26 ديسمبر، 2024 4:27 م

“السيستاني” رمانة ميزان العراق .. أجمعت واشنطن وطهران على التودد إليه !

“السيستاني” رمانة ميزان العراق .. أجمعت واشنطن وطهران على التودد إليه !

خاص : كتبت – هانم التمساح :

هذا الرجل التسعيني، الذي يسكن بيتًا قديمًا في محلة مهترئة بدكة لعكازته؛ يُغير الأوضاع جميعها ويكسر تخطيطات كبرى ويقلب موازين القوى..

فما إن مرض المرجع الأعلى، آية الله “علي السيستاني”، حتى أنبرت الجهات الرسمية بـ”الولايات المتحدة” و”إيران” تظهران مدى احترامهما للرجل ورغبتهما في شفائه العاجل، وكأنهما اجتمعا على حب رجل الدين الأكثر شعبية في “العراق”.. لكن حقيقة الأمر أن كلتا الدولتين تُدركان جيدًا قيمة “السيستاني” كرمز ديني لدى مجتمع تحكمه القيم الروحية وتوجه مصيره السياسي، حتى وإن خالف السياسيون توجيهات وفتاوى “السيستاني”؛ إلا انهم لم يجرؤا على المجاهرة بذلك، وهو ما كشفته أحداث “انتفاضة تشرين” بشكل واضح، حيث أصبح طرفي النزاع يفسرون خطب “السيستاني” بما يخدم مصلحتهم، خاصة وأنه لا يذكر في خطبه أسماء محددة؛ وبذلك تصبح الخطب قابلة للتأويل.

خطب “السيستاني” بين الميليشيات والمتظاهرين..

بالرغم من كون المرجعية أكّدت على إدانتها ورفضها للإعتداءات التي تعرض لها المتظاهرون السلميّون والعديد من عناصر القوات الأمنية، خلال الاحتجاجات التي شهدتها البلاد، إلا أنها أدانت ما وقع من إحراق وإتلاف بعض المؤسسات الحكومية والممتلكات الخاصة في تلك المظاهرات. وعبّرت عن أملها بأن يعي الجميع التداعيات الخطيرة لاستخدام العنف والعنف المضاد في الحركة الاحتجاجية الجارية في البلد، من هنا فسر كل من طرفي الأزمة تصريحات “السيستاني” لصالحه، خاصة وأن الرجل يرفض الظهور الإعلامي، بل والعلني أيضًا، ويبعث برسائله عبر من ينوب عنه لدرجة اتهام البعض لنجل “السيستاني” بأنه من بكتب الخطب ويوجهها.

فالميليشيات التي تدعي إمتثالها لفتاوي المرجعية وتعليماتها، لا تكف عن قتل المتظاهرين، بل تستخدم تصريحات “السيستاني” وتستند إليها في وصف المتظاهرين بـ”المخربين” و”عصابات الجوكر”؛ وغير ذلك من الأوصاف، كما تستغل رفضه للتدخل الأجنبي لتشير إلى رفض تدخل “الولايات المتحدة” فقط، وكأن “إيران” ليست جهة أجنبية.

الأمر ذاته يلجأ إليه المتظاهرين؛ الذين يرون في تحريم المرجعية لقتلهم وسيلة دعم لموقفهم بالرغم من رفض قطاع من المتظاهرين إقحام الدين في السياسة.. وكذلك يصف البعض رفض التدخل الأجنبي بأنه رفض للتواجد الإيراني في البلاد.

أميركا تتقرب للعراقيين بالدعاء للمرجعية..

وتعرض المرجع الديني الأعلى للشيعة في “العراق”، يوم الأربعاء الماضي، إلى “كسر” في الفخذ بعد إلتواء في الكاحل الأيسر، قبل أن يجري له أطباء عراقيون عملية جراحية وصفت بـ”الناجحة”.

ومن جانبه؛ غرّد وزير الخارجية الأميركي، “مايك بومبيو”، بعد العملية الجراحية، التي خضع لها المرجع الشيعي الأعلى في العراق، “علي السيستاني”، يوم الخميس.

وقال “بومبيو”؛ في تغريدته: “نشكر الله أن صاحب السماحة، آية الله السيستاني، خضع لعملية جراحية ناجحة اليوم في العراق. أتوجه لله مع ملايين العراقيين بالدعاء له، فهو يمثل لهم مصدرًا للهداية والإلهام. اللهم أمنحه الشفاء العاجل والعمر الطويل”.

وغرّد وزير الخارجية الأميركية، بثلاث لغات هي: الإنكليزية والعربية والفارسية، وقال بالفارسية: “مایک پامپئو، وزیر امور خارجه آمریکا: «شکرگزارم که جراحی حضرت آیت الله سیستانی امروز در عراق با موفقیت انجام شد. دعای من و میلیون ها عراقی که آیت الله سیستانی برایشان منبع روشنگری والهام است، همراه ایشان است. از خداوند می خواهم به ایشان شفای عاجل و عمر طولانی عطا کند”.

وفي وقت سابق؛ قالت “السفارة الأميركية”، في “بغداد”، إنها تلقت نبأ نجاح جراحة “السيستاني”، “بفرح عظيم”، وقالت إنه يلعب دورًا في تحقيق الاستقرار الدائم، ووصفته بصمام أمان أساس لـ”العراق” والمنطقة.

ظريف” يغرد ونشطاء يعلقون..

وعلى الجانب الآخر؛ نشر “محمد جواد ظريف”، وزير الخارجية الإيراني، صورة تجمعه والرئيس، “حسن روحاني”، مع “علي السيستاني”، الذي يُعتبر المرجعية الشيعية العليا في “العراق”. وقال باللغة العربية: “بشری لنا جمیعًا في إیران وفي العراق؛ بنجاح العملیة الجراحیة للمرجع الکبیر، آیة الله العظمی السید علي السیستاني، أدام الله ظله الوارف؛ داعین الله جل وعلا بسرعة شفائه وأن یتم نعمته علینا بسلامته”، وانتقده  بعض المغردون ووصفوا الصور بالمزيفة والدعايا الرخيصة.

وكان مكتب “السيستاني” قد ذكر، في بيان، في وقت سابق؛ ما نصه: “تعرض سماحة السيد (دام ظلّه)، في الليلة الماضية لإلتواء في الرجل اليسرى أدى إلى كسر في عظم الفخذ وستجرى له عملية جراحية هذا اليوم – إن شاء الله – بإشراف فريق طبي عراقي.. نرجو من المؤمنين الكرام أن لا ينسوا سماحته من الدعاء”.

ويُذكر أن “السيستاني”، البالغ من العمر 89 عامًا، والذي نادرًا ما يظهر علانية، أدان استخدام “القوة المميتة” من قِبل قوات الأمن العراقية تجاه المتظاهرين، وطالب باستقالة رئيس الوزراء، “عادل عبدالمهدي”، وإجراء انتخابات برلمانية مبكرة، استجابة لمطالب المتظاهرين.

وفيما يلي نستعرض لكم عددًا مما رد فيه نشطاء على تغريدة “ظريف”، حيث قال مغرد :

“حقيقة فوتو شوب مبارك، حيث استخدم لمين الزوار دون تغيير محل كوب الشاي أو كاسة الماء دعاية في منتهى الرخص والإبتذال ولا تمشي إلا على عبيد أصنام البشر”.

وقال مغرد آخر :

“يَتباكون على رجلهِ التي إنكسرت؛ ولا يبكون على كلماتهِ التي كُسِرتْ”.

فيما أشاد البعض بتغريدة “ظريف”، وفال أحدهم: “من كربلاء إلى إيران شكرًا لكم يا عمقنا الإستراتيجي لا تتخلو عنا بسبب بعض النواصب والبعثية؛ نحن نستند إليكم في الدين والروح ودولة الإمام المهدي المنتظر”.

“دالاي لاما” الشيعة..

والسيد “علي الحسيني السيستاني”، (مواليد 9 ربيع الأول 1349)، هو المرجع الديني الأكبر للشيعة الإثنى عشرية في العالم، خلفَ “أبوالقاسم الخوئي”؛ في زعامة الحوزة العلمية في “النجف”، التي هي مدرسة العلوم الدينية الرئيسة لدى الشيعة الإثنا عشرية.

ولد في مدينة “مشهد” في “إيران”، من أصول عربية؛ إذ يرجع نسبه إلى “الإمام الحسين”، حفيد رسول الإسلام “محمد”، ويعيش منذ ستين سنة في “العراق”، في مدينة “النجف”، حيث مرقد “علي بن أبي طالب” ومقرّ الحوزة العلمية. ويُعد “السيستاني” أحد أكبر الشخصيات النافذة في “العراق”؛ نظرًا لإمتداد مرجعيته الدينية، فكان له دور كبير في كثير من التحولات السياسية بعد تغيير النظام عام 2003، وأطلقت عليه الصحافة الأوربية لقب “دالاي لاما الشيعة” لمكانته.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة