خاص : كتبت – هانم التمساح :
كيف رصدت الاستخبارات الأميركية لحظة وصول، “قاسم سليماني”، وخروجه من مطار العاصمة العراقية ؟.. هذا هو سؤال الساعة في أجهزة الاستخبارات والأمن العراقية.
ويُرجح مراقبون أن يكون قد تعرض لخيانة من مقربون.
إذ يحيط بتحركات الجنرال الإيراني، وحتى مستقبليه من (الحشد الشعبي)، المزيد من السرية؛ فكيف عرفت “الولايات المتحدة” بتحركاته ؟..
ولعل الإجابة تكون لدى (حزب الله) اللبناني، الذي يكشف مصدر منه؛ لموقع (ميدل إيست آي) البريطاني؛ عن أن “سليماني” تعرض للخيانة، مشيرًا إلى أن أحد قادة الحزب اللبناني كشف تفاصيل خط سير رحلة “سليماني” في الـ 36 ساعة الأخيرة من حياته.
التحقيق مع موظفين بالاستخبارات العراقية والسورية..
قال مسؤولون أمنيون، إن السلطات العراقية اعتقلت شخصين، سوري وعراقي الجنسية، وباشرت التحقيق مع موظف استخبارات بـ”مطار بغداد” وطاقم الطائرة، التي أقلت قائد (فيلق القدس)، بـ”الحرس الثوري” الإيراني، الجنرال “قاسم سليماني”، إلى العاصمة العراقية، حيث قُتل في غارة أميركية.
وباشرت السلطات التحقيقات للوقوف على تفاصيل زيارة “قاسم سليماني” ومجريات الأحداث لحين مقتله.
الرحلة من دمشق للبنان ثم العراق.. الساعات الأخيرة..
وذكر تقرير لـ (ميدل إيست آي)؛ أن ما وصفه بالقائد في (حزب الله) اللبناني؛ أوضح أن “سليماني” كان يخضع للمراقبة عن كثب منذ اللحظة التي وصل فيها إلى “دمشق” قادمًا من “طهران”، الخميس الماضي 2 كانون ثان/يناير 2020، وحتى لحظة اغتياله، في “بغداد”، فجر اليوم التالي، الجمعة.
ويضيف: “سليماني وصل إلى مطار دمشق، صباح الخميس الماضي، ولم يلتقِ أحدًا في العاصمة السورية أبدًا، بل انتقل مباشرة من الطائرة إلى سيارة أقلته إلى العاصمة اللبنانية، بيروت، حيث التقى هناك بالأمين العام لـ (حزب الله)، حسن نصرالله”.
ويتابع القائد في (حزب الله) – الذي وصفه الموقع البريطاني بأنه مُطلع على المباحثات بين “سليماني” و”نصرالله” – أنهما ناقشا آخر التطورات في “العراق” لساعات طويلة.
وبعد زيارته لـ”نصرالله”، في “بيروت”، لوقت قصير؛ عاد “سليماني” إلى “دمشق” في الليلة ذاتها تحت تدابير أمنية مشددة، يضيف المصدر أنه عندما وصل إلى “مطار دمشق” ركب على متن طائرة (أجنحة الشام)؛ في رحلتها المتجهة إلى “بغداد”، وذلك من ضمن الركاب العاديين، مشيرًا إلى أنه كان من المفترض للرحلة أن تنطلق، في تمام الساعة 8:20 دقيقة مساءً، بيد أنها تأخرت لسبب مجهول حتى الساعة 10:28 دقيقة، وذلك بحسب البيانات العامة لشركة الطيران.
ويشير إلى أن “أبومهدي المهندس”، نائب رئيس قوات (الحشد الشعبي)، قد تلقى أنباءً في الوقت ذاته تقريبًا تُفيد بأن “سليماني” قد يهبط في الأراضي العراقية قريبًا، ولم تتضمن المعلومات سوى اسم شركة الطيران وموعد الوصول.
واستدعى “المهندس” مساعده، “محمد رضا”، والمسؤول عن تشريفات (الحشد الشعبي) في المطار، وأمره بقيادة السيارة إلى بوابة المطار والاستعداد لوصول ضيف مهم.
ويؤكد التقرير أن “أبومهدي المهندس”؛ إتخذ إجراءات أمنية مشددة للقاء “سليماني” وحاول التخفي، غير أنه كان من المعروف جيدًا أيضًا أن “المهندس” لم يستقبل أحدًا في المطار غير “سليماني”.
ووفق المعلومات الأميركية؛ فإن “واشنطن” على إطلاع بوصول “سليماني” إلى “بغداد”، وأن “المهندس” كان سيستقبله في المطار، وأنه سيصطحبه إلى منزله في “المنطقة الخضراء”؛ المحصنة جيدًا، غير أن طائرة أميركية مُسيرة كانت تُحلق وتستعد لقصفهما، وما هي سوى دقائق معدودة حتى لقي الرجلان حتفهما في الغارة.
مطاري “بغداد” و”دمشق” يعجا بالموالين لأميركا !
ويشير التقرير إلى أن “سليماني” و”المهندس” كانا على قائمة المطلوبين لـ”الولايات المتحدة”، منذ سنوات، وأنهما كانا يتجنبان استخدام التقنيات الحديثة، وأنهما إلتزما بتدابير أمنية مشددة.
وكان عدد الأشخاص الذين يمكنهم الوصول إلى هذين القائدين محدودًا جدًا، وأنهما كانا يبذلان جهودًا كبيرة للتخفي أثناء التنقل.
وقال قائد مقرب من “المهندس”، لموقع (ميدل إيست آي) – شريطة عدم الكشف عن هويته لأسباب أمنية – إن: “هذه هي تدابيرهما الأمنية المثالية، فقد كانا يسافران دائمًا دون تحديد تاريخ مسبق وبدون الإعلان عن وجهتهما، وكانا يستخدمان خطوط طيران عادية، ولا يمران عبر القنوات الرسمية المعتادة من أجل ختم جوازات سفرهما في المطارات”.
وأضاف أنهما كانا لا يستخدمان هواتف ذكية، وأنهما يتنقلان بسيارات عادية مع أقل عدد ممكن من الناس، وكان من الصعب تعقبهما إجمالًا، لكن مطاري “دمشق” و”بغداد” يُعجان بالمصادر الاستخباراتية الموالية لـ”أميركا”، ولهذا وقعا في المصيدة.
ويُنسب التقرير إلى مسؤولين عراقيين مطلعين على تحركات “سليماني” القول؛ إنه كان يستخدم نقاط دخول عدة إلى “العراق”.
ويضيف الموقع البريطاني أن “سليماني”، كان في بعض الأحيان؛ يهبط في “مطار بغداد الدولي”، كما حدث، الجمعة الماضي، وأنه كان في أحيان أخرى يصلي في “النجف،” أو يجتاز “معبر المنذرية” الحدودي إلى محافظة “ديالى”؛ قادمًا من “إيران” على بُعد 120 كلم، شرق “بغداد”.
ويشير التقرير إلى أن “سليماني” بدأ، مؤخرًا بشكل متزايد، بالهبوط بالطائرة في منطقة “كُردستان”، شمال “العراق”، وذلك قبل أن يرتحل بالسيارة جنوبًا إلى “بغداد”.