23 ديسمبر، 2024 9:03 م

(التيتي ) الجابي الذي استبدل القطار بـ(التاكسي )

(التيتي ) الجابي الذي استبدل القطار بـ(التاكسي )

رصد سلبيات المجتمع وابراز ايجابياته مهمة لاتقتصر على جهة معينة دون غيرها ولعل الاعلام خصوصا المرئي معني اكثر من غيره في هذا الموضوع بشرط طرحها بشكل معقول ومقبول ولايتعارض مع الثوابت المنطقية وعرفية المجتمع . مسلسل ( التيتي جابي القطار ) بطولة عدد من الفنانين العراقيين واخراج جمال عبد جاسم  الذي يُعرض في شهر رمضان المبارك على شاشة العراقية الرسمية  من المسلسلات التي سار فيها الفنان قاسم الملاك على الطريقة التي نهجها سابقا ( حب وحرب ، سائق الستوتة ، دار دور) حيث تتمحور حول شخصية البطل الذي حول نفسه الى مصلح اجتماعي يريد ان تسير الامور على مفاهيم لا تمت الواقع بصلة . ( التيتي ) لم يخرج عن الادوار التي قام الملاك ببطولتها لاسيما انه المؤلف في نفس الوقت حتى لدرجة انه قاس الدور بما يلائم قياسه المعروف . الاحداث نفسها مع تكرار الموضوعات التي تجعل المشاهد لا يتفاعل معها ،بل يشمئز من بعض المواقف التي يمكن ان تلصق بالبطل  تهمة الغباء والبلادة المفرطة في زمن الانترنيت والسرعة . من هذه المشاهد التي يمكن ان تؤخذ على المسلسل التي لا يقبلها المنطق والعقل اصراره على بقاء زوجته ( زهرة ) انعام الربيعي في مركز الشرطة والنوم امام الرجال والمجرمين . وايضا مشهد لايمكن سوى ان يوصف بالسماجة وهو سماح ( جاسم ) قاسم الملاك بركوب سيارته لمجنون حيث ان كل المؤشرات تدل على هوية الراكب ( الملابس الرثة ، الهندام ، الوضع العام ) فضلا عن تكرار جملة ( ميت وعدل ) عندما استأجره احدهم وطلب منه نقل متوفي له الى المقبرة.ومن المشاهد التي يمكن ان نشم منها رائحة المبالغة الوداع الحار لزوجة البطل والذي كان حارا كشهر تمور وكذلك مشهد الصعود الى سطح الدار وتنكر بزي الخراف وهو اشد سخونة من سابقه  فضلا عن حمل ( انعام الربيعي ) على طريقة (حمال باشي ) وهي في طريقها الى المستشفى الذي كان بعيدا جدا ولاتتوفر عند طوارئه عربات نقل المرضى . اما بقية افراد المسلسل فتوجد حلقة وصل مفقودة بينهم كما في شخصية ( عيد ) وصديقه اللذين يبحثان عن عمل ويفشلان في كل مرة وهما يقومان بالرقص والحركات البهلوانية بمناسبة او دونها . اما اولاد قاسم الملاك الذي  ينحدر هو وزجته من الجنوب في حين ابنه الاكبر الفنان احمد التميمي( البغدادي  بلهجته ) كانت بعيدة عن لهجة العائلة الاصلية . واكثر المفارقات التي حملها المسلسل ان عنوانه ( التيتي ، جابي القطار) في حين ان اغلب المشاهد صورت خارج نطاق القطار وتم استبداله بالتاكسي لم يسلط الضوء على عمل منتسبي سكك الحديد وعلاقتهم بالقطار   . هذه جملة من التناقضات التي استهلكت المسلسل وجعلته يدور في فلك المسلسلات السابقة من حيث المواقف والاحداث .  العراقية المنتجة للعمل كان بمقدورها ان تخرج عن تكرار افكارها السابقة التي تناسب شخصية الملاك الناقد لكل شيء خصوصا انها عرضت خلال الشهر الفضيل جملة من المسلسلات في قمة الروعة والمهنية العالية واستقطبت بعض النجوم العرب كما في (حفيظ ) العمل الدرامي الضخم وذي الابعاد الروحية  و( رباب ) الذي  سلط الضوء على معاناة شريحة عراقية عانت الكثير من الظلم والاضطهاد واخيرا ( المدينة ) وهو عودة الى حقبة تاريخية من احداث العراق المعاصر. الامكانية المادية والطاقات البشرية كان بالامكان استثمارها في عمل يعود بقاسم الملاك الى تألقه في شخصية ( رجب ) في (النسر وعيون المدينة ) و ( الذئب وعيون المدينة ) و( الدرس الاول ) .