17 نوفمبر، 2024 11:44 م
Search
Close this search box.

رمضانيات – 5 /  العراق الذي ضاع  !

رمضانيات – 5 /  العراق الذي ضاع  !

من يعرف تاريخ العراق جيداً ، لا يخف عليه ، فلطالما مّرت ظروف عصيبة ومؤلمة ، سالت فيها الكثير من الدماء ! لكن الشعب العراقي عادة ما يتمكن في آخر المشوار ويعيد الوطن لاحضانه ، وبخاصة في عجلة البناء والتقدم ونبذ الطائفية والعرقية ومن ثم يقف على أرجله بقوة وعزيمة طارداً كل المشبوهين وتجار الموت والمال والتفرقة ! الكثير من الانظمة الملكية والجمهورية حكمت العراق الحديث ، وكان لها معارضوها ! ودائماً ما ترد تلك الانظمة على المعارضين بالسجن والنفي أو الاعدام ، ويبقى الشعب خارج المعادلة وبخاصة الناس الفقراء والمساكين الذين لا حول لهم ولا قوة ! وبعد سقوط آخر نظام شمولي عام 2003 وبقدرة أمريكا وحلفائها ! جاءت أحزاب المعارضة العراقية لتتصدر المشهد السياسي ، والمعروف أن أغلب هذه الاحزاب التي تسمي نفسها بالمعارضة كانت على علاقة جيدة مع نظام صدام حسين بأستثناءات قليلة ! لكنها الديمقراطية ! وما ادراك ما الديمقراطية في هذا الزمن الاغبر !!
وحكام العراق الجديد جلهم من الاميين والمتخلفين عقلياً ومالياً وفقهياً وعلمياً وسياسياً وحتى وطنياً ! جاءوا بغداد على ناقة أمريكية هي ذات الناقة التي كانت العرب تسافر بها من مكة الى الشام في رحلة الشتاء والصيف ! ولعل أول ما قامت به هذه الاحزاب الاسلامية والكردية هو سيطرتها على المناطق والبنايات التي تطلّ على نهر دجلة الجميل ، من دون أخذ موافقات الدولة العراقية ! وأي دولة ؟ لا يوجد دولة فقد دمرها ( بريمر ) حاكم العراق العسكري وقطّع أوصالها ! وقد سلّم العراق لهذه الحثالات من الاحزاب الذين أغلبهم كانوا في ايران وسوريا والغرب يعيشون على صدقات تلك الدول ولم يحلموا يوميا من الايام أن يمتلكوا المئات من الدولارات !
اليوم وبعد مضي عشر سنوات من حكمهم التعسفي الطائفي والعرقي الذي شيد على دماء الابرياء عبر تفجيراتهم اليومية التي يحدثوها في مدن العراق ، فقد كانت النتائج وخيمة ومدمرة على البلاد ، مئات اللآلاف من القتلى وانعدام الخدمات بطريقة مخيفة ! مخلفين وراءهم الملايين من العراقيين الذين يعيشوا تحت خط الفقر في اغنى بلدان النفط ! ناهيك عن سرقاتهم لثروات الشعب وأمام أنظار العالم !
هيأة ما يسمى بالنزاهة لم تقدم واحدا من ( حرامية ) المنطقة الخضراء الى القضاء ، فرئيس تلك الهيأة هو ( بهاء الاعرجي ) الذي قال في مقابلة تلفزيونية على قناة البغدادية أنه يمتلك الآن أكثر بكثير من عشرة ملايين دولار !!
المضحك بالأمر أن هذا الاعرجي الذي يمتلك كل هذه الأموال هو نائب في البرلمان ، فكيف إذا كان وزيراً أو رئيسا للوزراء ! فكم سيكون في حسابه داخل البنوك الاجنبية والعربية ! لقد ضاع العراق وضاعت ثرواته من خلال تصرفات الاحزاب الدينية التي تسرق المليارات وتسرق انابيب و( كاكات ) النفط وتصدّر لحسابها الخاص ، وبالرغم من تلك السرقات تكون ميزانية العراق السنوية أكثر من مئة مليار دولار ! أنها ميزانية تعادل ميزانيات دول !! لكن المواطن العراقي لم يتمتع يوميا بثروات وطنه التي دائما ما تكون مسروقة على طول الخط !
ما أود قوله : أن هؤلاء السراق الذين يختبأون خلف عباءة الدين والدين منهم براء كبراءة الذئب من دم يوسف ففي كل سنة من شهر رمضان المبارك ، نشاهد عبر فضائياتهم المملة ! يقوموا بزيارة عوائل سحقها الفقر ! ويحاولوا التصدق عليهم ببعض الملابس والطعام ومبلغ من المال في محاولة لكسب اصواتهم في الانتخابات القادمة ! وكما يقول المثل ( من هالمال حمل جمال ) فالاموال التي يتصدقون بها هي مسروقة من هؤلاء الفقراء !
أقول أن الشعب لم يرحمكم فيما إذا ظفر بكم ، قد يصبر فترة من الزمن لكنه سرعان ما يخرج الى الشوارع لينتفض ! ولم يقبل بضياع وطنه !! 

أحدث المقالات