19 ديسمبر، 2024 2:44 ص

مجلس حسيني ــ عقيدتنا في الظلم والتعاون مع الظالمين

مجلس حسيني ــ عقيدتنا في الظلم والتعاون مع الظالمين

بسم الله الرحمن الرحيم
” وَلاَ تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ”.( هود 113).
وردت في هذه الآية المباركة توضيح من الباري ان الركون إلى الظالمين أمر مستقبح عند الله وعند الناس , ولذا نهى الله عن الركون للظالم .. السبب لان الركون للظالم هو مظهر من مظاهر الاعتداء على الناس , وهذا يعتبر من الذنوب الكبيرة .

وقد جعل الله تعالى وقع الظلم على المجتمع . وقوعه عليه .. وهو الذي يدمر الظالم , فقال تعالى :”وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ”. جاء في كلام أمير المؤمنين(ع) ما يبين الغاية في بشاعة الظلم فقال في احدى خطبه “والله لو أعطيت الأقاليم السبعة بما تحت أفلاكها على أن أعصي الله في نملة أسلبها جلب شعيرة ما فعلت”.الاقاليم يعني القارات السبعة .

حدد هنا الإمام الظلم بجلب شعيرة ما فعلت . معنى الجلب : من أتى بأي شيء من موضع إلى موضع آخر.”جَلَبَ بَضائِعَ ” فلان جلب المواد .. الخ.. الأمام هنا وصف ادني شيء ليس له قيمة وهي حبة الشعير . فقال جلب شعير. فكيف بمن يلغ في دماء المسلمين وينهب أموال الناس ويستهين في أعراضهم وكراماتهم؟ .الآية ابتدأت بقوله (ولا تركنوا) الكلمة لها معاني كلها تبين ادانة الركون وهو ؟

أولا : ( لا تداهنوا وترضوا وتبرروا أعمال الظالم) والمداهنة اكبر حالة نفاق .. لان المداهنة (إظهارُ المَرْء موقفا خِلافَ ما يُضْمِر في قلبه , المداهن يتظاهر بالتودد. وفي قلبة يعرف انه منافق لهذا الظالم ..والمداهنة تكون عادة لطبقتين , الاولى من يريد الحفاظ على السلطة والثاني صاحب الاموال الكثيرة .. لان حب الرئاسة من أخطر الأهواء عند البشر،والمصاب بمرض حب السلطة يحاول بشتى الوسائل والأساليب المحافظة على منصبه ولو بالقتل وإخماد الأصوات وتشريد الناس. ظناً منه أن ذلك يحفظ له الكرسي، في حين أن العدل هو السبب ببقاء السلطة , لا الظلم وقد ورد في الحديث الشريف (إن الملك يبقى مع الكفر ولا يبقى مع الظلم) فياتي بعض الناس ويدافع عن الظالم . هو يقوم بظلم الناس لأجل أسياده الظالمين .. شر الناس من باع آخرته بدنياه وشر منه من باع آخرته بدنيا غيره.

* قال الباقر (ع): لمّا حضرت عليّ بن الحسين (ع) الوفاة ضمّني إلى صدره ثمّ قال : يا بني ..!أوصيك بما أوصاني به أبي (ع) حين حضرته الوفاة ، وذكر أن أباه أوصاه به ، فقال: يا بني !.. إياك وظلم من لا يجد عليك ناصراً إلا الله . تحذير خطير.

* ثانيا : الركون للظالم يؤدي إلى تقويتهم، بهذا تتوسع دائرة الظلم , فيكون الحكم بيد من لا يراعي حقوق الله في الناس .. ويرى من يشجعه ويصفق له فيزداد ظلمه للرعية . وتصل الحال ان يمدح المداهن كل عمل ظالم . وأحيانا يكون ظلم المجتمع من خلال الاعلام .. فيبدأ الاعلام بظلم جهة ضد جهة أخرى , ويساند جهة لإسقاط جهة أخرى . فيكون كل من شارك الظالم لقاء جلوسه بالقناة مقابل أن يحصل على مائة دولار خلال ساعة . ولكنه يهدم بيوت وغوائل في كلامه . فيتحول الكذب الى فن من فنون تقوية الظالم .. والاتهام الباطل والاهانة والشتائم .. هكذا يصبح المجتمع كأنه منهول ومكب نفايات ومزابل من المتحدثين .

