من غرائب المشهد السياسي بعد عام 2003 ، ان نُجبر نحن العراقيين للتعامل مع (سياسيين) فاشلين ، دائما اتحفظ في جميع مقالاتي على ان اصف كل الذين اسهموا في حكومات ما بعد 2003 بالسياسيين لان كلمة سياسي كبيرة ويجب ان يتحلى صاحبها بالحكمة والكياسة لكي يحظى بتقدير مواطنيه، فالسواد الاعظم منهم يحمل من الأوجه والنفاق ما لا يتحمله الإنسان السوي في اي مكان او زمان .. تراهم يزوقون الكلام وينطقون بحلوه ويترفعون عن الرذيلة كذبا وهم الرذيلة بعينها … لا نتجنى على أحدا ابدا .. لكن هذا ما لمسناه عبر الستة عشر عاما التي مضت من كل المشتركين في العملية السياسية ايا كان انتماءه المذهبي او العرقي ، فتراهم يتلونون مع كل واقع او متغير على الساحة العراقية ، لذلك لا تجد بين ظهرانيهم من يمكن ان تثق به او تعول عليه في اصلاح للواقع المرير الذي يعيشه المواطن العراقي المسكين الذي ابتلى بعقود من الخيبة والظلم وانعدام ابسط مقومات الخدمات، وتعودنا ان نرى من شتم الاخر بالامس يتحدثون اليوم وكأنهم لم يشتم احدهم الاخر ، ولا نستغرب ان تبادلوا بعد ايام اقذع الالفاظ ، والسبب الرئيسي لهذه الظاهرة هو التنافس غير الشريف بينهم على المواقع الحكومية طبعا ليس لخدمة المواطن ، بل من اجل المكاسب الشخصية وسرقة المال العام ، وللوقوف على صحة ما نقول ، فهنالك كم هائل كان مادة دسمة لعشرات الفضائيات المدينة باستمرار بثها الى هذه الظاهرة التي عمقت الخلافات السياسية ومزقت النسيج الاجتماعي للبلد ، فعندما يختلفون على المغانم ، تتطاير شهب الاتهامات بالعمالة لهذا الطرف او ذاك وانه مع الارهاب وو ….، لكن عندما يتفقون على تقسيم المغانم ، ذاك العميل او داعم الارهاب ، يصبح وطنيا مخلصا ، ومرت علينا هكذا افلام كما هو الحال مغ مشعان ، او مع طارق الهاشمي الذي كان يبدأ كل مقابلاته بهدوء الحكيم الورع.. وما أن يستفزه سؤال من مقدم اللقاء حتى يظهر ( دود بطنه) كما يقول اهلنا في الجنوب .. او تصريحات ابو اسراء التي يتهم فيها البرزاني المساهمة في مؤامرة ادخال داعش الى المناطق الغربية ومن ثم يسحب اتهامه ويصبح البرزاني وطنيا مخلصا ، وهكذا هي الحال مع كل السياسيين ..حتى ان المرء يحار في الوثوق بأي منهم والاطمئنان على مصالحه .. لذلك يكاد العراق أن يكون الاستثناء في هذا الأمر… والحال من بعضه فالخراب ليس في الادارة والخدمات لكن حتى في مقومات الكارزما الشخصية لهؤلاء ، بل ان الخراب الذي طبع الوضع العراقي هو نتاج هذه الكارزما المريضه والمجبولة على الخوف وعدم الثقة بالنفس ،
فائق الشيخ علي هو واحد من هؤلاء اصحاب الوجوه المتعددة ، والمواقف المتناقضة ، فهو شديد الانتقاد لجهة خارجية ما ، وخجول امام الاخرى ، مع ان كل الجهات لها دور في دمار العراق ، منتقدا اطراف سياسية ليلا نهارا ويغض الطرف عن اخرين مع ان الاخرين لا يختلفون قيد انملة عمن ينتقدهم في تدمير العراق ان لم نقل اشدهم بطشا في سرقة العراق ، يخرج عن اللياقة بحق البعض دونما دليل ، ويسكت عن اخرين لا يختلفون عن سابقيهم، تغلب على لقاءاته الاثارة لجلب الانتباه واحيانا يتقمص دور مهرج السيرك حد الابتذال وتجاوزه احيانا اللياقة الأدبية واحترام من فرض المنطق والحق احترامه مثل علي بن أبي طالب ع عملاق العدالة الانسانية ضاربا عرض الحائط الاطر الاجتماعية المتوخاة في حديث القيادات الاجتماعية والسياسية ، كثير الكلام ومن يكثر الكلام من غير ان يتبنى عقيدة فكرية واضحة يكون فريسة للتناقضات والمواقف ، وكان لصاحبنا هذا نصيب كبير في ذم ومن ثم مدح النظام السابق ومواقف اخر
