خاص : كتبت – هانم التمساح :
تسببت الغارة الأميركية، التي أسفرت عن مقتل “قاسم سليماني”، قائد (فيلق القدس) بـ”الحرس الثوري” الإيراني، في خسائر اقتصادية معتبرة وجعلت الأسواق العالمية تترنح.
حيث أشعل اغتيال قائد (فيلق القدس) الإيراني، “قاسم سليماني”، في قصف أميركي على طريق “مطار بغداد”، أسعار “النفط” العالمية، فيما توعدت “طهران”، “واشنطن”، بـ”انتقام مؤلم”، وقالت الأخيرة أنها مستمرة في “الردع”.
وقتل “سليماني”، و”أبومهدي المهندس”، نائب رئيس هيئة (الحشد الشعبي)، و8 أشخاص كانوا برفقتهما، إثر قصف صاروخي من جانب القوات الأميركية استهدف سيارتين كانا يستقلانها على طريق “مطار بغداد”، بعد منتصف ليل الخميس-الجمعة.
وعلى صعيد آخر؛ تُنذر بوادر حرب مزمعة على الأراضي الليبية بتدخل عدة أطراف دولية في صراع على الطاقة والنفوذ بحرب موسعة.. كل ذلك دعا مراقبين، وربما مواطني تلك الشعوب أيضًا، إلى التكهن بأن العالم قادم على حرب عالمية ثالثة بأدوات مختلفة وأسلحة متطورة مخيفة، ولكن قد يكون السلاح الاقتصادي هو الأقوى بين أدوات الحرب، حتى أنه قد يكون أخطر من إزهاق الأرواح، خاصة بالنسبة لشعوب العالم الثالث ومنطقة الشرق الأوسط، الذين يتخذهم المتصارعون وقودًا للمعركة؛ ويحصرونهم بين مطرقة الفقر وتدهور الأوضاع وسندان الاستغلال من قِبل القوى الدولية. وهو ما يتطلب وقفة من عقلاء العالم لمنع الحروب المجنونة واللجوء للحلول السياسية.
وأربك مقتل قائد (فيلق القدس) الإيراني، “قاسم سليماني”، بضربة جوية أميركية، في “بغداد”، أسواق المال و”النفط” العالمية، فما الذي حدث ؟
إشتعال الذهب الأسود..
مدفوعة بإعلان اغتيال “سليماني”، صعدت عقود “النفط” الآجلة، منذ بداية تعاملات، الجمعة الماضي.
وبحلول الساعة (07:00 ت. غ)، صعدت أسعار خام القياس العالمي، مزيج (برنت)، تسليم مارس/آذار، 2.93 بالمئة أو 1.94 دولارًا إلى 68.19 دولارًا للبرميل، لكنها كسرت في بداية التعاملات اليوم التالي 69 دولارًا، قبل أن تقلص مكاسبها.
كذلك؛ صعدت العقود الآجلة للخام الأميركي، غرب “تكساس” الوسيط، تسليم شباط/فبراير، بنسبة 2.76 بالمئة أو 1.68 دولارًا إلى 62.86 دولارًا للبرميل.
وكانت آخر مرة كسرت فيها عقود (برنت) حاجز 69 دولارًا، منتصف أيلول/سبتمبر الماضي، تزامنًا مع هجمات على منشأتين نفطيتين تتبعان شركة “آرامكو” في “السعودية”.
يأتي تأثر عقود “النفط”، بمقتل “سليماني”، تخوفًا من تأثر إمدادات الخام في منطقة الشرق الأوسط و”مضيق هرمز”؛ نتيجة توترات محتملة، حيث يمر من خلال المضيق، المطل على “إيران” جنوبًا، قرابة 20 بالمئة من الطلب العالمي على الخام.
وصنفت “إيران”، قبل “العقوبات الأميركية”، في آب/أغسطس 2018، كثالث أكبر مٌنتج لـ”النفط” في منظمة البلدان المصدرة للبترول، (أوبك)، بمتوسط إنتاج 3.85 ملايين برميل يوميًا، لكنها تراجعت حاليًا إلى المرتبة الخامسة، بعد “السعودية والعراق والإمارات والكويت”.
وقفزت أسعار “النفط” العالمية لتقترب من سبعين دولارًا للبرميل في تعاملات، الجمعة، في أعقاب الغارة التي نفذتها القوات الأميركية واستهدفت “قاسم سليماني”، قرب “مطار بغداد”، في ظل المخاوف من تداعيات مقتل “سليماني” على استقرار إمدادات “النفط” في منطقة الخليج بشكل خاص.
ويهدد اغتيال “سليماني” إلى احتمالية مظاهرات شيعية في “العراق”، وتعطيل مراكز الإنتاج أو التصدير النفطي، في البلد المصنف كثاني أكبر مُنتج لـ”النفط الخام” في منظمة (أوبك)؛ بعد “السعودية”، بمتوسط 4.6 ملايين برميل يوميًا.
وأكدت “وزارة النفط” العراقية مغادرة موظفين أميركيين يعملون في شركات “النفط” بالبلاد، لكنها قالت إن عمليات الإنتاج والتصدير لم تتأثر.
وقالت “كيلين بيرتش”، الخبيرة الاقتصادية العالمية في (إيكونومست إنتلغنس يونيت)؛ إن السوق تخشى من اتساع النزاع.
وأضافت، في حديث لوكالة الصحافة الفرنسية: “الأهمية لا تأتي بشكل خاص من احتمال خسارة إمدادات النفط الإيراني، بل من خطر إشعال نزاعات أوسع تنجر إليها العراق والسعودية وغيرها من الدول”.
الذهب الأصفر إلى أعلى مستوياته..
مدعومة باغتيال “سليماني” و”المهندس”، صعدت عقود “الذهب” الآجلة في تعاملات الساعات الأولى، لأعلى مستوى في 4 شهور، وبالتحديد منذ ختام تعاملات، 5 أيلول/سبتمبر 2019.
وبحلول الساعة (07:40 ت. غ)، من الجمعة الماضي، صعدت العقود الآجلة لـ”الذهب”، تسليم شباط/فبراير، بنسبة 1.25 بالمئة أو 19 دولارًا إلى 1547.15 دولارًا للأونصة (الأوقية).
وتوجه متعاملون إلى صناديق الاستثمار المقومة بالمعدن الأصفر، عقب إعلان اغتيال “سليماني”، تخوفًا من ردة فعل إيرانية تؤثر على الصناديق المقومة بالعُملات الأجنبية الرئيسة.
أسواق المال.. الأسهم الأوروبية تراجعت عقب مقتل “سليماني” !
وعقب اغتيال “قاسم سليماني”؛ انخفضت “بورصة لندن”، بنسبة 0.42%، في التعاملات المبكرة، كما خسرت “بورصة باريس”، 0.52%، بينما انخفضت “بورصة فرانكفورت”، بنسبة 1.50%.
وسجلت “بورصة هونغ كونغ” انخفاضًا، بنسبة 0.3%، و”شنغهاي” 0.1%، و”سنغافورة” 0.7%، و”بومباي” 0.5%. إلا أن بورصات “سيدني وسيول وولينغتون ومانيلا وتايبيه” حققت مكاسب.
وفي “الولايات المتحدة الأميركية” تراجعت المؤشرات الرئيسة للأسهم حوالي 1%، في بداية التعاملات مع إبتعاد المستثمرين عن الأصول الأكثر مخاطرة.
التوجه للعُملات الآمنة..
ودفعت الأزمة، المستثمرين، إلى التوجه إلى الخيارات الأكثر أمانًا؛ ومن بينها العُملات، حيث ارتفع “الين” بنسبة 0.6%، مقابل “الدولار”.
ويُنظر إلى “الين” عادة كملاذ آمن من المخاطر، نظرًا لوضع “اليابان” كأكبر بلد دائن في العالم.
كما ارتفع “الفرنك” السويسري، الذي يُعتبر ملاذًا آمنًا هو الآخر، إلى أعلى مستوياته في أربعة أشهر عند 1.0824، مقابل “اليورو”.
وارتفع “الذهب”، هو الآخر؛ بمعدل 1.4% ليصل إلى 1600 دولار للأونصة؛ في أعلى معدل له منذ نحو سبع سنوات.
بالمقابل، تراجعت العُملات العالية الخطورة؛ ومن بينها “الدولار”، كما تراجع “الجنيه الإسترليني” 0.2% إلى 1.3117، لـ”الدولار”.
ونزلت عوائد السندات الحكومية الأميركية لأجل عشر سنوات إلى أدنى مستوياتها في ثلاثة أسابيع عند 1.81%. وترتفع أسعار السندات مع هبوط عوائدها. كما تراجعت عوائد السندات الحكومية لأجل عشر سنوات بأنحاء “منطقة اليورو” بين ست وتسع نقاط أساس.
وقال “ستيين لونغ”، من بنك “ميزوهو”: “المستثمرون قلقون من أن الوضع في إيران سيتدهور بسبب احتمال الرد الإيراني المحتمل؛ والناس يرغبون في خفض المخاطر قبل عطلة نهاية الأسبوع”.
تحسبًا لحرب عالمية ثالثة !
ويطور مجموعة من العلماء الروس طائرة جديدة تهدف إلى التسلل وراء خطوط العدو دون اكتشافها، والقضاء على الأهداف بالأسلحة النووية، بالإضافة إلى قدرتها على تجنب “الرادار”، وحمل أسلحة نووية وتقليدية.
ووفقًا لموقع (metro)؛ تم تسمية الطائرة باسم (PAK DA)، وسيتم اختبارها في السنوات القادمة قبل طرحها في أقرب وقت، بحلول عام 2025، هذا ما أعلنته وكالة الأنباء الروسية، (تاس).
أسلحة نووية..
وقبل بضع سنوات فقط؛ بدت الحرب مع “روسيا” وكأنها احتمال بعيد، لكن “الولايات المتحدة” انسحبت مؤخرًا من معاهدة نووية مع الدولة السوفياتية السابقة، مما أثار مخاوف الجانبين، لذا تقوم “موسكو” حاليًا بتطوير مجموعة من الأسلحة الجديدة، بما في ذلك سلاح نووي تحت الماء مصمم لإغراق المدن الساحلية بأمواج “تسونامي” ضخمة مشعة وقتل ملايين الأشخاص.
وتم الإعلان عن هذا السلاح، العام الماضي، وهو مستوحى من الطوربيد النووي السوفياتي، (T-15)، التجريبي، الذي كان يحلم به الفيزيائي النووي، “أندريه ساخاروف”، ولكن لم يوضع مطلقًا في الخدمة الفعلية؛ فإذا تم تطوير (T-15) وإطلاق العنان له، فسوف ينتج عنه موجة قادرة على إزالة مدينة، مثل “لندن” أو “نيويورك”، عن الخريطة وتحويل المناطق المحيطة بها إلى منطقة موت مشعة.
ومن الممكن اعتبار أن طوربيد “بوتين” الجديد؛ أحد أكثر الأسلحة رعبًا التي تم بناؤها. وأكد “شامل ألييف”، أحد كبار مصممي الطوربيد الروسي، أن خطط أسلحة الدمار الشامل التي يمكنها “تدمير الأهداف الساحلية عن طريق الانفجار المائي”؛ قيد المراجعة حاليًا.
وقال، لوكالة (سبوتنيك): “إن أفكار، ساخاروف، حول صنع (طوربيدات)، ذات طول نووي بطول 24 مترًا ويبلغ قطرها 1.5 متر ونطاقها 50 كيلومترًا”، يجب النظر بها، فعندما تتحدث “روسيا” عن الأسلحة يعرف العالم بأسره أن “روسيا” تعرف كيف تفعل ذلك.
وفي وقت سابق من هذا العام، قال تقرير مسرب من “وزارة الدفاع الأميركية”، (البنتاغون)، إن “روسيا” تبني قنبلة هيدروجينية سعة 100 ميغا طن؛ تبلغ قوتها ضعف قوة أي قنبلة نووية تم اختبارها على الإطلاق.
ويعتقد الخبراء أنه سيتم تفجيره تحت سطح البحر، حيث يغمر موانيء العدو والمناطق الساحلية في “تسونامي” مُشع يصل ارتفاعه إلى 500 قدم؛ يمكن ترك المناطق المتأثرة غير صالحة للسكن لمدة تصل إلى 100 عام.
وقال محلل الدفاع، “إتش. آي. ساتون”، لصحيفة (فوتوريزيم)؛ إن الطوربيد النووي كان حقيقة عسكرية، وقال: “حتى الآن اعتبر الكثير من المراقبين النظام؛ أخبارًا مزيفة، وأعتقد أن هذا كان جزئيًا لأن المواصفات المذكورة لا تصدق لأنه من الصعب فهم كيفية استخدامه”.
تدخل تركيا عسكريًا في ليبيا ـ حسابات الربح والخسارة..
ووسط كل هذه الصراعات الدولية، التي ظهرت في وقت واحد؛ أتت موافقة “البرلمان التركي” على طلب الرئيس، “رجب طيب إردوغان”، في تنفيذ مهمة عسكرية في “ليبيا”، شكلية وذلك للأغلبية التي يتمتع بها “حزب العدالة والتنمية”، لكن السؤال يبقى مطروحًا: ما مكاسب “أنقرة” من التدخل في “ليبيا” ؟.. وما هي العواقب المحتملة ؟
وافق “البرلمان التركي”، الخميس (الثاني من كانون ثان/يناير 2020)، على مذكرة الرئيس، “رجب طيب إردوغان”، التي تتيح إرسال قوات عسكرية إلى “ليبيا” دعمًا لـ”حكومة الوفاق الوطني”، في “طرابلس”، التي تتعرض لهجوم من القوات الموالية للمشير “خليفة حفتر”.
وإذا كانت “أنقرة” تنوي بذلك مساعدة حليف تحتاجه في سياق دعم مطالباتها في التنقيب عن “الغاز”، شرقي “البحر الأبيض المتوسط”، فإنّ انتشارًا عسكريًا ميدانيًا، لم يتم الإعلان عن حجمه بعد، سيكون محفوفًا بالمخاطر، وفق خبراء.
وتؤكد “أنقرة” أنّ “حكومة الوفاق الوطني”، المعترف بها من قِبل “الأمم المتحدة”، طلبت منها دعمًا عسكريًا، “بريًا وبحريًا وجويًا”، بُغية وضع حد لهجوم، المشير “خليفة حفتر”. وهذا هو الجواب الرسمي الذي تقدمه “أنقرة” عند السؤال عن هدفها في نشاط عسكري في شمال إفريقيا.
لكن “حكومة الوفاق الوطني”، المحسوبة على “جماعة الإخوان المسلمين”، الحليف الدائم لـ”إرردوغان”؛ بل والتي تعتبره أحد عناصر “التنظيم الدولي للجماعة”، تطلب تدخلًا تركيًا “واسع النطاق” من شأنه “تغيير مسار الحرب”، في حين أنّ قوات “حفتر”، المدعومة من دولة “الإمارات ومصر”، اللتان ترفعان شعار محاربة الجماعة ذاتها وتعتبرها تنظيمًا إرهابيًا، وربما من “موسكو” وبعض الدول الغربية، تقف عند أبواب “طرابلس”. ويرى “ستشكين” أنّه في حالة كهذه، يمكن للدعم أن يأخذ شكل إرسال “لواء عسكري يحوز على مقاتلات (اف-16) وقوات بحرية لحماية “طرابلس” من الهجمات البحرية، وهذا يعني قوات من نحو 3 آلاف عنصر.
غير أنّ “سنان أولغن”، وهو دبلوماسي تركي سابق يدير مركز (آدام) للأبحاث في “إسطنبول”، يرى أن: “الهدف السياس لتركيا؛ ليس دعم حكومة طرابلس لكسب الحرب”، ولكن: “لمساعدتها على البقاء”. لهذه الغاية، فإنّه يتوقع أن يتم في المرحلة الأولى نشر “مستشارين مهمتهم دعم القوات في طرابلس”، ولكنّه يشير في الوقت نفسه إلى أنّ ذلك “لن يكون كافيًا”.
تدخل تركيا في عدة دول في المنطقة..
يُشار إلى أن “تركيا” قد قامت بعدة عمليات، في السنوات الماضية، في دول مجاورة، خصوصًا في “سوريا” و”العراق”، بهدف محاربة مقاتلين أكراد وجهاديين، كما تقول. ولكن في الحالة الليبية، فإنّ “تركيا” لا تتقاسم حدودًا برية مع “ليبيا”، الواقعة على مسافة 1500 كلم، ما يطرح عدة إشكالات لوجيستية لبلد قد يعاني من ضعف على مستوى قدراته في توسيع نطاق الأعمال العسكرية. ويقول “أولغن” إنّ: “التحدي الأول يتمثل في إمداد القوات”، فيما يتمثل الثاني في: “تحقيق التفوق الجوي” الضروري للتحكم بميادين القتال.
ومن جانبه؛ يرى “ستشكين” أنّ: “المسألة الرئيسة هي في موقفي الجزائر وتونس”؛ إذ من شأن حدودهما مع “ليبيا” أن تشكّلا بابًا للدخول إلى الأراضي الليبية. وقام “إردوغان”، في نهاية كانون أول/ديسمبر 2019، بزيارة مفاجئة إلى “تونس”، “غير أنّ التصريحات التونسية الأولية أخذت وجهة الحياد. كذلك بالنسبة إلى الجزائر”، وفقًا لـ”ستشكين”.
ولا يُعدّ دعم “أنقرة”، لـ”حكومة الوفاق الوطني”، جديدًا، غير أنّ التعهد بإمكانية التدخل العسكري يأتي في الوقت الذي تعاني فيه القوات الموالية لهذه الحكومة من صعوبات في مواجهة قوات “حفتر”. وتحتاج “أنقرة” إلى بقاء هذه الحكومة التي وقّعت معها، في تشرين ثان/نوفمبر الماضي، اتفاقًا بحريًا مثيرًا للجدل، إذ يتيح للسلطات التركية التمسك بمطالب سيادتها على مساحات في “شرق المتوسط”، الغني بموارد الطاقة. ويُعدّ هذا الاتفاق الورقة الرئيسة التي أصبحت في جعبة “أنقرة” في مواجهة دول متوسطية أخرى، مثل: “قبرص واليونان ومصر وإسرائيل”.
تدخل وفق مبدأ تبادل المصالح !
إذاً الأمر بالنسبة لـ”إردوغان” بمثابة “لعبة تبادل مصالح مع حكومة الوفاق: حكومة الوفاق الوطني تحوز على الدعم السياسي والعسكري التركي، وفي المقابل تساعد تركيا على تحقيق أهدافها في ملف الطاقة”. كما ترغب “أنقرة” في الحفاظ على مصالحها الاقتصادية في “ليبيا”، خاصة في قطاع البناء، إذ ستكون مهددة في حال انتصار “حفتر”.
كما أن من شأن التدخل في “ليبيا” أن يمثّل أيضًا مكسبًا لـ”إردوغان”، على الصعيد السياسي؛ عبر حشد قاعدته الانتخابية حوله في وقت تشهد “تركيا” صعوبات اقتصادية.
“إردوغان” يُخاطر بمواجهة عسكرية مع صديقه “بوتين”..
وبعيدًا عن مخاطر الإنزلاق في مستنقع ليبي، كما تشير المعارضة التركية، فإنّ عدة دول تخشى تصعيد الأوضاع في “ليبيا”. وقد يؤدي التدخل أيضًا إلى تصعيد التوتر مع “السعودية” ودول “الإمارات ومصر”، خاصة أنّ علاقات “تركيا” مع هذه الدول تدهورت في السنوات الأخيرة.
غير أنّ الخطر الأساس يكمن في حصول صدام مع “موسكو”. فحتى إذا كانت “روسيا” تنفي وجود مرتزقة من مواطنيها يقاتلون إلى جانب قوات “حفتر”، فإنّ مبعوث الأمم المتحدة، “غسان سلامة”، و”تركيا”؛ يشيران إلى وجود هؤلاء. وقد تؤدي اشتباكات بين قوات تركية ومرتزقة روس مفترضين، إلى عودة التوتر بين “تركيا” و”روسيا”، اللتين تجاوزتا، في 2015، أزمة دبلوماسية خطيرة للتقارب والتعاون في “سوريا”.
ولكن يمكن لـ”إردوغان” أن يعوّل، برغم ذلك، على علاقاته الجيدة مع نظيره الروسي، “فلاديمير بوتين”، الذي يقوم بزيارة إلى “تركيا”، الأيام القادمة. كما أن الأتراك والروس أظهروا، حتى الآن، أنّه برغم التوتر والأزمات التي يمكن أن تشوب العلاقات بينهما، فإنّهما يعرفان كيفية تجنب المواجهة المباشرة.
وتشير التجربة السورية، في السنوات الأخيرة؛ إلى إمكانية تعايش “إردوغان” مع نظيره الروسي بلطف ومودة؛ رغم تناقض مواقف دولتيهما العسكرية في “سوريا”، خصوصًا في محافظة “إدلب”، حيث يدعم “إردوغان” أنصاره من الإسلاميين في المحافظة المحاصرة، فيما تقصف طائرات صديقه الودود، “بوتين”، مواقع المعارضة الإسلامية الواحدة تلو الأخرى.
قلق أوروبي..
كما من المحتمل أن يساهم تدخل عسكري تركي في “ليبيا”؛ في زيادة التوتر بين “أنقرة” وعواصم أوروبية مثل: “باريس وبرلين ولندن”.
جدير بالذكر أن الرئيس الفرنسي، “إمانويل ماكرون”، قد عبر عن قلقه من “مخاطر التصعيد” في “ليبيا”، “المرتبطة بتزايد التدخلات العسكرية الأجنبية”، بحسب ما أعلنت الرئاسة الفرنسية غداة سماح “برلمان أنقرة” بنشر قوات تركية في “ليبيا”. وأضاف البيان أن الرئيس الفرنسي، وخلال محادثة هاتفية مع الرئيس الروسي، “فلاديمير بوتين”: “ندد بوضوح بالاتفاقات الموقعة مؤخرًا”، من حكومة “فائز السراج”: “بشأن القضايا البحرية والأمنية”، في إشارة إلى اتفاقات وقعتها، في نهاية تشرين ثان/نوفمبر 2019، “حكومة الوفاق الوطني”، بـ”طرابلس”، مع “تركيا” بشأن الحدود بين البلدين، إضافة إلى: “كافة القرارات التي تؤدي إلى تصعيد”.
في غضون ذلك؛ أعرب “الاتحاد الأوروبي” عن “قلقه البالغ” بشأن قرار “تركيا” بالتدخل عسكريًا في الحرب الأهلية المتصاعدة في “ليبيا”، ويأتي هذا التحذير؛ إضافة إلى تحذيرات مشابهة أعربت عنها “الولايات المتحدة وروسيا ومصر”.