**ثالثا : التعدي على الحرمات :.. الحرمات التي ذكرها القران ورسول الله وآهل بيته عليهم السلام .( تلك حدود الله فلا تعتدوها) أبينها بنقاط منها . قول الباقر (ع): الظلم ثلاثة : ظلم يغفره الله ، وظلم لا يغفره الله ، وظلم لا يَدَعه:

{ فأما الظلم الذي لا يغفره الله عز وجل فالشرك بالله ) “إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ ۚ “….وأما الظلم الذي يغفره الله عز وجلّ فظلم الرجل نفسه فيما بينه وبين الله عزّ وجلّ . كمن ترك واجبات دينية وهو يعلم انه مذنب , ثم يهندي ويتوب من ذنبه .. فان الله غفار الذنوب .. “ لأن تلقى الله بسبعين ذنباً فيما بينك وبينه أهون عليك من أن تلقاه بذنب واحد فيما بينك وبين العباد”.

توضيح: هذا لا يعني أن نترك الصلاة ونقول سندخل الجنة طالما لا نؤذي أحد فالصلاة من (الأركان)، ولكن وجب الحذر من ظلم العباد وبخس حقوقهم، فالدَيْن هو الشيء الوحيد الذي لا يُغفَر للشهيد .. من ضمن اصحاب الحسين (ع) في كربلاء رجل قال للإمام .. انا علي دين .. وابني اسير هل ابقى اقاتل معك..؟ قال له الأمام اذهب سد دينك وفك اسر ولدك ,اذن حقوق الناس امر يجب تسديده في الحياة الدنيا ليس هناك اعتبار لمن يمارس شعائر دينية وفي ذمته اموال الناس فلا فائدة منها ز

**الثالث : (الظلم الذي لا يدعه الله) وهي كثيرة .. منها المداينة بين العباد ، وقال (ع) :ما يأخذ المظلوم من دين الظالم أكثر مما يأخذ الظالم من دنيا المظلوم.{ قال علي (ع) في قوله تعالى { اتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة }قال : يا معاشر شيعتنا !.. اتقوا الله واحذروا أن تكونوا لتلك النار حطباً ، وإن لم تكونوا بالله كافرين ، فاتقوها بتوقي ظلم إخوانكم المؤمنين ، اي مؤمن ظلم أخاه المؤمن المشارك له في موالاتنا ، إلا ثقّل الله في النار أغلاله ، ولن يكفّه منها إلا شفاعتنا ، ولن نشفع إلى الله تعالى إلا بعد أن نشفع له في أخيه المؤمن ، فإن عفا شفعنا ، وإلا طال في النار .

لنتوسع في مفهوم الظلم بين الناس :.. قال رسول الله “ص”:

(الدواوين ثلاثة: ديوان لا يغفره الله ابدا , وديوان لا يعبأ الله به شيئاً، وديوان لا يترك الله منه شيئاً،…الديوان الذي لا يغفره الله هو الشرك بالله تعالى ،قال: “إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ”أما الديوان الذي لا يعبأ الله به شيئاً أبداَ ظلم العبد لنفسه بينه وبين ربه، وأما الديوان الذي لا يتركه مظالم العباد بينهم القصاص لا محالة) .الديوان هو ما مدون في سجلاتنا ..

وقال الإمامُ أميرُ المؤمنين عليُّ بنُ أبي طالب(ع) (ألا وإن الظلمَ ثلاثةٌ: ظلمٌ لا يغفر، وظلمٌ لا يترك، وظلمٌ مغفورٌ لا يطلب، أما الظلمُ الذي لا يغفر الشركُ بالله، قال تعالى: “إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ”، وأما الظلمُ الذي يغفر فظلمُ العبدِ نَفْسَهُ عنده بعضِ الذنوب، وأما الظلمُ الذي لا يترك فظلمُ العبادِ بعضهم بعضاً، ليس هو جرحاً بالسيف، ولا ضرباً بالسياط، ولكن ما يستصغر ذلك منه) ( ذكر قصة شرح موضوع الزنا قبل ربع قرن في جامع المظفر بالأندلس . واعتراض الشيخ على قولي )..

** تعريف الظلم :يعرّف الظلم بأنّه وضع الشيء في غير موضعه، فالمشرك بالله ظالم، لأنّه جعل الشرك مكان التوحيد، والعاصي ظالم، لأنّه جعل المعصية مكان الطاعة. والنبي الأكرم “ص” والإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب “ع” والإمام الباقر “ع” قسّموا الظلم إلى ثلاثة أقسام، أحدها الظلم الذي لا يغفره الله وهو الشرك به سبحانه، قال تعالى عن لسان لقمان لابنه: (يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ)، والشرك بالله يقع في مقامات عديدة،(مرة يكون في مقام الذات الإلهية باعتقاد تعدد هذه الذات تعدد الآلهة).ولهذا الكون أكثر من إله.(حتى لو بالتشريع)والشرك في الصفات هو ان يعتقد بصفات زائدة على ذاته، مثلا :

** الأشعـريـة والمعتزلة يقول(عبّاد بن سليمان المعتزلي): إن الله عالم، قادر، حي، ولكن لا أثبت له علماً ولا قدرة، ولا حياة، ولا أثبت له سمعاً ولا بصراً. وأقول: هو عالم لا بعلم،وقادر لا بقدرة وحي لا بحياة، وسميع لا بسمع، وكذلك سائر يسمّى به من الأسماء التي يسمّى بها… بينما رأي مدرسة اهل البيت (ع) .

خطب الإمام علي (ع) حول تنزيه الله تعالى (وكمال توحيده الإخلاص له، وكمال الإخلاص له نفي الصفات عنه،.فمن وصف الله فقد قرنه،ومن قرنه فقد ثنّاه، ومن ثنّاه فقد جزأه، ومن جزأه فقد جهله . * وأخرى يكون الشرك بالأفعال: يعني ان تعتقد بوجود فاعل آخر مع الله عزّ وجل ,له استقلاليّة في التأثير في هذا الكون، بل في كل الأفعال.(ولا تشرك بالله أحدا) . هناك توجد تهمة كبيرة مزورة في التاريخ (حول إيمان أبي طالب”ع”).

لماذا التركيز على ان ابا طالب مات كافرا ..؟ الجواب هو طعنا بولده امير المؤمنين وهي ضمن الحملة الكبرى ضد هذا الرجل . يقول الحاج هاشم الكعبي.

أهــوى ربــاك وكــيــف لي بــمــنــازل *** حـــشـــدت عــلي ضــغــائبــاً وحــقــودا

لو شــئت أن أعــطــي حــشـاي صـبـابـة** *فــوق الذي بــي مــا وجــدت مــزيــدا

بــشــر أقــل صــفــاتــه ان عــايـنـوا*******مــنــهــن مــا ظـنـوا بـه المـعـبـودا

وصــفــات فــضــل اشـكـلت مـعـنـى فـلا**** *اطــلاق يــكــشــفــهــا ولا تـقـيـيـدا

ســبـقـت مـكـارمـك المـكـارم مـثـلمـا ******خــتــمــت لعــمـر فـخـارك التـأيـيـدا

فــليــحــســد الحــســاد فضــلك أنــه *****شــرف يــزيــد عــلى المـدى تـجـديـدا

أما الدليل لإيمان أبي طالب (ع) فكثيرة، لا ينكرها إلا من كان في قلبه مرض، منها:

1ـ قول النبي (ص): أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة، وأشار بسبابته والوسطى منضمتين مرفوعين، من الواضح انه لم يقصد بحديثه الشريف كل من يكفل يتيما، حيث نجد بعض الكافلين للأيتام لا يستحقون ذلك المقام بمنصب جوار سيد البشر في الجنة، بعضهم رغم كفالتهم لليتيم يعملون المعاصي الكبيرة، والذنوب العظيمة، التي يستحقون بها جهنم ناهيك ان يكون في درجة النبي في الجنة .. انما قصد بحديثه الشريف جده عبد المطلب، وعمه أبا طالب، الذين قاما بأمره، وتكفلاه، وربياه صغيرا، حتى عرف في مكة بيتيم ابي طالب، بعد وفاة جده عبد المطلب، تكفله أبو طالب (ع) وكان في الثامنة من العمر، وكان يفضله على أولاده ويقيه بهم.

2- كيف يركن رسول الله (ص) الى رجل مشرك خلافا للآية المباركة . هذه الاية تبين ان النبي المعصوم الذي لا ينطق عن الهوى كان يمدح عمه ابا طالب كثيرا . وقد ورد في مصادر عديدة من جمهور المسلمين ان الرجل مات مؤمنا .. واليك الدليل.

**روى ابن ابي الحديد في شرح النهج ‏: ج14/67 حديثا عن أمير المؤمنين (ع) قال: قال رسول الله (ص): قال لي جبرائيل: إن الله مشفعك في ستة: بطن حملتك آمنة بنت وهب، وصلب أنزلك: أبوك عبد الله ، وحجر كفلك: أبو طالب، وبيت آواك: عبد المطلب وأخ كان لك في الجاهلية قيل: يا رسول الله وما كان فعله؟ قال: كان سخيا يطعم الطعام ويجود بالنوال.(بكرم ما في يده) وثدي أرضعتك: حليمة السعدية.

روى عن الإمام الباقر (ع) قال: لو وضع إيمان ابي طالب في كفة وإيمان هذا الخلق في الكفة الأخرى لرجح إيمانه ثم قال: ألم تعلموا أن أمير المؤمنين (ع)كان يأمر أن نحج عن عبد الله وابي طالب في حياته ثم أوصى في وصيته بالحج عنهم.

** وروي أن علي بن الحسين(ع) سئل عن إيمان ابي طالب ـ فقال: وا عجبا! إن الله تعالى نهى رسوله أن يقر مسلمة على نكاح كافر وقد كانت فاطمة بنت أسد من السابقات إلى الإسلام ولم تزل تحت أبي طالب حتى مات، أي إذا كان أبو طالب غير مؤمن لفرق رسول الله بينه وبين زوجته فاطمة بنت أسد, وروي عن الصادق(ع) أن رسول الله (ص) قال: إن أصحاب الكهف أسروا الإيمان وأظهروا الكفر، فآتاهم الله أجرهم مرتين وإن أبا طالب أسر الإيمان وأظهر الشرك فآتاه الله أجره مرتين. ثم قال: في الحديث المعروف المشهور ” أن جبرائيل (ع) قال للنبي (ص) ليلة مات أبو طالب: اخرج منها ـ أي من مكة ـ فقد مات ناصرك.كيف اصبح الناصر مشرك.؟

قال ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة: ج14 / 83 ، ط دار إحياء التراث العربي: ولم أستجز أن أقعد عن تعظيم أبي طالب، فإني أعلم أنه لولاه لما قامت للإسلام دعامة، وأعلم أن حقه واجب على كل مسلم في الدنيا إلى أن تقوم الساعة،

ومن له معرفة بالادب العربي يرجع الى القصائد الكثيرة التي قالها امام رجال مكة ويشيد فيها بالاسلام ويعترف بالتوحيد . وجدت ابيات بستة عشر مصدر يقول فيها.

فاصدع بأمرك ما عليك غضاضة **** وابشـــــر بـــذاك وقر منك عيونا

ودعوتني وعـــــلمت أنك ناصحي ***** ولقـــــد دعــوت كنت ثم أمينا

ولقـــــد عـــــلمت بـأن دين محمد * **.من خـــــير أديـــــان البــرية دينا

وَاللَهِ لَن يَصِلوا إِلَيكَ بِجَمعِهِم ********حَتّى أُوَسَّدَ في التُرابِ دَفينا

