لا زالت التشكيلات الإسلامية السياسية ورغم مرور (10) سنوات على ممارسة عملها الميداني داخل العراق مستمرة بمسلسل الإخفاقات والأخطاء التي تكاد لا تميزها عن التيارات المناوئة لها التي بحسب توصيفاتها وتصنيفاتها تنقسم إلى (الملحدة) و ( المتخلعة) ، وأوجه الشبه على صعيد المشروع والتنظيمات أي المجموع والأفراد لا يكاد يختلف مع لحاظ البون الشاسع بين المؤيدين والأتباع .
ورغم إن هذه التيارات السياسية الإسلامية ومنذ دخولها للعراق استحكمت بطريقة أو أخرى على أهم الأجهزة والمؤسسات والدوائر التنفيذية والتشريعية والأمنية إلا إن السمة الغالبة على كوادرها المتنفذة هي العشوائية والتخبط والتسلط وربما لا يحتاج ذلك إلى توضيح بمجرد إلقاء نظرة عابرة على مؤسسات الدولة وهياكلها الإدارية ، ولذلك تجد أن العقلية الاقصائية والاستحواذية هي العلامة الفارقة (للاسلامويين ) كما يحلوا لي تصنيفهم لإبعاد الشبهة عن الإسلام وسياسته المبنية على الاحترام والمساواة وتقديم مصلحة الجمع على الفرد والجهة .
وبعض هذه التيارات الاسلاموية التي تتمدد باستحداث تشكيلات جديدة لا تفكر إن تشكل قاعدة من الشباب الرسالي المثقف بقدر ما تفكر بالأصوات في ( الحصاد الانتخابي) ولذلك لا تتورع في بعض الأحيان إن يكون حال مقرات تشكيلاتها الجديد ذات الأسماء الرنانة أشبه بالمواخير ( الملاهي) تستقطب كل من هب ودب سواء كان أبن نابغة أو أبن أبيه ولذلك لا تتعجب عندما تجد عناصر تلك التشكيلات الاسلاموية عبارة عن أداة طيعة لضرب المشروع الإسلامي وتشويه معالمه .
ومن العجيب إن هذه التيارات ذات الولاء (ألازدواجي) مفتوحة الباب على مصراعيها لمن يريد الوصول والتسلق على أكتاف تنظيماتها إلى أي موقع أو منصب في الدولة وربما في دول أخرى؟
التنظيمات الإسلامية في العراق ذات مسميات وصيغ متعددة وتشكيلات منوعة إلا أنها استطاعت أن تتحكم بجميع مفاصل الدولة ومؤسسات المجتمع المدني وكنوع من التغيير بما يتلائم مع مصالحها وخداع الآخرين فأنها لا تتردد بإيصال الشخصيات التي توحي بالعلمانية أو حتى بعض أزلام أجهزة نظام البعث الصدامي إلى قمة هرم المؤسسات الحكومية والمدنية في سبيل أن تكون أكثر استحكاما وجنداً .
ولذلك تجد السخط والاستنكار تجاه تلك التيارات وقياداتها وكوادرها موجود بقوة في الشارع العراقي وربما على نطاق أوسع بكثير مما هو عليه في (مصر) مثلا التي وصل السخط إلى مراحل متقدمة لم تمهل النظام الاخواني سوى عام واحد لتعبر عن رفضها للإخوان وسلطتهم الغاشمة الفاسدة إلى الأبد وخرجت الجماهير بشكل عفوي غير عابئة بعصابات الإخوان المدججة بالتطرف والعدوانية إلى ساحات وميادين مصر لتتمكن من إسقاط النظام الفرعوني الاخواني في غضون أيام معدودة فقط .
أما في العراق ورغم وجود حالة من الغضب العارم في نفوس اغلب أبناء الشعب العراقي من قياداته السياسية المشاركة في الحكم إلا إن الوضع الطائفي المتوتر بفعل السياسيين يبدوا الأداة السحرية التي يراهنون عليها لاستمرار سكوت المجتمع إزاء تصرفات وسياسات تلك التيارات الدينية .
وربما يكون منطلقي لتناول ملف الإسلاميين في العراق هو حرصي على فضح ممارسات تلك التيارات التي تتاجر بالإسلام لممارسة فسادها واستبدادها وسلوكها الذي هو بعيد كل البعد عن سياسة الإسلام ومنطلقات المسؤولية والقيادة في دستوره المتمثل بالقرآن وسنة الرسول الأكرم وأهل بيته الأطهار (صلى الله عليهم وسلم).
وسنتناول في مقالات لاحقة مقارنة بين النظرية والتطبيق في العمل السياسي في الإسلام وربما سنبتعد عن التشخيص من اجل أن يكون الموضوع عام وليس خاص وحرصا منا على الاستقلالية في الطرح والاستعراض والمقارنة والمعالجة.
وغاية ما نهدف من هذه المقالات هي بيان العمل الشنيع الذي يقترفه الكثير من التيارات الدينية والمحسوبين عليها من ممارسات وأفعال تمثل إساءة للإسلام ومبرر لأعداء الإسلام لتناوله بالجرح والقدح والتسقيط وصولا إلى إنهاء أطروحة مشروع الرسالة المحمدية ( الإسلام يقود الحياة) التي أطلقها بعد غياب طويل عن مفردات القيادات الرسالية الشيعية والسنية سماحة المفكر والمرجع الشهيد محمد باقر الصدر(رض).