خاص : كتبت – هانم التمساح :
استمرارًا لحالة الغليان السياسي في “العراق”، التي أتبعت تصويت “البرلمان العراقي” على مشروع قرار طرد القوات الأميركية من “العراق”، عقب مقتل “قاسم سليماني”، قائد (فيلق القدس) الإيراني، و”أبو مهدي المهندس”، رئيس (الحشد الشعبي)، دارت موجة من السجال والاستقطاب السياسي الحاد بين مؤيدي القرار ومعارضيه، (أو بمعنى أدق من أمتنعوا عن التصويت)، فبعد اتهام الشيعة، لـ”سُنة العراق”، بالعمالة لـ”الولايات المتحدة” والرغبة في إقامة “إقليم سُني” منفصل، عاد من يطلقون على أنفسهم مسمى “محور المقاومة”؛ إلى مهاجة الأكراد أيضًا، بعد أن أنفرد “شيعة العراق” بالتصويت لصالح طرد القوات الأميركية.
“حسن نصرالله” يهاجم الأكراد..
وهاجم السيد، “حسن نصرالله”، الأمين العام لـ”حزب الله” اللبناني، في كلمته التي ألقاها يوم الأحد، الزعيم الكُردي، “مسعود بارزاني”، بعد رفض الأكراد التصويت على قرار طرد القوات الأميركية من “العراق” على خلفية مقتل “قاسم سليماني”، وانتقد “نصرالله”، رئيس الإقليم السابق، لعدم دعمه قرار “البرلمان العراقي”، بينما أشاد بتدخل قائد (فيلق القدس) الإيراني، “قاسم سليماني”، لمساعدة الأكراد في هزيمة تنظيم (داعش).
قائلاً: “عندما كان (داعش) قريبًا من أربيل، عندما سقط إقليم كُردستان في أيدي تنظيم (داعش) تقريبًا؛ واستدعيت جميع أصدقائك، لكنهم لم يساعدوك … لقد اتصلت بالإيرانيين، وجاءوا في اليوم التالي، جاء الحاج، قاسم سليماني، مع بعض الإخوة”.
حكومة كُردستان ترد على “نصرالله”..
من جانبها؛ ردت حكومة “إقليم كُردستان”، رسميًا، على تصريحات الأمين العام لـ”حزب الله”، “حسن نصرالله”، فيما أشارت إلى أن “مسعود بارزاني”؛ هو رمز الصمود لشعب “كُردستان”.
وقال المتحدث باسم حكومة الإقليم، “غوتيار عادل”، في بيان صُدر ردًا على تصريحات، “نصرالله”، بشأن “كُردستان”: “لم نستغرب أبدًا من صوتك المرتجف وأسلوبك الصبياني؛ وأنت تهاجم إقليم كُردستان وزعيم أمة”، مبينًا: “أنت المحروم لسنين طوال من أشعة الشمس والمختبيء مرعوبًا في السراديب والأنفاق تحت الأرض، تتهجم وتهين شعبًا مناضلاً”.
وأضاف: “بدلاً من ذلك؛ كان الأجدر بك أن تدافع عن هذا الشعب الذي يعاني الظلم والاستبداد منذ عقود”، مشيرًا إلى أن: “قوات (البيشمركة)، لا غير، هي التي أنبرت في الذود عن أربيل وكُردستان، ورغم ذلك فقد قدّرنا وعبّرنا عن إمتناننا لمساعدة الآخرين لنا، ومن تدّعون بأنه كان يمثلكم في إحدى الزيارات إلى الرئيس، بارزاني، قد يكون هو ومع أمثاله في 16 و20 و26 تشرين أول من عام 2017، يهدفون بل ويحلمون باحتلال كُردستان، ولكنهم أصطدموا بثبات ومقاومة (البيشمركة) وولوا خائبين مهزومين بعد أن مرغت جبالنا الشامخة أنوفهم وقبرت أوهامهم إلى الأبد”.
وتابع: “أنت الذي لا تجرؤ على أن تخرج رأسك من جحرك خوفًا من أعدائك، لماذا تحاول النيل من أمة لا رابط يربطك فيها”، لافتًا إلى أن: “الرئيس بارزاني؛ هو رمز الصمود لشعب كُردستان، جبان ورعديد مثلك أصغر بكثير من التطاول على هذا الشعب وزعيمه”.
“نيجرفان” : الوقت ليس مناسب للانسحاب..
واعتبر رئيس “إقليم كُردستان”، “نيجيرفان البارزاني”، الأحد؛ أن الوقت ليس مناسبًا لانسحاب قوات التحالف الأميركي.
ونقلت صحيفة (بيلد) الألمانية، في تقرير عن “البارزاني”، قوله إنه: “من المؤكد أن هناك خطرًا في حال اختار العراق سلوك الطريق الخطأ”، معربًا عن أمله بـ”العمل معًا على إعادة الاستقرار والأمان والرفاهية لشعب العراق وإتخاذ خطوات لمساعدته”.
وعن التوترات بين “الولايات المتحدة” و”إيران”، أكد “البارزاني”: “لا نريد أن يُحوَّل إقليم كُردستان والعراق إلى ساحة حرب لحل الخلافات وحسم المواجهات”.
وحذّر رئيس “إقليم كُردستان”، من: “عودة (داعش) مجددًا إلى الظهور، في حال انسحاب قوات التحالف من العراق”، معتقدًا أن: “الحرب ضد الإرهاب لم تنتهِ، لأن إقليم كُردستان وكل العراق، وكما كانت الحال فيما مضى، بحاجة إلى مساعدة التحالف”.
ولفت إلى أن: “تهديدات الإرهاب ليست موجهة إلى أمن المنطقة وحدها؛ بل إلى أمن المجتمع الدولي كله”.
جهاز مكافحة الإرهاب في كُردستان يصف حديث “نصرالله” بـ”قلة أدب” !
وبلغة لا تقل حدة؛ أصدر جهاز مكافحة الإرهاب في “إقليم كُـردستان العراق”، بيانًا رد فيه على، “حسن نصرالله”، زعيم ميليشيا “حزب الله” اللبناني، واصفًا ما تفوه به بأنه “قلة أدب” تجاه الرئيس، “مسعود بارزاني”.
وجاء في البيان: “في كلمة ألقاها، حسن نصرالله، أمين عام حزب الله اللبناني؛ بمناسبة ما يسمى بـ (ذكرى أسبوع شهداء محور المقاومة)، تحدث اليوم الأحد؛ عن مقتل قاسم سليماني.. ومن خلال حديثه جاء على ذكر سيادة الرئيس، مسعود بارزاني، ولكن بكل وقاحة وقلة أدب”.
تابع البيان: “نقول لنصرالله، مع الأسف تطلب منا وقتًا طويلاً كي نفهم من لغتك المتلعثمة، ولكن يجب أن تعرف جيدًا، عندما تريد التحدث عن سيادة الرئيس، البارزاني، عليك أن تتوضأ، لأن سيادة الرئيس، بارزاني، رمز لأمة ومحل تقدير وفخر للعالم، وليس لشخص ثرثار مثلك أن يتفوه عنه بسوء”.
ومضى البيان بالقول: “نحن نعرف سبب حقدك وكراهيتك، نعرف أن حقدك هذا ينبع عن هزيمتكم وخذلانكم مع جحوش 16 تشرين أول/أكتوبر؛ عندما حاولتم احتلال أربيل ومحو إقليم كُردستان من الوجود، أنتم تعرفون أية ضربة تلقيتم في پردێ، (التون كوبري)، وسحيلا وكيف تمرغ أنفكم في التراب، وحتمًا تتذكرون كيف أعيدت جيف قتلاكم إلى لبنان”.
وأختتم “جهاز مكافحة الإرهاب”، في “إقليم كُردستان”، بيانه بالقول: “نحن شكرنا كل من ساعد إقليم كُردستان في حربه ضد (داعش)، ولكن هذا الشكر لا يشملك، لأن مواقفكم ضد الكُرد وكُردستان كانت على الدوام أسوأ من مواقف إرهابيي (داعش)”.
“حزب الله العراقي” يهدد الأكراد بالمنع من دخول بغداد !
وفى سياق متصل؛ توعدت (كتائب حزب الله) العراقي، البرلمان، حال عدم إقرار قانون يقضي بإخراج القوات الأميركية من البلاد، فيما هددت الأكراد بمنعهم من دخول العاصمة، “بغداد”، إذا قاموا بدعم القوات الأميركية لأجل الانفصال.
وكان بيان صادر عن المكتب السياسي للكتائب – قبل إنعقاد جلسة البرلمان – قد قال: “يجب إلغاء اتفاقية الإطار اإستراتيجي، التي خرقتها أميركا خرقًا سافرًا وضربتها عرض الجدار، حيث باتت ملغية بحكم الأمر الواقع”.
وأضاف البيان: “شعبنا الجريح المكلوم يصوب نظره إلى ما ستسفر عنه جلستكم؛ متوسمًا فيكم الشجاعة والغيرة، وكله أمل أن تكون هذه الجلسة انتفاضة عراقية لكرامته ودماء أبنائه التي استباحتها دولة الإرهاب الأولى في العالم”.
وشددت الكتائب على ضرورة تصويت نواب البرلمان على إخراج القوات الأميركية من البلاد، متوعدة الرافضين، وذلك عقب مقتل قائد (فيلق القدس)؛ التابع لـ”الحرس الثوري” الإيراني، “قاسم سليماني”، ونائب قائد ميليشيات (الحشد الشعبي)، “أبومهدي المهندس”.
وخلال البيان؛ هددت (كتائب حزب الله) العراقي، الأكراد: “نحن نعلم أن بعض القوى الكُردية تميل إلى جانب إبقاء هذه القوات لغايات تتعلق بأحلام اﻻنفصالِ، مع أن الجميع يعلم أن أميركا ليست حليفًا مضمونًا”.
وأضاف: “لن نتردد في فضح الخونة والمتآمرين وسنحرمهم من دخول بغداد؛ ونمنع التعامل معهم، ولن نسمح باستمرار مصالحهم. نرفض رفضًا قاطعًا أنصاف الحلول”.
وفي وقت سابق؛ حذرت (كتائب حزب الله) العراقي، قوات الأمن، من الإقتراب من القواعد الأميركية، في تهديد مبطن باستهداف هذه القواعد.
وذكرت الكتائب، في بيان: “على الأجهزة الأمنية الإبتعاد عن القواعد الأميركية مسافة 1000 متر”.
وبغياب الكتل السُنية والكُردية، قرر “البرلمان العراقي” إنهاء الوجود العسكري الأجنبي؛ وإنهاء العمل بالاتفاقية الأمنية مع قوات التحالف ضد (داعش). وتزامنًا، أعلنت وكالة (رويترز)؛ أن التحالف أوقف عملياته ضد التنظيم في “العراق” ويركز على حماية قواته.
في المقابل؛ أفادت “وزارة الخارجية الأميركية” بأن “الولايات المتحدة” تشعر بخيبة أمل من دعوة “البرلمان العراقي”، إلى إلزام القوات الأجنبية بالانسحاب من البلاد، بعد مقتل قائد عسكري إيراني كبير وقيادي بـ (الحشد الشعبي) العراقي.
وقالت المتحدثة باسم الخارجية، “مورغان أورتاغوش”، في بيان: “بينما ننتظر مزيدًا من التوضيح بشأن طبيعة القرار وأثره القانوني، نحث بقوة الزعماء العراقيين على إعادة النظر في أهمية العلاقة الاقتصادية والأمنية بين البلدين والوجود المستمر للتحالف الدولي لدحر تنظيم (داعش)”.
“عبدالمهدي” : لا نؤيد العقوبات على إيران.. ولا نعادي أميركا !
وكان رئيس حكومة تسيير الأعمال، “عادل عبدالمهدي”، قد افتتح الجلسة بكلمة جاء فيها: “الكتل العراقية المقاطعة تشكك بإكتمال النصاب … لا نؤيد العقوبات الأميركية على إيران، لكننا في الوقت نفسه لا نعادي واشنطن”.
وبينما أكد: “رفض الحكومة العراقية الإعتداء بعد إبلاغها بقرار القصف قبل تنفيذه بدقائق”، أعلن أن: “المهندس هو الذي أقنع المتظاهرين بالإنسحاب من أمام السفارة الأميركية في بغداد”. وأضاف: “وضع جدول زمني لخروج القوات الأجنبية خيار مطروح على طاولة البرلمان”، طالبًا من البرلمان مراجعة الاتفاقيات التي ترعى وجود هذه القوات الأجنبية، شروط وجود القوات الأجنبية تنحصر بتدريب القوات العراقية، لافتًا إلى أن: “أميركا بدأت بإتباع سياسة (معنا أو ضدنا)، بعد انسحابها من الاتفاق مع إيران”.
وحول الاتهامات الأميركية بتقاعس “العراق” عن حماية “السفارة الأميركية” في “بغداد”، أكد “عبدالمهدي” أن القوات الأمنية العراقية منعت عمليات التخريب ضد السفارة، وأضاف: “الطائرات المسيرة الأميركية والمروحيات تجوب سماء بغداد من دون إذن رسمي”، وقال: “الثقة الأميركية بالعراق تراجعت لعدم إلتزامنا بمعاقبة إيران”.
غليان سياسي..
يأتى كل ذلك؛ وسط غليان سياسي بين قوى برلمانية رافضة هذا الوجود، وتناقضات كبيرة وحادة في مواقف كتل أخرى، ولا سيما السُنية والكُردية، واستمرت حالة تراشق الاتهامات وتبادل التهديدات وسط مخاوف من أن يسير “العراق” بخطى ثابتة نحو مخطط التقسيم لثلاث دويلات مدعومة من التدخلات الأميركية والإيرانية.