خاص: قراءة- سماح عادل
رواية “ابن خاله” للكاتب المصري “كريم فريد” الصادرة عن دار روافد للنشر عام 2017، تحكي من خلال الرموز عن السلطة وما تمنحه لصاحبها من جشع وميل للظلم والجور، وهضم لحقوق الناس والتسيد عليهم.
الشخصيات..
نور: البطل، وهو فتى بريء يصدم بالظلم الذي يعم الشارع الذي يسكن فيه، وفي عمر العاشرة تحدث حادثة في الشارع تغير مسار حياته، وتجعله مهتما بالثأر من الظالمين، ليتحول هو إلى واحد منهم يريد أن يلحق بركبهم ويصبح في قوتهم وعظمتهم.
أسماء: فتاة من الشارع، تحلم بأن تتخلص من حياتها البائسة، وتسعى إلى عمل علاقة مع “نور” لكي تخرج من خلاله من الحياة في الشارع، وتعيش حياه أفضل.
عبد الله: صديق للبطل وجار في نفس الشارع، ينتمي في البداية للتيار السلفي، لكنه يتراجع عند أول تجربة سجن تحدث له، وتتحول حياته تماما إلى النقيض.
زين : ابن الحاج “راجح” الكبير في الشارع، وهو يهوى النساء ويسعى بكل الطرق إلى الحصول عليهن، سواء بالتراضي أو بالعنف.
راضي: والد “نور” والذي سيكتشف في النهاية أنه ليس كذلك.
الرواية ثرية بالشخصيات الأخرى.
الراوي..
الراوي عليم، يحكي عن بعض الشخصيات، عن أحاسيسهم وأفكارهم الداخلية، وشخصيات أخرى يحكي عنها دون النفاذ إلى دواخلهم.
السرد..
الرواية تعتمد على الرموز، وتختار حكاية محكمة البناء، عن شارع يسود فيه الظلم والجور، الرواية قصيرة تقع في حوالي ١٤٠ صفحة من القطع المتوسط.
السلطة وما تمنحه لصاحبها من جشع وميل للظلم.
تحكي الرواية عن شارع الشهيد، أحد الشوارع، كان في البداية ملكا لأحد البهوات حيث كان يقع قصره فيه، ويمتلك أراضي واسعة حوله، لكن جاء صعيدي اسمه “السوهاج”ي واستولى على تلك الأراضي، بعد أن كان فقيرا محتاجا، ثم تعرض للمرض والموت، وخلفه “العايق” ذلك الصديق الذي جلبه من الصعيد، وتعرض “العايق” بدوره للخيانة على يد الحاج “راجح” الصديق الثالث، والذي أتى من الصعيد أيضا.
والثلاثة غرتهم السلطة على الشارع، وسعوا بكل جهودهم إلى تجميع الأموال وتكديسها، معتمدين في ذلك على سرقة الناس وسرقة أراضي البيه، ونهب الناس بالحيلة وبالإجبار.
كما عثوا في الشارع فسادا، وكان آخرهم الحاج “راجح” الذي تستر على فساد ابنه وتهتكه، ظالما النساء اللاتي اعتدى عليهن ابنه، ورفض الاعتراف بأطفالهن.
ليكتشف “نور” أنه ابن “زين” السفاح، الذي يتستر والده الحاج “راجح” عليه، ويسعى “نور” للانتقام منه مستغلا أخيه “احمد” ابن “عزة” ابنه “السوهاجي” التي أجبرها “زين” على ممارسة الجنس معه وتنكر لابنها أيضا.
وحينما تفشل محاولته في جعل “زين” يعترف بأنه ابنه ويقع “أحمد” ضحية تخطيطه يقرر أن يستأنف طريقه، ويسعى للفوز بالزعامة والسلطة، وركوب السفينة التي فيها العظماء الفاسدون والطغاة، بدلا من ركوبه سفينة الطيبين والمظلومين.
وتنتهي الرواية نهاية حزينة بعد أن تتحول شخصية البطل من “نور”، من شخصية خيره تسعى لتحقيق العدل ومحاربة الظلم، إلى شخصية شريرة تسعى للمكسب الشخصي، وأن يعترف به كابن ل”زين” وحفيد للحاج “راجح” ليرث مالهما وسلطتهما.
الرواية محملة بالرموز ويسهل استنتاج ما تشير إليه، كما أنها تتناول بعض الشخصيات بعمق، مثل شخصية “نور” و”عبد الله” و”أسماء” و”راضي” و”زين”. كما أنها تعتمد على بعض الأفكار التي يبثها الكاتب أثناء الحكي. والتي تهتم بتقديم بعض التصورات عن الحياة والخير والشر وتحول النفوس.
كما ترصد الرواية شخصية “حمادة رنجو”، ذلك النجار الفاسد الذي كان متهتكا هو أيضا، لكن مع تقربه من ابن “العايق” أصبح يدعي الإيمان والتدين ويرتدي مثل السلفيين، ثم تطور الأمر ليخطب في الجامع وهو الجاهل بأمور الدين، ويصبح إماما للجامع بمساعدة من الحج “راجح”، ليس هذا فقط وإنما تحول لعصا في يد الحاج “راجح”، حيث كان يدافع عن ابنه “زين” عندما باحت “عزة” لبعض الناس في الشارع باأن من انتهكها وكان السبب في حملها هو “زين” ابن الحاج “راجح”، فادعى “حمادة رنجو”، أو “أبو معاذ” كما أصبح اسمه، في خطبة للجمعة أن الطفل الذي في أحشاء “عزة” هو ابن أخيها المصاب بمتلازمة داون، ولم يكتف بذلك بل وحرض الناس في الشارع على القصاص من “أحمد الكبير” ذلك الشاب المسكين المريض، وقاموا جميعا برجمه لولا مساعدة الحاجة “عفيفة” جدة “نور”.
و”حمادة رنجو” نمط لكثير من المتدينين من السفليين، الذي تحولوا من تاريخ فاسد إلى دعاة، ليقوموا باستغلال الدين لمصالحهم الخاصة، وليكونوا أذرع للسلطة، وقد أصبح “حمادة رنجو” متعاونا مع رجال الأمن مما ساهم في ترقيته أكثر، وقد أصبح من الدعاة بعد أن كان مجرد أمام جامع لشارع صغير.