23 نوفمبر، 2024 5:44 ص
Search
Close this search box.

ايران وامريكا والسباق للتصعيد والتهديد والدعوة لتفجير الحرب بينهما في العراق

ايران وامريكا والسباق للتصعيد والتهديد والدعوة لتفجير الحرب بينهما في العراق

قد تندلع الحرب في الخليج في اي وقت اذا ما سمح لاسرائيل وضع انفها في الازمة والعبث في الخفاء على اكثر من جيهة وباكثر من مخلب , واذا ما بقيت تحرض على الحرب وتدمير مواقع النووي الايراني ,قد تندلع الحرب اذا ما قامت اسرائيل تحت غطاء امريكي بقصف اي من المواقع الاستراتيجية في ايران مستغلة حال التوتر في الخليج , وقد تقع الحرب ايضا اذا ما استمر العبث باعاقة السفن التجارية التي تتنقل بين الشرق والغرب عبر مضايق الخليج العربي , وقد تقع الحرب لسبب اخر وهو فرض نوع من الهيمة الامريكية على المنطقة وادخال ايران تحت هذه المنظومة . لعل اسباب الحرب وادواتها متوفرة الان بالمنطقة لكن لا احد يرغب بها ويتفادها لانها لن تكون حرب عادية وقد تجر الى حرب عالمية ثالثة وتحترق المنطقة على اثرها ولن يبقي بئر نفط او محطة تكرير او انبوب نفط ناقل خارج الاستهداف ولن يبقي ايضا اي موقع استراتيجي بدول الخليج واسرائيل خارج اهداف الصواريخ الايرانية بعيدة المدي . ليس هذا فقط بل اعتقد ان الحرب سوف يستخدم فيها ملايين الاطنان من المتفجرات فائقة التدمير والقادرة على اختراق اي تحصينات في كلا من جبهات القتال التي ستدخل المعركة .ولو استطعنا ان نحدد اهداف كل طرف من الحرب المحتلمة لكنا اقرب الي التوقع بنشوب هذه الحرب من عدمها , الاهداف الامريكية كبيرة ومعقدة لكن اهداف ايران حول اثبات الجوودها بالمنطقة وتقاسم الهيمنة مع الولايات المتحدة الامريكية وروسيا لتكون ضمن اللاعبين الكبار في الاقليم .

باستعراض كل طرف قوته نحن في خضم مرحلة التهديد والوعيد فقد استعرضت ايران العديد من الصواريخ الدقيقة والذكية التي تحمل رؤس متفجرة بالغة التدمير ,واستعرضت امكانية وصول هذه الصورايح لابعد من 5500 كيلو متر اي كل المواقع الاستراتيجية في الاقليم وحتي واشنطن العاصمة وفي احدث استعراضاتها اختبارها لاطلاق 6000 صاروخ في دقيقة واحده وهذا مالم يحدث من قبل في اي مرحلة استعراض القوة بأي مواجهة على مدار حروب التاريخ حتي الحرب العالمية الثانية . الولايات المتحدة بالمقابل تستعرض القوة ايضا بارسال اسطولها البحري الي مياه الخليج والدفع باكثر من 120 الف جندي امريكي الى المنطقة ووضع هذه القوات موضع الهجوم المحتمل في اي لحظة ليس هذا فحسب بل نشر مئات بطاريات صواريخ الباتريوت في كافة مناطق النفوز الامريكي بالخليج العربي , ومهما تحدثنا عن الاستعداد للحرب واستعراض القوة تبقي هناك اسلحة لن يعلن عنها هذا الطرف او ذلك ويبقيها لمرحلة المفاجاء لارباك صفوف وقوات الطرف الاخر وهذا قد يشمل بعض انواع من السلاح غير التقليدي والذي يعتبر استخدامة تهديد للمنطقة باسرها .

