خاص : ترجمة – محمد بناية :
مقتل “قاسم سليماني”؛ هو حدث خطير في الشرق الأوسط، من حيث التأثيرات الإقليمية، لا سيما بعد مقتل من كانوا بصحبته من قيادات “الحشد الشعبي”، (أبومهدي؛ نائب رئيس الحشد الشعبي)، و”حزب الله” اللبناني، “نعيم قاسم”، نائب رئيس “حزب الله”.
وعلى المدى الطويل سوف يكون لذلكم الحدث تأثيرات بالغة الأهمية على الفضاء السياسي الإيراني، وكذلك العلاقات الإيرانية مع: “لبنان، العراق، اليمن، سوريا”؛ أو العلاقات الإيرانية مع الدول الغربية، لأن “سليماني” كان الرجل الثاني الأكثر قوة في “إيران”.
وسواءً أبدت “الجمهورية الإيرانية” رد فعل على هذا الحدث أم لا، فإنها تتحمل التكلفة الباهظة في ظل الأجواء الصعبة الناجمة عن العقوبات. لقد تم اختيار توقيت العملية بدقة بالشكل الذي يسلب “الجمهورية الإيرانية” وحلفاءها حق الرد، بالنظر لأوضاع الحكومة العراقية المهزومة، والحركات الاحتجاجية في “العراق وإيران ولبنان”، وفرض العقوبات على النظام الإيراني، وبداية حملات حلفاء (فيلق القدس) على القوات الأميركية في “كركوك”.
ومع الأخذ في الاعتبار لاستجواب الرئيس الأميركي، “دونالد ترامب”، فإنه كان أيضًا بحاجة إلى فوز كبير في سياساته الخارجية. وقد كان خطابه، في بداية العام الجديد، الداعي للسلام مع “إيران”، شديد الذكاء. وقد أتضح الآن، بعد القضاء على تنظيم (داعش) الإرهابي، أن “الولايات المتحدة” ترى أن الفرصة مواتية للمواجهة ضد “الجمهورية الإيرانية”، (باعتبارها داعش آخر)، ولن تؤدي هذه الخطوة الأميركية إلى التخفيف من حدة التوتر فقط، (بعكس إدعاءات المعارضين للرئيس ترامب)، ولكن ستقلل أيضًا من الصراعات في “العراق”. لأن القيادات في “إيران” و”العراق” يفهمون لغة القوة أفضل من أي لغة أخرى.
وفيما يلي؛ تستعرض صحيفة (إیندیپندنت فارسي)، لأبرز تداعيات مقتل “سليماني” ورفاقه على المديات الطويلة والقصيرة..
1 – رفع معنويات الحركات الاحتجاجية في العراق ولبنان..
سوف تكتسب الحركات الاحتجاجية الشيعية، في “العراق” و”لبنان” و”إيران”، ضد الفساد والكذب والتزوير وفشل الإسلاميين الشيعة، روحًا جديدة بمقتل “قائد الإسلام وإيران”.. وقد انتشرت سريعًا أنباء احتفالات الثوار العراقيين في الشوارع بعد مقتل “سليماني” ورفاقه الذين لعبوا دورًا كبيرًا في قمع هذه الحركة الاحتجاجية العراقية.
فالمسيرات التي أطلقها “الحرس الثوري” و”الباسيغ”؛ بالمدن الإيرانية عقب انتشار خبر مقتل “سليماني”، ربما تهدف للحيلولة دون تدفق المتظاهرين الإيرانيين على الشوارع احتفالاً بالخبر.
2 – رفع شعبية “ترامب” وأميركا بين الإيرانيين..
مقتل “سليماني” يمثل بلا شك انتصارًا كبيرًا لإدارة “دونالد ترامب” في مكافحة الإرهاب. وكان الرئيس الأميركي السابق، “باراك أوباما”، قد جنح للتعامل مع الإرهابيين بدل القضاء عليهم.
