بانتخابات الرئاسة الأمريكية في تشرين 2 – نوفمبر المقبل ومحاولة حيوية لكسب اصوات اليهود , وذلك أنّ الصفقة تخدم الوضع الأنتخابي لرئيس الوزراء الأسرائيلي نتنياهو حيث تجري الأنتخابات لديهم في مارس – آذار القادم , وخصوصاً بعدَ فشل نتنياهو لمرتين في الحصول على اغلبية في الكنيست بعد جولتي انتخابات السنة الماضية , ولعلّه من المناسب في هذا الصدد تسمية صفقة القرن بصفقة ” ترامب – نتنياهو ” .! , الى ذلك فتصاعد وسخونة محاولات عزل ترامب من الكونغرس الأمريكي عبر الحزب الديمقراطي ” رغم عدم بلوغها الوضع القانوني المطلوب واحتمالات فشلها الواردة ” فلعلّها عجّلت من اعلان ” طبخة القرن ” قبل نضوجها او في بداية تسخينها على نارٍ غير هادئة .!