لا اعتقد ان مرحلة التوتر الحالية بين امريكا وايران تتجاوز مرحلة استعراض القوة بكثير والتهديد والوعيد لان الولايات المتحدة لن تقدم على اي عمل عسكري ضد ايران في هذه المرحلة بالذات والتي تبدأ فيها بتجهيز الاقتصاد في المنطقة لتنفيذ صفقة القرن وتوظيف كل ما هو مطلوب للحصول على الاموال اللازمة لهذه الصفقة بشقها الاقتصادي الذي اعلنته , ومادامت تقول ان انها تريد عقد ورش عمل بالمنطقة لجمع الاموال لتدفعها للفلسطينين ومصر والاردن ولبنان لخلق واحة استثمار فريدة من نوعها فان الحرب لن تقع لان اي حرب تقع ستدمر الاقتصادي الخليجي وبالتالي لن تتوفر الاموال التي تريدها الولايات المتحدة لخطتها ولا يخال على احد ان الشق السياسي قد تم تأجيله فهو يطبق بهدوء وصمت كبيرين وبعيدا عن صخب الاعلام . اما ايران فهي ايضا غير معنية بالدخول في مواجهة مع امريكا ايضا لان التوتر الحالي لم يصل حدته للمواجهة فهي تريد فقط رفع الحصار والعقوبات التي فرضتها عليها الولايات المتحدة في اعقاب انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي الاخير (5+1) ولو كانت ايران بالحرب لاشعلت الخليج, هذا ما يجعلنا نذهب باتجاه ان الازمة الحالية بين امريكا وايران ازمة نفوز لا اكثر ولا اقل واذا ما احترم كل طرف نفوز لاخر في المنطقة سيتم نزع فتيل المواجهة وباعتقادي ايضا ان الولايات المتحدة ترغب في ان تستمر ايران في توتيرالخليج العربي الي الحد الذي يخدم الولايات المتحدة الامركية سوق السلاح الامريكي في الخليح .

بالمجمل هناك لاعب خفي يعبث في المنطقة ويريد اشعالها رغما عن الولايات المتحدة وايران ويرغب لذلك فهو يوظف كل الدسائس والخطط لابقاء المنطقة في حالة توتر ويصور علي الدوام انه ليس الشر الحقيقي في المنطقة ولا هو المهدد الحقيقي للهوية العربية , انها اسرائيل التي نعتبرها بوابة الشر الحقيقية والمهددة الحقيقية للهوية العربية بالتساوي مع ايران لا تختلف عنها بل ان تهديداتها هي الاخطر , وهذا ما يفسر تمادي اسرائيل في تصوير انها مهددة من قبل ايران وخاصة ان ايران عزفت على ذات الوتر واعنت انها قد تمسح اسرائيل عن الخارطة في نصف ساعة وهذا يؤكد ان الشر في المنطقة برسان اسرائيل وايران محركا مثيروالتوتر بين اطراف متعددة على محاور النفوز المختلفة . ما نريد ان نؤكده هنا ان الحرب كل اطراف المعادلة يدركوا ان الحرب لن تحل الكثير من المشاكل عدا اسرائيل التي اذا ما احترمت اسرائيل نفسها وجنحت للسلم وطبقت كل قواعد القانون الدولي وانهت الاحتلال الاسرائيلي للارض الفلسطينية وقبلت بالعيش في سلام وواقف التسلح فان المنطقة ستهدأ في اليوم لكن هذا لن يخدم اسرائيل ولا اهدافها لابقاء حالة التوتر والحفاظ على وتيرة الصراع بالمنطقة وادارته وتوجيهه ونقله من جبهة الى اخري .

قوة أمريكا تنهي بنى إيران التحتية في 24 ساعة – منذ ليل الخميس- الجمعة، حيث قتل القائد الإيراني الأشهر قاسم سليماني بضربة أمريكية في بغداد، تمحور الحديث عبر مختلف وسائل الإعلام العالمية حول الحالة التي ستكون عليها منطقة الشرق الأوسط فإيران وعلى جميع الصعد السياسية والعسكرية، والدينية أيضاً؛ بدءاً من أعلى هرم السلطة المرشد الأعلى علي خامنئي، كان التهديد والوعيد بالانتقام من أمريكا حديثها الأبرز وعلى الرغم من أن التهديد الإيراني لأمريكا ليس بالأمر الجديد لكن الحدث الأخير يدعو للاعتقاد بأن الرد العسكري سيكون حاضراً، لا سيما أن لإيران وجوداً عسكرياً قوياً في عدة دول بالمنطقة من خلال مليشيات موالية ويتفق مختصون بالشأن السياسي على قدرة إيران العالية في المراوغة واللعب على أوتار السياسة، وهو ما أكده الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في تغريدة على حسابه بـ”تويتر” بعد مقتل سليماني، إذ أفاد بأن “إيران لم تكسب حرباً، لكنها لا تخسر المفاوضات , إن من المعتاد أن تهدد إيران ولا تنفذ تهديدها حين تتعامل مع الولايات المتحدة والدول الغربية، لكنه على الرغم من هذا يرى أن إيران “لا ترد إلا إذا اتبعت نفس الأسلوب السابق”، في إشارة إلى إطلاق صواريخ على مواقع لقوات أمريكية. منذ نجاح ثورة الخميني في 1979، لم تزج إيران في معاركها خارج حدودها بجندي إيراني، إنما كانت تنفذ عملياتها عن طريق الأذرع والوكلاء والتابعين لها حسب العقيدة، لا سيما مقلدي الخميني والخامنئي،و أن بإمكان إيران أن “تستخدم نفس الأسلوب السابق، خاصة في العراق؛ لوجود عدد كبير من أتباع إيران من المتنفذين وأصحاب الأموال والنفوذ والجاه والمناصب السلطوية التنفيذية والتشريعية والقضائية، وهم مسيطرون على البرلمان العراقي، ويمكن إصدار أوامر لهؤلاء بإيذاء الأجانب والأمريكيين في العراق

فبعد فترة قصيرة من مقتل متعاون أمريكي في قاعدة “كي 1″ شمالي العراق، نفذت القوات الأمريكية ضربات جوية على مواقع لكتائب حزب الله في العراق وسوريا أدت لمقتل وإصابة العشرات، فردت المليشيات، وأبرزها حزب الله العراقي، باقتحام السفارة الأمريكية ببغداد، ليأتي الرد سريعاً بقتل سليماني والمهندس ورأينا الذريعة في قصف قضاء القائم نتيجة قصف قاعدة (كي 1)، الذريعة كانت بدون إثبات؛ هل صحيح أن حزب الله هو من قام بالضربة واستعجلت أمريكا بهذه الضربة واستعجل من يوالون إيران باقتحام السفارة وحدث ما حدث، وفجأة اتهمت واشنطن إيران بالتخطيط لضرب القاعدة العسكرية والمسير للسفارة الأمريكية خلال وقت قصير فصرع سليماني والمهندس وآخرون؟”.
سيناريوهات إيران للحرب – سيناريوهات الحرب والرد العسكري تكمن في تكليف إيران لأذرعها بإيذاء المصالح الأمريكية أو الأفراد الأمريكيين و أن إيران قادرة على الرد من الناحية النظرية، مبيناً أنها من ناحية الحسابات العسكرية والموقع والأسلحة والسيطرة على مواقع بحرية هي تملك مجالات رد واسعة و أن القوات العسكرية الإيرانية ضخمة، والقوى البحرية والبرية ضخمة أيضاً، فضلاً عن هذا فإن الحرس الثوري جيش عقائدي وأفراده أفضل تدريباً من الجيش الاعتيادي إن “هناك الأهم؛ وهي الصواريخ الباليستية قريبة المدى وبعيدة المدى. يقال إنهم يمتلكون إلى حد 2000 كيلومتر، أي تصل إلى حدود إسرائيل وحتى إلى مصر وجميع أجزاء السعودية و”لكن أهم من هذه الصواريخ بعيدة المدى الصواريخ الباليستية قريبة المدى؛ مسافة 300 و500 كيلومتر، وهي متوفرة بأسعار رخيصة وينتجونها في إيران ولديهم كمية هائلة من هذه الصواريخ، وكل المصالح الأمريكية أو المنشآت العربية اعتباراً من الكويت وصولاً إلى عُمان ضمن مرمى الصواريخ قصيرة المدى و هذه الصواريخ لا تحلّق بارتفاعات عالية جداً، ولذلك يصعب إسقاطها من جانب آخر إطلاق الصواريخ المضادة التي تمتلكها كل القواعد الأمريكية والدول بالمنطقة ليس معقولاً”، مبيناً أن “من غير المعقول أن تطلق منظومة باتريوت وغيرها ما قيمته مليون دولار لإسقاط صاروخ لا يتجاوز سعره 15 ألف دولار”.
القدرات العسكرية الأمريكية – وسمعنا أن هناك تحركاً لقطع من الأسطول السابع الأمريكي من بحر الصين متوجهة إلى الخليج و هذا التحرك يشير إلى تهديد، فضلاً عن “القدرة التي تمتلكها الطائرات القاصفة، وطائرات الهجوم الأرضي، وتلك التي تقلع من حاملات الطائرات، ربما تدمر البنية التحتية ومرافق الخدمات الإيرانية خلال 24 ساعة و إن حاملة الطائرات الواحدة تستوعب 93 طائرة من أفضل الطائرات في العالم، والطائرات القاصفة الأمريكية كل واحدة تحمل نحو 40 طناً من القنابل، أو 32 صاروخ كروز، مدى كل واحد منها 800 كم، وهي مديات هائلة أما بالنسبة إلى المدمرات وحاملات الطائرات -يقول توفيق- فكل مدمرة في الأسطول تحمل 100 مقذوفة كروز مداها 100 كم و500 كم؛ بمعنى أن كل البقاع الإيرانية تحت مديات كروز، مؤكداً أن صواريخ كروز قلما تسقط؛ لأنها تحلّق على ارتفاع لا يزيد عن 60 متراً، وهي بذلك لا تسمح باكتشافها من جانب آخر أن لدى الولايات المتحدة قواعد عسكرية في 143 دولة من مجموع 194 دولة هذه القواعد، على شكل قواعد ومستشارين وغيرها، وهي بواقع 750 قاعدة، وبذلك هي كافية وفق قوله، “ولا حاجة لجلب قوات إضافية إلى المنطقة ونعرف أن المارينز موجودون، وثمة جيش أمريكي موجود في العراق والكويت، وقليل منه في السعودية، وعدد كبير في الإمارات وقطر، وهي قوات كافية لتكون على أهبة الاستعداد لتنفيذ مهمات، وواشنطن لديها بالتأكيد كل الاحتمالات مع إيران”.

بعد مقتل سليماني.. ما السيناريوهات المتوقعة بين إيران وأمريكا؟ لا يبدو أن خبر اغتيال اللواء قاسم سليماني، قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، وأبو مهدي المهندس نائب رئيس مليشيا الحشد الشعبي العراقي، بقصف أمريكي سيمر بدون تداعيات، خصوصاً أن القتلى من أبرز أدوات وأذرع إيران العسكرية في الخارج وذكر التلفزيون الإيراني الرسمي، فجر يوم الجمعة (3 يناير 2020)، أن سليماني قتل في غارة نفذتها طائرات أمريكية على مطار بغداد الدولي وطريق قريب منه من جهتها قالت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون)، إن الجيش قتل سليماني بناءً على توجيهات الرئيس دونالد ترامب؛ “كإجراء دفاعي حاسم لحماية الموظفين الأمريكيين بالخارج وأوضح بيان البنتاغون أن سليماني كان “يخطط لمهاجمة الدبلوماسيين الأمريكيين وأفراد الخدمة العسكرية في العراق وفي أنحاء المنطقة”، وأن العملية تمت بهدف “ردع” إيران عن التخطيط لهجمات جديدة، مؤكداً أن الولايات المتحدة ستتخد كل ما يلزم “لحماية الأمريكيين والمصالح الأمريكية في أي مكان حول العالم”.

ويحمل مقتل الشخصيتين، بالإضافة لأنباء عن مقتل نعيم قاسم نائب الأمين العام لمليشيا حزب الله اللبناني، وقيادات عسكرية في الحرس الثوري والحشد الشعبي، سيناريوهات كثيرة في ظل توتر متواصل بين طهران وواشنطن.
تحركات وتهديدات -وتبع عملية الاغتيال تحركات عسكرية أمريكية في منطقة الخليج العربي، واستنفار إسرائيلي على الحدود الشمالية، وسط مؤشرات على ازدياد منسوب التصعيد بين الطرفين، خاصة مع تصريح وزير الدفاع الأمريكي، مارك إسبر، بـ”تغيير قواعد اللعبة فقد سحبت الولايات المتحدة عشرات القطع البحرية من بحر الصين باتجاه الخليج، ونصبت بطاريات باتريوت في مناطق عديدة من الخليج والحدود اللبنانية الإسرائيلية، فضلاً عن حركه غير عادية من الناقلات العسكرية، بحسب موقع “فوكس نيوز” الأمريكي في مقابل ذلك نعى المرشد الإيراني الأعلى، علي خامنئي، سليماني، في بيان له الجمعة (3 ديسمبر 2020)، مشيداً به وبمسيرته، مؤكداً أنه “بغيابه لن تتوقف المسيرة التي سلكها”، متوعداً بـ”انتقام قاسٍ للغاية بانتظار المجرمين واعتبر خامنئي أن سليماني “شخصية دولية للمقاومة، وأن جميع مؤيدي ومحبي المقاومة ثائرون لدمه”، معلناً الحداد العام في إيران لمدة ثلاثة أيام بدوره قال الرئيس الإيراني حسن روحاني إن واشنطن من خلال هذه “الجريمة البشعة انتهكت كافة المبادئ والقواعد الإنسانية والقانون الدولي، مؤكداً أنه “سيتم الانتقام منها بدوره قال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الإيراني، كيفان خوسرافي: إن “واشنطن ستتحمل التداعيات الأمنية والعسكرية لاغتيالها سليماني من جانبه أكّد مستشار المرشد الإيراني للشؤون الدولية، علي أكبر ولايتي، أنه “لن يكون لواشنطن مكان آمن في المنطقة بعد هدمها كل الجسور”، مبيناً أن “العالم سيرى بأسرع وقت الانتقام لدم الجنرال سليماني

المحلل السياسي مفيد مصطفى يرى أن “المناوشات العسكرية بين الحشد الشعبي وحزب الله العراقي، اللذين يعتبران وكلاء لإيران، مع القوات الأمريكية بدأت في 27 ديسمبر 2019، في حين كان اقتحام سفارة واشنطن في بغداد ذروة التصعيد بين الطرفين و أن كل هذا “يشكل حساسية كبيرة للولايات المتحدة؛ لأنه يعود بالذاكرة إلى اقتحام سفارة واشنطن في طهران عام 1979، واحتجاز كل من فيها كرهائن، ولذلك فإن اغتيال سليماني هو رسالة واضحة لإيران بأنها تخطت الخط الأحمر، وأن الولايات المتحدة قادرة على الوصول إلى أبرز قيادتها وأذيتها بسهولة ولا شك أن إيران سترد على مقتل سليماني، ولكن ردها سيكون لحفظ ماء الوجه، على هيئة ردود حزب الله على قتل إسرائيل لقياداته، ومن ثم على الأرجح سيكون الرد بالعراق أو سوريا بطريقة لا تشعل حرباً شاملة بين الطرفين كما يجب الأخذ بعين الاعتبار أن إيران ستتذرع داخلياً بعقيدتها التي تقول إن موت قيادي لا يعني انتهاء المسيرة، وإنه نال الشهادة التي كان يسعى إليها، ولذلك قامت طهران بشكل سريع جداً بتعيين قائد لفيلق القدس مكان سليماني (إسماعيل قاآني .وبخصوص الاتفاق النووي الإيراني الذي انسحبت منه واشنطن عام 2018، أوضح “مصطفى” أن “الاتفاق كان ميتاً سريرياً بعد انسحابها منه، ولكن كان هناك سعي من الدول الأوروبية، وتحديداً فرنسا، لعودة واشنطن إليه والتفاوض عليه من جديد، إلا أن التصعيد الأخير سيقتل كل الآمال بذلك، لا بل قد يشهد تصعيداً من قبل طهران بزيادة التخصيب وانتهاك الاتفاق؛ من أجل دفع الدول الأوروبية للضغظ على واشنطن لوقف التصعيد.وبخصوص تأثير مقتل سليماني على القضية السورية لا شك أن مقتله سيرخي بظلاله على المشروع الإيراني في سوريا، فالضربة الأمريكية في مطار بغداد استهدفت الرجل الأول لفيلق القدس، ما يعتبر عملاً عسكرياً من العيار الثقيل ضد قائد إيراني ويعتبر المسؤول الأول عن ارتكاب جرائم حرب بحق الملايين في العراق وسوريا واليمن ولبنان، كما تشير الضربة إلى أن العلاقات بين واشنطن وطهران المتأزمة في الأصل قد وصلت إلى نقطة غير مسبوقة من التوتر و يبدو أن “الإدارة الأمريكية بقيادة الرئيس ترامب قد وضعت استراتيجية مختلفة عما كانت عليه الأمور في عهد سلفه الرئيس باراك أوباما في طريقة تعاطي الولايات المتحدة الأمريكية مع عربدة إيران وأذرعها المليشياوية في المنطقة وواشنطن لن تكتفي بتوجيه ضربات عسكرية إلى أذرع إيران في العراق فحسب، بل قد تطول ضرباتها مصالح إيران السياسية والعسكرية والاقتصادية في عموم المنطقة، وبالتحديد سوريا، ما يعني إصابة إيران بشلل الأطراف وعدم القدرة على الاستمرار بمشروعها في سوريا”.

وحذر مراقبون من أن الضربة تنذر بتداعيات خطيرة قد تستمر طويلاً، مذكّراً بما قاله قياديون في الحشد الشعبي في الآونة الأخيرة؛ من أن المعركة مع الولايات المتحدة باتت مفتوحة على كل الاحتمالات.

