معروف للكثيرين ان تنظيم “جماعة الاخوان المسلمين” تلقي دعم خليجي سخي خصوصاً في سنوات الصراع المصري الخليجي (سنوات عبد الناصر) و خليفته انور السادات، بدأ ذلك الدعم أيام الغزو الناصري لليمن و ما نتج عنه من خلاف عميق بين الرئيس المصري جمال عبد الناصر و الملك السعودي فيصل بن عبد العزيز، و كان غرضه توظيف “الأخوان” لتحجيم طموح عبد الناصر في المنطقة “تشجيعه للانقلابات العسكرية علي الحكومات الملكية” و تحجيم تطلعاته الاشتراكية ايضاً ثم لتحجيم التوجه المصري بعد معاهدة كامب ديفيد التي اخرجت مصر من صف المواجهة العربية ضد اسرائيل.
استمر بعد ذلك الدعم الخليجي السخي و توطدت العلائق المالية و الفكرية “الفقهية” طيلة عقود التذمت في سنوات مد الصحوة الاسلامية لمجابهة مد الثورة الاسلامية في ايران و تم توظيف الحركية الاسلاموية في مشاريع عدة كالحرب الافغانية!
تمثل الدعم الخليجي للأخوان بالاساس في استقبال و توظيف عشرات الألاف من عناصر الاخوان الملاحقين و المضيق عليهم في بلدانهم الاصلية “مصر و سوريا والسودان و الاردن.. الخ” و تشغيل قياداتهم مقابل رواتب بمبالغ مالية طائلة بهدف تمويل انشطة الجماعة ثم انتقل لمرحلة دعم مكثف بعد تأسيس ما عرف بالبنوك الاسلامية “بنك دبي الاسلامي و بنك فيصل الاسلامي في السودان و في مصر ثم عشرات البنوك لاحقاً”و مئات المنظمات الخيرية و “الدعوية”.
كانت حرب الخليج الثانية مرحلة مهمة في علاقة الخليج بالاخوان، فعقب احتلال حكومة صدام حسين للكويت عادت علاقة مصر طبيعية بالخليج فانتفت الحاجة لدعم خليجي سخي لاخوان مصر، كما ان الأخوان لم يقدموا اي خدمة تذكر “سياسياً و لا فقهياً” للخليج في معركته ضد حكومة العراق البعثية، بينما وقف اخوان السودان الذين استولوا علي السلطة فيه قبيل غزو صدام للكويت باشهر معدودة؛ وقفوا الي جانب صدام بصورة مفتوحة، و من تلك اللحظة وقفت الحكومات الخليجية موقف حازم من حكومة السودان.
لكن ذلك الموقف لم يستمر طويلاً اذ اعتباراً من 1996م بدأت دولة قطر تطبع علاقتها بحكومة الاخوان في السودان وظلت تقدم لها دعماً مستمراً اذ في تلك السنوات اضحت قطر هي قبلة اخوان العالم و مقر قيادتهم الدولية!
لم تكن الكويت استثناءاً من الموقف الخليجي من الاخوان، فمن الواضح ان الكويت تربطها علاقة قوية ب”الجماعة”، بدليل موقفها الوسطي اليوم بين قطر و بقية دول الخليج.. و رغم ان دولة الكويت كانت اكثر تشدداً في قطيعتها مع الدولة السودانية إلا ان ثمة روابط غير مرئية ظلت تجمعها بالاخوان من ذلك ان احد اقرب مساعدي البشير (الشيخ عصام احمد البشير) عمل بالحكومة الكويتية في وظيفة مرموقة براتب فلكي! كما ان تنظيم الحركة الاسلامية الكويتي جمعته علاقة وثيقة بالتنظيم الحاكم في السودان و لم يكن يمر عام دون ان يحل احد قادة اخوان الكويت ضيفاً علي “اخوانه” في الخرطوم، و ابرز اؤلئك الضيوف الشيخ طارق السويدان.
و إنتهت تلك القطيعة بين الانظمة الخليجية و نظام الاخوان في السودان رسمياً بعد أن انسحب اخوان السودان من حلفهم المقدس مع حكومة طهران و انضموا ل”حلف عاصفة الحزم” الذي ضم في سنواته الاولي كل دول الخليج بهدف مقاتلة التيار الحوثي اليمني.
ان الدعم الخليجي لأخوان السودان لم يستفد منه إلا عناصر الاخوان أما قطيعة الخليج لهم فلم يتضرر منها إلا الشعب السوداني!