قبل حوالي عقد من الزمن كانت الحكومات المستبدة في الأنظمة العربية تعمل بكل الوسائل على منع التجمعات البشرية حتى لا تتجمع وتتبلورالافكار وتتحول الى سلاحا يفتك بها وهي التي بنيت انظمتها على اسس القمع والاضطهاد والاستبداد في القرار وادواتها التعذيب والزج في السجون ، وتبنت عملية منع التجمعات خشية النتاج الفكري منها ، فتدخلوا في انظمة النوادي والنقابات والمنظمات لتصبح سلاحا توجهه ضد شعوبها اي بمعنى اخر تسيسها بما يخدم مصالحها وتحويلها الى احد الاسلحة الاحتياطية التي تخدمها، ثم اتجهت الى السيطرة على التجمعات الاخرى كالنوادي والمقاهي والكليات فزرعتها بعناصر الامن يبحثون في الازقة هنا وهناك عن اثنين او ثلاثة مجتمعين ليفرقوهم خشية ان يكون تجمعهم ضد سياساتهم.
وجاء مالم يكن بالحسبان وهو الانفجار المعلوماتي من خلال الشبكة العنكبوتية للمعلومات ونشوء مواقع التواصل الاجتماعي فتوالدت الافكار مبعثرة هنا وهناك محورها التذمر من الظلم والاضطهاد والفقر والجوع والحرمان فاخذت الناس تتجمع وتطرح افكارها عبر الفيس بوك او التويتر وبدأت بتكوين تجمعات تتمحور وفق قضية واحدة دون ان تستطيع هذه الانظمة من السيطرة عليها لانها خارج إراداتها وبدأت الفكرة تلو الفكرة تتبلور حتى صارت سلاحا كامنا ينتظر ساعة الصفر للانطلاق ثم قدحت شرارة الانطلاق فجاء الربيع العربي لينتقل من بلد لاخر ويطيح بحكومة تلو اخرى وذلك لان شبكة المعلومات لا تحدها حدود صناعية او طبيعية او جدران.
ومن خلال النظر الى ما سبق نرى نشوء ثلاث اتجاهات لهذه التجمعات التي تستخدم مواقع التواصل الاجتماعي.
اولا .مجاميع تحمل افكارا حرة يتطلعون الى الحرية والحياة الافضل والطموح لبناء المدينة الفاضلة وهم نواة التغيير.
ثانيا. الانظمة الجديدة التي سيطرت على مقاليد الامور وهي تعرف كيف تراقب وتتعقب هذه الافكار فتحاول ان تجعلها تنحرف عن المسار المرسوم لها نحو ظواهر الطائفية او العرقية او القومية او العقائدية الجهادية بهدف تشتيت هذه التجمعات خشية اعادة التصويب عليهم.
ثالثا. اعلام مؤسساتي لجهات او مصالح في المنطقة ترى في التغيير خدمة لمصالحها فتركب الموجة وتطرح الافكار التي تخدمها وهي ايضا لها مؤسساتها وسلاحها واهدافها.
من هنا جاء واقع التغيير في السنوات الاخيرة وتوالي تساقط الانظمة وسيستمر لعدم استطاعة أي شخص او نظام الوقوف بوجه الموجة انها بداية عالم جديد بدأت ملامحه تلوح في الافق.