الاوساط الطلابية والشبابية من جامعات ومعاهد أغاضها هذا الاهمال والتجافي من قبل البرلمان والدولة لمنحة طال إنتظارها ، سبق إن وعدوا بها أكثر من مرة ، قبل أكثر من سنة ، ولم تر النور رغم إنتهاء العام الدراسي الحالي.
لقد ذهبت آمال الاف الطلبة هباء منثورا بعد ان تبخرت ( المنحة الموعودة ) نهائيا ، وذهبت أحلامهم أدراج الرياح، بعد أن يأسوا من إمكان ان يتحقق لهم هذا الحلم البسيط الذي طال إنتظاره.
ونحن نتذكر التصريحات البرلمانية للجنة التربية والتعليم التي ما تركت مناسبة هذا العام الا وبشرت الطلبة بانهم أصبحوا قاب قوسين أو ادنى من إستلامهم المنحة، بعد ان كانوا يتحدثون في تصريحاتهم الإسبوعية عن قرب تخصيص 100 – 150 الف دينار شهريا تمنح لطلبة الجامعات والمعاهد وحتى المراحل الابتدائية والمتوسطة والثانوية ، خلال فترة عامهم الدراسي، وذهبت وعود لجنة التربية والتعليم في البرلمان وتصريحاتها المتكررة منذ بداية العام الدراسي 2012 -2013 أدراج الرياح، ودخلت دهاليز النسيان ومزايدات الساسة والبرلمانيين ، ولم يتم منح آلاف الطلبة هذه المنحة التي انتظروها بفارغ الصبر.
ويستغرب آلاف الطلبة من طابع اللف والدوران والعرض المسرحي الذي جرت به ظروف تسويف هذه المنحة وعدم صرفها برغم التصريحات المتكررة لاعضاء مهمين في البرلمان لاكثر من مرة بأن المنحة ستصرف بأثر رجعي منذ بداية هذا العام الدراسي ، الا ان العام الدراسي انتهى وهم الان في عطلتهم الصيفية ولم يلتفت احد اليهم او يحقق لهم تلك الامنية بان يتم التخفيف عن عوائلهم من تكاليف الدراسة ومتطلباتها الباهضة التي ترهق العوائل العراقية، وفي نفس الوقت لا تكلف الخزينة العراقية الكثير من الاموال، وذهب مصير تلك المنحة بين أقطاب العملية السياسية المتصارعين على الكراسي والفساد الاداري ، في حين أصيب الاف طلبة الجامعات والمعاهد بصدمة، بل ان المنحة كانت مقررة حتى لتلاميذ المرحلة الابتدائية ، وقد أشاعها اعضاء في البرلمان على ان أحوال الطلبة ستتحسن هذا العام ، بالحصول على هذه المنحة وستجد فيها الاف العوائل العراقية بأن منحة كهذه يمكنها فعلا ان تسهم في التخفيف من اعباء المصارف الباهضة التي تضطر لدفعها مقابل اكمال ابنائهم للمراحل الدراسية في ظروف أمنية بالغة الصعوبة وعطل لمناسبات دينية ما أنزل الله بها من سلطان ، وقد أصابت العملية التربوية بالشلل.
وهنا يتساءل آلاف الطلبة عن الفساد الذي ينخر جسد الدولة العراقية ويكلفها الاف المليارات، وتنهب اموال العراق بالمليارات على مرأى ومسمع الحكومة والبرلمان، ومسلسل النهب والاستحواذ على صفقات تجارية ومالية ونهب بالجملة للخزينة العراقية والاستحواذ على اغلب اموال مشاريعها، في حين يحرم آلاف الطلبة من حق الدعم الحكومي، في اعانات ومنح كان من شأنها أن تخفف من وطأة حياتهم وهي من خلال اموال العراق وثروته الوطنية التي يفترض ان تستفاد منها الاجيال ، لا ان يتم سرقتها ونهب ملياراتها وتبقى الخزينة العراقية خاوية تلطم حظها العاثر ، نتيجة ما حل بها من نهب وفساد لاموالها الضخمة وهي بعشرات المليارات ، وقد تم حرمان الاف الطلبة من الاستفادة من ثرواتهم الوطنية في ان تخفف عنهم اعباء الحياة وثقلها ، واذا بهذه الثروة تروح نهبا للفاسدين والسياسيين ومن عاثوا بثروات العراق خرابا وفسادا راح يزكم الانوف من روائحه الكريهة، واحتل العراق المراحل المتقدمة في الفساد الاداري والمالي بين دول العام وأصبح في آخر ركب الحضارة والتمدن، جراء كل هذا الاستحواذ غير الشريف وغير الاخلاقي على ثروات البلد، بينما يبقى مواطنوه يعيشون أسوا ظروف العيش وفي اتعسها انعداما لابسط مقومات الحياة، وقد حرمت الاجيال العراقية وشبابها من ان يجدوا فرص عمل أو وظائف لا في دوائر الدولة ولا في القطاع الخاص الذي يعاني هو الاخر من الشلل، وبقي العراق ينزف دماء وتستباح ثرواته على مرأى ومسمع الجميع ولا أحد يحرك ساكنا او يضع حدا لهذا النهب الشرس للثروات، بعيدا عن اي منطق اخلاقي أو قيمي، واستشرت عصابات الجريمة والارهاب تسرح وتمرح على هواها وهي التي تستحوذ على ثروات البلد ، اما الشعب العراقي فغالبيته محرومة من أبسط انواع العيش الآدمي، وترزح ملايينه تحت خط الفقر ، في اسوأ نظام عاشه العراق منذ قرون.
ويتساءل آلاف الطلبة : أين الوعود التي كنم ترددونها كل يوم عن منحة الطلبة وتعقدون المؤتمرات مع بدء الحملات الانتخابية او عندما تتخذون من الاعلام وسيلة للشهرة والانتشار على حساب الملايين من العوائل العرقية .. واين انت ايتها الحكومة من مستقبل اجيالك التي ضاعت بين قبائل الفساد الاداري والمالي ، ولم يعد الشعب العراقي يستفاد من ملياراته الضخمة التي بإمكانها ان تعمر دولا مجاورة لنا وليس العراق فقط، وهم أي طلبة وشباب العراق تعتصر قلوبهم دما على ما حل ببلدهم من خراب ودمار وقتل للانسان العراقي وتطلعاته، في حين يعيش شباب الدول المنطقة في امن ورفاهية وتحقيق حلمهم بوظائف وفرص عمل محترمة ، بينما يبقى ملايين شباب في العراق بلا فرص عمل أو وظائف ، وسيبقون عالة على عوائلهم، وقد اخذ الارهاب الحكومي والدولي من جسدهم الكثير واحالهم الى كهول لاحول لها ولا قوة وهي تندب حظها العاثر ، الذي جعل الاقدار اللعينة تضعهم في بلد يكتنز أعظم ثروات العالم ويعيش شعبه على القمامة والتسول والحياة تمضي في أتعس أحوالها وبظروف عيش وضنك لايمكن ان تصدق، للمأساة الفادحة التي حلت بالعراق من جراء سياسات طائشة لم تضع للانسان العراقي قيمة ولا اعتبارا، وضيعت دم ملايينه بين القبائل.