خاص : ترجمة – سعد عبدالعزيز :
نشرت صحيفة (إسرائيل اليوم) العبرية مقالًا للكاتب، “إلداد بك”، تناول فيه تداعيات وفاة، السلطان “قابوس سعيد بن”، على مستقبل “عُمان” ومنطقة الخليج والشرق الأوسط.
واعتبرت الصحيفة أن “قابوس”؛ كان يتمتع بقدرات دبلوماسية وسياسية قلَّ أن تجتمع في زعيم آخر.
لعب دور الوساطة والتهدئة !
يقول الكاتب الإسرائيلي: لقد جاءت وفاة حاكم “سلطنة عُمان”، السلطان “قابوس”، نهاية الأسبوع الماضي، في توقيت سييء للغاية من تاريخ منطقة الشرق الأوسط.
فالسلطان “قابوس”؛ الذي مات عن عمر يناهز 79 عامًا، كان يُعد أقدم حاكم في العالم العربي؛ حيث تولى الحكم بعد أن انقلب على أبيه، في عام 1970. ومنذ ذلك التاريخ، أي طيلة نصف قرن؛ وهو يلعب دور الوساطة والتهدئة في منطقة الشرق الأوسط؛ التي لم تكد تخلو من الحروب والنزاعات والمواجهات والتوترات.
صمد في وجه الأحداث..
يشير “بك” إلى أن، السلطان “قابوس”، قد استطاع طيلة خمسة عقود أن يصمد في وجه الأحداث الجسام والأمواج العاتية التي إجتاحت الشرق الأوسط؛ وذلك بفضل شبكة علاقاته المعقدة والمتوازنة مع الأطراف المتخاصمة في المنطقة، مع الحفاظ على روح الإسلام الوسطي؛ وفقًا للمذهب “الإباضي” السائد في السلطنة.
علاقات قديمة مع إسرائيل..
يوضح “إلداد بك”؛ أن “عُمان”، في ظل حكم “قابوس”، كانت من أولى الدول العربية التي أقامت علاقات مع “إسرائيل”، وكان ذلك في سبعينيات القرن الماضي.
وبعد عشرين عامًا؛ أي في أعقاب توقيع “اتفاقية أوسلو”؛ تم بشكل رسمي افتتاح المكتب الدبلوماسي الإسرائيلي في العاصمة العُمانية، “مسقط”؛ ولكن تم اغلاقه في أعقاب إندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية.
استقبل “نتانياهو”..
في تشرين أول/أكتوبر عام 2018؛ عندما كان السلطان “قابوس” يمر بوعكة صحية؛ استقبل رئيس الوزراء الإسرائيلي، “بنيامين نتانياهو”، الذي حل عليه ضيفًا في قصره، خلال زيارته الرسمية.
وكانت زيارة “نتانياهو”؛ تًعد إيذانًا ببدء عهد جديد من العلاقات بين الدول الخليجية و”إسرائيل”. ويرى البعض أن “قابوس”؛ قد أقدم على مخاطرة شخصية باستضافته رئيس الوزراء الإسرائيلي، لأن الزيارة جرت في ظل احتمال متزايد لإندلاع صدام بين “إيران” و”الولايات المتحدة”.
راهن على الورقة الإسرائيلية !
يُعتبر “قابوس”؛ أحد الزعماء العرب السُنة الذين استطاعوا إقامة علاقات جيدة مع “نظام الملالي”، في “طهران”. كما استضاف في عاصمته المفاوضات السرية التي جرت بين مسؤولين إيرانيين ومندوبين عن إدارة الرئيس الأميركي، “باراك أوباما”، تمهيدًا لإبرام “الاتفاق النووي”.
وباعتباره مراوغًا سياسيًا بارعًا؛ فقد أدرك، “قابوس”، أنه من الأفضل له، في عصر “دونالد ترامب”، أن يعود ليراهن على الورقة الإسرائيلية – مع إبقاء قنوات اتصال مفتوحة مع “إيران”.
تداعيات وفاة “قابوس”..
يرى “بك” أن وفاة السلطان “قابوس”؛ تأتي في توقيت حرج من تاريخ الشرق الأوسط؛ في وقت كان يمكن لمهاراته الدبلوماسية وعلاقاته السياسية والشخصية، أن تلعب دورًا مهمًا في الحيلولة دون حدوث تصعيد أو حتى اندلاع الحرب.
الأدهى من ذلك أن “قابوس”؛ لم يترك أبناء من بعده، مما قد يؤدي لإندلاع صراعات على خلافته؛ والتي ربما لن تحدث مع انتقال زمام السلطة إلى ابن عمه، “هيثم بن طارق”، الذي سبق وأن شغل مناصب مهمة في “وزارة الخارجية” العُمانية وعمل مبعوثًا شخصيًا للسلطان “قابوس”.
وبحسب “بك”؛ فإن الموقع الجغرافي لـ”سلطنة عُمان” – حيث تطل على “مضيق هرمز”؛ وتجاور “اليمن” و”السعودية” وتحدُّها “إيران” على الجانب الآخر من “الخليج العربي” – يمنحها أهمية إسترتيجية بالغة، مما يجعلها محل الأطماع للعديد من الأطراف.
أضف إلى ذلك أن التركيبة السكانية – التي يُعتبر ثلثها من الأجانب، وكثير منها ينتمون للمذهب الشيعي – تزيد من احتمال تفتت السلطنة.
هل ستتحول لبؤرة جديدة للتوتر ؟
إن “سلطنة عُمان”؛ التي كانت تُعد من أكثر الدول استقرارًا في منطقة الشرق الأوسط، قد تتحول في ظل ظروف معينة إلى بؤرة جديدة للتوتر، وحينئذ ستحاول أطراف عديدة التدخل في شؤونها.
خاصة في ظل عدم استقرار دول الجوار. فهناك دولة “اليمن” قد مزقتها الحرب الأهلية الطاحنة، وهناك “السعودية”؛ التي تُمر بتغيرات داخلية غير مسبوقة بقيادة ولي العهد، “محمد بن سلمان”؛ وهناك جهات سلفية بسطت نفوذها خلال العقود الأخيرة على السُّنة داخل السلطنة؛ ناهيك عن أن “إيران” تُحرض الأقليات الشيعية في “شبه الجزيرة العربية”. وفضلًا عن ذلك كله هناك شبح الحرب الإقليمية مع “إيران”.
إنتهى الشرق الأوسط القديم..
ختامًا يرى الكاتب الإسرائيلي؛ أن الشرق الأوسط القديم قد إنتهى بوفاة، السلطان “قابوس”؛ لكن إذا حل محله خليفة يتمتع بالكفاءة؛ فسيمكنه قيادة “شبه الجزيرة العربية” نحو التقدم وتعجيل عملية التطبيع مع “إسرائيل”.
أما إذا لم تتمكن “عُمان” من الاستمرار على نهج، السلطان “قابوس”، فإنها ستصبح حجر عثرة أمام التطورات الإيجابية في المنطقة، بل وستزيد من إحتدام الصدامات والصراعات. ونتمنى أن يتمسك السلطان الجديد بسياسة، “قابوس”.