22 ديسمبر، 2024 4:37 م

“تبون” يخرج بالجزائر من عنق الزجاجة .. تعيين رئيس وزراء جديد والانفتاح على معارضي “بوتفليقة” !

“تبون” يخرج بالجزائر من عنق الزجاجة .. تعيين رئيس وزراء جديد والانفتاح على معارضي “بوتفليقة” !

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

يبدو أن “الجزائر” بدأت تشق طريقها نحو الإتزان السياسي مع نهاية العام الحالي، ففي خطوة نحو ذلك، عيّن الرئيس الجزائري، “عبدالمجيد تبون”، السبت، “عبدالعزيز جراد”، رئيسًا للوزراء، وفق ما جاء في بيان رئاسي نقله التليفزيون الرسمي.

وذكر البيان؛ أن “جراد”، الأستاذ الجامعي الحائز على شهادة دكتوراه في العلوم السياسية؛ “كُلف بتشكيل حكومة جديدة”، خلفًا لـ”صبري بوقدوم”، وزير الخارجية، الذي عُيّن رئيسًا للوزراء بالنيابة؛ بعد استقالة “نورالدين بدوي”، في 19 من كانون أول/ديسمبر الحالي، في يوم تسلم “تبون” مسؤولياته على رأس البلاد.

وبثّ التليفزيون الرسمي مشاهد ظهر فيها “جراد”، البالغ من العمر 65 عامًا، وهو يلتقي الرئيس، “تبون”.

العمل مع كل الكفاءات..

وفور تكليفه، قال “جراد”، في تصريحات أوردتها شبكات تليفزيونية خاصة: “يجب أن نعمل معًا مع كل الكفاءات وإطارات الوطن والمواطنات والمواطنين لنخرج من هذه المرحلة الصعبة”، مضيفًا: “نحن أمام تحديات اقتصادية واجتماعية”.

ويأتي تعيين “جراد”؛ بعد أسبوعين من انتخاب، “عبدالمجيد تبون”، رئيسًا للبلاد، إثر انتخابات قاطعها الجزائريون بنسبة عالية، (60 في المئة)، وندد بها الحراك الاحتجاجي الشعبي، الذي يهزّ البلاد منذ 22 شباط/فبراير الماضي.

وقد أرغمت المظاهرات الحاشدة، “بوتفليقة”، الذي حكم البلاد عشرين عامًا، على الاستقالة، في نيسان/أبريل الماضي، إلا أن الحراك ما يزال يواصل تعبئته على مدى أشهر، مطالبًا برحيل كل مكوّنات “النظام” الذي يحكم “الجزائر”.

وقد شارك عشرات آلاف الجزائريين، السبت، مجددًا في مظاهرة أسبوعية في شوارع العاصمة، إلا أن الأعداد كانت أقلّ من الأسابيع الماضية.

تحديات اقتصادية واجتماعية..

وأكد رئيس الوزراء الجزائري الجديد، “عبدالعزيز جراد”، لوكالة الأنباء الجزائرية، بعد خروجه من الرئاسة، حيث تسلم مهامه من الرئيس الجديد، “عبدالمجيد تبون”، أن: “الرئيس كلفني بتشكيل حكومة، وأشكره جزيل الشكر على هذه الثقة”، موضحًا: “أننا اليوم أمام تحدٍ كبير من أجل إسترجاع الثقة في مجتمعنا”، وداعيًا إلى: “ضرورة العمل معًا مع كل كفاءات الوطن، وأطر البلاد والمواطنين والمواطنات، من أجل رفع التحديات الاقتصادية والاجتماعية، والخروج من هذه المرحلة الصعبة”.

وأضاف “جراد” أنه: “متيقن بأن ما يحتويه برنامج رئيس الجمهورية يمكننا من العمل في إطار المصلحة الوطنية العليا”.

وسيترتب على “جراد” خصوصًا أن يُشكل، خلال مهلة غير محددة، حكومة من شأنها أن تضع أساليب حكم جديدة، تهدف إلى إرساء أسس الجمهورية الجديدة التي وعد بها “تبون”.

ومن المتوقع اختيار وزراء الحكومة الجديدة، خلال الأيام المقبلة.

من هو “عبدالعزيز جراد” ؟

وفي نبذة عن “جراد”؛ يُعتبر أول وجه من جيل الاستقلال يتولى قيادة الجهاز التنفيذي في “الجزائر”.

“جراد”؛ من مواليد سنة 1954 بمحافظة “باتنة”، (430 شرق العاصمة الجزائر)، أكمل تعليمه في مسقط رأسه، ونال شهادة البكالوريوس عام 1971، بعد أن حاز على شهادة الليسانس من كلية العلوم السياسية بجامعة “الجزائر”.

وواصل “جراد” دراساته العليا بكلية “نانتير” في جامعة “باريس”، ونال منها شهادة الدكتوراه في العلوم السياسية والعلاقات الدولية، ويملك في رصيده عدة دراسات وكتب، بينها: (العلاقات الدولية) 1992، و(الجيو سياسة: أبعاد ورهانات) 2017.

وعاد “جراد” إلى بلاده، في مطلع ثمانينيات القرن الماضي، حيث قام بالتدريس في كلية العلوم السياسية بجامعة “الجزائر”، فضلًا عن “المدرسة الوطنية للإدارة”؛ التي شغل منصب مديرها العام لمدة زادت على الخمس سنوات.

وتولى “جراد” منصب مستشار لرئيس المجلس الأعلى للدولة الراحل، “علي كافي”، بين عامي 1992 و1994، قبل أن يتم تعيينه أمينًا عامًا لرئاسة الجمهورية في عهد الرئيس السابق، “اليمين زروال”، بين عامي 1995 و1999.

ويُعتبر “جراد” من مناضلي “جبهة التحرير الوطني”، (حزب الغالبية)، واختار الإصطفاف إلى جانب رئيس الوزراء السابق، “علي بن فليس”، في أزمة صيف 2003، إثر الصراع الشهير، آنذاك، بين “بن فليس” و”عبدالعزيز بوتفليقة”، والذي إنتهى بنيل “بوتفليقة” لولاية ثانية في اقتراع، الثامن نيسان/أبريل 2004.

وعلى منوال مؤيدي “بن فليس” في تلك الفترة، جرى تغييب “جراد” من المشهد العام في السنوات اللاحقة من حكم “بوتفليقة”، إلا أنه بقي حاضرًا بتحليلاته للشأن السياسي الداخلي، وإرتقى في السلم الأكاديمي بنيله رتبة “بروفيسور”.

استقبال المعارضين لـ”بوتفليقة”..

وفي وقت سابق من تعيين، “جراد”، فاجأ الرئيس الجزائري، “عبدالمجيد تبون”، يومي السبت والأحد، الرأي العام؛ باستقبال 3 شخصيات معارضة للرئيس المخلوع، “عبدالعزيز بوتفليقة”، في القصر الرئاسي، إثنان منهم جرى تعيينهما في الحكومة الجديدة.

وقالت الرئاسة الجزائرية، في بيان مقتضب، أمس، إن رئیس البلاد “عبدالمجید تبون” تباحث، اليوم الأحد، مع رئیس الحكومة الأسبق، “أحمد بن بیتور”، في لقاء جرى بمقر الرئاسة في قصر “المرادية”.

وتابع البيان؛ أن: “اللقاء التشاوري بین الطرفین سمح باستعراض الوضع العام في البلاد والوضع الاقتصادي، وآفاق العمل الجاد لتجنید الكفاءات الوطنیة، وتسخیر الإرادة الطیبة، لإرساء الجمھورية الجديدة”.

وعُرف “بن بيتور” بمعارضته الشديدة لـ”بوتفليقة”، وهو أول مسؤول حكومي يختلف معه حول التوجهات السياسية والاقتصادية، ليقرر حينها الاستقالة من منصبه كرئيس للحكومة، العام 2000، ومنذ ذلك الحين إنخرط الرجل في مبادرات سياسية لأحزاب وشخصيات معارضة.

ومع بدء الحراك الشعبي المناهض، في 22 فبراير/شباط الماضي، هتف متظاهرون باسم “أحمد بن بيتور”؛ ليكون رئيسًا لحكومة انتقالية، ومعه اسم وزير الخارجية الأسبق، “أحمد طالب الإبراهيمي”، لكن التوجه الرسمي كان يسعى جاهدًا إلى إجراء انتخابات رئاسية بدلًا من المرحلة الانتقالية.

وفي وقت سابق من، أمس الأحد، أعلنت الرئاسة الجزائرية أن “عبدالمجيد تبون” قرر تعيين “محند أوسعيد بلعيد”، المدعو “محمد السعيد”، وزيرًا ومستشارًا للإعلام وناطقًا رسميًا باسم الرئاسة، وهو شخصية سياسية ودبلوماسية معارضة لسياسات الرئيس الأسبق، “عبدالعزيز بوتفليقة”.

تكريس لتوجهاته وإلتزام بتعهداته..

أستاذ العلوم السياسية بجامعة “الجزائر”، “إسحاق غزالي”، علق على هذه المستجدات بقوله: إن “هذه التعيينات تكرس لتوجه، عبدالمجيد تبون، وإلتزامه بتعهدات قطعها على نفسه خلال الحملة الانتخابية للرئاسيات الأخيرة”.

معتقدًا أن: “انفتاح الرئيس الجديد على شخصيات تكنوقراطية غير متحزبة، وشخصيات سياسية معارضة، من شأنه أن يمتص غضب المتظاهرين الذين لم يثقوا بوعود الوافد الجديد إلى كرسي الرئاسة”.

يحاول تقوية الجبهة الداخلية للتفرغ للقضايا الاقتصادية..

من جهته؛ قال الناشط السياسي، “عدة فلاحي”، إن الرئيس الجديد، “عبدالمجيد تبون”؛ “يبحث عن فرصة، ليكون رجل الانتقال الديمقراطي في البلاد، وحتى يظهر أنه يملك مفاتيح إدارة المرحلة بروح رياضية منفتحة على كل الآراء والأطراف السياسية والفئات الشعبية”.

مشددًا على أن البلاد “تُمر فعليًا بمرحلة جديدة ومختلفة، ولذلك فإن الرئيس، عبدالمجيد تبون، يحاول تقوية الجبهة الداخلية، للتفرغ إلى قضايا اقتصادية ودولية تواجه بلاده، وتشكل له تحديات كبيرة على المديين القريب والمتوسط”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة