اثار الهجوم الامريكي بطائرات مسيرة على موكب قائد الحرس الثوري الايراني (قاسم سليماني) قرب مطار بغداد الدولي في صبيحة يوم 3/1/2020 و التي ادت الى مقتله و قتل ابو مهدى المهندس نائب رئيس الحشد الشعبي العراقي اثار ردود داخلية و دولية متعددة بين من اعتبرها (خطوة متهورة) من قبل الرئيس الامريكي (دونالد ترامب) و يشعل فتيل الحرب بين الجانبين و دعوات متكررة الى ضبط النفس و التهدئة و عدم التصعيد العسكري التي سيحرق الاخضر و اليابس و بين من احتفل بمقتلهم بطريقته خاصة .
ان العلاقات الايرانية الامريكية و منذ عام 1979 بعد ان قام اصحاب العمائم بمسك زمام السلطة فيها لم تكن في احسن احوالها بل كانت يتجه من اسؤ الى اسؤ و كان التهديد و الوعيد و محو الاثار لسان حالهم و لم تكن هناك مواجهة مباشرة بل حرب كلامية او بالوكالة عن طريق اطراف مواليين لهما و كل منهما يبحث عن منطقة نفوذ له و لكن بعد عام 2003 و تحرير العراق اطلق ايران يدها في المنطقة و باتت الحاكم و المدبر لأمور الحكم في العراق و لبنان عن طريق حزب الله و سوريا بعد عام 2011 و اشعال نار الثورة فيها و اليمن عن طريق الحوثيين و صرح المسؤولين الايرانيين ان اربعة عواصم عربية باتت تحت سيطرتهم و تفعل كل مافي مصلحتها من تنصيب و تأسيس و تدمير و تقتيل و حرب طائفية امام انظار امريكا و العالم الديمقراطي و تكتفي بالاستنكار و التهديد .
مقتل سليماني و المهندس ادخل العلاقات الامريكية الايرانية الى مرحلة جديدة حيث تم عقد اجتماعات في اعلى المستويات و خرجت بيانات استمرار الثورة و الانتقام في اقرب فرصة و ان المصالح الامريكية ستكون في مرمى نيرانهم و صرح خامنئي ان من دافع سليماني عنهم سيأخذون الثأر و هنا اشارة واضحة على ان ايران لاترغب في المواجهة المباشرة مع امريكا .
بهذه العملية استعادت امريكا ثقة مواطنيها اولاً بقدراتها العسكرية و الامنية و ان دماء مواطنيها لاتذهب سدى بل انها خط احمر لايمكن المساس اليه اينما وجدوا و اثبتت للمجتمع الدولي ان امريكا ستفعل المستحيل من اجل حماية مصالحها و مواطنيها ناهيك عن التأييد الذي احرزه (دونالد ترامب) لحملته الانتخابية القادمة و ان لسان التهديد و العقوبات الاقتصادية لم تجد نفعاً مع ايران فلا بد من قص اظافرها ليس لأنها عبثت في المنطقة بالخراب و الدمار و توسعت , بل لأنها وقفت بالضد من مصالحها بعد مرور اكثر من (24) ساعة على مقتل سليماني لا تزال التهديدات مستمرة سواء من الشارع الايراني الغاضب او الحكومة و القيادات المختلفة و لكنها لم تترجم الى ارض الواقع على الرغم من التحوطات الامنية التي اتخذها امريكا في سفاراتها و شركاتها و معسكراتها المنتشرة في المنطقة , فإيران في مرحلة التجربة فإما ان تنفذ ما يهدد به طيلة الفترة السابقة و تثبت لشعبها و شعوب المنطقة و العالم بأنها القوة التي لا تستهان بها و تملك اجندات متعددة تستطيع ان تحارب بها امريكا او انها تبقى على لغتها الدارجة و بالتالي ترضخ لمطالب امريكا بالانسحاب من العراق و سوريا و لبنان و اليمن و تقف عند حدودها المرسومة و التنازل عن السلاح النووي بالالتزام بالاتفاقيات المبرمة في هذا الشأن و تعترف بعدم قدرتها على المواجهة و ان مقتل سليماني كشفت كل اوراقها . فيما اذا تم اضافة الرأي القائل بأن سليماني اصبح كبش فداء لأسراره التي كان يمتلكها طيلة فترة عمله في المواقع المتعددة و ان قوة ايران و اثبات الوجود تكمن في الرد و إلا سيكون مصيرها التآكل و الحروب الداخلية مثل سوريا و العراق و غيرها من البلدان .