خاص : ترجمة – آية حسين علي :
دخل “العراق” في الكابوس، الذي حاول الجميع تجنبه منذ فترة، إذ إنغمرت القوات الأميركية، المتواجدة في البلد العربي من أجل محاربة تنظيم (داعش) الجهادي، في تبادل إطلاق نار مع الميليشيات الشيعية الموالية لـ”إيران”، التي تُصر على ضرورة إجلاء جنود “واشنطن” من “العراق”.
وكانت قاعدة (كي وان) الأميركية، الواقعة قرب مدينة “كركوك”، قد تعرضت لهجوم، الجمعة الماضي، ما أسفر عن مقتل مقاول أميركي وإصابة عدد آخر، فجاء الرد بهجوم على 5 قواعد لـ (كتائب حزب الله) العراقي، التابعة لـ”الحشد الشعبي”، الأحد.
مرحلة خطيرة من التصعيد..
حذر رئيس حكومة تصريف الأعمال، “عادل عبدالمهدي”، من أن التصعيد يهدد أمن “العراق” والمنطقة كلها، ووصف “عبدالمهدي”، الضربات الأميركية؛ بأنها “خاطئة” وإنتهكت سيادة “العراق”، موضحًا أنها استهدفت قوات منظمة تابعة للقوات المسلحة العراقية وأسلحة تابعة للجيش العراقي.
وأشار “عبدالمهدي”، خلال اجتماع مجلس الوزراء؛ إلى أن الجانب الأميركي أبلغه بالعملية قبل وقت وجيز من بدء التنفيذ وأخبره بأن الهجمات سوف تبدأ بعد ساعة؛ لكنها بدأت بسرعة، وأضاف أنه أعرب عن قلقه وتخوفاته من تأثيراتها، لكن “واشنطن” أكتفت بإعلامه ولم تهتم بموقفه.
من جانبه؛ شدد “الحرس الثوري” الإيراني، الذي أدرجته “واشنطن” ضمن قائمة الجماعات الإرهابية، منذ نيسان/أبريل الماضي، على أن الانتقام حق طبيعي للقوات العراقية وللشعب العراقي، إذ اعتبروا الإعتداءات الأميركية إنتهاكًا لسيادة “العراق”.
كما سار موقف المرجع الشيعي الأعلى، آية الله “علي السيستاني”، في نفس الإتجاه وشدد على أن الممارسات غير المشروعة التي يرتكبها كلًا الطرفين لا يجب أن تعتبر مبررًا لإنتهاك سيادة البلاد.
واعتبرت “وزارة الخارجية” الإيرانية، الإعتداءات الأميركية، دليلًا على دعم “الولايات المتحدة” للإرهاب، وتشير هذه التصريحات إلى أن “طهران” و”واشنطن” قد دخلا مرحلة جديدة من الاتهامات والتهديد بالانتقام ما يُنذر بتحول “العراق” إلى مسرح للحرب، وهو الأمر الذي كان يخشاه كثيرون.
أزمة تضاف إلى مصائب العراق..
أمام الأزمة السياسية التي يمر بها “العراق”، تزداد حالة عدم اليقين بشأن النتائج التي قد تسفر عنها تلك الهجمات، إذ رغم مرور شهر كامل مع استقالة رئيس الوزراء، “عادل عبدالمهدي”، لم تفسح الخلافات بين الأحزاب السياسية المجال لاختيار مرشح يحظى بقبول المتظاهرين الذين يملئون الشوارع، منذ الأول من تشرين أول/أكتوبر الماضي، للتعبير عن رفضهم لسياسات الحكومة وللطبقة السياسية، كما أن هذه الأحداث تأتي في ظل مطالبات الشعب بوقف التدخل الأجنبي، سواءً من جانب “أميركا” أو “إيران”.
ولا تُعتبر الإعتداءات التي تطال مواقع يتواجد بها جنود أميركيين أمرًا جديدًا في “العراق”، لكنها تكررت خلال الشهرين الماضيين، إذ سجل 11 إعتداء، منذ 28 تشرين أول/أكتوبر 2019، لكنها لم تُسفر عن وقوع قتلى حتى مقتل المقاول، الجمعة الماضي، وكانت “واشنطن” قد حذرت، منذ عدة أسابيع، على لسان وزير خارجيتها، “مايك بومبيو”، من أنها سوف ترد بحزم على أي إعتداء تنفذه “طهران” أو أي من حلفاءها.
ونفذت القوات الأميركية عمليات ضد 5 قواعد عسكرية تابعة لـ (كتائب حزب الله) العراقي، إثنين منها شرقي “سوريا”، و3 غربي “العراق”، وأفادت القوات العراقية بأن إعتداءات، الأحد، أسفرت عن مقتل 25 شخصًا من بينهم 4 قادة وإصابة 50 آخرين.
وصرح المتحدث باسم (البنتاغون)، “غوناثان هوفمان”، بأن: “الإعتداءات التي نُفذت بدقة ضد 5 قواعد تابعة لكتائب حزب الله العراقي، سوف تحول دون وقوع أية إعتداءات مستقبلية ضد قوات التحالف”، في وقت تتزايد فيه المطالبات بإخراج القوات الأميركية من الأراضي العراقية.
ولعب “الحشد الشعبي” دورًا بارزًا في محاربة (داعش)، لكن منذ نهاية المواجهات تواجه الحكومة العراقية صعوبات كثيرة في ضم بعض فصائله كي تعمل بشكل متكامل ضمن الجيش العراقي، وخاصة (كتائب حزب الله)، التي تتهمها “الولايات المتحدة” بالضلوع في تنفيذ هجمات ضد قواعدها.