25 ديسمبر، 2024 8:41 ص

بعد المظاهرة المليونية .. هل إخراج القوات الأميركية سيكون في صالح “العراق” أم “إيران” ؟

بعد المظاهرة المليونية .. هل إخراج القوات الأميركية سيكون في صالح “العراق” أم “إيران” ؟

خاص : كتب – سعد عبدالعزيز :

جرت أمس الجمعة؛ في العاصمة “بغداد” وبعض المدن العراقية الأخرى؛ تظاهرات حاشدة بدعوة من زعيم (التيار الصدري)، “مقتدى الصدر”، للمطالبة بإنهاء وجود القوات الأميركية في البلاد، على خلفية عملياتها العسكرية التي نفذتها في وقت سابق ضد (الحشد الشعبي) وقائد (فيلق القدس)، في “الحرس الثوري” الإيراني، اللواء “قاسم سليماني”، الذي تم اغتياله بغارة جوية أوائل الشهر الحالي.

لكن السؤال الذي يطرحه نفسه بقوة: ماذا لو لم يتجاوب الرئيس، “دونالد ترامب”، مع مطالب العراقيين بإنهاء الاحتلال الأميركي ؟.. وهل سيخسر “العراق” كثيرًا بخروج القوات الأميركية ؟

لماذا الآن ؟

بحسب مقال نشره مركز “الروابط” للبحوث والدراسات الإستراتيجية، فإن موضوع الوجود الأميركي في “العراق” لم يتحول إلى موضوع جوهري في السجال السياسي؛ إلا بعد قيام “الولايات المتحدة” بقتل قائد (فيلق القدس)؛ في “الحرس الثوري” الإيراني، “قاسم سليماني”، برفقة نائب رئيس هيئة (الحشد الشعبي)، “أبومهدي المهندس”، قرب مطار “بغداد”، وهو ما دفع “مجلس النواب” إلى إتخاذ قرار يُلزم الحكومة العراقية بإلغاء طلب المساعدة المُقدم منها إلى “التحالف الدولي” لمحاربة تنظيم (داعش)؛ ويطلب منها العمل على إنهاء وجود أي قوات أجنبية على الأراضي العراقية، ومنعها من استخدام الأراضي والمياه والأجواء العراقية لأي سبب كان.

الأكراد يرفضون !

يرى بعض المحللين أن القرار، الذي إتخذه “مجلس النواب” العراقي، لم يكن قرارًا جامعًا، لأن الكُرد والسُنة لم يشاركوا فيه.

علاوة على ذلك، فإنه يُشكل سابقة سيئة، حيث إتُخذ القرار من قِبل الكتلة الشيعية، دون التشاور مع باقي المكونات الرئيسة للشعب العراقي مثل السُنة والأكراد، وبالتالي فإنه يُشكل إنتهاكًا لروح الدستور العراقي.

ويرى الأكراد أن الوضع الحالي في “العراق” لا يبرر انسحاب القوات الأميركية وقوات التحالف بالنظر إلى مهمتها، وهي المساعدة في هزيمة (داعش). وتشعر حكومة “إقليم كُردستان العراق” بالقلق؛ لأن جميع المعلومات الاستخباراتية تُشير إلى أن مقاتلي تنظيم (داعش) أعادوا تجميع أنفسهم، وأنهم يقومون بهجمات ضد أهداف عراقية بشكل يومي.

ومن هنا، فإن مصلحة “كُردستان” تهم القوات الأميركية بقدر ما هي في صالح “العراق” بأسره.

ليس في صالح العراق !

كان الرئيس الأميركي، “ترامب”، قد أعرب عن رفضه فكرة الخروج من “العراق”، مهددًا بفرض عقوبات كبيرة على “بغداد” إذا أجبرت القوات الأميركية على المغادرة. وقال: “إذا طلبوا منا المغادرة، وإذا لم يحدث ذلك بطريقة ودية للغاية، فسوف نفرض عليهم عقوبات لم يروا مثلها من قبل”.

