الإتيان بمعنى ما يعيشه العراق أمر ما بات عصيا فما يعيشه من واقع هو ( حقيقة) لكنها ليست حقيقة مطلقة كونها تخضع لمتغيرات المنافع والمصالح والتسويات، نعم يعيش حقيقة لا يتجرعها أي بلد واع ضمن المحيط الأقليمي او دول الجوار يثق بأن هناك عدالة وقانون، غير أننا نعيش الآن وفي القرن الواحد والعشرين بمنطق عالم الغاب أو عالم الكاوبوي، إننا ومنذ الاحتلال الأول نعيش معاناة كيفية البقاء حيا، فالتخبطات السياسية والاستحواد على الثروات العراقية من الحكومات الفاسدة والمتعاقبة التي خضعت وطأطأت الرؤوس والنفوس الى العمالة ابتلعت الكثير من الخيرات والموارد البشرية، فمن حرب إحتلال الى حرب نفسية طائفية الى فساد عام وسرقات وتحاصص في برلمان شكل عارا على جميع المواثيق الديمقراطية في برلمانات العالم التي حاول الإنسان أن يخضعها لواجهة التحضر الكاذب والذي يخفي وراءها شذوذه الذي يمارسه في عالم الجريمة… ساهم بالطبع في ذلك اللقطاء ممن ركبوا موجة التحزب والتأسلم الكاذب كون المصالح هي التي تسود وتطفو على السطح دون المبالاة بالانسان او الوطن، خاصة بعد أن سحقت هامته وأهرقت دماء ابناءه دفاع عن رعاع السياسة. وأقولها إنهم أتعس من الرعاع فمن يبع نفسه للشيطان من رجال ونساء أدعو أنهم يمثلون الشعب لهم أفسد من الشيطان نفسه ولعل هذا ليس هو صلب الموضوع.. الصلب إنهم صاروا أدوات اساسية ساهمت وبشكل رئيس بتخريب وتوطين افكار إنتزعت الوحدة بإستغلالهم العزف على الطائفية التي روجوا لها بشكل مدروس فمزقت الخيط المتين الذي يرتبط به عقلاء هذا الوطن.. هذه حقيقة أخرى بحد ذاتها لكنها ليست ( حقيقة مطلقة ) ما دامت هناك متغيرات أخرى وراءها فمتغيرات الاحداث تعمل عليها نظريا تذعن الى نفي الحقيقة والمجيء بفرضية مقنعة تطبع في الاذهان على أنها الحقيقة المطلقة ومن ثم تسخر الاقطاب المدسوسة لتفعيل الفكرة والايمان بها من خلال واجهات اعلامية تدعم تلك الفرضية لتكون حقيقة مطلقة لا مناص منها وتصديقها… لقد أثبتت الدراسات ان ( نظرية الصدمة ) هي من مزقت شباك العقل وجعلته مشردا يبحث عن ملجأ، خضعت هذه النظرية في بدايتها للعديد من المحاولات على الانسان ولعل من بادر الى تأسيسها الطبيب النفسي الكندي ( دونالد كاميرون) كونها تجربة تم العمل بها على المرضى النفسيين في المصحات من خلال تعريض المرضى الى صدمات كهربائية شديدة يلغي بها ذاكرتهم ثم يعيد بعد ذلك يعمل على بناءها برغبته هو ويرى كاميرون أن ذكريات الانسان في الماضي ومشاعره وأحاسيسه والاختلافات في الرأي تأتي من مصدرين اولهما الذاكرة والثانية الإدراك للحاضر ولكي يصنع انسانا مختلفا عليه أن يلغي كل ذلك ثم يعيد بناء الذكريات والمشاعر والاحاسيس… شاعت نظريته التي استغتلها ومولتها وكالة الاستخبارات الامريكية لمصلحتها حيث تقول النظرية: ( عندما يغيب الوعي عند الشعب ويعجز عن فهم وإدراك ما يجري حوله لا يلوح له في الأفق أية حلول ممكنة التطبيق تخرجه من واقعه السيء يقع حينها في الصدمة… بعدها يصبح مستعدا لقبول أية حلول خارجية جاهزة كان من المستحيل القبول بها سابقا) منقول) وهذا بالضبط ما يحدث على ارض الواقع فالعراق يعيش في دوامة الصدمات وليس صدمة واحدة من حيث فقدان الاساسي للوطن والضياع في بحر التكتل والاحزاب والاقطاب الاخرى التي ألغت أحقيته في العيش على أرضه وشعوره بإنسانيته ومواطنته، سلبت حياته ومقدرات أجيال عبر 16 سنة من الجدب والقحط لم ينل منها إلا اتساع مساحات الأرض واسكان الموتى والشهداء… بعدها إنفجر الشارع والمجتمع رغم المعوقات والقتل خرج مئات الالآف للتعبير عن ضجرهم من الحكومة والسلطة الفاسدة التي تعيش بعيدا عن الواقع المزري للمواطن الذي فقد هويته ولم يعد يعلم من يكون؟ أو الى اي وطن ينتمي بعد ان تفشت الاحزاب الاسلامية والكتل السياسية بات الانتماء لها أكثر ولاءا من الارض وهوية الوطن عمت الفوضى، كثرت البطالة المقنعة، سار الفساد عنوان الثراء المبرر شرعا وقانونا…
بالطبع كانت الشراك الامريكية والاسيجة قد حورت صورتها من استفاد من هذه النظرية التي جاء ميلتون فريدمان الاستاذ في الاقتصاد والذي ساهم وبشكل كبير في الاستفادة من نظرية الصدمة وحولها الى وسيلة استهداف لإستملاك الدول الضعيفة الغنية الثروات من خلال تعريضا الى مثل هكذا صدمة، فزرع الفتنة وعمد الى قلب االانظمة حتى يسود الهرج والمرج بعدما يتعرض الشعب او الشعوب المستهدفة الى وسائل القتل والنهب والخراب مما يؤدي الى نشوء عصابات وميليشيات وغيرها الى أن يقودها الى الهاوية ويصيب الناس الشلل التام، فريدمان استغل ذلك وعمد الى أن امريكا ستعمل على أن تتحكم بإقتصاد البلدان بأكملها بما أن الشعوب لا تقبل أن تسمح أن يكون اقتصادها بيد حفنة من الغرباء الأجانب فلابد من صدمة كبيرة لأهل البلد يجعلهم يفقدون الوعي والتوازن حتى يقبلوا بالتغييرات الجديدة لذا يعمدون الى جعله مستسلما لكل ما تلقنه له، ولعل تطبيق النظرية يأتي من خلال السماح للشركات الامريكية الكبيرة العابرة للقارات بحجة الاستثمار السيطرة على المقدرات والثروات وهذا بالضبط ما يحدث ولعل احد اسباب الاضطرابات التي يشهدها العراق على ساحته هي الاتفاقية العراقية الصينية وخوف امريكا من فقد الدجاجة التي تبيض ذهبا كون رئيسها الارعن الذي يهدد دون عقلانية كأنه الرب المنزل المقدر على الشعوب ناسيا ان هناك من يمكنه ان يغير الموازين ويقلب الطاولة على رأسه فليس من السهل ان تحتل بلدا يرفض وجودك وإن قمت بالحرب عليه فمهما كان الرجل الامريكي فمن السهل شراءه والادلة كثيرة إن النزاع الداخلي الامريكي كبير فالمواطن الامريكي مستغل من الحكومة الفاسدة بشكل مغاير التي تعمل على اجتثاث حقوقه اولا بأول بحجة التكنلوجيا والتطور وهي تستحوذ على مقدراته حيث تصرف المليارات على التقنية في الحروب بالسيطرة على الدول النامية او المستضعفة ذات الثروات، أما الشعب الامريكي يعيش الفقر والتشرد والضياع في عالم الفساد والمخدرات، إن قتل الشعوب بحجج واهية الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان لم تنطلي على الشعب الامريكي او الدول الاخرى التي لها اصبع في ذلك بذريعة نشر القواعد العسكرية… دول تعرضت للصدمة لكن بشكل اخف فرضيت ان تكون شاهد عيان أخرس…
إن العراق وبعد أن تعرض لأكثر من صدمة بغية افتعال حروب داخلية طائفية تدعو الى تفتيت الوحدة العراقية الوطنية في غياب امني مع وجود الكثير من العصابات الاجرامية الخارجة عن القانون وحكومة محاصصة تتنازع على سلطة لنهب ثروات العراق وإفقار شعب، التدخل في الشؤون العراقية جاء نتيجة صفقة وصدمة اخرى من دول الجوار كأنهم كانوا ينتظرون سقوط العراق تحت الاحتلال للنيل منه كون الحكومة شيعية ومستهدفة بطائفية فزاد من الطين بلة، لا أدري كيف لعقلية حكام دول عربية اسلامية او غير اسلامية أو لندع الاسلام جانبا ونقول ( فقط عربية تجعل من لقيط حاميا لها إن الدول العربية عن حماية استها من اللواط تحولت الى مثيلية كي تبرر ما تفعله )؟ كما ان التحول في ترك الدفة لدولة صغيرة مثل اسرائيل ان تتحكم بمقدرات العالم من خلال واجهتي البنك الدولي و صندوق النقد الدولي لهو عار عليها، لكنهما أدوات الصدمة الاقتصادية الكبيرة التي تتوجه لها كقبلة، فالدول التي تعرضت لنظرية الصدمة من خلال الشركات الاستثمارية الكبيرة كالامارات والسعودية وقطر والكويت ومصر وتركيا وغيرها اما التي لم تستوعب الصدمة فهي التي يحدث فيها الحروب وتتعرض الى خلق جيل لا يعلم سوى التخبط، أمريكا رجل الغرب الذي اباد الهنود الحمر واستأسد على الكثير من الدول ما هو إلا إبن لقيط لم تكن له هوية محددة نعم هم خليط غير يتجانس رغم التحضر والتمدن فالحلم الامريكي الذي يعرضونه من خلا ماكينة الدعاية الامريكية التي تبثها الى العالم من خلال افلام السوبرمان أنها الحامي الوحيد للعالم مع العلم أنها هشة كخيط عنكبوت فحلم الفنتازيا التي يتعرض له المواطن الامريكي باستباحة المخدرات، البغي، اللواط وقوانين تفشت سمحت للبعض من اليهود والصهاينة ان يمارسوا نظرية الصدمة على نفس الشعب الامريكي المخدر او منوم مغناطيسيا.. (لا تستطيع ان تكون ثريا إلا بالقتل او السرقة او النهب او ان تكون مرتزقا او عميلا وهذا من واقعهم الذي نراه ونقرأه) هذه هو الحلم الامريكي ان تكون رجلا خارج عن القانون تستحوذ على كل القوانين وتتخطاها، هو ذاك ما أرادوا أن يعكسوه على الدول وشعوبها بعد احتلالها..
العراق اليوم تحت تأثير الصدمة وأؤمن أن هناك من العقلاء والوطنين قد وعوا الى ما يتعرض إليه وإن كان داخله غير مستقر خاصة بعد التدخل الإيراني والدفاع مع العراق ضد حرب داعش الوليد الامريكي اللقيط التي تربى بعد القاعدة واسامة بن لادن والزرقاوي والبغدادي..
علينا كمواطنين عراقيين ان نخرج أنفسنا من مستنقع الخيانة والصدمة الذي وضعنا في دون ارادتنا او حتى بإرادتنا عبر صناديق اقتراع غير مثقوبة ، لقد وصل اللاوعي بنا في إدراج انفسنا أننا بلا وطن، نسينا كل شيء، لم نعد نريد سوى الوطن، علنا نصحو خاصة بعد أن استهدفت السيادة العراقية واثبتت أمريكا للعالم أنها رجل الغرب الامريكي السفيه والقاتل الذي لا يهمه سوى جيبه ومتعته. كشفت عن حقيقتها وحقيقة ترامب صاحب صالات القمار والزندقة، دعوة للعقلاء والمثقفين والواعين العراقيين في داخل العراق وخارجه بشتى قومياتنا وعقائدنا لننسى المصالح الخاصة لتكن وحدة العراق هي الاهم والاستماتة في الدفع عن وحدته وتحريره من قيود نظرية الصدمة.