الآن يستطيع الإيرانيون، الذين عانوا من إرهاب “الحرس الثوري” وحلفاءه الأجانب زهاء 4 عقود فقدوا خلالها الكثير من الأبناء الأعزاء، تذوق القليل من طعم العدالة الأميركية. يستطيع الإيرانيون بتلكم الخطوة فهم الاختلاف بين سياسات إدارتي، “أوباما” و”ترامب”، بشكل واضح.
وتواجه بلطجة “الجمهورية الإيرانية” ضد الإيرانيين وغيرهم، تحديًا حاليًا خطيرًا.
3 – ضعف “فيلق القدس”..
تعتمد علاقات (فيلق القدس) وجماعات الحرب بالوكالة، أساس العلاقات الشخصية والثقة المتبادلة. وقد كون “سليماني”، خلال العقدين الماضيين، شبكة من العلاقات التي تستعصي على البديل.
وسوف توجه خسارة “سليماني” ضربة موجعة للمخططات التوسعية الإيرانية. فلقد كان “سليماني”، في المنطقة، بمثابة وزيرًا للخارجية، وقائد للقوات العسكرية والميليشيات، ورئيس جهاز الاستخبارات، وخزانة “الجمهورية الإيرانية”.
ولن يكون بمقدور أي شخص آخر يحل بديلاً عن “سليماني”؛ أن يكتسب نفس درجة تأثيره سريعًا. لم يكن “سليماني” قائد قوة عسكرية فقط، وإنما كما قيل رئيس مافيا غسيل الأموال، وإنتاج وتوزيع المخدرات والتهريب في العالم. ووفاته سوف تسبب خللاً في هذه العمليات وتحدٍ من مصادر دخل (فيلق القدس).
4 – تراجع النفوذ الإيراني في العراق..
سوف يتسبب مقتل “سليماني” ورفاقه بالحد من النفوذ الإيراني بـ”العراق”؛ من ثلاث جهات هي: صعوبة استبدال القتيل؛ يكون جسر اتصال بين “إيران” و”العراق”.
اتساع الفجوة بين القيادات العراقية على خلفية علم المسؤولين العراقيين بزيارة “سليماني” للبلاد، وانفصال جزء كبير من هذه القيادات عن “إيران”.
وأخيرًا؛ فإن القوة هي اللغة الأولى في المنطقة، ومقتل “سيلماني” ورفاقه من قيادات “الحشد الشعبي” العراقي؛ يثبت جدية الإدارة الأميركية في قطع أيدي “الولي الفقيه” داخل “العراق”.
والحقيقة أن سياسية “جورج بوش” الابن في “العراق”؛ والتحالف مع الشيعة الذين هم اليوم حلفاء “خامنئي”، ثم انسحاب “الولايات المتحدة” من “العراق”، عام 2011، منح الإيرانيين فرصة تاريخية للتمدد في “العراق”. ويبدو أن إدارة “ترامب” بصدد الحد من هذا النفوذ.
5 – ارتفاع وتيرة الصراع بين إيران وأميركا..
حتى لو أبدت “الجمهورية الإيرانية” الحذر، ولم تبدي رد فعل فوري إزاء المصالح الأميركية، فسيكون هذا الموضوع محددًا في العلاقات المستقبلية بين البلدين. لكن مشكلة “الجمهورية الإيرانية” هو التحديات الحقيقة الداخلية والخارجية لرد الفعل على مقتل “سليماني”. لأن أي رد فعل ضد القوات الأميركية بالمنطقة قد يؤدي إلى قصف المنشآت النفطية وغيرها من البنى التحتية الإيرانية؛ وبالتالي رفع معدلات صعوبة الأوضاع الاقتصادية الإيرانية.
والمحتمل أن يكون رد الفعل الإيراني من جنس عمليات المضايقة والإرهاب، بحيث لا يتم تحفيز “الولايات المتحدة” للقيام بالمزيد من الهجمات.