لم يدرك السياسيون الشيعة بعد المخاطر التي تحدق بالبلاد والتي هم كانوا ومازالوا سبب رئيسي فيها , ولم يدركوا المخططات التي تحاك ضد العملية السياسية والشعب العراقي عموماً , ولم يكتشفوا بعد أنهم مشاركون بنهايتهم الحتمية , مثلما شارك من قبلهم السنة العرب والذي بدأ بثورة العشائر وانتهى بداعش بدمار هائل ، ومن يركز على هذا المخطط يجد أن الأحداث الراهنة موجهة بدهاءً كبير لتدمير المجتمع العراقي ككل , وخصوصاً المحافظات الجنوبية , فالخطة بدأت بإحراق وتدمير المؤسسات الخدمية وتعطيل مصالح أبناءه وإرباك الحياة اليومية , وإغلاق المؤسسات الاقتصادية وذلك من اجل بقاء المجتمع دون موارد اقتصادية أو إنتاج وبما يعزز البطالة والفقر , إلى جانب تعطيل الحياة اليومية من قطع الجسور والشوارع وانتشار أعمال التخريب والفوضى وبما يكرس الفقر وينمي الجريمة بكافة أنواعها والثمرة في ذلك هو إحراق الشباب بهذه النار المتقدة , كما أن أهم الضربات التي وجهت هو ضرب السياحة الدينية في النجف الاشرف وكربلاء المقدسة وبابل وغيرها من المدن التي تنتشر فيها المراقد المقدسة لأهل البيت (ع) من خلال تفجير أعمال العنف فيها وبث الخوف والرعب لدى الزوار الأجانب والإساءة لهم وكل هذا يدخل في تشويه سمعة العراقيين التي توهجت بكرم الضيافة في موسم الزيارات خصوصأ الزيارة الأربعينية والتي عبرت أرقى تعبير عن كرم العراقيين وحسن الضيافة لديهم .
الهدف الآخر كان ضرب مستقبل الأجيال في المحافظات الجنوبية من خلال غلق المدارس والجامعات قسرياً ومنع الطلاب من الذهاب إلى مقاعد الدراسة والمخطط كله يصب في تجهيل المجتمع الجنوبي وبقاءه متخلفاً , والشيء الأهم هو شيوع الرعب والإرهاب وسيادة لغة القتل ونزع الأمن والآمان وذلك من خلال تجريد القوات الأمنية من سلاحها والاعتداء عليها , واستهداف قوات الحشد الشعبي وإسقاط هيبة الدولة وهذا ما أكدته المرجعية الدينية العليا في خطاباتها الأخيرة بعدم المساس بالقوات الأمنية ومنع أي تصادم فيما بينها وبين المتظاهرين السلميين , بل الأكثر من ذلك تشجيع ودعم الحركات الدينية المنحرفة لضرب البنية العقائدية والإساءة للمذاهب عموماً من خلال السب والشتم وتزوير التاريخ وعكس صورة مشوهة لأتباع أهل البيت (ع) , ويكتمل المخطط بإطلاق يد العصابات الإجرامية لنشر الفوضى والجريمة والقتل والجهل والتخلف , إلى جانب ضرب العصب الحساس لتلك المدن ألا وهي الأعراف والقيم الأخلاقية الأصيلة للمجتمع الجنوبي , وان تسود فيه لغة القمع والتجهيل للمجتمع وإشاعة العادات الدخيلة من البذاءة وتشويه العادات والتقاليد الموروثة بكافة إشكالها .
الأهم من ذلك كله هو ضرب التنمية الصناعية الاستثمار في المحافظات الجنوبية وتهديد الاستثمار فيها والعمل على تكريس التخلف الاقتصادي وزيادة معاناة أهلها وهذا ماتحقق فعلاً فلا أعمار ولا استثمار ولا تنمية وعلى يد الحكومات المتعاقبة على حكم البلاد , وبأيدي محافظين وساسة شيعة , ناهيك عن عملية إفراغ المجتمع الجنوبي من مصدر قوته من خلال استهداف المرجعية الدينية العليا والرموز الدينية وضرب الحشد الشعبي الذي يعد أهم أركان حماية وضمانة الشعب العراقي , إلى جانب السعي الحثيث من اجل ضرب الهوية الوطنية لأهل الجنوب من خلال وصفهم بالعملاء والصفوية والذيول للإيرانيين , وإلصاق تهمة التبعية لإيران وجرهم إلى دائرة الاتهام المباشر وهو عمل منظم تقوم به قوى خارجية هدفها ضرب الوجود الوطني في العراق من خلال ضرب الأسس المتينة للشعب العراقي وتحميله تبعية الخارج ويبقى الفراغ هو سيد الموقف في أي تقييم لهذا الوضع , إلى جانب فساد الساسة والحكام والذي زاد الأمر تعقيداً وجعل البلاد تسير نحو منزلق خطير لا نهاية له وان يضع السياسيون قبورهم بأيديهم