23 ديسمبر، 2024 12:39 ص

“قناة إسطنبول” .. إردوغان مصمم على تنفيذها رغم الخلافات الداخلية !

“قناة إسطنبول” .. إردوغان مصمم على تنفيذها رغم الخلافات الداخلية !

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

أكد الرئيس التركي، “رجب طيب إردوغان”، أمس، عزم وتصميم بلاده على شق “قناة إسطنبول” الجديدة، الهادفة لوصل “بحر مرمرة” بـ”البحر الأسود”.

وجاءت تصريحات “إردوغان”؛ في كلمة ألقاها خلال مشاركته في حفل توزيع جوائز “مؤسسة الأبحاث العلمية والتكنولوجية التركية” و”أكاديمية العلوم التركية”، في المجمع الرئاسي بالعاصمة، “أنقرة”، موضحًا أن حكومة بلاده ستُنجز مشروع “قناة إسطنبول” رغم المعارضة التي يواجهها المشروع.

وصرح: “سنُنجز مشروع (قناة إسطنبول) وفق مبدأ الإنشاء والتشغيل ونقل الملكية، أو عبر ميزانيتنا، فتركيا لديها القدرة على إنجاز هذا المشروع بإمكاناتها الذاتية”.

يُذكر أنه في العام 2018، أعلن الرئيس التركي، “رجب طيب إردوغان”، عن البدء بمشروع إنشاء قناة “إسطنبول” الملاحية، والتي ستكون رديفًا لـ”مضيق البوسفور” التركي.

وقال “إردوغان”، خلال المؤتمر العام لحزب “العدالة والتنمية” في العاصمة، “أنقرة”، حينها، إن: “طول الممر المائي الجديد يبلغ 43 كيلومترًا، كما ستنشأ مدينتان حديثتان على ضفتيه.. المشروع هو الأضخم في تاريخ تركيا، وسيقدم خدمة إستراتيجية للبلاد”.

وبيَن أن المشروع سيخفف من عبء الملاحة البحرية في “مضيق البوسفور”.

يُذكر أن مشروع “قناة إسطنبول المائية”، والتي أطلقت الحكومة التركية عليه اسم، “المشروع العظيم”، هو عبارة عن مضيق صناعي، يصل “البحر الأسود” بـ”بحر مرمرة”، بهدف تخفيف حركة الملاحة البحرية في “مضيق البوسفور”، والضغط الكبير لحركة المرور على الجسرين المعلقين على المضيق.

ووفقًا للمعلومات الأولية، فإن طول القناة يبلغ ما بين 40 – 45 كم، وعرضها على السطح يتراوح ما بين 140 – 150 مترًا، بينما عرض القاع يصل إلى 125 مترًا، بعمق 25 مترًا.

وشكك منتقدون، بينهم “اتحاد الغرف التركية للمهندسين والمهندسين المعماريين” في “تركيا”، في الحاجة إلى حفر القناة، محذرين من أن المشروع سيدمر موقعًا أثريًا قريبًا من “إسطنبول”؛ يعود تاريخه إلى 8500 عام، وسيتسبب في ضرر بيئي واسع النطاق.

مُضر بالبيئة..

ولقي مشروع القناة معارضة كبيرة من قِبل المعارضة التركية، حيث قدمت رئيسة “حزب الخير التركي” المعارض، “ميرال أكشنار”، إلى “مديرية البيئة والتحضر” في “إسطنبول”، عريضة للاعتراض على تقرير تقييم الأثر البيئي لمشروع “قناة إسطنبول” البحرية.

وأوضحت “أكشنار”، أن “قناة إسطنبول” مشروع مؤجل منذ 8 أعوام، ويجب التحقيق لماذا اليوم ظهر المشروع مجددًا في جدول أعمال “تركيا” ؟.

وأضافت، في تصريحات صحافية نشرها موقع (تركيا الآن)، أن العلماء سبق أن اعترضوا على مشروع “قناة إسطنبول” كونها تعود بالضرر على البيئة، لكن السلطة الحاكمة أغلقت النقاش في هذا الأمر، وعاندوا وبدأوا في هذا المشروع قائلين: “نحن من سنقوم بهذا الأمر بالطبع”.

مشروع جناية..

كما هاجم “أكرم إمام أوغلو”، رئيس بلدية “إسطنبول” الكبري، والقيادى بـ”حزب الشعب الجمهوري” التركي المعارض، مشروع “قناة إسطنبول”، قائلًا أن المشروع الذي يسعى الرئيس التركي، “رجب طيب إردوغان”، لتنفيذه يُعد كارثة تهدد حياة 82 مليون نسمة، حيث قال خلال الفيديو: “نحن كرئيس لبلدية إسطنبول الكبرى، نعلن انسحابنا من بروتوكول (قناة إسطنبول)؛ لأنه كلما تحدثنا مع العلماء، يظهر أن (قناة إسطنبول) ليست مشروع خيانة، بل مشروع جناية”.

