أزمة الكهرباء في العراق إستعصت على الحل..حتى أصبحت المرض العضال ، الذي لاشفاء منه، كما يبدو ..!!
ولم يضع المسؤولون على إدارة هذا الملف الحيوي، بدءا من الحكومة والبرلمان ووزارة الكهرباء أية حلول يمكن أن تنقذ العراقيين من هذا الوباء، الذي أرقهم طوال عقود من السنين، واجهوا فيها المرارات، من انقطاع الكهرباء عن بيوتهم لساعات طوال!!
ومنذ سنتين أو أكثر توقف قلمي عن الكتابة عن مآسي الكهرباء وعن عذاباتها ، كوننا شهدنا (تحسنا ملحوظا) منذ عامين، وفقا لنظرية ( 2×2 ) التي سارت عليها وزارة الكهرباء بساعتي تجهيز مقابل ساعتي قطع..وقبلها العراقيون على مضض!!
لكن ومنذ أكثر من شهر، ومع بداية دخول الشتاء على الأبواب تدهورت ساعات تجهيز الكهرباء في بغداد وكثير من المحافظات الى حدود مرعبة، حيث تم استخدام نظرية ( 4 ×1) أو ( 5×1) ، أي ساعة تجهيز مقابل 4 – 5 ساعات قطع، وهي النظرية التي إستقرت عليها وزارة الكهرباء مؤخرا، دون أن تقدم للعراقيين (مبررات) مقبولة لمثل هذا التدهور والانهيار الخطير، والذي حول حياة ملايين العراقيين الى جحيم لايطاق!!
لكن العراقيين بدأوا يعرفون خيوط اللعبة، برغم ان وزارة الكهرباء لاترغب في كشف أوراقها .. وهناك من يقول ان الإيرانيين عاقبوا شعب العراق بسبب الاحداث الأخيرة، ، وقطعوا تجهيز الغاز الايراني عنهم، دون أن تقدم وزارة الكهرباء حلولا بديلة، وبخاصة أنها تلقت منذ أشهر عروضا من دول مجاورة بتزويدها بالكهرباء وبأسعار رمزية ، لكن الجهات العراقية العليا ما تزال مترددة، كما يقال، في الاستفادة من تلك العروض، وما تزال تراهن على الارتباط بالغاز الايراني حتى وان انقطعت الكهرباء عن العراقيين لأشهر وربما لسنوات!!
وفي بداية تولي وزير الكهرباء المهندس لؤي الخطيب مهام عمله في الوزارة ، كان السيد الوزير يلح على طرح فرضية أن تزويد الكهرباء متعلق بالأمن الوطني، وقلت مع نفسي حينها : ماذا يقصد السيد الوزير من إستمرار تأكيده على وجود ربط بين العامل الأمني والكهرباء ،وتبين فيما بعد ان الأمر برمته (سياسي) وليس أمنيا، إذ لاعلاقة للجانب الأمني بقضية تجهيز الكهرباء او الانقطاعات التي تحدث ولساعات طويلة، إذ إن الوضع الامني قد تحسن كثيرا منذ سنوات، كما أن ملايين العراقيين لم يفهموا حتى الان مغزى هذا الربط الذي كان السيد وزير الكهرباء يلح عليه أنذاك ، وكأنه يريد أن يقول للعراقيين أنكم لن تهنأوا يوما بالكهرباء، مادام الوضع الأمني في العراق ليس على مايرام!!
والطامة الكبرى أنه لا الرئاسات الثلاث ولا الاجهزة التابعة لها تهتم بموضوع تدهور ساعات تجهيز الكهرباء، ولم يخصص البرلمان ولو جلسة واحدة للنظر في تدهور ساعات تجهيز العراقيين بالكهرباء، وهم لا يضعون في الوقت نفسه حدا لطغيان ارتفاع أسعار أمبيرات المولدات في أحياء محددة من بغداد وبخاصة بمنطقة الدورة التي بلغت فيها مبالغ الدفع لأصحاب المولدات أرقاما خيالية، ولم تبذل محافظة بغداد هي الأخرى أي دور في كبح جماح أصحاب المولدات الذي صعدوا أسعار الامبيرات الى 15 الفا أو يزيد وفي الصيف الى 25 الف دينار، بينما في أحياء أخرى غير الدورة فيتراوح مابين 7 – 10 الاف دينار ، وبخاصة في المناطق التي تعود لأصحاب السلطة والقرار، أما المناطق المغلوبة على أمرها ومن التي تحسب على (الأقليات)، فالامبير يتراوح من 15 الى 20 الفا ، وهو أمر لم يعد بمقدور العوائل العراقية في منطقة الدورة ومناطق أخرى تحمله، وحجة أصحاب المولدات انهم لايتلقون الدعم من الحكومة بشأن تجهيزهم بالكاز، برغم انهم يستلمون حصصا لانعرفها، ولم نر أي رقابة لا من الجهات البلدية ولا من محافظة بغداد او مجالسها البلدية أي اهتمام بهذا الموضوع، وبخاصة في حي الميكانيك الذي يعد أصحاب المولدات انهم فوق الدولة وفوق القانون ، ولا أحد بمقدوره ان يضع حدا رادعا يوقف اسعارهم الخيالية بل والجنونية منذ سنوات!!
لمن يشكو العراقيون أمرهم،ومأساتهم ومحنتهم..وهم لايدرون بالتاكيد ..لأنه لا وجود لدولة ولا لمؤسسات ولا لرقابة ولا لوزارات ولا لكهرباء.. وكان الأحرى ان يحولوا المولدات الى وزارة، حتى يعرف العراقيون الحقيقة..ويكون لها رقيب وجهة تحاسبهم..وبخاصة أن العراقيين قد ضيعتهم الأقدار بين ظلمها وجورها ، ولم يعد نعرف من يحكمنا ، بعد إن ضاعت المسؤولية، ولم يعد يعرف العراقيون رجلها من حماها..كما يقال..وكان الله في عون العراقيين على تحمل كل تلك الأزمات ولا يلوح في الأفق القريب بادرة ( انفراج) لتلك المأساة التي طال انتظارها..ولله في خلقه شؤون!!