خاص : كتبت – هانم التمساح :
في ظل حالة الفراغ السياسي التي خلفتها موجات التظاهرات بـ”العراق”، ومع الرفض الشعبي المتكرر للمرشحين لمنصب رئيس وزراء “العراق”؛ نظرًا لحالة الفساد والإفساد التي طالت الطبقة السياسية برمتها ولوثتها لدرجة أن الشباب الثائر لم يجد من يلبي طموحاته في إنقاذ الوطن.. وسط كل هذا؛ يأتي سياسيون من عصور بائدة ليطرحوا أنفسهم بدلاءٍ ويحملون في نفوسهم مشروعاتهم الخاصة.. ومن زمن بعيد ظهر من يحمل مشروع عودة “العراق” لزمن الملكية وحكم الأسرة الواحدة.. فقد أعلن راعي الحركة الملكية وسليل العائلة المالكة في العراق، “علي بن الحسين”، ترشحه لرئاسة الحكومة الانتقالية في “العراق”، فيما تعهد بتلبية مطالب المتظاهرين.
“علي بن الحسين”.. مرشحًا !
ويبدو أن سليل الأسرة المالكة، الذي قضى معظم حياته في “لندن” قد ترجم وفهم رسالة المتظاهرين بشكل خاطيء، إذ أن الدماء التي لطخت شوارع “بغداد” قدمها الشباب قربانًا لتشييد وطن قوي حر يسمو فوق الطائفية والتمييز الطبقي ويتساوى فيه جميع أبناء “العراق” في الحقوق والواجبات، وتوزع خيراته بالتساوي لتطال الجميع، ولم يقدموها ليشتروا لهم سيدًا يحكم وأسرته شعبًا بأكمله ويعودا فيه زمن الملك والملوك !
وقال “علي بن الحسين”، في مقطع فيديو بثه لوسائل الإعلام: “تماشيًا مع مطالب المتظاهرين الشبان وإكرامًا للذين قدموا دماءهم قرابين لاستعادة الوطن وكرامتهم المهدورة وما أشترطوه من مواصفات محددة؛ وما طرحته المرجعية الرشيدة وما أكدته من ضرورة اختيار شخصية غير جدلية، ونزولًا لرغبة الكثيرين، أضع اسمي بين يديكم كمرشح لرئاسة الوزراء”.
وأضاف: “لي الشرف أن أعاهد الشعب والشباب بتلبية المطالب التي حددوها؛ ولن ندخر جهدًا في سبيل تنفيذ مطالب المتظاهرين والسير بالبلد إلى بر الأمان”.
وأشار إلى أن ملف تسمية رئيس الوزراء يواجه مشكلة دستورية تتعلق بعدم وجود وثيقة تثبت من هي الكتلة الأكبر، إضافة إلى مشكلة سياسية، تتعلق بمواصفات وضعها المتظاهرون لرئيس الوزراء المقبل، بتأييد المرجعية ورئيس الجمهورية وأغلب أعضاء البرلمان.
وتساءل “بن الحسين”: “على أي أساس يتم طرح اسم نائب رئيس المؤتمر الوطني كمرشح لرئاسة الوزراء، وهو لا يستوفي أيًا من الشروط التي طالب بها المتظاهرون والمرجعية”، في إشارة إلى المرشح، “أسعد العيداني”.
مشروع عودة الملكية !
وخلال الشهر الماضي؛ قدّم تحالف (البناء)، 7 مرشحين، إلى منصب رئيس الحكومة، لكن ساحات الاحتجاج رفضت تكليفهم بالمنصب، فضلًا عن رفض بعضهم من رئيس الجمهورية، “برهم صالح”، وهو ما فتح مواجهة سياسية.
و”علي بن الحسين”؛ يقود الآن “الحركة الملكية الدستورية العراقية”، من “بغداد”، والسعي من أجل إعادة نظام الحكم الملكي بعد إلغائه، في 14 تموز/يوليو 1958.
وولد الشريف “علي بن الحسين”، في “بغداد”، عام 1956. وترعرع في المنفى بين “لبنان” و”بريطانيا”، والشريف “علي” أصغر أبناء، الأميرة “بديعة”، وهو من يقود الآن “الحركة الملكية الدستورية العراقية” من “بغداد”، والسعي من أجل أعادة نظام الحكم الملكي لـ”العراق”، بعد إلغائه في 14 تموز/يوليو 1958؛ بسبب انقلاب عسكري، حيث يدعي بأنه الوريث الشرعي لمنصب ملك “العراق”، على أساس علاقته مع الملك الأخير لـ”العراق”، الملك “فيصل الثاني”.
وبقي الشريف “علي بن الحسين”، كأحد معارضي حكم الرئيس العراقي السابق، “صدام حسين”. في عام 1991، وقال أنه ترك وظيفته في إدارة صناديق الاستثمار، وأصبح عضوًا في “المؤتمر الوطني العراقي”، وكان الغرض منها التحريض على الإطاحة بـ”صدام حسين”.
