خاص : ترجمة – آية حسين علي :
وسط إدانات واسعة؛ قررت “تركيا” إرسال تعزيزات عسكرية إلى “ليبيا” لدعم الحكومة المعترف بها دوليًا في مواجهة “الجيش الليبي الحر”، لكن محللون يدركون أن “تركيا” لا تستهدف الاستقرار السياسي في “ليبيا”؛ وإنما وراء هذه الخطوة أهداف إستراتيجية.
ذكرت صحيفة (إل دياريو) الإسبانية؛ أنه يمكن رؤية قرار “البرلمان التركي”، بالتصديق على نشر قوات في “ليبيا”، مشهدًا هزليًا، ويتضمن القرار تفويضًا للجيش التركي لمدة عام للتدخل في “ليبيا”، إلا أنه لا تدل أي من المؤشرات على أن موقف “تركيا” من شأنه وضع حدًا للعنف.
لـ”إردوغان” أهداف خاصة..
وذكرت الصحيفة؛ أنه منذ أطلق قائد “الجيش الوطني الليبي”، المشير “خليفة حفتر”، عمليته العسكرية، في نيسان/أبريل الماضي، وحصل على دعم من المرتزقة الذين أرسلتهم “موسكو”، بداية من كانون أول/ديسمبر 2019، بات موقف رئيس الحكومة المعترف بها دوليًا، “فايز السراج”، معقدًا، إذ رغم الإعتراف الدولي لا يحصل “السراج” على دعم سياسي واقتصادي حقيقي، كما لا يمتلك قدرات عسكرية تمكنه من مواجهة “حفتر”، المدعوم من جانب “المملكة العربية السعودية والإمارات ومصر وروسيا وفرنسا”، وأمام هذا المشهد العبثي بدأ “السراج” يتقارب شيئًا فشيئًا مع الرئيس التركي، “رجب طيب إردوغان”.
وفي أواخر تشرين ثان/نوفمبر الماضي؛ وقع الزعيمان اتفاقية تعاون في مجال الدفاع، وإذا كان “السراج” يسعى إلى تجنب الهزيمة أمام “حفتر”، الذي يريد إزالة أية آثار متبقية للإسلام السياسي في “ليبيا” والسيطرة على الحكم بانقلاب عسكري، فإن “إردوغان” يحاول الاستفادة من الوضع القائم على الأقل من عدة جهات في الوقت نفسه.
السيطرة على الثروات الطبيعية..
وأشارت الصحيفة الإسبانية إلى أن الهدف الأول لـ”إردوغان” يبرز من خلال الاتفاقية الثانية التي وقعها مع “السراج” في نفس الشهر، إذ وقع الزعيمان اتفاقية ترسيم الحدود البحرية، تنص على إنه في حال وجود مصادر ثروات طبيعية في المنطقة الاقتصادية الخالصة لأحد الطرفين، تمتد لمنطقة الطرف الآخر، ويمكن للجانبين عقد اتفاقيات لاستغلال تلك المصادر بشكل مشترك، ومن هنا يظهر سعي الرئيس التركي إلى عرقلة محاولات “اليونان وقبرص وإسرائيل” لاستخراج المواد “الهيدروكربونية” من “شرق البحر المتوسط”؛ بعيدًا عن “تركيا”.
لكن “إردوغان” يحاول تجميع حلفاء له بهدف أن يحصل على دور بارز في الشبكة المتوسطية المستقبلية لمد دول “الاتحاد الأوروبي”، بـ”الغاز”، وحتى الآن ينتظر معرفة ما توصلت إليه عملياته الإستكشافية في المياه القبرصية، بعدما حول مدينة “غيغان” الجنوبية إلى ممر للوصول إلى المواد “الهيدروكربونية” القادمة من “بحر قزوين” و”العراق”، في الوقت الذي اقترب فيه خط غاز “ترك ستريم”، الذي يمتد من الإتجاه الروسي إلى “تركيا” ويستهدف نقل الغاز الروسي إلى “أوروبا”، من دخول الخدمة.
تجميل الخسائر..
ذكرت (إل دياريو) الإسبانية؛ أنه بالنظر إلى الماضي وإلى المستقبل القريب، نرى أن “أنقرة” تعتزم تجميل خسائرها الاقتصادية في “ليبيا”، التي منيت بها على مدار السنوات الماضية، ومنذ 2016 تسعى إلى إعادة إحياء أكثر من 300 مشروع تنفذه شركات تركية على الأراضي الليبية باستثمارات قدرت بأكثر من 16.5 مليار دولار، إلى جانب المشاركة بحزمة كبيرة في مشاريع إعادة إعمار بلد غني بثروات “هيدروكربونية”، وتمتلك الشركات التركية قدرات كبيرة في هذا المجال؛ سواء في أعمال إنشاء البنى التحتية أو صناعة الأسلحة.
زعيم الإسلام السُني..
أشارت الصحيفة إلى أن الهدف الأخير لـ”إردوغان” هو تقديم نفسه بصفته الزعيم السياسي الأعظم للإسلام السُني، ليحل محل “السعودية”، تمامًا مثلما فعل في “سوريا”، إذ يسعى إلى الإستيلاء على مركز تحتله “الرياض”، كما أن التدخل في “ليبيا” يسهم في تشتيت الإنتباه إلى المشكلات الداخلية؛ كما يمنح المجتمع الذي يعاني من الأزمة شعورًا بالفخر، إلى جانب تعزيز ثقل “إردوغان”، لكنها لعبة معقدة قد تورطه في سيناريوهات حرب مرهقة للغاية، تمامًا كما حدث في “سوريا” و”العراق”.
ويبدو أن “إردوغان” غير مهتم بشأن تداعيات تدخله العسكري، وخرقه للحصار المفروض على “ليبيا”، لأن كثيرين قبله فعلوا نفس الشيء ولم تطالهم العقوبة.