وبحسب كثير من المحللين الإستراتيجيين؛ فإن “العراق” سيكون أبرز الخاسرين من خروج القوات الأميركية، وسينعكس ذلك على الجانبين الاقتصادي والعسكري.

فاقتصاديًا؛ لن يتمكن “العراق” من الصمود طويلاً بوجه “العقوبات الاقتصادية الأميركية”، المزمع فرضها على هذا البلد المثقل بالهموم والأزمات، في حال مضت حكومة تصريف الأعمال بتنفيذ قرار “مجلس النواب”، القاضي بإخراج القوات الأميركية من “العراق”.

وعسكريًا سيخسر “العراق” الكثير، في حال خروج القوات الأميركية؛ إذ يأتي “العراق” في صدارة الدول العربية التي تتلقى معونات أميركية ومساعدات عسكرية. كما أن “الولايات المتحدة” هي المصدر الأساس لتسليح الجيش العراقي، وجهاز مكافحة الإرهاب، وقوات الشرطة الاتحادية، وتقنيات المراقبة والتجسس لدوائر المخابرات والاستخبارات والأمن الوطني. فالانسحاب سيدفع “الولايات المتحدة” لقطع المساعدات العسكرية لـ”العراق”.

لصالح إيران و”داعش”..

أما عن الرابحين من الخروج الأميركي من “العراق”، فيرى مركز “الروابط”؛ أن “إيران” وتنظيم (داعش) الإرهابي هما أبرز المستفيدين.

فلطالما سعت “إيران” لطرد “الولايات المتحدة” من “العراق”، التي تشترك معها في حدود برية طويلة، خوفًا من تطويقها من قِبل جيش معادٍ، وبالتالي فإن “الولايات المتحدة” إذا قررت الانسحاب في أعقاب الضربة التي وجهتها لـ”سليماني”، فستوفر لـ”إيران” عددًا من المزايا لتعزيز موقفها، على المدى القصير والبعيد.

فعلى المدى القصير؛ سيمثل الانسحاب انتصارًا رمزيًا لمكانة “إيران” الإقليمية والعالمية؛ حيث يرى البعض أن قتل “سليماني” قد أدى إلى هذه النتيجة بالفعل. وسوف تُزعم “طهران” أن إدارة “ترامب” قد تركت “العراق” خوفًا من انتقام “إيران” ووكلائها الإقليميين.

وعلى المدى البعيد؛ فسيسمح الانسحاب الأميركي، لـ”إيران”، بتوسيع نفوذها الكبير بالفعل في “العراق”، لأن سحب القوات الأميركية؛ سيترك “العراق” بالكامل تحت رحمة “إيران”؛ حيث أنه من المؤكد أن غياب القوات الأميركية والمستشارين المدنيين في البلاد سيخلق فراغًا سياسيًا تستطيع “إيران” المناورة فيه؛ وأن تخلى “ترامب” عن “العراق” سيتركه للنفوذ الإيراني تمامًا.

أما الرابح الثاني من خروج القوات الأميركية من “العراق”، فهو تنظيم (داعش) الإرهابي، لأنه من المحتمل في حالة انسحاب “الولايات المتحدة” من “العراق”، أن يتجرأ التنظيم على محاولة إعادة فرض سيطرته الإقليمية مجددًا.

وفي هذا السياق؛ تقول “ستاسي بيتيغون” – مديرة برنامج الإستراتيجية والعقيدة في مؤسسة “راند” الأميركية – أنه: “سواء خرجت القوات الأميركية من العراق أم لا، فإن اغتيال، سليماني، كان له بالفعل عواقب على تأثر العمليات العسكرية الأميركية ضد (داعش)، والتي تم إيقافها مؤقتًا لتعزيز الدفاعات الأميركية تحسبًا للأعمال الانتقامية الإيرانية المرتقبة، وهو ما قد يُمكن (داعش) من إعادة تشكيل شبكاته القتالية لتشكل مرة أخرى تهديدًا خطيرًا للأمن العراقي”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة