خاص : كتبت – نشوى الحفني :
تسير الأمور نحو الإشتعال شيئًا فشيئًا، فبعد مطالبة “الخزعلي” و”الصدر”، البرلمان العراقي، بطرد القوات الأميركية من “العراق”، وتحت تهديد من (كتائب حزب الله) العراقي، للبرلمانيين، باستهدافهم إذا لم ينصاعوا لذلك المطلب، اضطر البرلمان وبدون موافقة سُنية وكُردية، (إذ أنهم لم يحضروا الجلسة نهائيًا؛ وهو الأمر الذي يُشكك في إكتمال النصاب القانوني للجلسة، مما يُشكك في قانونية القرار)، إلى الإقرار، أمس، بإنهاء العمل بالاتفاقية الأمنية مع “التحالف الدولي” ضد (داعش)، وصوت على قرار يطالب الحكومة بإنهاء وجود القوات الأجنبية في البلاد، وعدم استعمال الأراضي العراقية أو المجال الجوي لأي سبب كان.
وأوضح القرار، الذي صوت عليه البرلمان؛ أن الحكومة ملزمة بإلغاء طلب المساعدة الأمنية من “التحالف الدولي”، الذي يقاتل تنظيم (داعش)؛ بسبب إنهاء العمليات العسكرية في “العراق” وتحقيق النصر.
يُشار إلى أن قرارات البرلمان تختلف عن القوانين، إذ إنها غير مُلزمة للحكومة.
بدورها؛ أفادت وكالة الأنباء العراقية بأن “مجلس النواب” صوت على قرار نيابي، من 5 إجراءات، ورفع جلسته إلى، السبت المقبل.
إعداد مذكرة لتنفيذ القرار..
من جهته؛ قال “عادل عبدالمهدي”، رئيس الوزراء العراقي، إن الحكومة تُعد حاليًا مذكرة قانونية وإجرائية لتنفيذ قرار “مجلس النواب” العراقي بانسحاب القوات الأجنبية من البلاد.
وأكد مكتب رئيس مجلس الوزراء العراقي، في بيان صحافي: “رئيس مجلس الوزراء، عادل عبدالمهدي، تلقى اتصالًا هاتفيًا من وزير الخارجية الفرنسي، جان إيف لودريان، الذي نقل رسالة من الرئيس، إيمانويل ماكرون، تناولت بحث مستقبل العلاقة بين التحالف الدولي والعراق لمحاربة (داعش)؛ في ظل احترام السيادة العراقية”، بحسب موقع قناة (السومرية نيوز) العراقية.
وشدد البيان على أن: “المسؤولين العراقيين المختصين في الدوائر المختلفة؛ يعدون مذكرة للخطوات القانونية والإجرائية لتنفيذ قرار مجلس النواب بانسحاب القوات الأجنبية”.
وكان “عبدالمهدي” قد أوصى، “البرلمان العراقي”، في كلمة له في افتتاح الجلسة؛ بإتخاذ إجراءات عاجلة لإنهاء وجود القوات الأجنبية على الأراضي العراقية.
وقال “عبدالمهدي”: “نحن أمام خيارين رئيسيين، الأول هو إنهاء تواجد القوات بإجراءات عاجلة ووضع الترتيبيات لذلك”.
واعتبر “عبدالمهدي” أن: “ما حدث الجمعة، (قتل سليماني والمهندس)، هو اغتيال سياسي عليه جدل قانوني واسع اليوم، حتى في أميركا ذاتها، فكيف يقبله العراق ؟!”.
وفور هذا القرار؛ علقت “برلين” عمل قواتها ضمن “التحالف الدولي”، ولحقت بها “السويد”، معلقين عودتهم برغبة “العراق” فقط.
“ترامب” يهدد بفرض عقوبات ويطالب بدفع ثمن الخروج..
فيما هدد الرئيس الأميركي، “دونالد ترامب”، بفرض عقوبات “كبيرة” على “العراق”؛ إذا أجبرت القوات الأميركية على المغادرة، فيما توعد، “إيران”، “بانتقام كبير” إذا ثأرت لمقتل قائدها العسكري البارز، “قاسم سليماني”.
وأبلغ “ترامب”، الصحافيين على متن الطائرة الرئاسية الأميركية، (آير فورس وان)، عائدًا إلى “واشنطن” بعد عطلة استمرت أسبوعين في “فلوريدا”، أن “الولايات المتحدة” لن تترك “العراق” إلا إذا دفعت الحكومة العراقية تكلفة القاعدة الجوية الأميركية هناك.
وقال “ترامب”: “لدينا قاعدة جوية هناك باهظة التكلفة بشكل استثنائي. لقد احتاجت مليارات الدولارات لبنائها منذ فترة طويلة قبل مجيئي. لن نغادر إلا إذا دفعوا لنا تكلفتها”.
وأوضح أنه إذا طالب “العراق” برحيل القوات الأميركية؛ ولم يتم ذلك على أساس ودي، “سنفرض عليهم عقوبات لم يروا مثلها من قبل مطلقًا. ستكون عقوبات إيران بجوارها شيء صغير”.
كما قال وزير الخارجية الأميركي، “مايك بومبيو”، أن رئيس الوزراء العراقي، “عادل عبدالمهدي”، استقال منذ فترة بسبب التدخلات الإيرانية في شؤون “العراق”.
وأضاف “بومبيو” أن “الولايات المتحدة” تتطلع إلى متابعة عملها في “العراق”.
خيبة أمل..
كما أعربت “وزارة الخارجية” الأميركية عن خيبة أملها بشأن تصويت “البرلمان العراقي” على إخراج القوات الأجنبية.
ونقلت وسائل إعلامية عن بيان للخارجية؛ قوله: “نشعر بخيبة أمل من دعوة البرلمان العراقي إلى انسحاب القوات الأجنبية”.
وأضاف إن: “واشنطن تحث القادة العراقيين أن يأخذوا بعين الاعتبار أهمية العلاقات الاقتصادية والعسكرية بين البلدين”، لافتة إلى: “إننا نعتقد أن مواصلة قتال (داعش) مصلحة مشتركة لواشنطن والعراق”.
“روحاني” يرحب..
أما الرئيس الإيراني، “حسن روحاني”، قال أمس، إن تصويت “البرلمان العراقي” على إخراج القوات الأميركية من البلاد، خطوة مهمة ستسهم في تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة.
وأكد “روحاني”، خلال اتصال هاتفي مع الرئيس العراقي، “برهم صالح”، أنه ينبغي على “طهران” و”بغداد” الصمود أمام الإجراءات العدائية الأميركية وتدخلات “واشنطن”.
وشدد الرئيس الإيراني على أن دماء قائد (فيلق القدس)، “قاسم سليماني” و”أبومهدي المهندس”، ستؤدي إلى تطورات جديدة في المنطقة؛ وستؤدي إلى تعزيز العلاقات بين الشعبين، العراقي والإيراني.
وأضاف أن “قاسم سليماني” بذل جهودًا كبيرة لأجل ضمان أمن “العراق” و”إيران” والمنطقة، وتابع: “لولاه لسقطت أربيل في تلك الليلة المؤلمة لهجوم (داعش) على المدينة”.
من جهته؛ قال “برهم صالح”، الرئيس العراقي، وفقًا لبيان الرئاسة الإيرانية، إن “العراق” و”إيران” يواجهان ظروفًا صعبة “وفتنة كبيرة نأمل الخروج منها مرفوعي الرأس بفضل الإدارة الحكيمة لمسؤولي الجمهورية الإسلامية؛ كي نتمكن من إحلال الأمن والاستقرار في المنطقة”، مؤكدًا على أن وحدة وصداقة الشعبين، العراقي والإيراني، تعزز الأمن والاستقرار في المنطقة.
دعوات للتهدئة.. والعقوبات لا تجدي نفعًا..
عن هذا التهديد؛ قال وزير خارجية ألمانيا، “هايكو ماس”، اليوم، إن التهديد بفرض عقوبات على “العراق” لا يجدي نفعًا، قائلًا “ماس”، لإذاعة (دويتش لاند فونك) العامة: “لا أعتقد أن إقناع العراق بالتهديد سيجدي، وإنما بالحوار”.
من جهتها، دعت “باريس”، “بغداد”، مساء أمس؛ لإعطاء وقت للتباحث حول مسألة إخراج القوات الأجنبية من “العراق” بعد تصويت البرلمان بإلزام الحكومة بإخراج تلك القوات وإلغاء طلب مساعدة “التحالف الدولي” ضد (داعش).
تظاهرات رافضة..
وعلى ما يبدو؛ يتضح من الأنباء أن المحتجين العراقيين غير راضين عن ذلك القرار البرلماني، حيث إنطلقت تظاهرات من “ساحة التحرير”، في “بغداد”، مساء أمس، تندد بقرار إنهاء وجود القوات الأجنبية وهتف المحتجون بخروج “إيران” من “العراق”.
هذا؛ وطالب المحتجون مجددًا، برئيس وزراء غير حزبي. وذلك وفقًا لموقع (العربية. نت) السعودي.
إنتهاء الاتفاقية منذ 2011 !
وفي تعليق لـ (كتابات)؛ على تلك الأحداث، قال “هاشم الشماع”، عضو مركز “العراق” للتنمية القانونية؛ لمن تتبع جلسة “البرلمان العراقي” الخاصة بإلزام الحكومة العراقية بإجلاء القوات الأميركية والأجنبية من “العراق”، يلحظ أنه لم يتطرق إلى الاتفاقية الأمنية التي أُبرمت بين “العراق” و”الولايات المتحدة الأميركية”، والتي تسمى بالأساس، (اتفاقية سحب قوات الولايات المتحدة الأميركية من العراق وتنظيم وجودها المؤقت فيه)، وأن هذه الاتفاقية قد إنتهى مفعولها بمغادرة آخر جندي أميركي لـ”العراق”، في 31 كانون أول/ديسمبر 2011، وأصبح “العراق” يحتفل بيوم السيادة من تاريخه.
إنهاء وجود القوات التي دخلت لمحاربة “داعش”..
وأضاف “الشماع”؛ أن لـ”العراق” و”الولايات المتحدة الأميركية” اتفاقية أخرى تسمى: (اتفاقية الإطار الإستراتيجي للتعاون بين العراق والولايات المتحدة الأميركية)، وأن هذه الاتفاقية الثانية لا تُعد اتفاقية بالمفهوم القانوني البحت، لأنها لا تتضمن أي إلتزامات بين الطرفين، وإنما هي تفاهمات عامة للتعاون في مختلف المجالات الخاصة بالتعليم والصحة والاقتصاد وغيرها، وهذه الاتفاقية الأطرية ممكن إلغاءها بمجرد إخطار أحد الطرفين للطرف الآخر بإلغاء الاتفاقية، فتدخل حيز التنفيذ بعد عام من تاريخ الاخطار. وهذه الاتفاقية الأطرية لا تتضمن أي بنود تخص إدخال الجنود الأميركان أو معداتهم العسكرية أو القيام بعمليات خاصه بها.
موضحًا أنه هنا، ولغرض إلغاء هذه الاتفاقية؛ يمكن للحكومة العراقية تقديم مشروع قانون يتضمن إلغاء هذه الاتفاقية. أما ما صوت عليه “مجلس النواب” العراقي، في آخر جلسة له، هو إنهاء وجود القوات الأميركية التي دخلت “العراق” بطلب من الحكومة العراقية إبان مقاتلة تنظيم (داعش) الإرهابي؛ ومن ضمن هذه القوات المحدودة خبراء ومدربين عسكريين لتعزيز قدرات الضباط والمراتب في القوات العراقية، ولا يحق لها القيام بأي عمل عسكري إلا بموافقة الحكومة العراقية. ولكن هذه القوات خرقت هذه الإلتزامات وأخذت تنفذ عمليات متعددة على الأرض والسماء العراقيتين، وآخرها تنفيذ عملية اغتيال في “مطار بغداد الدولي” لشخصية عسكرية رسمية قانونية تابعة لإحدى تشكيلات القوات المسلحة العراقية، ولضيف “العراق” الذي جاء لـ”بغداد” بطلب رسمي من الحكومة العراقية لغرض التفاهم على قضايا تخص الأمن العراقي.
إرتكاب جريمتين..
وأشار “الشماع” إلى أنه؛ هنا إرتكب “البيت الأبيض” جريمتين؛ الأولى: اغتيال الشخصيتين، ومن معهما، وإنتهاك السيادة العراقية، مؤكدًا أن المحصلة النهائية لا توجد اتفاقية أمنية لأنها إنتهى مفعولها، واتفاقية الإطار الإستراتيجي يمكن أن تلغى بتقديم مشروع قانون من الحكومة، ولكن الإشكال أن الحكومة الحالية هي حكومة تصريف أمور يومية، لا يحق لها إلغاء اتفاقيات أو إبرام اتفاقية أو تقديم مشاريع قوانين للبرلمان، فنحن بانتظار حكومة جديدة كاملة الصلاحيات لغرض تقديم هذا المشروع.
مخاوف من إختلال قوى التوازن على الأرض..
وحول ما ما يخص الكتل السياسية التي رفضت الحضور لـ”مجلس النواب” لغرض التصويت على إجلاء القوات الأميركية من “العراق”، قال “الشماع” إنها قد أعلنت موقفها بهذا التصرف ومخاوفها هي أن يحدث إختلال في قوى التوازن على الأرض العراقية؛ وبعض الأطرف لديها مصالح خاصة مع “الولايات المتحدة الأميركية” لا تريد أن تتضرر.
ورقة ضغط..
أما ما يخص تهديدات “ترامب”، لـ”العراق”، بفرض عقوبات على “العراق” في حال طلب منه سحب قواته، أوضح “الشماع”: “أعتقد إنها تهديدات إعلامية كورقة ضغط على العراق للتخلي عن هذا المطلب، خاصة وأن أميركا اليوم بأشد الحاجة إلى العراق في تنفيذ مشاريعها في المنطقة ولطرد التزاحم (الروسي-الصيني) في المنطقة أيضًا”.