وجاءت تلك التطورات على خلفية قيام عشرات المحتجين، الثلاثاء الماضي، باقتحام حرم السفارة الأمريكية في بغداد، وإضرام النيران في بوابتين وأبراج للمراقبة، قبل أن تتمكن قوات مكافحة الشغب العراقية من إبعادهم إلى محيط السفارة والاقتحام جاء رداً على غارات جوية أمريكية، الأحد (29 ديسمبر 2019)، استهدفت مواقع لكتائب “حزب الله” العراقي، أحد فصائل “الحشد الشعبي”، بمحافظة الأنبار (غرب)، ما أسفر عن سقوط 28 قتيلاً و48 جريحاً بين مسلحي الكتائب وشنت الولايات المتحدة الضربات الجوية رداً على هجمات صاروخية شنتها الكتائب على قواعد عسكرية عراقية تستضيف جنوداً ودبلوماسيين أمريكيين، قتل خلال إحداها مقاول مدني أمريكي قرب مدينة كركوك (شمال) ويتهم مسؤولون أمريكيون إيران بشن هجمات صاروخية ضد قواعد عسكرية تستضيف جنوداً ودبلوماسيين أمريكيين في العراق، عبر وكلائها من الفصائل الشيعية، وهو ما تنفيه طهران. وكان وزير الدفاع الأمريكي، مارك أسبر، قال الخميس (2 يناير 2020)، إنه يتوقع أن تقوم الفصائل الموالية لإيران في العراق بشن هجمات جديدة على القوات الأمريكية، وقال: “سنجعلهم يندمون” عليها.

مقتله يهدد بحرب مفتوحة.. تعرف على أداة إيران القاتلة في الخارج – أنهت غارة أمريكية في العراق حياة أسطورة رجل إيران الأول عسكرياً في الخارج، بعد سنوات طويلة من تنفيذ مخططات طهران في دول المنطقة وخاصة العراق وسوريا, يعد قائد فيلق القدس، الجنرال قاسم سليماني، الذي يشرف على أغلب عمليات إيران الخارجية، وخصوصاً في سوريا والعراق، من أبرز الشخصيات شهرة في الجمهورية الإيرانية، ومن القلة المقربة من المرشد الأعلى علي خامنئي، ويعد مقتله مرحلة مفصلية في تاريخ الصراع الأمريكي الإيراني وقد برز اسمه مؤخراً خلال الاحتجاجات العراقية، وكانت تقارير إيرانية أكدت، بحسب صحيفة نيويورك تايمز، أن سليماني يحدد سياسات إيران في لبنان وسوريا والعراق، وزار العراق لدعم رئيس الوزراء العراقي المستقيل، عادل عبد المهدي، فيما أضافت الصحيفة أن الوجود الإيراني لم يغب عن مطار بغداد، وأن جواسيس إيران بمطار بغداد راقبوا الجنود الأمريكيين ورحلات التحالف الدولي لمحاربة “داعش . وورد اسمه ضمن اجتماع سري عقد ببغداد، نوفمبر الماضي، طلب فيه من هادي العامري الذي يقود تحالف “الفتح” المدعوم من إيران، إضافة إلى قيادات “الحشد الشعبي”، الاستمرار في دعم عبد المهدي . تقارير عديدة تحدثت عن القمع الذي واجهه المحتجون؛ ومن أبرزها ما تطرق إليه “معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى”، الذي ذكر أسماء أبرز أفراد خلية أمنية لاستهداف المتظاهرين، مشيراً إلى أن أول الأسماء هو “قاسم سليماني، المصنف إرهابياً من قبل الولايات المتحدة، وصل إلى بغداد في 4 أكتوبر، لضبط أنشطة الحكومة المناهضة للاحتجاجات و ثاني الأسماء التي ذكرها التقرير هو أبو مهدي المهندس (اسمه الحقيقي جمال جعفر إبراهيم)، قائد عمليات قوات الحشد الشعبي، وصنفته الحكومة الأمريكية إرهابياً في عام 2009، واغتيل برفقة سليماني.
مكانته بالنسبة لإيران – وذكرت دراسة أجرتها “إيران بول”، بالتعاون مع جامعة “ميريلاند” الأمريكية عام 2018، أنّ 83% من الإيرانيين ينظرون بإيجابية إلى سليماني، قائد الفليق التابع للحرس الثوري الإيراني، والذي حل قبل الرئيس حسن روحاني ووزير الخارجية محمد جواد ظريف في المقابل ترى الشعوب العربية، وبالأخص سوريا والعراق، أن زمام الأمور ليست في يد بشار الأسد في دمشق، وليست بيد الحكومة العراقية في بغداد؛ بل إنَّ من يصدر الأوامر هو سليماني، الذي يشرف على أغلب المعارك الميدانية، وتسبب بمقتل آلاف المدنيين ولا يمر وقت طويل لمشاهد التلفزيون الإيراني إلا ويرى صورة الجنرال سليماني تطل عليه من الشاشة التي تبرزه على أنه بطل الثورة خارج الحدود؛ إذ أصبح الرجل -الذي لم يكن يعرفه معظم الإيرانيين في الشارع حتى وقت قريب- مادة رئيسية لأفلام وثائقية، ونشرات أخبار، وحتى أغاني موسيقى البوب ومن حين إلى آخر يتداول الناشطون في إيران على نطاق واسع مقاطع مصورة لمليشيات شيعية في العراق أو سوريا تحتفي بسليماني ويؤدون التحية العسكرية له، مصحوباً بموسيقى حماسية في خلفية المقطع وتواجد الجنرال شخصياً بمحافظة صلاح الدين شمالي العراق؛ لقيادة فصائل عراقية خلال استعادة مدينة تكريت من مسلحي تنظيم “داعش” عام 2017، بحسب وكالة “فارس” المحلية أما في سوريا المجاورة فقد كان أحد العناصر الأبرز -إضافة لروسيا- في دعم نظام بشار الأسد على تحويل مسار المعركة مع الثوار السوريين لصالح النظام، وكانت له إسهامات ملموسة في تهجير ملايين المدنيين وتدمير بيوتهم ودائماً ما تنفي إيران نشر قوات برية في سوريا والعراق، لكنها تقيم بين حين وآخر جنازات جماهيرية لقوات أمن و”مستشارين عسكريين” قتلوا في البلدين، ويولي الجنرال سليماني أهمية خاصة لحضور بعض من تلك المراسم وفي مقابلة مع شبكة “بي بي سي” البريطانية في عام 2013، دعا السفير الأمريكي لدى العراق، ريان كروكر، إلى الاستعانة مجدداً بالدور غير المباشر الذي أداه الجنرال سليماني في محادثات بغداد.

وبحسب السفير الأمريكي، كان “مندوبو إيران الذين اجتمعوا معي يوضحون أنه مع إبلاغ وزارة الخارجية بمجريات المحادثات يظل القرار النهائي للجنرال سليماني جديرٌ ذكره أنه كان لسليماني دورٌ بارز في تشكيل الحكومة العراقية الأخيرة التي يقودها عادل عبد المهدي، وترتيب المشهد السياسي في البلاد التي لا تخفى السيطرة الإيرانية التامة على قراراتها وفي يوليو الماضي، أن الكتل السياسية هي من تطلب من الآخرين التدخل في القرارات التي تخص الحكومة العراقية، ولو أن قادة الكتل السياسية تطلب من قاسم سليماني والسعودية والولايات المتحدة الأمريكية عدم التدخل في الشأن العراقي لاحترموا هذا القرار وعاملوهم نداً لند , إن “الكتل السياسية هي من تطلب من دول الجوار والآخرين التدخل في تشكيل الحكومة وصناعة القرار الذي يخص العراق ويعد اغتياله تحولاً في السياسة الأمريكية لم يكن موجوداً لأعوام، حيث صنفته الولايات المتحدة على أنه داعم للإرهاب، في أبريل عام 2019، رغم أنه شارك في عمليات عسكرية في سوريا والعراق منذ عام 2014 بشكل علني وبعد اغتياله فجر الجمعة (3 يناير 2020)، حذر عدة ساسة أمريكان من تحول المواجهة مع طهران إلى حرب مفتوحة، فيما توعد قادة إيران برد قاسٍ.

يعتبر سليماني شكلياً بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية شخصاً إرهابياً، ومن الأفضل عدم الدخول معه في صراع بصورة مباشرة، حيث وصفه جون ماغواير، الموظف القيادي في وكالة الاستخبارات الأمريكية، بأنه “أقوى عميل حالياً في منطقة الشرق الأوسط برمتها”؛ إذ من المفترض أنه قد كتب بنفسه في عام 2008 في برقية إلى القائد الأعلى للقوات الأمريكية في العراق حينها، مفادها: “عزيزي السيد بترايوس، يتعين عليك أن تعرف أنني أتحكم بسياسة إيران الخارجية فيما يتعلق بكل من غزة ولبنان والعراق وأفغانستان”، بحسب صحيفة “نيويوركر” الأمريكية ومنذ عام 1998 استلم سليماني منصب القائد العام لفيلق القدس، وفيما يتعلق بالسياسة الخارجية الإيرانية فإنه يتبع مباشرة للقائد الأعلى للثورة الإيرانية علي خامنئي؛ حيث يقال إن خامنئي قد وصفه بأنه “شهيد الثورة الإيرانية الحي”.

ولد سليماني في مدينة قم في عام 1957، ونشأ في قرية رابور التابعة لمحافظة كرمان جنوب شرقي إيران، من أسرة فلاحية فقيرة، وكان يعمل عامل بناء، ولم يصل في تعليمه إلا لمرحلة الشهادة الثانوية فقط. ثم عمل في دائرة مياه بلدية كرمان، حتى نجاح الثورة الإسلامية في إيران عام 1979.
بعدها انضم سليماني إلى الحرس الثوري الذي تأسس لمنع الجيش من القيام بانقلاب ضد الزعيم الخميني، وتدرّج حتى وصل إلى قيادة أهم فيالقه عام 1998.

ورغم وضوح التجاوزات التي قام بها وجولاته الميدانية العابرة للحدود فإنه لم يكن على قائمة الاستهداف المباشر للدول الكبرى، مع أنه يهدد مصالحها بشكل علني، وبقي يزداد شهرةً وحضوراً.

في 3 أكتوبر الماضي، أعلن الحرس الثوري الإيراني إحباط محاولة لاغتيال الجنرال قاسم سليماني في مدينة كرمان، قبلها بنحو ثلاثة أسابيع وقال رئيس جهاز الاستخبارات في الحرس الثوري الإيراني، حسين طائب: “تم إفشال مخطط لمخابرات عربية-إسرائيلية لاغتيال قائد فيلق القدس اللواء قاسم سليماني، وإلقاء القبض على فريق الاغتيال عبر مخابرات الحرس الثوري”.

وأردف طائب أن “فريق الاغتيال قام بشراء مكان بالقرب من حسينية والد اللواء سليماني في مسقط رأسه بمدينة كرمان جنوبي البلاد، وقام بتجهيز بين 350 إلى 500 كيلوغرام من المواد المتفجرة ووضعها في نفق تحت الحسينية وأضاف: “فريق الاغتيال كان يخطط لتنفيذ التفجير لدى حضور سليماني بين المشاركين في مراسم العزاء في عاشوراء، وقد اعترف فريق الاغتيال بعد اعتقاله بالتخطيط لاغتيال سليماني في أيام التاسع والعاشر من محرم الماضي وأوضح طائب أن “اغتيال سليماني كان يهدف إلى إثارة حروب طائفية، وقد أعد له لسنوات”، مبيناً أنّ “أعداء الثورة وبعد فشلهم في استهداف مقار الحرس خططوا لاغتيال سليماني داخل إيران وتحديداً في كرمان، لكننا نجحنا في منع أجهزة المخابرات (العربية والعبرية) من ارتكاب جريمة كهذه، عبر اعتقال الفريق المكون من 3 أشخاص وأشار رئيس جهاز الاستخبارات في الحرس الثوري الإيراني إلى أن “فريق الاغتيال كان واثقاً من إمكانيته على تنفيذ مخططه؛ لدرجة أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، قال قبل أسابيع إنهم سيغتالون اللواء سليماني وختم طائب قائلاً: إن “فريق الاغتيال كان يحاول العمل على إشعال حرب مذهبية ومحاولة إظهارها على أنها مسألة انتقام داخلية . وربما من الممكن أن يكون مستهدفاً من قبل “إسرائيل” كما زعم المسؤول الإيراني، وربما هي محاولة من دولة كالسعودية للرد على إيران في مقابل استهداف أرامكو الأخير، الذي تسبب بأزمة كبيرة في إنتاج النفط السعودي، وإن كان ذلك يبقى في إطار التكهن وتعرضت منشأتا بقيق وهجرة خريص التابعتان لـ”أرامكو” لاستهداف بالطائرات المسيرة، في 14 سبتمبر 2019، وهو الهجوم الذي ألقى بظلاله بقوة على الأسواق العالمية وتبنت الهجوم مليشيا “الحوثي” اليمنية، وأعلنت أن ذلك تم بـ10 طائرات مسيرة، في حين اتهمت الرياض وواشنطن إيران بالوقوف خلفه.

أحدث المقالات

أحدث المقالات