الأخلاق هي اساس بناء الأمم ، وهي المؤشر على انهيار الأمة واستمرارها لأن انهيار اخلاق الأمة هو انهيار لكيانها والدليل قوله تعالى عز في علاه ( واذا اردنا ان نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحقّ عليهم القول فدمرناها تدميرا ) الأسراء / 16 ، وهي ( الأخلاق ) اساس بناء الشعوب والمجتمعات وتطورها .. والأخلاق تبدأ بالفرد وتنتهي بالمجتمع ، وهي كالريح الطيب الذي يرافق صاحبه فيجذب الناس اليه .. وهنا نسأل : ماهو مفهوم الأخلاق ؟ ( الأخلاق هي منظومة قيم يعتبرها الناس بشكل عام جالبة للخير وطاردة للشر ) وعرفها آخرون بأنها ( صفات نفسية وعملية لآنسان ما ، قد تكون حميدة فتوصف بالحسن أو ذميمة فتوصف بالقبح ) أما الفيلسوف ارسطو فقد عرّف الأخلاق بأنها ( مرتبطة بسعادة الأنسان التي هي غاية وجوده ، وهي الافعال الناتجة عن العقل من اجل الخير الاسمى ) .. ان التمسك بمبادئ الخير والعدل والفضيلة من صميم الاخلاق بغض النظر عن العرق والدين بل هي من اهم اسباب نهضة الامم ورقيها .. وما قامت الحضارات وازدهرت الّا لأنها رفعت شعار الفضيلة والعدل ورفع الظلم والمساواة بين الناس ، واذا تدهوزت هذه المبادئ عند الشعوب فهذا سيؤدي حتما الى فسادها وزوال بريقها وألقها ، يقول أمير الشعراء احمد شوقي ( واذا أصيبَ القومُ في أخلاقهم ….. فأقِمْ عليهم مجلساً وعويلا ) … بعد كل ماتقدم اقول : ماحصل عندنا في العقود الأخيرة من انفلات امني خطير وضعف سلطة القانون ، ادى الى تدهور خطير وكبير في منظومة القيم والاخلاق ، وترتب على ذلك ظهور الفساد والظلم والنفاق والتزلف والمصالح اضافة الى العامل الاقتصادي والبطالة مع وجود المغريات فيلجأ البعض الى الأنحراف الذي اصبح ظاهرة خطيرة ، وان من اسباب هذا التدني المفجع في منظومة القيم هو غياب دور الاسرة وعدم وجود متابعة من قبلها بسبب التفكك الاسري الموجود الان ، ومن ضمن الاسباب واكثرها تأثيرا وجود الفضائيات الموجهة والتي تبث سموما الهدف منها اسقاط القيم وتدمير الشباب .. وربما تكون حالة النفاق التي سيطرت على المجتمع سواء في مجال السياسة والثقافة ، كان لها دور في تدني الاخلاق ، أضف الى ذلك غياب دور المدرسة والمعلم في التوجيه والتقويم بسبب القوانين الصادرة ، وهذا يعني ان اهم دعامتين للاخلاق ( الأسرة والمدرسة ) قد انحسر دورهما … وسيطرة انصاف المتعلمين في المشهد السياسي والثقافي وانعدام البرامج التي تهدف الى التوجيه الصحيح ، وعدم ردع المتجاوزين والمسيئين . وهناك الكثير من الأسباب التي لايمكن حصرها ومن أهمها غياب ( القدوة ) وانحسارها بشكل ملفت للنظر .. وظهور طبقة جديدة طارئة في المجتمع تدّعي زيفا انها تمثّل ( عِلية القوم ) .. حتى وصل الامر بان اختلط سوء الخلق بسوء ادارة حياتنا اليومية ، ولا أدري كيف سيكون المشهد في قادم الأيام ؟؟ ولا أدري متى سنرجع الى النبع الصافي لنستقي منه القيم الاصيلة والفاضلة ؟؟ ومن سيرجعنا الى ذلك النبع ؟؟ ربما اننا الان احوج مانكون الى أنبياء … فالموضوع أخطر وأكبر مما نتصور..