23 ديسمبر، 2024 1:35 م

“بارونات السلاح” تحكم العالم .. حروب بالوكالة تجعل الأرض العربية مسرحًا لتقاسم الأرباح !

“بارونات السلاح” تحكم العالم .. حروب بالوكالة تجعل الأرض العربية مسرحًا لتقاسم الأرباح !

خاص : كتبت – هانم التمساح :

“تجارة الموت” في الشرق الأوسط؛ تُشكّل حوالي الثلث من المجموع عبر العالم، وهناك ثلاث بلدان عربية، ضمن قائمة الدول الخمس الأكثر شراءً للسلاح على الصعيد الدولي. يحدث هذا في منطقة عربية تفوّت عامًا بعد عامٍ فرص التنمية، ويعيش جزء كبير من سكانها في دوامة الفقر والحرمان.. وتقمع الثورات الشعبية التي تطالب بحياة أفضل لمواطنيها البسطاء، الذين تُخرسهم كلمة: “لا صوت يعلو فوق صوت المعركة” !

فهل تلقى “ثورة العراق” مصير ثورتي “ليبيا” و”سوريا”، اللاتي أجهزت عليهما حروب الدول الأجنبية المتصارعة فوق أرضيهما العربيتين لتتحول الثورات إلى “كابوس إقتتال داخلي” وحروب ميليشيات ؟.. للأسف ما يجري من إقتتال “أميركي-إيراني” على أرض “العراق” يُنذر بذلك.

الغرب يزعم المساعدة بيدٍ ويمد السلاح للمتصارعين بيد أخرى !

تُرسل الدول الغربية مساعدات إلى ضحايا الحروب في الشرق الأوسط، لكنها تبيع أسلحتها لأطراف هذه الأزمات. ورغم المطالب الحقوقية المتعددة بوقف التسليح، إلّا أن التجارة مستمرة؛ حتى وإن أبدى الغرب قلقه على واقع حقوق الإنسان.

وليس جديدًا الحديث عن غرق المنطقة العربية في فوضى السلاح، فالنزاعات المسلّحة في “سوريا واليمن وليبيا والعراق” تعطي صورة عمّا يجري من استيراد كبير للأسلحة، لكن الجديد أن هذه الدول العربية تستغلها، الدول الكبرى المتصارعة، في “حروب بالوكالة”؛ لا يشكل العرب فيها رقم حقيقي ولا يُحسب لدمائهم وأشلاءهم المتناثرة هنا وهناك أي حساب.

وإذا كانت “الهند”، البلد الذي يتسابق مع جارتيه، “الصين” و”باكستان”، في مجال التسلّح، لدرجة رشحتها أن تحتل المركز الأول في التقرير الجديد لـ”معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام”، (سيبري)، عن تجارة السلاح؛ التي تخصّ الفترة ما بين 2013 – 2018، فإن المركز الثاني من نصيب “السعودية”؛ التي تقود حربًا في “اليمن” ضد “الحوثيين”، أما المركز الثالث فمن نصيب حليفتها، “مصر”، وحلّت رابعةً “الإمارات العربية المتحدة”؛ التي تشارك بدورها في الحرب داخل “اليمن”.

من أكبر مبرّرات شراء الأسلحة، هناك مكافحة الإرهاب، والدفاع عن “الشرعية” في “اليمن”؛ ووقف صواريخ “الحوثيين”، كما يتعلّق الأمر بـ”السعودية”. لكن في الآن ذاته، هناك انتقادات حقوقية توجه إلى هذه الدول، تزامنًا مع فواتير السلاح الباهظة، ممّا يطرح سؤالاً حول دور الغرب في هذه التجارة، ففي الوقت الذي يقدم فيه نفسه حاميًا لحقوق الإنسان، فهو المستفيد الأوّل من مداخيل بيع السلاح، خاصة “الولايات المتحدة”، التي إستحوذت على ثلث السوق، ثم “روسيا” التي باعت الخُمس، وثالثًا “فرنسا” التي باعت 6.7 من مجموع السوق، ورابعًا “ألمانيا”.

6 مليارات جنيه إسترليني جنتها بريطانيا من السعودية فى حرب اليمن !

حققت شركات الأسلحة البريطانية أكثر من 6 مليارات جنيه إسترليني من تجارتها مع “المملكة العربية السعودية”، خلال الحرب الجارية في “اليمن”، وفقًا لما كشفته صحيفة (الإندبندنت) البريطانية. ونقلت الصحيفة، عن “روكو بلوم”، وهو مستشار إنساني في مؤسسة “وور تشايلد” الخيرية؛ إن العائدات الحقيقية من التعامل مع “السعودية” تتضاعف تقريبًا عن التقديرات آنفة الذكر. واتهمت المؤسسة الخيرية، الشركات المصنعة الخاصة، ومن ضمنها شركة “بي. إي. سيستمز ورايثيون”، بالاستفادة من وفيات الأطفال الأبرياء من خلال بيع الصواريخ والمعدات إلى “التحالف العربي”.

وقال “بلوم”: “نحن جميعًا نريد أن نرى تجارة دولية مثمرة، ولكن هذا أمر ضار”. وأضاف: “يجب النظر إلى الإيرادات في إطار جميع التكاليف الأخرى المتكبدة في هذه التجارة، وخصوصًا سمعتنا الدولية، ولا سيما حقوق الإنسان، والإفتقار للشفافية بشأن مدى تدخل الشركات البريطانية، وسط ضعف عالمي، في حماية الأطفال بالنزاعات، ومنها اليمن وسوريا والعراق”.

وكانت شركة “بي. إي. سيستمز ورايثيون”؛ من بين العارضين في معرض للأسلحة عقد في “لندن”، بدعم من وزراء الحكومة وكبار القادة العسكريين. وقد دافع “ليام فوكس”، وزير التجارة البريطاني، عن تجارة الأسلحة مع “العربية السعودية”، قائلاً: “إن نظام الترخيص البريطاني يضمن أن الصادرات مشروعة، وأن المملكة المتحدة لا تنتهك القانون الدولي”. وقد اضطرت الحكومة البريطانية للدفاع مرارًا عن التجارة وسط أدلة على إرتكاب جرائم حرب ووفيات للمدنيين في “اليمن”، حيث يؤدي القصف في “اليمن” إلى تفاقم أزمة الجوع، إضافة إلى وباء “الكوليرا”.

وتشير الأدلة، التي عُثر عليها في المجازر؛ إلى أن بعض الأسلحة المستخدمة بالقصف كانت بريطانية الصنع، ومن ضمنها القنبلة الذكية (بافيواي إيف) الموجهة بـ”الليزر”. وفي غضون عامين من الحرب الأهلية في “اليمن”، قُتل ما يُقدر بـ 1300 طفل وأصيب نحو 2000 آخرين بجروح، كما تم قصف 212 مدرسة وتدمير المرافق الطبية، إضافة إلى تعريض الملايين لخطر المجاعة و”الكوليرا”.

الحروب الأهلية وتجارة الموت..

وهي تلك التي غالبًا ما تنشب في الدول الفقيرة، ومنطقة الشرق الأوسط، بسبب الطائفية، والنزاعات القومية التي تزكيها الدول الكبرى. وكثير من الصراعات والنزاعات – خاصة الحروب الأهلية والإثنية – تلعب الأسلحة الخفيفة دورًا أكثر أهمية من تلك الثقيلة، وآثارها التدميرية قاتلة، خاصة على صعيد عدد الضحايا المدنيين. يُضاف إلى ذلك أن رخص الكلفة النسبية لهذه الأسلحة يسهل عملية الحصول عليها والتمكن من دفع ثمنها.

ومرة أخرى؛ فإننا نجد هنا أن المصدر الأساس لهذه الأسلحة هو الدول الغربية الكبرى، رغم أنه يضاف إليها دول أخرى، حيث إن ما يقارب نصف حجم التصدير العالمي في مجال الأسلحة الخفيفة يأتي من “الولايات المتحدة” والدول الأوروبية. وأهم سبع دول مصدرة للأسلحة الخفيفة؛ هي: “الولايات المتحدة، فرنسا، ألمانيا، بريطانيا، روسيا، الصين وإيطاليا”.

ويُطلق اسم “الدزينة القذرة”، على 12 بلدًا، وهي التي تُعتبر أكثر الدول إنتاجًا وتصديرًا وإتجارًا بالأسلحة الخفيفة. وهي بالإضافة إلى الدول السبع المذكورة أعلاه: “بلجيكا، وبلغاريا، وإسرائيل، وجنوب إفريقيا”. ويبلغ حجم التجارة السنوي بالأسلحة الخفيفة على مستوى العالم، ما بين 4 إلى 6 مليارات دولار، تضاف إليها سوق سوداء في هذا الحقل يزيد على مليار دولار.

ويمتد استخدام الأسلحة الخفيفة – خاصة المسدسات والأسلحة الفردية – إلى الساحات الغربية، وخاصة الأميركية نفسها من قِبل المواطنين.

وتقول إحدى الإحصائيات إن هناك 4.37 مليون سلاح فردي يُنتج في “الولايات المتحدة” كل سنة، وإنه بين عامي 1945 و2000 أُنتج في العالم ما يتجاوز 347 مليون سلاح فردي.

وعلى المستوى العالمي؛ فإن تجارة السلاح تعمل على تغذية أكثر من 40 صراعًا في مختلف مناطق العالم، فمثلًا هناك في منطقة “البلقان” أكثر من 600 ألف قطعة سلاح. كما أن الفوضى العارمة التي نشبت في وسط ‘فريقيا، (حرب الكونغو)، وإنخراط أكثر من دولة إفريقية فيها، كان أحد أسبابها الرئيسة تدفق السلاح من الدول الغربية على الأطراف المتنازعة.

معارض عالمية لسوق السلاح !

والغريب في موضوع تجارة السلاح وتجاره؛ هو إنعقاد معارض السلاح بشكل دوري في أكثر من عاصمة عالمية، وحيث يتم عرض آخر مبتكرات أدوات الموت، وكأنها بضائع عادية. ويأتي إلى تلك المعارض السماسرة ومندوبو الدول والمنظمات والجماعات المسلحة، ويعقدون الصفقات. ويأتي في سياق تغذية الصراعات الإقليمية؛ ما تقوم به الدول الكبرى من اتفاقات مع الدول المنخرطة في الصراعات، تحت مسمى “الشراكة”.

وهذه الشراكة يُفترض أن تكون تنموية، بحيث تقدم الدول الغنية مساعدات فنية بهدف تطوير البنى التحتية أو تخفيف ضغوط الفقر، لكن الغريب أن كل المساعدات تأتي في المجال العسكري، ولإجبار القطر المعني على شراء أسلحة جديدة. كما تمتد الشراكة لتتضمن التدريب والتأهيل العسكري وتخصيص الميزانيات التي يُفترض أن تُنفق في مشروعات تنموية على التدريب العسكري.

حروب تجارية عالمية..

وبينما ينشغل فقراء العالم ودولهم النامية، في الحروب المسلحة كوقود للصراعات الدولية، ينشغل الكبار  والدول المتقدمة في حروب اقتصادية تجارية، ووفق خبراء الاقتصاد أن الملمح الاقتصادي الرئيس لعام 2019  المنصرم، هو التباطؤ نتيجة للحروب التجارية بين القوى الاقتصادية العالمية، حيث صنعت أجواء النزاع التجاري بين أكبر اقتصادين في العالم، “الولايات المتحدة والصين”، مناخًا عزز من تفاقم الحروب التجارية في العديد من الاقتصادات الأخرى، ليُصبح الجميع أمام ظاهرة من الحروب والتوترات التجارية الآخذة في التفاقم، بما يحمله ذلك في طياته من تراجع حجم التجارة العالمية بشكل ملحوظ، وليقف الكل أمام مشهد اقتصادي يتسم بالتعقيد وفقدان اليقين والتشاؤم النسبي، سواءً في الاقتصادات المتقدمة أو الناشئة أو النامية على حدٍ سواء.

ويُعد “التباطؤ”؛ هو الكلمة المحورية لوصف أداء الاقتصاد العالمي، في 2019. فقد تباطأ نمو الناتج المحلي الإجمالي في معظم الاقتصادات الرئيسة، وقادت “الولايات المتحدة” هذا الإتجاه، خاصة مع انخفاض الحوافز المالية، وإفتقاد الإصلاحات الضريبية للزخم، الذي أتسمت به سابقًا.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة