خاص : ترجمة – آية حسين علي :
منذ عملية اغتيال قائد (فيلق القدس)، “قاسم سليماني”، والقائد بـ (الحشد الشعبي)، “أبومهدي المهندس”، التي نفذتها “الولايات المتحدة الأميركية” على أرض “العراق”، تجدد الخلاف على استمرار تواجد القوات الأميركية في “بلاد الرافدين”، لكن، أمس الجمعة، شهد تحركًا كبيرًا من جانب، القيادي الشيعي، “مقتدى الصدر”، إذ دعا إلى مليونية للتعبير عن رفض الشارع للتواجد الأميركي بعدما صرح الرئيس، “دونالد ترامب”، بأن “العراق” سعيد بتواجد قواته.
وكانت تظاهرات، الأمس، محط أنظار العالم، ورصدت وسائل إعلام محلية وعالمية، في مقدمتها الصحف الأميركية، تفاصيل اليوم، وأجرت مقابلات مع عدد من المشاركين.
مظاهرة منضبطة ووطنية..
ذكرت صحيفة (واشنطن بوست) الأميركية؛ أن المظاهرة كانت منضبطة وبددت المخاوف من احتمال وقوع مواجهات عنيفة، واتسمت لهجة المتظاهرين بالوطنية بعيدًا عن تواجد الميليشيات الإيرانية.
وأشارت الصحيفة إلى أن المظاهرات، المستمرة منذ الأول من تشرين أول/أكتوبر الماضي، تطالب بإنهاء التواجد الأجنبي، سواء الأميركي أو الإيراني؛ لأنهم يرون أن بلادهم باتت على حافة الهوية بسبب الصراع بين القوتين على أرض “العراق”.
وقال أحد المشاركين في المظاهرة للصحيفة الأميركية، “قيصر السعد”، (23 عامًا): “إن الأميركان يأتون إلى بلادنا ويتحدثون عن الديموقراطية والحرية، ونحن نطلب منهم الخروج من العراق حتى يتسنى لنا الحصول على ذلك، لكن لن يحدث ذلك في بلد تحتله أطراف أجنبية”.
رغبة حقيقية في الاستقلال..
جاءت مظاهرة، الجمعة (24/1/2020)، بعد 3 أسابيع من اغتيال “سليماني”، وهي أول مرة توجه الدعوة فيها للتظاهر خصيصًا للتنديد بالتواجد الأميركي في البلد العربي، منذ قرار “البرلمان العراقي”، غير المُلزم، الذي يُطالب برحيل القوات الأميركية، وذكرت صحيفة (نيويورك تايمز)؛ أنه رغم أن المظاهرة دعا إليها الزعيم، “مقتدى الصدر”، المعروف بكرهه للأميركان، إلا أنها تعكس رغبة حقيقية مشتركة بين أبناء الشعب العراقي، لأن يصبح لهم حكومة واقتصاد مستقلين؛ بعيدًا عن مصالح أطراف خارجية، موضحة أن تحقيق ذلك قد يبدو مستحيلًا، لكن الإجراءات الأخيرة التي إتخذتها “واشنطن” في “العراق” أثارت غضب الكثيرين حتى بين العراقيين المؤيدين للتواجد الأميركي.
وأضافت الصحيفة الأميركية أن المظاهرة تمركزت في “بغداد” وانتقل عدد من المواطنين من مدن أخرى للإنضمام إلى مسيرة كبيرة موحدة بدل من تنظيم مسيرات متعددة على نطاق أصغر، مشيرة إلى أن عدد المشاركين قُدر بما بين 200 ألف شخص و250 ألفًا، في حين أشارت “وزارة الداخلية” إلى أن العدد وصل إلى 750 ألفًا، بينما لم يكن هناك تقييمات مستقلة للأعداد.
وصرح الشيخ، “عبدالستار الشمري”، للصحيفة؛ أن مظاهرة الجمعة أشبه باستفتاء شعبي على قرار البرلمان، ورفع المتظاهرون لافتات كُتبت باللغة العربية والإنكليزية يُظهر في بعضها عبارات مثل: “نداء إلى أسر الجنود الأميركيين في العراق، إحرصوا على إجلاء أبناءكم أو أعدوا توابيتهم”، و”أميركا الشيطان” و”لا للأميركان”، كما لف بعضهم قطع من القماش الأبيض حول أجسادهم للتعبير عن استعدادهم للموت من أجل وطنهم.
وقال الشيخ “علي محمد”، (70 عامًا)، بينما يستمر في عمله في إعداد أكواب القهوة العربية في الشارع، للصحيفة الأميركية: “لا أعرف ما هي الاستفادة التي سيحصل عليها العراق في حالة خروج القوات الأميركية ؟.. أنظر إلى حالي، حتى سني هذا لازلت أقوم بالعمل نفسه، هل ستتغير أحوالي إذا غادر الأميركان ؟”؛ ثم هز رأسه نافيًا.
إيران استفادت من مقتل “سليماني”..
ذكرت صحيفة (وول ستريت جورنال)؛ أن عملية مقتل “سليماني” وضعت “العراق” في بؤرة استقطاب؛ ما بين مؤيد ومعارض لـ”إيران”، كما أضرت ردود الفعل العنيفة بالعلاقات بين “بغداد” و”واشنطن”، ووحدت موقف الفصائل الشيعية المعارضة للأميركان.
وأشارت الصحيفة إلى أن “الصدر”، الذي تحالف مع “طهران”، سعى من وراء مظاهرة الجمعة إلى تعظيم نفوذه السياسي وإظهار أنه يُعارض الفساد، كما أنه زعيم مقاومة وطني، بحسب رأي سياسيين عراقيين، مضيفة أنه وضع نفسه من جديد على رأس المقاومة، ولا تمتلك كل الشخصيات السياسية البارزة نفس قدرة “الصدر” على حشد الناس وإخراجهم إلى الشوارع، بينما صبت، العملية الأميركية ضد “سليماني”، في مصلحة النفوذ الإيراني في “العراق”؛ في الوقت الذي كانت تخشى فيه من فقدان قاداتها في البلد العربي في ظل خروج مظاهرات رافضة لتدخلات “طهران” في الشؤون الداخلية.