لو أردنا ان تستقرا هذه الأبيات بإنصاف .. بالله عليكم أنصفوا!! هل يجوز أن ينسب قائل هذه الأبيات والكلمات، إلى الكفر!! من الظلم والجفاء أن تنسبوا أبا طالب إلى الكفر، بعد أن يشهد الله سبحانه بأنه، على دين النبي أحمد (ص). يقول الشيخ عبد السلام: أولا: هذه الأشعار ونسبتها إلى أبي طالب أخبار آحاد، غير متواترة، ولا اعتبار بخبر واحد. …… ثانيا: لم ينقل أحد بأن أبا طالب أقر بالإسلام وتفوه بكلمة التوحيد: لا إله إلا الله. بل قالوا: ما أقر إلى أن مات. هنا لا بد من مناقشة الشيخ عبد السلام … الامر عجيب حين يكون الموضوع يخص اهل البيت(ع) ( لا تقرون لانه غير مدون في كتب التاريخ الذي كتبه الامويون ,وتتمسكون بالغاء ( الرواية في الخبر الواحد انه غير حجة على المسلمين .. ولكن تاخذون بالخبر الواحد في الخبر الذي رواه أبو بكر عن النبي (ص):” نحن معاشر الأنبياء لا نورث” قبلتم به مع تعارضه للآيات القرآنية!!وورث سليمان داود.!!*إذا كان التواتر شرط لصحة الخبر، فكيف تستدلون بحديث المغيرة بن شعبة ، أن أبا طالب في ضحضاح من النار، وليس لهذا الحديث راو آخر غيره… وهو معروف بمواقفه وكرهه لأبي تراب .!

ولا يخفى على المحقق البصير والمدقق الخبير أن أخبار الآحاد حول إيمان أبي طالب والأشعار المنسوبة إليه لو جمعت لحصل منها التواتر المعنوي ـ نعم هناك روايات عديدة عند الشيعة يحصل فيها التواتر ولكن لم يأخذ بها جمهور المسلمين ..

اما إقرار ابي طالب (ع) بالتوحيد , قولهم: لم ينقل أحد أن أبا طالب أقر بالتوحيد! فهو حكم باطل، لأنه ادعاء واه بغير أساس ودليل، لأن الإقرار لا يكون موقوفا على صيغة معينة، ولا منحصرا بتركيب واحد. بل يحصل بالنثر والشعر بأي شكل كان تركيبه إذا فهم منه الإقرار، وكان صريحا وبليغا. .. وألا أي إقرار أصرح وأبلغ من الكلام الذي قاله أبو طالب: {يا شاهد الله علي فاشهد****** أني على دين النبي أحمد} , إضافة على هذا البيت وغيره من أشعاره الصريحة في إيمانه وإسلامه، فقد روى الحافظ أبو نعيم، والحافظ البيهقي أن صناديد قريش مثل أبي جهل، وعبد الله بن أبي أمية، عادوا أبا طالب في مرضه الذي توفي فيه، وكان النبي (ص) حاضرا فقال لعمه أبي طالب: يا عم قل لا إله إلا الله، حتى أشهد لك عند ربي تبارك وتعالى، فقال أبو جهل وابن أبي أمية: يا أبا طالب أترجع عن ملة عبد المطلب! وما زالوا به. حتى قال: اعلموا… أن أبا طالب على ملة عبد المطلب ولا يرجع عنها.

* فرحوا وخرجوا من عنده، ثم اشتدت عليه سكرة الموت وكان العباس أخوه جالسا عند رأسه، فرأى شفتيه تتحركان، فأنصت له واستمع وإذا هو يقول: لا إله إلا الله. فتوجه العباس إلى النبي (ص) وقال يا ابن أخي والله لقد قال أخي الكلمة التي أمرته بها ـ ولم يذكر العباس كلمة التوحيد لأنه كان بعد كافرا ـ.ولا يخفى أن آباء النبي (ص) كلهم كانوا موحدين ومؤمنين بالله يعبدونه ولا يشركون به شيئا. فلما قال أبو طالب في آخر ساعات حياته: اعلموا… أن أبا طالب على ملة عبد المطلب، ولا شك أن عبد المطلب كان على ملة أبيه إبراهيم مؤمنا بالله موحدا، كذلك أبو طالب (ع). فقد تفوه ونطق بكلمة التوحيد وسمعه أخوه العباس يقول: لا إله إلا الله. فإيمان أبي طالب ثابت عند كل منصف بعيد عن اللجاجة والعناد…!!

لعبت الدعايات الأموية في مثل هذه الأمور، لما سنحت لهم الفرصة أن يسبوا أمير المؤمنين (ع) ولعنه وولديه الحسن والحسين والزهراء عليهم السلام على رؤوس الأشهاد فصارت هذه المنكرات ضمن عباداتهم حتى في قنوت الصلوات وخطب الجمعات والدعاء للمسلمين ان يلعنوا امير المؤمنين .(ع) هكذا قلبت الحقائق.

علما ان كثير من المنصفين السنة كتبوا آراءهم بكفر معاوية ويزيد . ولكن لم ياخذ احد بآرائهم .. وتاريخهم يزكم الأنوف ..

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عودة الى الاية المباركة …

****النوع الثالث من أنواع الظلم هو ظلم العباد،ويتمثل بافعال واقوال ” الاعتداء على الغير ماديّاً ومعنويّاً، كالاعتداء بالقتل ، أو ضربه، أو شتمه، أو سبّه، أو بهتان ان تقول عنه ما ليس فيه “.. أو اغتيابه، أو بخسه حقّه، أو مصادرة أمواله، أو انتهاك عرضه، وما شابه ذلك من الظلمات القولبة والفعليّة.. وهذا النوع من الظلم الذي لا يدعه الله سبحانه وتعالى فإمّا القصاص أو الاسترضاء والعفو من الذي وقع عليه الظليمة . ما الفرق بين الشتم والسب ..؟.

**الشتم ان تبين عن شخص انه قبيح ..! تقول وجهه كذا , ثيابه وطريقة كلامه , وانه غير جدير بالجلوس مع الناس .. أي شيء تستقبح به أنسانا فقد شتمته . والسب هو الإكثار في الشتم والإطالة فيه واتهامه .. كذكر مفردات غير لائقة به , لا يحب احد ان تقال فيه .. والسب معناه : “كل تعبير شائن أو عبارة تحقير أو قدح….. ” وقد ورد حديث عن النبي (ص) (إِنَّ مِنْ أَكْبَرِ الْكَبَائِرِ اسْتِطَالَةَ الْمَرْءِ فِي عِرْضِ رَجُلٍ مُسْلِمٍ بِغَيْرِ حَقٍّ وَمِنَ الْكَبَائِرِ السَّبَّتَانِ بِالسَّبَّةِ ) ومعناها ذكر سيء في عرض أخيك المسلم وغير المسلم ..ذكره بما يكره دون دليل .. ورد الأهانة و الشتيمة بأكثر منها … لنتوسع اكثر بموضوع السباب ..

يتوهم البعض أن كلمة عرض متعلقة بالمرأة الأرحام من النساء .. هذا خطأ . عرض الرجل هي هيئته طول وعرض . فكل ما يراد من به منقصة من طول الرجل وعرضه هو سب العرض . ومنها عرضه سمعته،لان الشرفاء عندهم السمعة لا تقدر بثمن .

فإذا أسأت إلى سمعة إنسان،مثلا اتهمت أمانته من دون ان تتأكد، من دون دليل،فقد طعنت في عرضه . حين تتهم شخص بانه سارق من دون دليل ,مجرد تسمع من الفضائيات او من فلان فقد ارتكبت كبيرة في سب عرضه . المشكك، ومن يذُكر اسم شخص، ليس معه دليل، ولا بينة، ولا مستمسك، اتهمت أمانته، استطلت في عرضه، ورد حديث شريف (من أكبر الكبائر استطالة المرء في عرض رجلٍ مسلم بغير حق). هذه امرأة نشكك بعفتها، وهذا إنسان نشكك في أمانته من دون دليل، إن كان هناك دليل فلا يوجد مشكلة..وحذرت الشريعةُ الإسلاميةُ من ظلمِ الآخرين قولاً وفعلاً وزجرت عنه وحذرت من الركون للظالمين ،( ولا تركنوا الى الذين ظلموا فتمسكم النار). فيجب على المرء الاجتناب عنه؛ لأن آثارَهُ في العوالمِ الثلاثةِ (عالمِ الدنيا، وعالمِ البرزخ، وعالمِ الآخرة) وهي النار والعذاب .

***قال الإمام أمير المؤمنين (ع)”: (الظلمُ في الدنيا بوارٌ وفي الآخرةِ دمارٌ). ومن آثار الظلمِ الملموس في الدنيا , يكون هناك عقاب الهي وهو انواع متعددة نتعرض لها في هذه الحياةِ الدنيا، منها رفع الامان من المكان .. والظلم والركون للظالم سببٌ في زوال النعمِ عن العبد، قال الإمام علي “ع”: (بالظلمِ تزول النعمُ) إضافة إلى كثيرِ من المصائبِ والبلاء التي تنزل على الظالم في هذه الحياة كعقابٍ على ظلمه.

** ومن آثارِ الظلمِ في عالمِ البرزخِ أنّ العبد الظالم يكون عرضة إلى العذاب والعقاب، ففي الرواية عن الإمام الصادق “ع” قال: (البرزخ: القبرُ، وفيه الثوابُ والعقابُ بين الدنيا والآخرة)، فمن كان أعماله في الدنيا صالحةً تنعَمَ في قبرِهِ، وأمّا من كانت أعماله غيرَ صالحةٍ كالظلمِ مثلاً كان قبرُهُ حفرةً من حفرِ النيران، ففي الرّواية عن النبي الأكرم “ص” أنّه قال: (القبرُ روضةٌ من رياضِ الجنةِ، أو حفرةٌ من حفرِ النيران) .

وفي رواية عن النبي “ص”:(إياكم والظلم، فإن الظلمَ عند اللهِ هو الظلماتُ يومَ القيامة) ..وهو موجب إلى سخطِ اللهِ عزّ وجل ونقمتِهِ على عبدِهِ الظالم، وهو موجبٌ من موجباتِ الدخولِ إلى النار..إنّه ليأتي العبدُ يومَ القيامةِ وقد سرّته حسناتُهُ، فيجيء رجلُ فيقول: يا ربّ ظلمني هذا، فيؤخذ من حسناتِهِ فيجعل في حسناتِه ،فلا يزال يستوفى منه حتى يدخل النار).وفي رواية أنّه “ص”..

**(أتدرون من المفلس؟ قالوا المفلس يا رسول الله من لا درهم له ولا متاع، قال “ص”: المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة وقد شتم هذا وقذف هذا وأكل مال هذا وسفك دم هذا ، فيقعد فيقتص من حسناته .فإن فنيت حسناته، قبل أن ينتهي القصاص .. ثم يؤخذ ما عليهم من الخطايا أخذ من خطاياهم فطرح عليه ثم يطرح في النار) ..

ـــــــــــ ** عقيدتنا في التعاون مع الظالمين : من عظم أنواع الظلم وسوء نتائجه التي نهى الله عن معاونة الظالمين والركون إليهم “وَلاَ تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ.. هذا هو أدب القرآن الكريم وهو أدب آل البيت (ع) . وقد ورد عنهم ما يفيد الغاية من التهلكة حال الركون إلى الظالمين، والاتصال بهم ومشاركتهم في أي عمل كان ومعاونتهم، ولو بشق تمرة. وفعلا من أعظم ما مني به الإسلام والمسلمون من تخلف , هو التساهل مع أهل الجور، والتغاضي عن مساوئهم، والتعامل معهم، فضلا عن إعانتهم على ظلمهم، وما جر الويلات بسببه ..

كتب الامام زين العابدين(ع) إلى الزهري وحذره عن إعانة الظلمة على ظلمهم: “أوليس بدعائهم إياك حين دعوك جعلوك قطبا أداروا بك رحى مظالمهم، وجسرا يعبرون عليك إلى بلاياهم، وسلما إلى ضلالتهم، وانت سالكا سبيلهم. يدخلون بك الشك على العلماء، ويقتادون بك قلوب الجهال ..

وقضية صفوان الجمال مع الإمام موسى الكاظم (ع) وقد كان من شيعته ورواة حديثه الموثقين قال الكشي :”دخلت عليه. فقال لي: يا صفوان كل شيء منك حسن جميل، خلا شيئا واحدا قلت: جعلت فداك! أي شيء؟ قال: أكراك جمالك من هذا الرجل يعني هارون-. قلت: والله ما أكريته أشرا ولا بطرا، ولا للصيد، ولا للهو، ولكن أكريته لطريق مكة- ولا أتولاه بنفسي ولكن أبعث معه غلماني. قال: يا صفوان أيقع كراك عليهم؟ قلت: نعم قال: أتحب بقاهم حتى يخرج كراك؟ قلت: نعم. قال: فمن أحب بقاهم فهو منهم، ومن كان منهم فهو وارد النار. قال صفوان: فذهبت وبعت جمالي عن آخرها. فإذا كان نفس حب حياة الظالمين وبقائهم بهذه المنزلة، فكيف بمن يستعينون به على الظلم أو يؤيدهم في الجور، وكيف حال من يدخل في زمرتهم أو يعمل بأعمالهم أو يواكب قافلتهم أو يأتمر بأمرهم.

** في خطبة الحسين (ع) يوم العاشر : ويحكم اهؤلاء تعضدون وعنا تتخاذلون . اجل والله غدر فيكم قديم وشجت عليه قلوبكم وتازرت فروعكم فكنتم اخبث ثمر شجا للناظر واكله للغاصب … الخ ****************

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْفَضْلِ قَالَ : قُلْتُ للصادق (ع):يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ كَيْفَ صَارَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ يَوْمَ مُصِيبَةٍ وحُزْنٍ وَ بُكَاءٍ دُونَ الْيَوْمِ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ(ص)والْيَوْمِ الَّذِي مَاتَتْ فِيهِ فَاطِمَةُ ، وَ الْيَوْمِ الَّذِي قُتِلَ فِيهِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ( ع)والْيَوْمِ الَّذِي قُتِلَ فِيهِ الْحَسَنُ بِالسَّمِّ ؟! فَقَالَ : ” إِنَّ يَوْمَ الْحُسَيْنِ أَعْظَمُ مُصِيبَةً مِنْ جَمِيعِ سَائِرِ الْأَيَّامِ ..

وَ ذَلِكَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكِسَاءِ الَّذِينَ كَانُوا أَكْرَمَ الْخَلْقِ عَلَى اللَّهِ وكَانُوا خَمْسَةً ، فَلَمَّا مَضَى النَّبِيُّ ( ص) بَقِيَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ وَ فَاطِمَةُ وَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَيْنُ ، فَكَانَ فِيهِمْ لِلنَّاسِ عَزَاءٌ وَ سَلْوَةٌ ، فَلَمَّا مَضَتْ فَاطِمَةُ كَانَ فِي أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ لِلنَّاسِ عَزَاءٌ وَ سَلْوَةٌ ، فَلَمَّا مَضَى أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ كَانَ لِلنَّاسِ فِي الْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ عَزَاءٌ وَ سَلْوَةٌ ، فَلَمَّا مَضَى الْحَسَنُ كَانَ لِلنَّاسِ فِي الْحُسَيْنِ عَزَاءٌ وَ سَلْوَةٌ ، فَلَمَّا قُتِلَ الْحُسَيْنُ لَمْ بَقِيَ مِنْ أَصْحَابِ الْكِسَاءِ أَحَدٌ لِلنَّاسِ عَزَاءٌ وَ سَلْوَةٌ ، فَكَانَ ذَهَابُهُ كَذَهَابِهم جَمِيعِهِمْ .. وقد تمثلت بذلك مولاتنا زينب (ع) سمعته يقول : يا دهر اف لك من خليل .. كم لك بالاشراف والاصيل .. والدهر لا يرضى بالبديل … وكل حي سالك سبيل.. انما الامر الى الجليل … وضعت يدها على راسها ونادت :

اليوم مات جدي رسول الله .. اليوم مات ابي امير المؤمنين .. اليوم ماتت امي فاطمة .. اليوم مالت اخي الحسن ….. وموقف اخر لما رأته على تراب كربلاء ..

صاحت يوادي كربلا عنك مشينا

غصبن عليه سافرت يا مهجة احشاي

لو خيّروني يا خليصي بقيت وياك

لكني لو ضليت من يبرى اليتاماك

بليا غسل واكفان خلينه ولينا

يا حسين يلماذاق من قبل الذبح ماي

أگعد لعد جسمك ينور العين وانعاك

ولو طوّح الحادي وحدا بهاي الظعينة

أحدث المقالات

أحدث المقالات