خاص: قراءة – سماح عادل
رواية “مارخدر” للكاتب السوداني “عمر الصايم” تحكي عن الحرب وتأثيرها على الناس، وعن العنصرية والرأسمالية التي تنهب الشعوب.
الشخصيات..
مدثر: البطل، تتبعه الرواية منذ طفولته، مسلم، ابن لمزارع فقير، يعاني من الفقر طوال حياته، ورغم تخبطه في فترة مراهقته وسعيه إلى أن ينضم إلى حركة ثورية متمردة إلا أنه يكمل تعليمه لكي يعوض على أبيه تعبه وإرهاقه في تربيته وإعالة الأسرة. ويصبح كاتبا.
استيفان: صديق “مدثر” المقرب، وهو مسيحي، أبيض، يعاني من التعامل العنصري، حيث ينعته الناس بالحلبي، ورغم أنه من طبقة متوسطة إلا أنه يعاني دوما منذ طفولته بسبب انتمائه لأقلية في مجتمع عنصري، ويهرب إلى سوريا ثم إلى ألمانيا ليتحول إلى قاتل محترف بسبب العنصرية أيضا التي يجدها في ألمانيا.
كابلا: فتاة بيضاء، صديقة ل “مدثر” منذ أيام الطفولة، تنتمي لطبقة متوسطة، تعاني هي أيضا من مشاكلها الخاصة، وينتهي بها الأمر وحيدة بسبب رفض والدها تزويجها من رجل يعتبره أقل منها اجتماعيا، بسبب لونه وعرقه.
وهناك شخصيات أخرى داخل الرواية.
الراوي..
الرواية تعتمد على تعدد الأصوات، حيث تحكي الشخصيات عن نفسها بضمير المتكلم، ويتنقل الحكي بينهم.
السرد..
الرواية تعتمد على استخدام التراث، حكايات قديمة تمزجها مع الحكي في الوقت الحاضر، كما تعتمد على كشف أحاسيس وانفعالات الشخصيات، وتدور في زمن طويل ما بين طفولة الشخصيات وحتى وصولهم إلى مرحلة الشباب.
الفقر والعنصرية والحرب أبناء شرعيون للرأسمالية
أهم ما في الرواية إبرازها للحرب وتأثيرها على الناس، حيث أنها تبيد الناس بوحشيتها، ومن يتأثر بها هم الفقراء وجموع الناس، بينما الملوك والحكام الانتهازيين يديرون الحروب بجشعهم ورغبتهم الدائمة في الحصول على كل شيء، وذلك في حكاية “بخيت ولد المويه” و”تاسي” وأمها.
كما تحكي عن العنصرية التي تفرق الناس وتزرع في قلوبهم وأرواحهم الغصة والتي تبقى طويلا. “استيفان” عاني من العنصرية لكونه أبيض في مجتمع من أصحاب البشرة السمراء، كما أنه مسيحي ويعتبر أقلية بينهم، مما جعله عرضة للعنف من قبل زملائه في المدرسة، والاعتداء الجنسي من قبل أحد المدرسين لكنه قاوم استسلامه وضعفه، وأصبح قويا لكنه لم يجد الحب بسبب لونه أيضا ووضعه في المجتمع، فاضطر إلى الهروب من ذلك المجتمع القاسي، ليذهب إلى سوريا وتلاحقه التفرقة هناك أيضا. ويذهب إلى ألمانيا على أمل أن يجد مجتمع أكثر تحضرا ليفاجئ بوجود عنصرية بغيضة هناك تتسبب في مقتل الملونين ومقتل حبيبته الألمانية وينتقم لقتلها ثم يصبح قاتلا محترفا.
كما ترصد الفقر الذي عاش فيه “مدثر” طوال حياته، وكيف تكون حياة المزارعين قاسية رغم أن هؤلاء المزارعين هم من يحافظون على الحياة، ذلك الفقر الذي تسببه الرأسمالية التي تنهب الشعوب وتفقرها حتى تصل إلى حد غير إنساني من الفقر المدقع.
تستلهم الرواية التراث من خلال حكايات تتخلل السرد مثل حكاية “بخيت ولد المويه” الذي تلبسته روح أحد القدامي الذي عاش في الزمن القديم.
كما أشارت الرواية إلى تأثير الكهنة قديما في تسيير أمور الحكم، مبينا بذلك استغلال الدين لأغراض الحكم والاستغلال للبسطاء من الناس. وتعتمد الرواية على لغة مميزة وعلى تنقل سلس ما بين حكي الشخصيات المختلفة.