خاص : ترجمة – محمد بناية :
قصف “الحرس الثوري” طائرة الركاب الأوكرانية وأسفر الحادث عن مقتل 176 شخص؛ مما وضع، “علي خامنئي”، في موقف بالغ الصعوبة، حيث تسببت قواته المحبوبة في كارثة لا يمكن تبريرها بسهولة.
وقد أتسعت أبعاد الكارثة الجديدة لدرجة أنه لو نجح بالقمع الشديد في إسكات الشعب الغاضب في الداخل فلن يصمت المجتمع العالمي. وقد اختار، “خامنئي”، خطبة الجمعة الأسبوع الماضي، لإبداء رد فعله. علمًاً أن “خامنئي” لم يخطب الجمعة، منذ العام 2011، لأنه قرر تخصيص خطب الجمعة، خلال العقدين الماضيين، لإبداء رأيه في مواقع الأزمات مثل عمليات القتل المتسلسلة، والهجوم الأميركي على “العراق”، والانتخابات الرئاسية، عام 2009، والربيع العربي، وبداية عقوبات “مجلس الأمن” على “إيران”.
لكن خطبة الجمعة، الأسبوع الماضي، صعبة بالنسبة لـ”خامنئي”، فالكل ينتظر قوله حول كارثة “الحرس الثوري”. ولم يواجه مثل هذا الموقف إلا بعد إفشاء دور مريديه بوزارة الاستخبارات في عمليات القتل المتسلسلة، عام 1998. بحسب (أیندیپندنت فارسي).
يناير 1998 – 2020م..
تسبب قتل الكُتاب والمفكرين الإيرانيين، عام 1998، في أزمة سياسية، وكشف مقتل “پوینده”، و”مختار یوپر” و”انهودار یوشفروهر”، عن دور وزارة المخابرات في ملف القضاء على منتقدي، “علي خامنئي”، من المعارضين السياسيين والمفكرين.
وبالضغط على، “محمد خاتمي”، للكشف عن تفاصيل هذه العمليات، أصدرت “وزارة المخابرات”، بالنهاية، بيانًا يضم أسماء عناصر الجهاز المتورطين في هذه العمليات.
وجاء أول رد فعل من، “خامنئي”، على هذه الفضيحة الكبرى؛ بعد ثلاثة أيام عبر خطبة الجمعة، وتلخص في: دعم وزارة المخابرات، وتقييد أبعاد الجريمة باعتبارها غير منهجية، وأخيرًا توجيه التهم لـ”الولايات المتحدة” و”إسرائيل”.
وبعد ذلك كثف ضغوطه على لجنة تقصي الحقائق؛ وكانت النتيجة حصر الجناة في أربعة أسماء دون إثبات علاقة هؤلاء الأفراد الأربعة بـ”مكتب الإرشاد”، و”وزير المخابرات” وباقي الأجهزة الأمنية الأخرى.
والواقع أن “علي خامنئي”، كان قد وطد، عشية الثورة، علاقاته بـ”وزارة المخابرات”، ومن خلالها نفذ مشاريعه السياسية للوصول إلى مقام الإرشاد. ومن أهمها: تضخيم قضية “مهدي هاشمي”، والوقيعة بين، آية الله “الخميني”، وآية الله “منتظري”، تمهيدًا لإقصائه عن منصب نائب المرشد.
وتطورت علاقة “خامنئي” مع “وزارة المخابرات” بعد الوصول إلى منصب الإرشاد، لتنتقل بذلك إدارة وزارة المخابرات من الحكومة إلى بيت المرشد.
الآن، وبعد مرور 21 عامًا، على جريمة “وزار ة المخابرات”، يتسبب “الحرس الثوري”، (الابن العزيز الآخر للمرشد)، في كارثة جديدة تضع، “علي خامنئي”، في موقف حرج.
كيف سيكون رد فعل “خامنئي” ؟
لم يكن “خامنئي” يتصور، حين أعلن في خطبة الجمعة عام 2011، أن: “الإعتراف بالخطأ” من الأعمال الأساسية، أنه سوف يختبر هذه الإدعاء.
وهو يواجه حاليًا أحد خيارين؛ إما الإعتراف ولوم “الحرس الثوري” وتقييد أنشطته، أو عدم قبول المسؤولية وإعلان الدعم الكامل لـ”الحرس الثوري” وتكرار سيناريو “وزارة المخابرات”.
ومن خلال سيرة “خامنئي” في الإرشاد، زهاء ثلاثة عقود، يتضح أنه لم يتخلى إطلاقًا عن قواته المخلصة والمحببة، حتى لو تسببت هذه القوات في أزمة دولية وقتلت الأبرياء.
ويبدو أنه سوف يستمر على هذا المنوال إزاء قصف “الحرس الثوري” طائرة الركاب الأوكرانية. ومشكلة “خامنئي” الحالية؛ أن الكارثة لا تقتصر على الأبعاد الداخلية فقط، وإنما خطبته سوف تثير ردود فعل في الفضاء الدولي.. وبينما تزداد أعداد الإيرانيين في الجبهة المعارضة لـ”الجمهورية الإيرانية” ومرشدها، فإن صرف إنتباه الرأي العام عن قصف طائرة الركاب الأوكرانية لن يكون بهذه السهولة، لا سيما وأن جراح قمع مظاهرات البنزين ما تزال مفتوحة.
وبعد مرور 8 سنوات على آخر خطبة جمعة لـ”خامنئي”، في العام 2011، والتي شبه فيها وضع “الولايات المتحدة” بالسنوات الأخيرة من عمر “الاتحاد السوفياتي”، الآن يعتقد الكثير من المراقبين أن “الجمهورية الإيرانية” تعيش هذا الحالة، وبخاصة بعد تصاعد وتيرة الاستياء الشعبي.
ولعل أصدق جملة قالها المرشد الإيراني، في خطبة العام 2011، هي: “حين يسقط نظام في أعين مواطنيه، فلا يوجد أمل في بقاء هذا النظام”.
الآن يجب أن ننتظر هل يضحي المرشد الإيراني بـ”الحرس الثوري” للحيلولة دون سقوط النظام في أعين الإيرانيين، أم يفضل الإبقاء على إرتباط مصيره ونظامه بـ”الحرس الثوري” ؟