وحدد “أكرم إمام أوغلو”، 15 سببًا يرى أنها كافية للعدول عن المضي قدمًا في مشروع شق “قناة إسطنبول” المائية، التي أعلن الرئيس، “رجب طيب إردوغان”، أن بلاده ستطرح مناقصة المشروع وتباشر بتنفيذه “في أقرب وقت”.

وقال “إمام أوغلو”، في تصريحات صحافية؛ إن مناقشاته مع الخبراء من ذوي الشأن البيئي قادت إلى أن المشروع يُعد مشروع قتل وبمثابة كارثة ضد وجود 16 مليون شخص، “سكان إسطنبول”، وأمن 82 مليون “مواطن تركي”.

وأضاف أن أحد أسباب معارضته للمشروع؛ هو نقص محتمل في المياه يمكن أن تسببه “قناة إسطنبول”، وشرح في هذا السياق: “إذا تحقق المشروع، فستفقد إسطنبول، القائمة منذ 8500 عام، مصادر المياه الجوفية وفوق الأرض، وهذا السبب من تلقاء نفسه يشترط تعليق المشروع”.

وذكر أن البيانات المتعلقة بذلك متوفرة في تقارير “شركة الأعمال الهيدروليكية” الحكومية وإدارة المياه والصرف الصحي في “إسطنبول”.

خطر إستراتيجي على أمن تركيا..

كما فضح “أحمد داوود أوغلو”، رئيس الحكومة التركية الأسبق؛ مشروع الرئيس، “إردوغان”، المسمى بـ”قناة إسطنبول”، مؤكدًا على أن “قناة إسطنبول” تمثل خطرًا إستراتيجيًا على أمن “تركيا”، حيث قال خلال الفيديو: “في فترة رئاستي للوزراء، التقارير التي حصلت عليها فيما يخص مشروع (قناة إسطنبول) لم أطمئن لها”.

وقال “أحمد داوود أوغلو”، خلال الفيديو: “تناولت خلال منصبي، رئيسًا للحكومة؛ هذا مع الجهات المختصة مشروع (قناة إسطنبول)، فقد كانت لدي مخاوف حقيقية، أما من الناحية الإستراتيجية، فإن الشيء الذي يجب أن ننتبه إليه جميعًا هو أن الجغرافيا الأصعب حماية من الناحية الإستراتيجية في تاريخ الإنسانية هي الجزر، وعند تنفيذ مشروع (قناة إسطنبول)، فإن مركز سورايغي في مدينة إسطنبول، على الجانب الأوروبي، سيتحول إلى جزيرة مساحتها 25 أو 45 كم تقريبًا”.

يعتمد على الاقتصاد الريعي..

وعزا “أحمد فاروق أونسال”، الناشط الحقوقي والبرلماني السابق عن “حزب العدالة والتنمية” الحاكم في “تركيا”، سبب إعادة الرئيس، “رجب طيب إردوغان”، طرح قضية “قناة إسطنبول” الثالثة مجددًا، إلى الأزمة الاقتصادية التي تُمر بها البلاد منذ أكثر من سنة.

في إطار تقييمه إصرار “إردوغان” على شقّ “قناة إسطنبول” الثالثة، رغم كل التحذيرات الموضوعية الصادرة من العلماء المتخصصين في البيئة، أكد “أونسال”؛ أن هذا المشروع سيتسبب في وقوع عديد من الكوارث ستظل آثارها عشرات السنين، وذلك خلال حوار أجرته معه الصحفية (غولتن صاري) على إذاعة (أحوال بود) للنسخة التركية من موقع (أحوال تركية).

ولفت “أونسال” إلى أن حكومة “حزب العدالة والتنمية” تستغل نظام الخصخصة لنقل الأموال إلى الشركات المحلية والدولية المتعاونة معها، وأنها تقوم بتمويل قطاع البناء والإنشاء، قاطرة الاقتصاد التركي، عن طريق أرباح بيع الأراضي والعقارات، معتبرًا هذه الطريقة نهبًا وسلبًا لأصول “تركيا” وبيعها إلى الأجانب، وخطأ سينعكس سلبًا على الإنتاج والاقتصاد.

وانتقد “أونسال”، مبادرة الرئيس “إردوغان”، إلى بيع الجزر والعقارات والمصانع الحيوية للأجانب تحت مسمى؛ “الاستثمار”، من خلال قرارات رئاسية يصدرها، متهمًا إياه ببيع قسم كبير من عقارات “تركيا” للشركات الأجنبية، بحيث بات اليوم بحاجة ماسة إلى فتح قنوات جديدة للحفاظ على “نظام اقتصاد الريع” الذي أسسه في البلاد، والذي تقوم عليه النهضة الاقتصادية المزعومة لا على الإنتاج الحقيقي.

نائب “حزب العدالة والتنمية” سابقًا، “أحمد فاروق أونسال”، عدّ مشروع “قناة إسطنبول” الثالثة من بين الوسائل الجديدة التي ستحقق لـ”إردوغان” ولرجاله ريعًا كبيرًا، وذلك “عن طريق تسويق المناظر الطبيعية التي ستظهر حول مياه البحر، الذي ستشق فيه القناة، للمستثمرين المحليين والأجانب”، على حد تعبيره.

وتابع “أونسال” قائلاً: “إعتماد الاقتصاد على الريع، بدلًا من الإنتاج الحقيقي، ليس طريقًا صحيحًا للتنمية ولا يمكن أن يكون نموذجًا اقتصاديًّا ناجحًا. حيث إن للأراضي والمناظر الطبيعية والمستثمرين حدودًا معينة ينتهي الاقتصاد القائم عليها بإنتهائها”.

توقيع عرائض احتجاجية..

في السياق ذاته؛ وقع مئات في “إسطنبول” على عرائض احتجاج، خلال اليومين الماضيين، لإبداء اعتراضهم على مشروع القناة.

ودعوا الأتراك إلى تقديم عرائض احتجاج على التقرير، بحلول الثاني من كانون ثان/يناير المقبل، وإمتدت طوابير المنتظرين لتقديم الإلتماسات إلى خارج بعض مكاتب البلدية في “إسطنبول”، منذ يوم الخميس.

استطلاع رأي..

وفي استطلاع الرأي الأخير الذي قامت به “شركة إسطنبول للأبحاث الاقتصادية” حول إنشاء مشروع “قناة إسطنبول”؛ والذي وصفه الرئيس التركي، “رجب طيب إردوغان”، بأنه: “حلم” بالنسبة له؛ ووصفة رئيس بلدية إسطنبول، “أكرم إمام أغلو”، بأنه: “جريمة”، قامت الشركة بمقابلة ألف 537 شخصًا من 12 محافظة.

وكانت نتائج الاستطلاع، التي نشرها المركز تحت عنوان: “حلم أم جريمة ؟”؛ أن نسبة 48.5 في المئة من المشاركين في الاستفتاء ليس لديهم أدنى معلومة عن مشروع “قناة إسطنبول”. واعتبر 40.2 بالمئة أن أنفسهم لديهم معلومة بسيطة عن المشروع؛ وكانت نسبة 11.3 بالمئة يعتقدون أن لديهم معلومات كافية عن المشروع.

وكانت نسبة 42.3 بالمئة من المشاركين يعتقد أنه ربما يكون هناك حاجة للمشروع، ولكن في ظل الوضع الاقتصادي الحالي لا ينبغي أن يتم عمل نفقات مثل هذا، فيما أعتقد 35.7 بالمئة أن المشروع ربما يكون مصدر دخل جديد للاقتصاد التركي.

رؤية الإعلام الموالي لـ”إردوغان” لمعارضة مشروع “القناة”..

مقابل ذلك؛ اعتبر الإعلام الموالي للسلطة والجهات الداعمة لإنشاء القناة، أنّ المعارضة تُشكّل رأس الحربة في المواجهة الغربية الرافضة للمشروع، والذي تتوقّع الحكومة التركية أن يُدّر على خزينة البلاد سنويًا ما يُعادل 10 مليارات دولار.

كما اعتبر أنّ تحوّل “إمام أوغلو” إلى أبرز معارض للمشروع؛ يحوّله إلى قطب من المعارضة ويخرجه من إطار رئيس بلدية منتخب من قِبل كل سكان “إسطنبول”. وأشارت هذه الجهات إلى أنّ المشروع سيكون له أثر إيجابي كبير على “تركيا” وتطورها، وسيبني مدينة عصرية ويوفر فرص عمل لمئات آلاف الأتراك، وليس له أي مخاطر بيئية أو تلك الناتجة عن احتمال حصول زلازل.

لكنّ مطلعين على الخلاف القائم، لفتوا إلى أنّ من أبرز أسباب المواجهة بين “إردوغان” و”إمام أوغلو”، هو تغيّر الخريطة السياسية في البلاد بعد الانتخابات المحلية، التي جرت قبل أشهر، وأظهرت تراجع مؤيدي حزب “العدالة والتنمية”، مقابل تصاعد نجم حزب “الشعب الجمهوري”، ورئيس بلدية إسطنبول، “أكرم إمام أوغلو”، إضافة إلى تشكُّل أحزاب سياسية من رحم “العدالة والتنمية”، خصوصًا مع إعلان رئيس الوزراء الأسبق، الذي كان مقربًا من “إردوغان”، “أحمد داود أغلو”، تشكيل حزب “المستقبل”، قبل أسابيع، واستعداد نائب رئيس الوزراء السابق، “علي باباغان”، لتشكيل حزب جديد الشهر المقبل، وكلا الحزبين منشقان عن “العدالة والتنمية”.

وبحسب مطلعين؛ فإنّ ولادة أحزاب جديدة قد تؤدي إلى انتخابات مبكرة، تأمل المعارضة أن تكون في خريف العام المقبل، مع ثقتها بإمكانية الإطاحة بـ”إردوغان”، بعد استنزاف “العدالة والتنمية”، ليكون بديله؛ “إمام أوغلو”، الذي يكثّف من معارضته لمشروع القناة لإكتساب تعاطف شعبي أكبر من قِبل المعارضة، في السياق السياسي التركي.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة