خاص : كتبت – نشوى الحفني :
رغم التحذيرات الدولية التي لم تتوقف حتى الآن، أعطى البرلمان التركي الضوء بموافقته بأغلبية ساحقة، الخميس، على مشروع قانون يسمح بإرسال قوات إلى “ليبيا” في خطوة تمهد لتعاون عسكري أوثق بين “أنقرة” و”طرابلس”، لكن من المستبعد أن تؤدي إلى نشر فوري للقوات.
وخلال جلسة برلمانية استثنائية، صوّت 325 نائبًا لصالح المذكرة فيما رفضها 184، وهي تمنح الجيش التركي تفويضًا لمدة عام للتدخل في “ليبيا”، وفق رئيس البرلمان. وبذلك بات بوسع الرئيس التركي، “رجب طيب إردوغان”، أن يقرر إن كان سيرسل قوات إلى “ليبيا”، أو أنّ الدعم العسكري سيأخذ شكلًا آخر على غرار إرسال “مستشارين”.
وتقول أحزاب المعارضة؛ إن الإجراء قد يؤدي إلى تفاقم الصراعات في “ليبيا” ويعرض الجنود الأتراك والأمن القومي التركي للخطر.
وقال “إبراهيم كالين”، المتحدث باسم “إردوغان”، إن مشروع القانون خطوة مهمة لحماية مصالح “أنقرة” في “شمال إفريقيا” و”منطقة البحر المتوسط” ولتحقيق السلام والاستقرار في “ليبيا”.
وقال وزير الداخلية بـ”حكومة الوفاق الوطني” الليبية، “فتحي باشاغا”، في تصريح لـ (رويترز)؛ إن “طرابلس” طلبت دعمًا من “تركيا” بعد التصعيد الخطير في الصراع من قِبل قوات “حفتر”.
وقال الوزير إن: “حكومة الوفاق الوطني هي الحكومة الشرعية المعترف بها دوليًا دون منازع … ولها كامل الحق في الدفاع عن شرعيتها”.
“ترامب” محذرًا من التدخل : يعقد الوضع..
وبعد التصويت؛ أعلنت الرئاسة التركية أن الرئيس التركي، “رجب طيب إردوغان”؛ بحث في اتصال هاتفي مع نظيره الأميركي، “دونالد ترامب”، الوضع في “ليبيا”. وتابعت أنّ الرئيسين: “شددا على أهمية الدبلوماسية في حل القضايا الإقليمية”، وأنهما بحثا الوضع في “سوريا” أيضًا.
من جانبه؛ قال “البيت الأبيض”: “إن الرئيسين بحثا قضايا ثنائية وإقليمية. وأكد الرئيس، ترامب، على أن التدخل الأجنبي يُعقد الوضع في ليبيا”.
إذكاء للصراع الدائر..
واعتبر مصدر مسؤول بالأمانة العامة لـ”الجامعة العربية”؛ أن خطوة موافقة “البرلمان التركي” على تفويض الرئيس، “إردوغان”، بإرسال قوات إلى “ليبيا”، تُعد إذكاء للصراع الدائر هناك، وأنها تتجاهل ما تضمنه القرار العربي الصادر عن مجلس الجامعة، يوم الثلاثاء الماضي.
وكانت “جامعة الدول العربية” قد دعت، إثر اجتماع طاريء على مستوى السفراء؛ إلى: “منع التدخلات الخارجية في ليبيا”، في إشارة إلى إعتزام “تركيا” إرسال قوات لدعم حكومة “السراج”.
تعمل على إقصاء تركيا..
أما الرئيس التركي، “رجب طيب إردوغان”، اعتبر أن “جامعة الدول العربية” تعمل على إقصاء “تركيا”، التي تحتضن الملايين من اللاجئين العرب.
وأشار الرئيس التركي، في كلمة ألقاها أمس، خلال مشاركته في ندوة حول المدن والأمن، أقيمت بالمجمع الرئاسي في “أنقرة”؛ إلى أن شعب بلاده لقّن الغرب بأكمله، وحتى قسمًا كبيرًا من العالم العربي، درسًا في كرم الضيافة.
وتابع “إردوغان”: “ها قد اجتمعوا في جامعة الدول العربية، وإتخذوا قرارات تُقصي تركيا.. من نستضيف نحن ؟.. 4 ملايين شخص لجأوا إلى بلادنا، أغلبيتهم الساحقة من العرب القادمين من سوريا”.
وأضاف الرئيس التركي: “أن تركيا تشرف على إيواء ورعاية وإطعام وعلاج هؤلاء اللاجئين دون تمييز بين العرب والأكراد وغيرهم، ولكنهم يتخذون من هذه القرارات بدون خجل في الجامعة العربية”.
وأستدرك: “لماذا يقومون بذلك ؟.. لأن لديهم مساع أخرى لن أخوض في تفاصيلها”.
يؤثر سلبًا على استقرار المنطقة وتركيا تتحمل المسؤولية..
كما سارعت “مصر” إلى إدانة، موافقة “البرلمان التركي” على إرسال قوات إلى “ليبيا”، بأشد العبارات. وقال المتحدث باسم “الخارجية المصرية” إن: “مصر تحذر من مغبة أي تدخل عسكري تركي في ليبيا وتداعياته، وتؤكد أن مثل هذا التدخل سيؤثر سلبًا على استقرار منطقة البحر المتوسط، وأن تركيا ستتحمّل مسؤولية ذلك كاملة”.
الجزائر ترفض التدخل الأجنبي..
بدورها أكدت “الجزائر” رفضها وجود أي قوة أجنبية، “مهما كانت”، في “ليبيا”. وفي تصريح على هامش إرسال مساعدات إنسانية إلى “ليبيا”، قال “صبري بوقادوم”، وزير الشؤون الخارجية، إن الجزائر “ستقوم، في الأيام القليلة القادمة، بالعديد من المبادرات في إتجاه الحل السلمي للأزمة الليبية ما بين الليبيين فقط”. ورغم أنه لم يُشر صراحة لقرار “البرلمان التركي”، إلا أنه شدد على أن بلاده: “لا تقبل بوجود أي قوة أجنبية مهما كانت”.
إعلان صريح للحرب على ليبيا..
داخليًا؛ قال النائب في البرلمان الليبي، الذي يتخذ من “شرق ليبيا” مقرًا له، “سعيد المغيب”، في تصريح لوكالة الأنباء الألمانية، (د. ب. أ)، أنه بموافقة البرلمان تكون تركيا “قد أعلنت بكل صراحة الحرب على ليبيا..”. ودعا “المغيب”، للتصدي لما وصفه، بـ”الغزو التركي”.
ترحيب بموافقة البرلمان..
أما “المجلس الأعلى للدولة” في “ليبيا”؛ فقد رحب بموافقة “البرلمان التركي”، وقال في بيان بموقعة الإليكتروني اليوم: “نرحب بمذكرة تفويض تسمح للرئاسة التركية بإرسال قوات تركية، بناءً على طلب حكومة الوفاق الوطني، في مواجهة العدوان الخارجي الداعم للانقلاب على السلطة الشرعية بدول ومرتزقة، وقتل أبناء الشعب الليبي في سبيل السيطرة على الحكم”.
وكان الرئيس التركي، “رجب طيب إردوغان”، الذي يحظى تحالف حزبه الحاكم بالأغلبية في البرلمان، قد قال، الأسبوع الماضي؛ إن “تركيا” ستنشر قوات في “ليبيا” لدعم “حكومة الوفاق الوطني” برئاسة، “فائز السراج”، المعترف بها دوليًا.
وطلبت “حكومة الوفاق” دعمًا تركيًا فيما تواجه هجومًا من قوات “شرق ليبيا”، (الجيش الوطني الليبي)، بقيادة، “خليفة حفتر”، التي تحظى بدعم “روسيا ومصر والإمارات والأردن”.
جاءت الخطوة التركية؛ بعدما وقعت “أنقرة” و”حكومة الوفاق الوطني” الليبية اتفاقين منفصلين، في تشرين ثان/نوفمبر الماضي، يرتبط الأول بالأمن والتعاون العسكري ويتعلق الآخر بالحدود البحرية في “شرق البحر المتوسط”، وذلك في إجراء أثار غضب “اليونان وإسرائيل ومصر وقبرص”.
يؤدي إلى تدهور الأوضاع..
ونقلت وكالة (إنترفاكس) الروسية للأنباء؛ عن النائب الروسي، “ديمتري نوفاكوف”، قوله عقب التصويت؛ إن الوجود العسكري التركي في ليبيا “لن يؤدي إلا إلى تدهور الوضع”.
خطوة رمزية..
وسبق وأن أرسلت “أنقرة” بالفعل إمدادات عسكرية إلى “حكومة الوفاق الوطني”؛ بالرغم من حظر للأسلحة تفرضه “الأمم المتحدة”، وذلك وفقًا لتقرير للمنظمة أطلعت عليه (رويترز). وقالت أيضًا إنها ستساعد في منع إنزلاق “ليبيا” إلى “الفوضى”؛ وستقدم كل ما تستطيع من دعم.
إلا أن محللين وبعض المسؤولين قالوا إنه من المستبعد أن ترسل “أنقرة” قوات على الفور، وتوقعوا إرسال مستشارين عسكريين ومعدات.
وقال “سنان أولغن”، الدبلوماسي التركي السابق ورئيس مركز دراسات الاقتصاد والسياسة الخارجية: “نأمل ألا ينخرط الجيش التركي بنفسه في تحرك عسكري”.
وذكر مسؤول تركي كبير، الأسبوع الماضي، أن بلاده قد تدرب جنودًا ليبيين على أراضيها، وقالت (رويترز)؛ إن “أنقرة” تبحث أيضًا إرسال مقاتلين سوريين متحالفين معها إلى “طرابلس”؛ في إطار الدعم العسكري المزمع.
وقال نائب الرئيس التركي، “فؤاد أوقطاي”، أمس الأول الأربعاء؛ إن مشروع القانون يمثل خطوة رمزية، وتأمل “أنقرة” أن يكون “رادعًا” للأطراف، وأضاف أن “تركيا” قد لا ترسل قوات إذا أوقفت قوات “حفتر” هجومها وانسحبت.
ماذا ستفعل عندما تأتي أخبار الجنود الأتراك القتلى من ليبيا ؟
فيما وجه النائب عن “حزب الشعب الجمهوري” التركي المعارض، “أحمد أونال تشافيكوز”، وجه رسالة إلى الرئيس التركي؛ قائلًا: “ماذا ستفعل عندما تأتي أخبار الجنود الأتراك القتلى من ليبيا ؟.. على الرغم من الإعتراف بحكومة الوفاق الوطني الليبي كحكومة شرعية، فإن شرعيتها محل تساؤل”، موضحًا أن التفويض الخاص بإرسال جنود إلى “ليبيا” مليء بالتناقضات، ويمثل إنتهاكًا لقرارات “مجلس الأمن الدولي”.
ولفت النائب عن “حزب الشعب الجمهوري” التركي المعارض، إلى أن فكرة إرسال جنود إلى “ليبيا” يجب أن تكون الحل الأخير الذي تلجأ إليه الحكومة، موضحًا أن دعم “إردوغان” لـ”حكومة الوفاق الوطني” سيزيد هو الآخر من دعم الدول الموالية للمشير “خليفة حفتر”، لافتًا إلى أن “ليبيا” بحاجة إلى قوة قتالية كبيرة بسبب تعدد قبائلها وقوتها، لكن لا ينبغي أن تكون “تركيا” هي تلك القوة، حيث كان ذلك محل اعتراض “مصطفى كمال أتاتورك”.
قد يحاكم كمجرم حرب..
قال المحلل السياسي التركي المعارض، “جودت كامل”، أن الرئيس التركي، “رجب طيب إردوغان”، مُصر على إرسال قواته إلى “ليبيا” على الرغم من ردود الأفعال الرافضة، من جميع الدول المحايدة، إذ إنه يستغل علاقاته بالرئيس الروسي، “فلاديمير بوتين”، والأميركي، “دونالد ترامب”، ظنًا منه أنهما إذا رضيا عنه فلا سخط عليه؛ وهذا خطأ كبير.
مضيفًا أنه إذا دخلت القوات التركية إلى “ليبيا”؛ قد يحاكم “إردوغان” في “المحكمة الجنائية الدولية” كمجرم حرب، لأن التدخل التركي في غير أراضيها يعني قتل مدنيين ليبيين، وسيسبب مجزرة ضد الإنسانية، مؤكدًا على أن العلاقات الدولية تسري بالاتفاقيات الدولية؛ وهناك المؤسسات الدولية تنظم علاقات الدول مع بعضها، أهمها “الأمم المتحدة”.
ولفت “جودت”، الذي يُعد من أبرز الكُتاب الذين يعارضون “إردوغان”، إلى أنه على “الديكتاتور العثماني” أن ينشغل بمشاكل “تركيا”، وهناك المشاكل الضخمة تنتظر الحل مثل الأزمة الاقتصادية، المشاكل التعليمية والصحية والمشكلة الكُردية والعلوية، “إردوغان” لو يحاول أن يحل مشكلة من هذه المشاكل لأنشغل عن التدخل في الشؤون الداخلية للدول.
دعوى بإرسال قوات أممية لليبيا..
وكان رئيس “حزب الشعب الجمهوري” التركي المعارض، “كمال كلتشدار أوغلو”، قد دعا “الأمم المتحدة”، لإرسال قوات السلام التابعة لها إلى “ليبيا”، على وجه السرعة، من أجل إنهاء الحرب في المنطقة، لمواجهة محاولات الرئيس التركي، “رجب طيب إردوغان”، التدخل العسكرى في “ليبيا”؛ وإرسال جنود أتراك إلى “طرابلس” لمساعدة الميليشيات الإرهابية التابعة لـ”فايز السراج”، بالعاصمة الليبية.
وقال الموقع التابع للمعارضة التركية، إن دعوة المعارضة التركية تأتي بعد موافقة البرلمان على إرسال جنود أتراك إلى “ليبيا”؛ خلال مناقشة مذكرة التدخل العسكري في “ليبيا” لإنقاذ حكومة “السراج”، إذ رأى زعيم المعارضة أن تدخل “الأمم المتحدة” سيقضي على مزاعم الرئيس التركي، “رجب طيب إردوغان”، بأن غرضه ضمان الاستقرار في البلد العربي.
وقال زعيم المعارضة التركية، إنه من أجل إنهاء الحرب الأهلية بـ”ليبيا”، ووقف سيل الدماء هناك، يجب إرسال قوة من “الأمم المتحدة” لحفظ السلام إلى المنطقة دون تأخير، ويجب إظهار كافة الجهود السياسية في هذا الإتجاه.
أطماع للموارد..
وتتيح من الخطوات التركية التي أتت بعد الاتفاق البحري بين “أنقرة” و”طرابلس”؛ عزلة “تركيا” في “شرق البحر المتوسط”، حيث يوجد خلاف بينها وبين “اليونان” بشأن الموارد الطبيعية قبالة “قبرص”. وقالت “اليونان” إن الاتفاق إنتهاك للقانون الدولي، لكن “أنقرة” رفضت ذلك قائلة إنها ترغب فقط في حماية حقوقها.
ووقعت “اليونان وقبرص وإسرائيل”، الخميس، اتفاقًا لمد خط أنابيب تحت البحر بطول 1900 كيلومتر لنقل “الغاز الطبيعي” من منطقة “شرق البحر المتوسط” إلى “أوروبا”.
ويقول محللون إن الاتفاق بين تركيا وليبيا قد يعيق تنفيذ المشروع..
وقالت “أسلي أيدنتسباس”، الزميلة بـ”المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية”: “ترى أنقرة تدخلها في ليبيا مؤشرًا على وضعها الجديد كقوة إقليمية”.
وقالت “تركيا” إن الاتفاقيتين تهدفان لحماية الاستثمارات التركية الخاصة في “ليبيا” وتعزيز مصادر الطاقة التي تزعم أحقيتها بها في “شرق المتوسط”.