23 ديسمبر، 2024 7:30 م

رمضانيات /6 ـــ للحب وقت وللموت وقت !

رمضانيات /6 ـــ للحب وقت وللموت وقت !

لم نعش داخل العراق كباقي البشر ! فحروبنا مازالت مشتعلة ولم تتوقف منذ عقود طويلة ، حروب ومجازر وأنقلابات وسجون متلاصقة وأعدامات متلاحقة حتى وصلت سفينة العراق الى شاطيء الارهاب بعد سقوط النظام وحتى يومنا هذا ! أموال وثروات العراق تتقاسمها الاحزاب الحاكمة لتغذي الارهاب في دواخلهم ! الارهاب يقتل ابناء الشعب !
نحن أبناء الحروب ، لم نتعلّم الحب كما ينبغي ، فالحب أسمى وأنبل شيء في الحياة ! عندما كان العراق غارقاً في الحب والعشق ما بين ابنائه ! كان ثمة (خير الله طلفاح ) محافظا لبغداد يصطاد فرائسه من العشاق الواحد بعد الآخر في حديقة الزوراء وسط بغداد ليصبغ أفخاذ الفتيات في ( البوية ) ! ويحلق شعر الشباب بطريقة مخزية ! طلفاح لم يمنحنا وقتاً للاستمتاع بالحب ولم يسمح بلقاء العشاق عند شارع ابي نؤاس ! كان عدوه الحب ، بينما الحرب صديقته ! خير الله طلفاح وهو خال صدام حسين طاغيتنا الذي خلف لنا مئات الطغاة بعد رحيله ! لم يتمكن منه احد ! إلا أن الله وحده تمكن من جبروته فقطعّه اوصالا ، بترت ساقه اليمنى ثم اليسرى الى أن غادرغير مأسوف عليه من قبل الشعب ! حثالات من انواع عجيبة وغريبة تحكم العراق منذ 1963 وحتى يومنا هذا !!
قبور العراقيين ملئت أرض العراق وللنجف حصتها الاكبر! وعلى مدى سنوات الحرب العراقية الايرانية كانت التوابيت تمشي بلا توقف ! وكان الموت ملهمنا في الشعر ! لم أقرأ قصيدة غزل لشاعر عراقي إلا ما ندر ! لم يبق بيتا من بيوت العراقيين إلا وفقد عزيزاً في تلك الحرب اللعينة التي أكلت شبابنا تحت ذريعة الدفاع عن الوطن !
في زمن البعث ونظامه الدموي لم يكٌ لنا وطن !
كنا ندافع عن النظام مرغمين ! وأخذ بنا الى العبور ! أي عبور ؟ لا نعرف بداية الامر عن أي عبور يتحدث نظام البعث ! الآن فقط عرفنا عبورنا نحن العراقيون كان من الظلمات الى العدم !
وعندما كتب الروائي الألماني (اريك ماريا ريماك ) روايته الرائعة ( للحب وقت وللموت وقت ) كان فيها الكثير من الرؤيا والتشابه ما بين الغرب والشرق ! وكان قد كتب ( ليلة لشبونه ) وحين قرأها هتلر ، قال عنها : أنها أجمل ما قرأ ! كانت ليلة لشبونة تنال من هتلر ذاته وتسخر منه ، لكنه أستمتع بالعمل الادبي !
في العراق كان العكس فحين يقرأ الدكتاتور ثمة رواية أو قصيدة تدينه ، يجند أجهزته الامنية للنيل من ذاك الشاعر أو الروائي !
نحتاج نحن في العراق الى الحب والتسامح أكثر من حاجتنا الى الحرب والأرهاب الذي جعل منا شعب مقسّم الى قوميات وطوائف ! فالدين لله والوطن للجميع ، يجب أن يكون وقتاً لنا في الحب ! فبالحب وحده يحيا الانسان ، وليس في الخبز !! 
أن ثقافة الاقصاء والتهميش والحرب والقتل والسيارات المفخخة والخطف والاغتصاب والعبوات الناسفة واغتيالات كاتم الصوت قد اتخمتنا ! يفترض أن نجرب الحب وأن نغرق في العشق وروح التسامح والعفو ! أما الحرب فنتائجها مؤلمة !
الحرب : حوار الكائنات الخرافية !
السلام / وردة تتفتح دائماً !
ولهذا فعلى الشعب العراقي الذي يرزح منذ سنوات طويلة تحت وطأة الحرب والارهاب أن لا ينتخب كل الاحزاب الدينية والكردية التي شاركت بخلافاتها بقتل العراق وشعبه ! علينا أن نحّضر لمحاكمة البرلمانيين والوزراء والكتل السياسية فقد نهبوا كل شيء ! وقتلوا كل شيء ! واصبح العراق بالنسبة لهم عبارة عن بقرة حلوب ! يسرقون أمواله ويتركون الشعب للفقر والبؤس ! يفترض أن نلغي فقرة الحرب والموت ونتفرغ الى الحب الذي سيجعل من بلدنا جميلة وبهية بناسها وثرواتها بعد أن نزيل كل السياسيين وتجار الموت الذين قتلونا وقتلوا ابنائنا ومازالوا ، ولنبدأ صفحة جديدة من الحب !!