28 نوفمبر، 2024 10:48 ص
Search
Close this search box.

رواية نعاس..  تعاسة الزواج والحياة اليومية الرتيبة

رواية نعاس..  تعاسة الزواج والحياة اليومية الرتيبة

 

خاص: قراءة- سماح عادل

رواية “نعاس” للكاتب الياباني “هاروكي موراكامي” تحكي عن زوجة تعيسة، في محاكاة لرواية “آنا كارنينا” للكاتب الروسي “تولستوي”

الشخصيات:

شخصية البطلة، والتي هي زوجة في الثلاثين من عمرها تمر بمرحلة غير عادية. وباقي الشخصيات تظهر في تقاطعها مع البطلة.

الراوي..

البطلة هي الراوي، وتحكي بضمير المتكلم، تحكي عن نفسها وعن حالتها الخارجة عن المألوف، وتحكي عن بعض ماضيها.

السرد..

الرواية قصيرة أقرب إلى قصة قصيرة، تقع في حوالي ٨٢ صفحة من القطع المتوسط، تعتمد على حكي ذاتي للبطلة، حكي محايد لا يعتمد على المشاعر أو الانفعالات، وإنما تحكي البطلة عن نفسها وكأنها تحكي عن شخص آخر.

 تعاسة الزواج والحياة اليومية الرتيبة..

تحكي البطلة منذ البداية عن حالة أرق تنتابها واستمرت لحوالي ١٧ يوما، ثم تحكي عن حالة مشابهة انتابتها وهي شابة، طالبة في الجامعة. لم تعرف أسباب الحالة الأولى التي امتدت حوالي شهر، وكانت تصيبها بالإجهاد الجسدي، حتى أنها كانت تشعر أنها في حالة غير طبيعية، لكنها تجاوزت هذه الحالة دون معرفة السبب أيضا.

لكتها في الوقت الحاضر في حالة مختلفة، حيث أنها تعرضت لأرق وانعدام النوم، لكنها لم تصاب بإجهاد جسدي، وإنما طوال تلك الأيام كانت في يقظة ووعي، ولم يؤثر انعدام النوم على جسدها أو على نشاطها اليومي، أو أدائها لواجباتها كزوجة وأم.

ثم تحكي عن زوجها أثناء حكيها عن حالتها الغريبة، وكيف أنها أصبحت تراه قبيحا، رغم أنها في بداية زواجها كانت تراه وسيما، وكانت تتأمله طويلا وهو نائم، كما أنها أصبحت لا تطيق نومه الثقيل الذي لا يفيق منه أبدا.

لم تصرح أبدا أنها غير سعيدة في حياتها الزوجية، لكن بان ذلك في حكيها عن اختلاف نظرتها لزوجها، واختفاء شغفها نحوه، وفقدانها لإحساس الأمان الذي كانت تشعر به عندما كانت تتأمله وهو نائم، حتى ابنها وهي تتأمله تعرف أنها قد تتضايق من كونه يشبه أباه وجدته لأبيه في طباعهما، ورغم أنها تقر أن زوجها مثاليا، ويعاملها معاملة طيبة، وأنه طبيب أسنان ناجح إلا أنها لا تعلم سر اختلاف رؤيتها له.

تندهش البطلة من حالتها طوال تلك الأيام التي خاصمها فيها النوم، فقد عادت لنهم القراءة الذي لازمها طوال فترة الطفولة والشباب، وعادت للشيكولاته والحلويات التي كانت امتنعت عنهم بسبب أن زوجها يريدها رشيقة، ولأنها تخشى على ابنها منها.

من خلال الحكي يمكن استنتاج كم التعاسة التي تعيشها البطلة في زواجها، تعيش تفاصيل يومية مكررة حد الرتابة، ترعى ابنها وزوجها، وتقوم بالأعمال المنزلية والرعاية، وتهتم بالرياضة فتقضي وقت قصير في ممارسة السباحة. لا تعمل لذا هي تنتظر زوجها وابنها لتحضر لهما الطعام وترعاهما. علاقتها ليست على ما يرام مع أم زوجها لكنها تتعايش في سلام معها حينما تتواجد.

قرأت البطلة بنهم رواية “آنا كارنينا” حتى أنها قرأتها أكثر من مرة خلال فترة خصام النوم، وأصبحت تقوم بأشياء لم تفعلها من قبل، تحتسي الخمر وتجول في الشوارع بعد أن يغفو زوجها وابنها وتعود، دون أن يعلم أحد بأمر استيقاظها. ثم تنتهي الرواية نهاية مفتوحة في محاكاة لرواية “آنا كارنينا، فهي لا تنتحر مثل البطلة في الرواية الروسية، وإنما تظل بالسيارة ويهاجمها شخصان، بعد أن نزلت للتجول في الشارع في وقت متأخر من الليل.

ورغم أن النهاية مفتوحة ولم يعرف القراء مصير البطلة، هل هو الموت أو العودة سالمة لمنزلها، إلا أن التشابه ما بينها وبين “آنا كارنينا” غاية في الوضوح، وكأن الكاتب قصد أن يبين التشابه بينهما، فكلتاهما تعيشان زواج تعيس ولا تشعران بالسعادة فيه.

يتميز الكاتب في تقمصه لشخصية المرأة والحكي بلسانها، وتصوير معاناة المرأة التي تعيش حياة رتيبة ومملة، ودور ربة المنزل الذي يصيبها بالفراغ النفسي والخواء.

الكاتب..

“هاروكي موراكامي” مواليد 1949، هو كاتب ياباني من مدينة “كيوتو”. لاقت أعماله نجاح كبيرا حيث تصدرت قوائم أفضل الكتب مبيعا، سواء على الصعيد المحلي أو العالمي، وترجمت إلى أكثر من 50 لغة. حصل “موراكامي” أيضا على عدة جوائز أدبية عالمية، منها جائزة “عالم الفناتازيا” 2006، وجائزة “فرانك أوكونور” العالمية للقصة القصيرة 2006، وجائزة “فرانز كافكا” 2006، و جائزة القدس 2009.

من أبرز أعماله رواية (مطاردة الخراف الجامحة (1982) والغابة النروجية (1987) وكافكا على الشاطئ (2002) وإيتشي كيو هاتشي يون (2009 – 2010) ، ويُعد “موراكامي” من أهم رموز أدب ما بعد الحداثة. كما وصفته مجلة الغارديان بأنه “أحد أعظم الروائيين في يومنا هذا” بسبب أعماله وإنجازاته.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة