يبدو أن قصة العيدان المتجمعة غير القابلة للكسر أخذت تتشكل عبر سلسلة من التطورات السياسية لكي تصبح من كلاسيكيات النفوذ الدولي.
فحكام المنطقة بشكل عام ونتيجة وصول أغلبهم بطرقٍ محايلة لجوهر الديمقراطية ولو بأبسط صورها الشكلية، دآبوا على الإستعانة بالقوة العالمية للحفاظ على مناصبهم مقابل إباحة بلدانهم لها، وتسخيف القضايا الجوهرية للمنطقة تحت ذرائع الحدود الهندسية للبلدان، ولعل ذلك يعود لعدم وجود الدعامة الحقيقية اللازمة التي يستند عليها هؤلاء والمتمثلة بالشعب، الذي أستسلم لوجودهم بالإكراه وبكلتا نوعيه المباشر القمع والأستبداد وغير المباشر توفير الرفاهية مع التحذير من صيرورة البلاد للدمار إذ ما تمت إزاحتهم.
وبالعودة للعنوان فأنه ليس من قبيل الصدفة أننا كتبنا قبل أكثر من سنة بأن صفقة القرن هي من أبرز تحديات الحكومة العراقية المشكلة حينها، فالمنطق يحتم تأثر العراق بها بشكل مباشر ولعل الأحداث الأخيرة ذي دلالة واضحة على ذلك، لكن كيف يمكن التسويق لهذه الصفقة داخل البلد في ظل رفض شعبي محتمل، وبظل إلاجابة على هذا السؤال فأنه من الممكن لهذه الصفقة أن تجد مسلكًا من خلال الاحتمالات التالية:
أولًا: الإقاليم، وهنا لست بصدد العلاقات التي أصبحت واضحة مابين كردستان وتل أبيب، بقدر مايتعلق الأمر بتجدد الدعوات لإقامة الإقاليم على الأسس الطائفية والتي تكرس مبدأ التفكك بصيغه القانونية، وأخص بالذكر الإقليم السني الذي يغذي دعواته محمد ابن زايد نجم الثورات المضادة في العالم العربي، فبحسب المرسوم له والذي سينطوي على مساحات جغرافية كبرى خصوصًا وأنه سيضم إذ ماحصل ثلاث محافظات كبرى (الموصل، صلاح الدين والأنبار) وبالتركيز على محافظة الأنبار التي تمتلك المساحة الشاسعة قياسًا بالكثافة السكانية ولاننسى الموارد الأقتصادية لها، فأن من الممكن جدًا إستيعابها للفلسطينين مقابل الدعم المالي المستمر، وهو ماتقوم عليه هذه الصفقة ( توزيع الفلسطينين على الدول).
ثانيًا : التجارة ،أن الإستراتيجية التي أعدتها إسرائيل حاليًا ومستقبلًا للتعامل مع العراق تنطوي على فتح التعاون التجاري غير المباشر عبر كل من الشركات السعودية والتي تحاول الأستثمار في البادية العراقية وهي منطقة ممتدة وواسعة مطلة على أكثر من ثلاث محافظات وبالتالي ستشكل عمليًا منطقة نفوذ لها، وكذلك الاتفاقيات التجارية مع الأردن أو مايجب أن نطلق عليه بضائع (الليبيل المتغير) .
ثالثًا: أستمرار التأطير الممارس من قبل الإعلام إتجاه المجتمع العراقي من أجل إرغام العقل الجمعي على تأييد التطبيع قد مهد الأرضية المناسبة لأمكانية توغل هذه الصفقة على المديات المختلفة ولا أستبعد أن تكون القريبة مع رجحان كفتي المتوسطة والبعيدة.
وعلى أساس ذلك فالسنوات القليلة المقبلة قد تحمل بين طياتها تشريع قانون نيابي يتعلق باليهود العراقيين فيما يتعلق بعودتهم ، كون هذا الأمر سيكون ممهد له مجتمعيًا وإعلاميًا من قبل الكثير من المدونين والصفحات التي تناغم هذه الرغبات وأن حصل ذلك فهو جوهر ماترمي إليه الإستراتيجية الإسرائيلية إتجاه العراق.
—