ويدعي “بن الحسين” أن الكثير من العراقيين على اختلاف آرائهم السياسية واختلاف إنتمائيتهم الحزبية، اتصلو بالعائلة المالكة العراقية يريدون “هاشميًا” من العائلة المالكة العراقية؛ حسن السيرة وذا ماضٍ نظيف لم يتعامل مع أي من الأنظمة التي تعاقبت على “العراق”، منذ 14 تموز/يوليو 1958، ولا تستطيع تلك الأنظمة أن تدعي أنه كان لها فضل عليه أو منة والحو عليهم، للتصدي لإنقاذ “العراق” نظرًا لخلو الساحة من مشروع سياسي يتجمع العراقيون حوله. وبعد دراسة الموضوع بعناية بالغة تبلور ترشيح الشريف “علي بن الشريف الحسين”، وهو ابن خالة الملك “فيصل الثاني”، وأقرب أفراد العائلة الذكور شرعيًا إليه !
مدعوم من السعودية..
و”علي” والده هو الشريف “الحسين بن علي”، وتربطه علاقة وثيقة بـ”المملكة السعودية”، (حيث كان الأخير أميرًا لـ”مكة” إلى عام 1908م)، ووالدته الأميرة “بديعة” بنت الملك “علي بن حسين الأول”، وهي خالة الملك “فيصل الثاني”؛ ويرى مراقبون أن ترشح “علي بن الحسين” قد يكون مدعومًا من “آل سعود”.
وقد أشترط الشريف “علي”، على طارحي هذه الدعوة – حسب زعمه – أن يكون التوجه مطلبًا وطنيًا شعبيًا مطلوبًا من الشعب في الداخل؛ وألا تكون هذه “الحركة الملكية الدستورية العراقية” حزبًا جديدًا يضاف إلى عشرات الأحزاب والتنظيمات الموجودة على الساحة، وأن تكون الملكية دعوة شاملة واسعة ونقطة لقاء واتفاق تجمع كل الميول والإتجاهات وتحميهم جميعًا.
وفي حديث سابق له؛ قال: “إن أغلبية الشعب العراقي ترحب بعودة الملكية، لأنهم يعتقدون أنها هي النظام الذي سيضمن إعادة وحدة المجتمع العراقي”، وأكد أن: “شغلنا الشاغل هو إعادة الإرادة المسلوبة للشعب العراقي كي يستطيع أن يختار بحرية تامة من يحكمه”.
محاولات عديدة فشلت !
ولا تُعد هذه المحاولة الأولى لـ”علي بن الحسين”، للهث خلف منصب سياسي يكون خطوة لاستعادة حلم الملكية، فقد سبق وكشف مصدر مطلع، عن وجود لقاءات “سرية” بين الكتل السياسية لتنصيبه رئيسًا للجمهورية؛ كبديل عن رئيس الجمهورية السابق، “فؤاد معصوم”، بعد أن أثبت أنه رهن إشارة “كُردستان”.
وفي شباط/فبراير 2010، قال إن مشروع إقامة الملكية الدستورية تأجل في “العراق” إلى حين توافر معطياته، ومن أجل ذلك، تم تحويل اسم حركته من “الملكية الدستورية” إلى “الحركة الدستورية”، وتحدت مع “الائتلاف الوطني العراقي”.
كما ترشح، في تشرين أول/أكتوبر 2018، لمنصب “وزير الخارجية” عبر النافذة الإلكترونية التي فتحتها حكومة، “عادل عبدالمهدي”، قبل أن يتم اختيار، “محمد علي الحكيم” للمنصب، وقبلها، وفي 2016، أيضًا أخفق في الحصول على المنصب ذاته إبان حكم، “حيدر العبادي”.
علاقته بـ”نوري المالكي”..
وكان الشريف “علي بن الحسين”؛ من الشخصيات المقربة من رئيس الوزراء العراقي السابق، “نوري المالكي”، وقد ترشح في الانتخابات البرلمانية السابقة ضمن قائمة (ائتلاف دولة القانون)، بزعامة “المالكي”، عام 2014.
ويشهد “العراق” احتجاجات شعبية غير مسبوقة، منذ مطلع تشرين أول/أكتوبر الماضي، تخللتها أعمال عنف خلفت ما يزيد على 500 قتيل وأكثر من 17 ألف جريح، علاوة على المختطفين.
وأجبر المحتجون، حكومة “عادل عبدالمهدي”، على الاستقالة، مطلع كانون أول/ديسمبر 2019، ويصرون على رحيل ومحاسبة كل النخبة السياسية المتهمة بالفساد وهدر أموال الدولة، واختيار مرشح مستقل نزيه لا يخضع للخارج ليتولى إدارة البلد لمرحلة انتقالية تمهيدًا لإجراء انتخابات مبكرة.