من تناقضاته التي لا يمكن القفز عليها هي طائفيته الشديدة والمقيته ، والتي يحاول تغطيتها عبر امتطاء ظهر الوطنية منذ دخوله البرلمان حيث البيئة الصالحه للنفاق ، والتي دعتني للكتابة عنها الان وليس سابقا حيث يخوض اليوم نشاطا محموما للفوز بمنصب رئيس الوزراء طارحا نفسه رجل المرحلة ، وبما ان الجماهير الان رفعت شعارا لا للمحاصصة الطائفية التي دمرت البلد ، مخالفة بذلك الاطار السياسي العام للطبقة السياسية التي ولدت من رحم المعارضة في الخارج وفائق الشيخ هو احد اركان هذه المعارضة والمبنية على مبدأ التقسيم الطائقي والتوافق السياسي حتى لو كان ثمن ذلك مصلحة البلد وموارده المالية ، طائفتيه المقيته والمخدشة هذه قد اوضحها خلال لقاء معه عبر الهاتف اجرتها مع قناة الفيحاء من موقع اقامته في الكويت وعلى ما اتذكر قدمه المذيع على انه احد العاملين في صحيفة كويتية وكان هذا اللقاء عام 2005 ، وبنفس أسلوبه التهكمي المعتاد في الرد قال في احد ردوده يجب إذلال السنة ٨٠ سنة كما اذلونا .، هذه النبرة الموغلة في الطائفية تكشف لنا زيف ساسيينا في السلوك والتصرف ونفاقهم في التكيف مع الواقع ومتطلبات الزمن ،
القائمة طويلة لنفاق هؤلاء ، لكن سعي فائق الشيخ علي المحموم نحو رئاسة الوزراء واستخدامه اسلوب المزايدة احيانا والتملق تارة اخرى كل ذلك جعلت الاضواء تتسلط عليه في الوقت الحاضر ، وقد رأينا كيف يتوسل ويستعطف السيد مقتدى الصدر في تأييده لتسنم رئاسة الوزراء الذي كان يذمه بعيد سقوط النظام وبزوغ نجم التيار الصدري وانبثاق جيش المهدي ، ناسيا ان الاستحقاق هو من يفرض نفسه لا استعطاف المتظاهرين ولا هذه الدولة او تلك
حرصي على بلدي وعلى ضرورة نجاح الحراك الجماهيري في اسقاط المنظومة وتأسيس منظومة سياسية اخلاقية جديدة تضمن العدالة لكل العراقيين وتعيد بناء البلد على اسس سليمة نستبعد بها هؤلاء المرضى نفسيا ، حتمت علي ان انطق بما سمعته وكفانا مزايدات بين ساسة كانوا سببا في دمار العراق خلال 16 سنة مضت ، نريد شخصا يكون مع الجميع على مسافات متساوية معياره مصالح العراق وشعب العراق ، لا ان يغمض العين ويجامل هذه الدولة او تلك او هذا الحزب او ذلك ، (لانه سيكون نفس الطاس ونفس الحمام )
وعلى الاخوة في ساحات الاحتجاج ان لا تغريهم الاقوال المعسولة للبعض ابحثوا عن شخصيات تعتز بكفاءتها ولا تقدم نفسها رخيصة وان كل الاسماء المطروحة مع جل احترامنا لها ، بحاجة الى تدقيق ، لان الادارة موهبة والمحظوظ من يصقلها بالعلم ويوظف تجارب الاخرين في بلورة نظام ادارة الدولة لبلد يحتاج الى جهد استثنائي بعد ان اتعبت الانظمة المتعاقبة الشعب على مدى اربعون عاما بالتمام والكمال، نحن بحاجة الى رجال دولة لا مهرجين او مزدوجي الشخصية.