خاص : كتبت – هانم التمساح :
بالرغم من تحذيرات خبراء رياضيون وقانونيون من أن استقالة “الاتحاد العراقي لكرة القدم” وإرسالها إلى “الفيفا”، قد تُدخل الكرة العراقية في فوضى، إلا أن الاتحاد، الذي يواجه تهم فساد، أعلن تقديم أعضاء مكتبه التنفيذي استقالة جماعية في مقابل طي صفحة النزاع القضائي مع، “عدنان درجال”، النجم السابق للعبة والمرشح السابق لرئاسة الاتحاد، ظنًا منهم أنهم ربما بذلك يفلتون من العقاب.
صفقة.. استقالة مشروطة !
ويخوض “الاتحاد العراقي لكرة القدم”، منذ أشهر، نزاعًا مع “درجال”، بعد تقدم الأخير بدعاوى قضائية، أحدثها ضد رئيس الاتحاد، “عبدالخالق مسعود”، ونائبه، “علي جبار”، على خلفية اتهامهما بالتلاعب بالنظام الداخلي للاتحاد.
وأتت الدعوى بعد أخرى تقدم بها “درجال”، في وقت سابق، على خلفية حرمانه المشاركة في الانتخابات، التي عُقدت في أيار/مايو الماضي، وأدت إلى سجن المسؤولين في الاتحاد، “صباح رضا” و”ستار زوير”.
وشهدت الأيام الماضية؛ اجتماعات في مدينة “أربيل”، مركز “إقليم كُردستان” الشمالي، من أجل التوصل إلى حل لهذه المسألة، كان آخرها، الجمعة الماضي، بحضور رئيس لجنة الشباب والرياضة في البرلمان العراقي، “عباس عليوي”.
وجاء في بيان للاتحاد: “قدم اتحادنا ما يمكن أن يقدمه لحل جذري للخلاف الحاصل والمؤثر على كرتنا العراقية التي ينتظرها إستحقاق كبير في تصفيات كأس العالم (2022)، بالموافقة على تقديم استقالة جماعية لمكتبه التنفيذي مقابل أن يتم سحب وغلق كل القضايا المرفوعة في المحاكم العراقية وإغلاق هذا الملف نهائيًا”.
وتحدث الاتحاد عن: “السعي لإخراج الأمين العام، الدكتور صباح رضا، والأستاذ ستار زوير، من السجن بعفو رئاسي (…)؛ وتكون هذه الاستقالة بعهدة وضمان السيد رئيس لجنة الرياضة والشباب النيابية والسيد وزير الشباب والرياضة وإرسالها إلى الاتحاد الدولي لكرة القدم، (فيفا)، وإستحصال موافقته عليها، ومن ثم غلق وسحب القضية المتعلقة برئيس الاتحاد ونائبه، حتى تنتهي كل هذه الملفات بشكل نهائي”.
وأشار الاتحاد إلى أن عمل الاتحاد ما بعد الاستقالة سيكون: “وفق الآلية التي يقررها (الفيفا)؛ ويتم احترامها بشكل كامل من قِبل جميع الأطراف”.
شروط..
وبحسب اتفاق الطرفين، من المقرر أن: “يباشر درجال، اليوم الأحد، (أول أيام الأسبوع في العراق)، بإجراءات إسقاط كل الإجراءات القضائية ضد الاتحاد؛ والتعهد بعدم ملاحقته مستقبلًا، وبعد التأكد من ذلك يصار إلى إرسال تلك الاستقالات إلى الاتحاد الدولي”.
ويتهم “درجال”، أحد نجوم المنتخب في “مونديال المكسيك” 1986، “مسعود” و”جبار”، بالتلاعب بالنظام الأساس وتمرير التقرير الإداري على أعضاء الهيئة العامة والمصادقة عليه دون مناقشته من قِبل الجمعية العمومية.
وكان “درجال”، 60 عامًا، مرشحًا منافسًا، لـ”مسعود”، في صراع الانتخابات الماضية على منصب الرئاسة، قبل أن يُحرم المشاركة بها.
وأشترط “درجال”، رئيس كتلة المعترضين، استقالة اتحاد الكرة مقابل التنازل عن قضايا رفعها لـ”محكمة النزاعات الرياضية الدولية” والمحاكم العراقية؛ بتهمة تزوير انتخابات الاتحاد والنظام الأساس لاتحاد الكرة.
ومن شروط الاتفاق، الذي أفضى إلى استقالة الاتحاد، أن تكون نسخ الاستقالة في عهدة وضمان لجنة الرياضة والشباب النيابية ووزير الشباب والرياضة قبل إرسالها إلى الاتحاد الدولي لكرة القدم، (فيفا).
هذا فضلًا عن إطلاق سراح أمين سر الاتحاد، “صباح رضا”، ورئيس لجنة الاستئناف، “ستار زوير”، بعفو رئاسي.
ملفات فساد وتزوير أمام “الفيفا” يواجهها الاتحاد العراقي لكرة القدم..
تطال الانتقادات الواسعة، “اتحاد كرة القدم العراقي”، من الشارع الرياضي، بعد كل انتكاسة للمنتخبات الكروية، خاصةً المنتخب الوطني الأول في مشاركاته القارية والعالمية الكبيرة. وفي كل مرة، يُفتح النقاش حول التخبط الإداري، وملفات الفساد المزمعة، والمحسوبيات التي تقود عمل الاتحاد. ناهيك عن المشاكل التي وصلت إلى حد تقديم مدرب المنتخب الأسبق، البرازيلي، “زيكو”، بشكوى ضد الاتحاد العراقي تتعلق بتأخير دفع مستحقاته. بل لم يتوقف الأمر عند المدربين، إذ قدم وزير الشباب والرياضة السابق، “عبدالحسين عبطان”، هو الآخر؛ شكوى ضد اتحاد الكرة، واتهم “عبطان”، في ملف متكامل سلّمه إلى الأمين العام لـ (فيفا)، “فاطمة سامورا”، الاتحاد، بضلوعه في قضايا تزوير.
وتقول مصادر مُقربة من “درجال”؛ أنه أفرغ 10% فقط من جعبته في الجولة الأولى، ولديه طرق أخرى وجولة ثانية في المحاكم العراقية، وإبتداءً من “محكمة بغداد” الجديدة
كما اتهم في وقت سابق، رئيس نادي الشرطة الأسبق ومستشار رئيس الوزراء الحالي، “إيّاد بنيان”، اتحاد كرة القدم، بتزوير أعمار اللاعبين المُشاركين في المنتخبات السنية المختلفة، ما أثار ضجة في وسائل الإعلام آنذاك.
تفاصيل الأزمة..
كان ممثل نادي “أربيل” الرياضي، “عبدالخالق مسعود”، قد فاز بمنصب رئيس اتحاد الكرة العراقي للمرة الثانية على التوالي، وذلك دون وجود أي منافس له في الانتخابات، عقب استبعاد المرشح، لاعب المنتخب الوطني السابق، “عدنان درجال”، من السباق الانتخابي بقرار من لجنة الانتخابات. يُضاف إلى ذلك قرار الاتحاد بمعاقبة “درجال” بمنعه من خوض أي نشاط لمدة خمس سنوات.
من جانبه؛ رفع “درجال” دعوى قضائية في محكمة النشر بحق اتحاد الكرة حول الاتهامات التي طالته من مستشار الاتحاد القانوني، كما جرى التأكيد على شكوى “درجال” في محكمة (كاس) الدولية؛ دون التراجع عنها، ضد اتحاد الكرة العراقي، واتهامه بالتزوير ووجود خروق في الانتخابات.
بعد عام من ذلك، إلتحق اللاعبان الدوليان السابقان، “يونس محمود” و”نشأت أكرم”، في مدينة “لوزان” السويسرية، بوفد المعترضين على انتخابات اتحاد الكرة؛ وحضور جلسة محكمة النزاعات الرياضية، “كاس”.
وفي نفس الوقت، كان أعضاء في اتحاد الكرة يتحدثون عن ثقتهم بإجراءاتهم خلال الانتخابات، التي فاز بها “مسعود”، فيما ربح اللاعب السابق، “عدنان درجال”، الدعوى المُقامة ضد أعضاء في اتحاد الكرة. إذ أصدرت “محكمة جنايات الرصافة”، في 23 أيلول/سبتمبر 2019، حكمًا بالحبس لمدة سنة ونصف لأمين سر الاتحاد، “صباح رضا”، ورئيس لجنة الاستئناف في انتخابات الاتحاد الأخيرة، “ستار زوير”، فيما أجّلت النطق بالحكم على مدير العلاقات بالاتحاد، “وليد طبرة”، الذي لم يحضر للمحكمة.
كما أحتفظت المحكمة بحق “عدنان درجال” في المطالبة بالتعويض عن الضرر المادي والمعنوي الذي أصابه، بحسب محامي “درجال”، “محمد حيدر حسون”.
عضو الاتحاد، “علي الأسدي”، الذي سبق وأن أبدى ثقته بإجراءات الاتحاد، أعترف بمظلومية “درجال”، لكنه أشار إلى أن الأخير “حبس مظلومين”، مؤكدًا وقوفه “ضد الخطوة التي أقدم عليها” اللاعب السابق.
من جانبه؛ قال عضو الاتحاد، “كامل زغير”، في حوار تليفزيوني إن: “القرار صدر من القضاء العراقي العادل، لكننا سنستأنف الحكم ولن نترك موظفينا يواجهون السجن لمدة عامين”. وتابع: “سيقاتل الاتحاد حتى الرمق الأخير دفاعًا عن موظفيه”. واتهم “زغير”، جهات لم يسمهِا، بـ”القسم على القرآن كذبًا”، فيما توعد بالكشف عن أسمائهم حالما تهدأ الأزمة.
لكن أيًا ما يبدو أن ما يمتلكه “درجال” من إدانة لاتحاد الكرة كان كبيرًا لدرجة جعلت الاتحاد يرضخ لكافة شروطه، خاصة وأن “درجال” لديه شرط محوري، هو تغيير (النظام الأساس)، الأمر الذي يرفضه اتحاد الكرة باعتباره يُهدد المنظومة الكروية ويستهدف أمانة السر والأمانة المالية، لكنه يُدرك إمكانية أن تؤدي خطواته إلى عقوبات بحق الكرة العراقية، ويضع في حساباته الانسحاب حين تصل الأمور إلى مرحلة الحظر.
وزير الشباب يدخل على خط الأزمة..
وفي هذا الشأن؛ أدرك وزير الشباب خطورة الوضع واجتمع باتحاد الكرة، الذى قدم مقترحات عبر مكتبه التنفيذى، وكان من أبرز المقترحات التي قدمها المكتب التنفيذي لوزير الشباب في اجتماع عُقد، في 26 أيلول/سبتمبر 2019، جاء فيها :
“دعوة الهيئة العامة لإجراء اجتماع استثنائي. تنحي أعضاء الاتحاد عن مناصبهم والإبقاء على الأمين المالي وأمين السر لتمشية أمور الاتحاد. إجراء انتخابات في فترة 45 يومًا. تشكيل لجنة انتخابات من خارج المنظومة الاتحادية”.
وتبدو المقترحات مُطابقة بشكل كبير مع ما أشار إليه “عدنان درجال” ذاته في مؤتمره الصحافي، إذ قال إنه: “سيجتمع مع وزير الشباب والرياضة للخروج بحلولٍ تُرضي الجميع”.
أوضح “درجال” أن مطالباته هي: “حل الاتحاد، وتشكيل هيئة مؤقتة من قِبل (فيفا)؛ لا علاقة لها بالاتحاد الحالي، ثم تعديل الأخطاء في النظام الأساس وإجراء انتخابات قانونية”.